لجريدة عمان:
2025-12-14@12:44:37 GMT

اقتصاد جذب الانتباه وشبكات التواصل الاجتماعي

تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT

يعرف اقتصاد الانتباه بأنه أحد العلوم الاقتصادية والوسائل الفاعلة لإدارة المعلومات، ويتعامل مع الانتباه البشري كسلعة نادرة ويعتمد على النظرية الاقتصادية للتعامل مع تدفق المحتوى والبيانات في شبكات التواصل الاجتماعي. والانتباه عموما هو التركيز على جانب معين من المعلومات أو انشغال الذهن على جزء معيّن من المعلومات.

ولفهم أوسع حول اقتصاد الانتباه نستطيع أن نعد الانتباه كسلعة، والمعلومات المتوفرة والمتدفقة في شبكات التواصل الاجتماعي هي العنصر المستهلك للسلعة، ولمعالجة المعلومات يتطلب بذل جهد من الانتباه، وهذه العملية تسمى اقتصاد الانتباه، شريطة إدارة المعلومات والبيانات جيدا لتحقيق الاستهلاك الأمثل للانتباه.

ورغم أن اقتصاد الانتباه ظهر حديثا في عام 1971م عندما وضع عالم الاقتصاد والنفس هربرت سيمون نظرية اقتصاد الانتباه عندما تحدّث في إحدى مدوناته عن عالم غني بالمعلومات، موضحا أن الثروة في المعلومات تؤدي إلى فقر في الانتباه مع الحاجة لإدارة الانتباه بكفاءة بين الوفرة الزائدة لمصادر المعلومات التي ربما تستهلكه، إلا أن تطوّر المحتوى الرقمي الذي تقدمه المؤسسات خلال السنوات الماضية أوجد منافسة بين صنّاع المحتوى لجذب الانتباه خاصة الشركات الخاصة وذلك لتحقيق أكبر قدر من الأرباح عند زيادة المشاهدات أو عدد مرات تصفح المواقع الإلكترونية. ومع تطوّر تطبيقات اقتصاد الانتباه ظهر ما يعرف بسرقة انتباه المتابعين، وتحدث غالبا عند عرض الإعلانات في الأماكن العامة دون موافقة الأفراد ودون رسوم لتصفح محتوى الإعلان، ومثال آخر: عند تصفّح شبكات التواصل الاجتماعي تظهر فجأة إعلانات قبل الوصول للمحتوى الذي يبحث عنه المتصفح، وهنا يأتي التحدي الأكبر الذي يتطلب منا جهدا أكبر للحفاظ على تركيزنا والانتباه لما نختاره بعيدا عن المغريات البصرية، فالإنسان لا يستطيع أن يتحكم بكمية المحتوى في شبكات التواصل الاجتماعي، ولكن يستطيع أن يركز على المحتوى الذي يشغل اهتمامه؛ فالإدارة الفاعلة والجيدة للمحتوى الرقمي على شبكات التواصل الاجتماعي تسهم في تفعيل تطبيقات اقتصاد الانتباه عبر التفاعل مع آراء المتابعين والرد على استفساراتهم والتجاوب مع ملاحظاتهم.

فمثلا نلاحظ التحديث الجديد في منصة X بأنه يتم عرض المنشورات للمستخدم وفقا لاهتماماته في المنصة ويتم استعراض المنشورات المرتبطة بعملياته البحثية رغم أنه ليس متابعا لصانعي المحتوى وهي خوارزميات صممتها إدارة المنصة لتوجيه انتباه مرتاديها نحو اهتماماتهم وتوجهاتهم. بمعنى آخر أن المتصفح يستخدم المنصة للبحث عن موضوع معيّن فيما تقوم المنصة برصد الاهتمامات وتكوين ثروة من البيانات وصناعتها لتحقيق أهداف ربحية، ومثال آخر على اقتصاد جذب الانتباه هو استقبال رسائل في البريد الإلكتروني ولكن يتم وضعها في نافذة الرسائل غير المرغوبة وعند قيام الشخص بتصفّح محتواها يكون قد تحقق الهدف بجذب الانتباه.

ربما يتساءل البعض حول الفرق بين الاقتصاد السلوكي وبين اقتصاد الانتباه، وحقيقة كلاهما يعتمدان على توجيه الاهتمامات، وذلك لارتباطهما بعلمي النفس والاجتماع إضافة إلى استهدافهما للجانب العاطفي للأشخاص مما يجعل قراراتهم تتخذ عاطفيا حتى لو كانت على حساب الجانب المادي في الاقتصاد السلوكي أو على حساب الوقت وتوجيه الاهتمامات والانشغال عن هدف إدارة المحتوى والاطلاع عليه في اقتصاد جذب الانتباه. فالمحتوى الذي يصنع ويكتب في شبكات التواصل الاجتماعي ليس بالضرورة يشغل اهتمامنا ولكن بسبب وجود تقفّز على المحتوى الرقمي الأصلي يتم توجيه اهتمامات الجمهور نحو محتوى آخر يشغل انتباه الأشخاص عن المحتوى الأصلي، وهنا ينبغي التفريق بين إنهاك عقل الإنسان وانتباهه وتركيزه بالمعلومات والبيانات غير المهمة بالنسبة له، وبين تمرير المعلومات المناسبة التي تشد الانتباه بمختلف أنواعها سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة.

وهنا يأتي الدور على صنّاع القرار وكفاءة الحضور في شبكات التواصل الاجتماعي التي تعتمد على استراتيجية جذب الانتباه بكفاءة عبر صناعة محتوى يتضمّن المعلومة الصحيحة والمهمة ونشرها في الوقت الصحيح والمناسب للمتابعين، وعند تحقّق ذلك فإن هدف اقتصاد جذب الانتباه قد تحقّق مع مراعاة وصول المعلومة المهمة للجمهور في أقل وقت ممكن.

ففكرة جذب الانتباه جديرة بالاهتمام، وينبغي الاستفادة من تطبيقات اقتصاد جذب الانتباه للوصول للجمهور المستهدف في الوقت الذي يتطلب حصول الأشخاص على المعلومات والبيانات، وأرى من الجيد أن تتناسب صناعة المحتوى الرقمي مع اهتمامات الجمهور عبر استخدام أدوات ومنهجيات لمعرفة الجوانب التي تثير اهتماماتهم وتجذب انتباههم لتعزيزها لضمان استمرارية تلقيهم المحتوى برسائله الواضحة وفي قنواته الرسمية وعدم لجوئهم للرسائل غير الدقيقة أو الأخبار المضللة التي تنشرها قنوات غير رسمية.

إن تفعيل تطبيقات اقتصاد الانتباه لا يعني أن نهمل التحليلات الاقتصادية للظواهر أو الأحداث الاقتصادية بقدر ما نأمل أن نتعلم طرق جذب الانتباه ونستفيد من تطبيقات اقتصاد جذب الانتباه في صناعة محتوى رصين للجمهور.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی شبکات التواصل الاجتماعی

إقرأ أيضاً:

التصدى للشائعات حماية لأمن واستقرار مصر

إن مواجهة الشائعات أمر ضرورى وملح فى ظل ما تواجهه الدولة من تحديات جسيمة وما تموج به المنطقة من أزمات وصراعات وحروب وفى ظل حدود ملتهبة من جميع الاتجاهات، لذلك تحاول الأيادى الخبيثة والجماعة الإرهابية وأعداء الوطن أن يستغلوا أى ثغرات لضرب استقرار الدولة المصرية وهدم اقتصادها من خلال نشر الشائعات والأكاذيب والتى يتم صرف مليارات الدولارات ميزانية مخصصة لنشر الشائعات والأخبار المضللة وتحريف المعلومات.
الأمر يتطلب عين يقظة فى كل وزارة ومؤسسة من مؤسسات الدولة للرد أولاً وأولاً على أى معلومات كاذبة وشائعات ويتم تصحيحها والرد عليها بكل الوسائل الممكنة لدحض هذه الأكاذيب، ومنع تداول الشائعات وتحجيمها ومنع أضرارها وتأثيراتها الخطيرة على أمن وسلم المجتمع وعلى الاقتصاد الوطنى، ولاسيما فى ظل المؤشرات الإيجابية العديدة خلال هذه الفترة والتصنيف الإيجابى للاقتصاد المصرى من المؤسسات الاقتصادية الدولية والتى تعد شهادة ثقة فى الاقتصاد الوطنى.
وبكل تأكيد نثمن كل خطوة إيجابية تتخذها الدولة فى سبيل التصدى للشائعات، مثل اجتماع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، منذ أيام قليلة، لمتابعة إجراءات تفعيل آليات التصدى للشائعات، بحضور عدد من الوزراء والمسئولين ورؤساء الهيئات الإعلامية والصحفية، هذا الاجتماع الذى تناول مناقشة الحجم الهائل من الشائعات التى تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعى بصفة يومية، بالإضافة إلى كم الأخبار الزائفة التى تنشرها وسائل الإعلام الخارجية المعادية للدولة المصرية، ويتم الترويج لها باعتبارها حقائق، بهدف إحداث بلبلة فى المجتمع.
اتفق مع توصيات وتوجيهات هذا الاجتماع الحكومى خاصة حول ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة حيال من يتعمد اختلاق وقائع كاذبة، ونشر أخبار مغلوطة تستهدف النيل من الاقتصاد الوطنى، وأؤكد أن الأمر لا يحتاج إلى تعديلات تشريعية وتغليظ عقوبات خاصة أن القوانين الحالية تحتوى على العديد من العقوبات الكفيلة بمواجهة «جرائم نشر أخبار كاذبة» عبر وسائل الإعلام المختلفة، وكذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعى، والتى من شأنها إلحاق الضرر بالمجتمع، أو بالمصلحة العامة للدولة، وهو ما يحقق الردع المطلوب.
نحتاج هنا أكثر إلى توعية المواطنين بخطورة الشائعات وضرورة عدم الانجراف أو الانسياق خلف الشائعات والأكاذيب وتوخى الحذر ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعى وعلى منصات وقنوات الإعلام المعادى، وأن يستقوا المعلومات من مصادرها الرسمية الموثقة، كما يجب تطبيق ما خرج عن اجتماع الحكومة بتفعيل عمل جهات رصد الشائعات والأخبار الكاذبة على مختلف المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعى، واتخاذ الإجراءات القانونية مباشرة، وتوحيد جهود جميع الوزارات والأجهزة والجهات المعنية بالدولة فى التصدى لمختلف الشائعات من خلال استراتيجية وطنية متكاملة للأكاذيب والشائعات.
كما يجب فى الوقت ذاته أن تعمل الحكومة جاهدة على توجيه كل وزاراتها لتفعيل آليات التصدى للشائعات ونشر المعلومات والأخبار الصحيحة حول ما يتعلق بجهود الحكومة وإنجازات الدولة وأعمال وجهود الوزارات، وتوفير المعلومات والبيانات الصحيحة الموثوقة والدقيقة، وأتمنى أن تسرع الحكومة فى تقديم قانون تداول المعلومات إلى مجلس النواب لمناقشته فى البرلمان وإصداره، بما يضود حرية تداول المعلومات، كما يجب تفعيل دور المتحدثين الرسميين والمكاتب الإعلامية فى الوزارات والجهات الحكومية، وأن يهتموا بتوضيح الحقائق والبيانات للمواطنين ووسائل الإعلام، وأن تتم معاقبة ومحاسبة المقصرين والمخطئين ومن ينشرون الشائعات، وذلك لحماية أمن واستقرار بلدنا الحبيب مصر، وحماية الاقتصاد الوطنى من أى أضرار.

مقالات مشابهة

  • ملتقى إعلامي بالظاهرة يستعرض صناعة المحتوى الرقمي
  • حادث مأساوي ينهي حياة صانع المحتوى أبو مرادع.. والجمهور في صدمة
  • الحكم علي المتهمة بسب وقذف رجل أعمال عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالإسكندرية 31 يناير
  • حبس عصابة تقليد العملات المحلية
  • التصدى للشائعات حماية لأمن واستقرار مصر
  • اتهام شخصين بالإساءة للفنان مراد مكرم عبر وسائل التواصل الاجتماعي
  • وزارة الصناعة تنفي وجود أي حساب رسمي للفريق كامل الوزير على مواقع التواصل الاجتماعي
  • الولايات المتحدة تعتزم تفتيش حسابات التواصل الاجتماعي للراغبين بدخولها
  • السلطات الأمريكية تطلب من السياح كلمات سر حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي
  • عاجل | وفاة المؤثر في مواقع التواصل الاجتماعي أبو مرداع في حادث مروري بحائل