على وقع أزمة الدولار.. ارتفاع في الأسعار ونقص في الأصناف في سوق الدواء بمصر (صور)
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
عصفت أزمة الدولار في مصر -أكبر سوق للدواء في الشرق الأوسط بقيمة 10 مليارات دولار - ما أدى إلى ارتفاع أسعار الدواء المستورد والمحلي بشكل حاد، ونقص في أنواع واسعة من الأدوية لعلاج أمراض مزمنة وخطيرة ما ينذر بحدوث أزمة أكبر وأعمق خلال عدة شهور.
تطالب شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، برفع أسعار الأدوية 100% بدلا من متوسط زيادة 20% التي أقرتها هيئة الدواء المصرية لمواكبة ارتفاع تكاليف استيراد مدخلات الإنتاج الناجمة عن أزمة توفير الدولار وارتفاع سعره لمستويات غير مسبوقة منذ آذار/ مارس 2022.
يخضع الدواء الذي يتم تصنيع نحو 93% محليا ويتم استيراد 7% من الخارج، للتسعيرة الجبرية من قبل الحكومة المصرية، ولكن جميع المصانع والشركات تستخدم خامات مستوردة وهي المادة الفعالة وتسببت زيادة سعر الدولار في خلق مشكلة في تسعير الدواء ودفعت عددا من الشركات إلى تخفيض طاقتها الإنتاجية.
ويستهلك المصريون أدوية بقيمة 140 مليار جنيه (نحو 4.5 مليار دولار)، وتشير الدراسات إلى أن شراء الدواء من المال الخاص للمرضى يمثل ما لا يقل عن 55% من سوق الدواء، بحسب وزير الصحة، بسبب عدم وجود منظمة تأمين صحي شاملة.
ورغم اجتماع شركات تصنيع الدواء من خلال غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات برئيس مجلس الوزراء المصري، ووعدهم بتدبير 150 مليون دولار للإفراج عن جزء من الخامات المحتجزة بالموانئ، والتي تحتاجها المصانع لتلبية احتياجات السوق المحلي الذي يعاني من تضاعف نواقص الأدوية لم يتم تدبير تلك المبالغ المطلوبة.
الأزمة تنتقل للبرلمان دون حلول
ألقت أزمة ارتفاع أسعار الدواء وزيادة النواقص بظلالها على عمل المستشفيات وأوضاع المرضى، واشتكى بعض ذويهم في تصريحات لـ"عربي21" أن العديد من الأصناف غير متوفرة من بينها محلول "الباراسيتامول" لخفض الحرارة وتسكين الآلام وأدوية بعض الأمراض المزمنة وحتى العادية لم تعد موجودة لا في المستشفيات ولا الصيدليات.
واشتكوا من ارتفاع فاتورة روشتة الدواء التي أصبحت بمئات الجنيهات وتكلف الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل فوق طاقتها، لو أن هناك مريض يعاني من ارتفاع الكوليسترول و الضغط أو السكر ويحتاج إلى صنف ثالث لحفظ المعدة يحتاج المرض إلى ألف جنيه شهريا (33 دولارا).
وتقدم نواب بالبرلمان المصري بطلب إحاطة يتعلق بالنقص في الأدوية وبشكل خاص أدوية الأمراض المزمنة مثل السكر والضغط والأورام وبنج الأسنان.
وأدى النقص في مستلزمات الأدوية إلى عودة زيادة "قوائم الانتظار" لأكثر من 6 شهور في المستشفيات الحكومية بمختلف أنواعها.
وأشار النواب إلى أن القطاع الطبي والصحي وسوق الدواء في مصر يعاني من نقص حاد في مختلف أصناف الأدوية والعلاجات بجانب نقص المستلزمات الطبية والجراحية بغالبية المستشفيات الحكومية والتأمين الصحي.
أزمة دولار وأزمة تسعير وأزمة نقص
حذر المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، محمود فؤاد، من "الحكومة المصرية تنتهك الحق في الصحة والدواء، ومحاولة الضغط على الحكومة لتحرير سعر الدواء كما تحاول شعبة الدواء سيؤدي إلى نتائج وخيمة وخطيرة على صحة المرضى الذين لا يستطيعون تدبير قيمة الأدوية والعلاجات الخاصة بهم، وأدعو المسؤولين إلى عدم الرضوخ لضغوط الشعبة لأنها ليست المعنية بصناعة الدواء وتحاول استغلال فوضى الأسواق".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": أن "أزمة تصنيع الدواء وارتفاع الأسعار زادت منذ عام 2022 وقامت الحكومة منذ ذلك التاريخ برفع أسعار 3.5 ألف صنف بنسبة 80% على الأقل فيما وصلت الزيادة في بعض الأصناف المستوردة إلى 300% وكان الحل الأفضل لعلاج الأزمة هو تدبير العملة لأكثر من 178 شركة ومصنع دواء لاستمرار عملها وإنتاجها بشكل كامل ".
وبشأن طبيعة الأزمة، أوضح فؤاد أنها "ليست أزمة في تصنيع الدواء وإنما أزمة في الاقتصاد المصري الذي يعاني من أزمة توفير الدولار وقيود الاستيراد؛ لأنها صناعة مرتبطة باستيراد 90% من مكوناتها ومستلزماتها من الخارج وبالتالي مرهونة بسعر الصرف وتدبير العملة من البنك المركزي، الشق الثاني من الأزمة هو أزمة تسعير الدواء بعض الشركات نجحت في الوصول إلى اتفاقات ضمنية مع هيئة الدواء المصرية لزيادة أسعار منتجاتها مقابل أنها لا تتوقف عن الإنتاج".
المرضى والصيدليات والشركات تحت وطأة الدولار
وصف أمين صندوق نقابة صيادلة مصر سابقا، الدكتور أحمد رامي الحوفي، أزمة نقص الدواء وارتفاع أسعارها "بأنها الأسوأ في مصر بسبب شح الدولار والاعتماد على استيراد المواد الخام من الخارج لصناعة الدواء، والدولة هي من تحدد سعر الدواء وهناك بعض الأدوية لا تحقق هامش ربح للصيدلية أو الشركة المصنعة مع الارتفاعات المتزايدة في الأسعار".
وأشار في حديثه لـ"عربي21": "أن بعض الصيدليات أغلقت أبوابها بسبب عدم تحقيق هامش ربح يمكنها من الاستمرار في العمل، وبالتالي لا أعتقد أن هناك شبهة استغلال من قبل الشركات أو الصيدليات لأنهم أمام أوضاع صعبة ومعاناة مع نقص المواد الخام".
وتساءل الحوفي "عن مصير مدينة الدواء التي افتتحها السيسي في أبريل من عام 2021 كأكبر مدينة للدواء على مستوى الشرق الأوسط باستثمارات بمليارات الجنيهات والحديث عن توفير أكثر من 2.5 مليار دولار لخزينة الدولة، وكان الحديث عن توفير الأدوية بأسعار مخفضة وتعويض النواقص في أصناف الدواء ولكنها لم تتحقق، وكل يوم تزيد قائمة النواقص من أمراض الغدة الدرقية والمسكنات والمخدر وأمراض القلب وأمراض نقص المناعة".
وحذر من مغبة تداعيات ما يجري في سوق الدواء على صحة المواطنين، قائلا: "مصر أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان ونسبة الفقر تتجاوز 50% وأعداد المرضى في تزايد وتكلفة العلاج أصبحت باهظة بالتالي سيزيد ما معاناة المرضى من جهة ويضعف الصحة العامة للشعب المصري من جهة أخرى، وهناك تداعيات على أسر أكثر من 70 ألف صيدلية وأكثر من 170 شركة، وبعض الأسر باتت تعتمد على ذويها في الخارج لإرسال أدوية بدلا من الهدايا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الدولار مصر الدواء الاقتصاد مصر القاهرة الدولار الاقتصاد الدواء المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سوق الدواء یعانی من
إقرأ أيضاً:
ارتفاع أسعار اللحوم يصدم الأمريكيين مع تراجع أعداد الماشية وارتفاع تكاليف الإنتاج
بدأ الأمريكيون في الشعور بصدمة الأسعار عند شراء اللحوم البقرية، والتي ارتفعت بنسبة 14.7%، ضمن زيادة أسعار الغذاء بشكل عام بنسبة 3.1% خلال الفترة من سبتمبر 2024 إلى سبتمبر 2025، وفقا لأحدث بيانات مؤشر أسعار المستهلكين.
ويأتي ذلك الارتفاع على خلفية زيادة نفقات المزارعين في الولايات المتحدة بشكل حاد، إذ زادت تكاليف مدخلات الإنتاج لمربي الماشية بأكثر من 50% خلال السنوات الخمس الماضية، بحسب الاتحاد الأمريكي للمزارع.
وقال تايلون لينمان، المالك المشارك لمزرعة "لينيتكس" بولاية نبراسكا: "من الصعب على منتج اللحوم البقرية أن يقول إن الأسعار مرتفعة للغاية.. إذا كان الناس يدفعون 6 دولارات مقابل قهوة لاتيه في ستاربكس، ثم يدفعون 6 دولارات مقابل رطل من اللحم البقري، فإنهم قادرون على إطعام أسرة من 3 أفراد بهذا الرطل".
وقال لينمان: "عندما تكون في حالة جفاف، فإنك تنتج كميات محدودة من الأعلاف أو التبن أو البرسيم.. وفي الوقت نفسه تظل أعداد الماشية كما هي وتظل بحاجة إلى الغذاء".
ويعود أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار لحم البقر إلى التراجع القياسي في إمدادات الماشية بالولايات المتحدة، إذ شهد مطلع عام 2025 أصغر قطيع وطني منذ عام 1951، بحسب ما نقلته شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية.
وأشارت الشبكة إلى أن دورة الماشية في الولايات المتحدة تتخذ نمط التوسع والانكماش الطبيعي في قطيع الماشية، وهو ما يرتبط بالعرض والطلب، وتحدث هذه الدورة عادة كل 8 إلى 12 عشرة عاما.
وعندما يحصل المنتجون على أسعار أعلى لماشيتهم، فإنهم غالبا ما يحتفظون بعدد أكبر من الإناث من أجل التكاثر، وعندما ترتفع إمدادات الماشية، تنخفض الأسعار لاحقا وينكمش القطيع مرة أخرى، كما يمكن أن يؤثر الجفاف الشديد على قرار المربي بالاحتفاظ بالماشية لأغراض التكاثر.
وقال آدم ويجنر، مدير التسويق في مجلس لحوم نبراسكا: "هذا هو السؤال الكبير أمام المنتجين حاليا.. لديهم حاليا قرار تتساوى فيه معدلات الخطأ والصحة، هل نبيع هذه الماشية إلى نظام الإمداد أم نحتفظ بها؟ وعندما تكون الأموال مطروحة على الطاولة، يكون هناك حافز للبيع، خاصة مع ارتفاع الطلب من المستهلك".
وخلال فترات الجفاف، غالبا ما يلجأ مربو الماشية إلى تدعيم العلف بالحبوب الغذائية.. ورغم أن أسعار الحبوب تراجعت بشكل ملحوظ منذ عام 2022، فإنها تظل تكلفة غير متوقعة على المنتجين.
وقال نيت ريمبي، الرئيس التنفيذي لشركة "أوماها ستيكس" للحوم: "ما نعيشه الآن هو خليط من الجفاف وارتفاع الطلب وانخفاض الاحتفاظ بإناث البقر، وهو ما يشكل مشكلة حجم القطيع التي نعاني منها اليوم في الولايات المتحدة.. نحن بحاجة إلى إعادة بناء القطيع، بلا شك".
وأضاف ريمبي: "تكلفة لحم البقر ارتفعت بشكل كبير لدرجة أنها بدأت تؤثر فعلا على هامش أرباحنا.. نحن نبحث داخليا باستمرار عن سبل لرفع الكفاءة وزيادة حجم الإنتاج بتكلفة أقل، لكن هناك نقطة معينة سنضطر عندها إلى تمرير جزء من هذه التكاليف إلى المستهلك".
وعلى الرغم من انخفاض أعداد القطيع، فإن إنتاج لحم البقر ارتفع بشكل عام لأن الولايات المتحدة أصبحت تنتج ماشية أكبر حجما، كما تأتي إمدادات إضافية، خاصة للحم المفروم، من واردات لحوم البقر التي ظلت في زيادة مطردة على مدار العقد الماضي.
لكن تسارع تطورات الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على البرازيل والإصابات الطفيلية في الماشية بالمكسيك يسهمان حاليا في دفع الأسعار لمزيد من الارتفاع أمام المستهلكين، ومع ذلك، يقول الخبراء إن القطيع المحلي يظل العامل الأهم لتحقيق انفراجة على المدى الطويل.
وقال أندرو جريفيث، أستاذ الاقتصاد الزراعي واقتصاد الموارد في جامعة تينيسي: "على المدى القصير، إذا بدأنا فعلا في الاحتفاظ بإناث البقر لإدخالها في قطيع التكاثر، فإن ذلك سيؤدي إلى خفض إجمالي إنتاج لحم البقر المحلي لأن عددا أقل من الحيوانات سيتجه إلى حظائر التسمين".
وأضاف قائلا: "هذا سيدعم الأسعار على المدى القصير، لكن خلال فترة الثلاث سنوات التي نتحدث عنها، سنبدأ في رؤية زيادة الإنتاج تدخل إلى النظام، وهو ما من شأنه أن يخفف أسعار لحم البقر وأسعار الماشية معا".