رحلة كفاح طويلة عاشها العالم المصرى الكبير الراحل أحمد زويل منذ حصوله على جائزة نوبل فى الكيمياء عام ١٩٩٩ هدفت إلى إنشاء مشروع قومى للنهوض بالبحث العلمى فى وطنه الكبير مصر، التى كان يصفها دائماً بمصر الغالية، حتى استطاع إطلاق مدينة زويل كمدينة علمية قبل 11 سنة، وكان لى الحظ وبالغ السعادة فى مرافقة الدكتور زويل، كمستشار له على مدار سنوات، وكنت شاهداً على حجم إخلاصه لوطنه وعمله الدؤوب فى تأسيس المدينة، التى كان ينظر إليها كنواة تُسهم فى إحداث نقلة علمية واقتصادية لمصر.
تأسّست المدينة بدعم كبير من الدولة المصرية، وفى القلب منها جامعة العلوم والتكنولوجيا، وعكفت المدينة منذ إنشائها على توفير البيئة المحفّزة التى تساعد على جذب العلماء المصريين ذوى الخبرات العالمية للمساهمة الفعّالة فى تطوير منظومة التعليم العالى والبحث العلمى، حيث تضم المدينة الآن ما يزيد على ١٠٠ عضو هيئة تدريس قاموا بتأسيس جامعة حديثة متطورة تُعِد قادة قادرين على مواكبة متطلبات الثورة الصناعية الرابعة وفتح آفاق جديدة للمستقبل، وذلك عن طريق ربط البحث العلمى التطبيقى بالتحديات الاستراتيجية على المستوى المحلى والإقليمى والدولى. وفى خلال فترة وجيزة تمكن باحثو وطلاب مدينة زويل من تقديم بعض الاختراعات والابتكارات المتميزة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
إيجاد طرق حديثة، زهيدة التكلفة، للكشف المبكر عن فيروس سى، والتى تتوافق مع التوجّه الاستراتيجى للدولة فى القضاء على هذا المرض.
ابتكار ضمادات ذكية تساعد على الالتئام السريع لجروح مرضى السكرى.
إيجاد حلول مبتكرة للتعامل مع المخلفات الزراعية، وذلك عن طريق تحويلها إلى ألياف يمكن استخدامها فى صناعة النسيج أو كسماد للتربة. وقد تم بالفعل تصميم وتصنيع الماكينة التى تُمكن من تحويل المخلفات الزراعية إلى منتج يفيد المجتمع وتوفيرها للمرأة الريفية، لتمكينها وأسرتها اقتصادياً واجتماعياً، وقد حصل هذا الابتكار على جائزة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك للشباب العربى فى شهر نوفمبر ٢٠١٨.
توفير منح دراسية كاملة وجزئية لما يزيد على ١٠٠٠ طالب وطالبة من الطلاب النابهين فى جميع أنحاء القطر المصرى وغير القادرين مادياً، الذين يتم اختيارهم من خلال تطبيق منظومة متكاملة لتقييم الطلاب تعتمد على قياس المهارات الذهنية والفكرية والإبداعية لدى الطلاب، دون التقيد بنتيجة اختبار إتمام الدراسة الثانوية.
حصلت جامعة زويل على شهادة الاعتماد الدولى من هيئة الاعتماد الأمريكية ABEt كأول جامعة حكومية وأهلية أو حتى خاصة فى عدد من برامج الهندسة والعلوم.
كما تصدرت الجامعات المصرية فى تصنيف «تايمز» البريطانى فى المركز الأول محلياً والعاشر عربياً لعامين متتاليين ٢٠٢١، و٢٠٢٢.
تمكن طلاب مدينة زويل من تكوين شركة لمراقبة البيئة السمكية بتطويع تكنولوجيا متقدّمة تساعد على تنمية الثروة السمكية بطرق اقتصادية. وهذا يعكس روح ريادة الأعمال لدى الطلاب، مما يؤكد أن خريجى مدينة زويل قادرون على خلق فرص عمل لهم ولغيرهم دون تحميل الدولة أى أعباء إضافية.
تسجيل ١٢ براءة اختراع فى مجالات تتّفق مع الاتجاهات الاستراتيجية للدولة.
نشر ما يقرب من ٨٥٠ بحثاً دولياً فى الدوريات العلمية المرموقة.
ولمواكبة أحدث ما توصل إليه العلم، قامت مدينة زويل باستحداث درجات بكالوريوس فى المجالات العلمية والهندسية الحديثة التى تخدم الاحتياجات الاستراتيجية للدولة، مثل الطاقة الجديدة والمتجدّدة، والعلوم الطبية الحيوية، وهندسة البيئة، وهندسة النانو تكنولوجى، وعلوم المواد، وعلوم الفضاء وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وفيزياء الأرض والكون.
كما انطلقت الدراسة بكلية علوم الإدارة العام الدراسى الحالى، وفى العام الماضى انطلقت كلية علوم الحوسبة والذكاء الاصطناعى لمواكبة التطور العلمى المذهل على مستوى العالم.
أثبت خريجو جامعة العلوم والتكنولوجيا جدارتهم بتفوّقهم فى كل المجالات، إذ يحصل ما يفوق ٤٠٪ من الخريجين على منح دراسية كاملة لدراسة الماجستير والدكتوراه فى كبرى الجامعات العالمية بفضل جودة التعليم فى مصر، وبلغت نسبة التوظيف لخريجى الجامعة ٩٠٪ فى الأشهر الثلاثة الأولى التالية للتخرّج، وهو إنجاز بكل المقاييس، خاصة أن المعدل العالمى للتوظيف هو ٦٠٪ خلال الأشهر الستة التالية للتخرج.
كل هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا رعاية ودعم الدولة المصرية والقيادة السياسية لمدينة زويل منذ اللحظة الأولى لبدء المشروع القومى كمدينة علمية تستهدف النهوض بالتعليم والبحث العلمى، بمساعدة الجامعات والمراكز البحثية المصرية، وفى إطار منظومة متميزة فى مصر الغالية، وبما يعود بالنفع على الاقتصاد والإنتاج القومى.
ولأننا ندرك أن أهل العلم أحياء بيننا، فإننى على ثقة أن أحمد زويل بات مستريحاً لما حقّقه مشروعه العلمى من نجاح متفرّد، إذ يستكمل النجباء من أبناء الوطن مسيرة العمل التى حتماً ستؤدى إلى نهضة علمية، فى ظل رعاية كاملة وشاملة من مصر الغالية.
* المستشار الإعلامى للعالم الراحل أحمد زويل
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مدينة زويل مدینة زویل زویل من
إقرأ أيضاً:
جامعة القاهرة تستضيف العالم شريف صدقي في محاضرة استثنائية عن علوم الفضاء
استضافت جامعة القاهرة برئاسة الدكتور محمد سامي عبد الصادق، البروفيسور شريف صدقي، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية، في محاضرة استثنائية عن تكنولوجيا الفضاء في مصر، بحضور السادة أعضاء مجلس الجامعة، ووفد رفيع من وكالة الفضاء المصرية، ونخبة من القيادات الأكاديمية والعلماء وطلاب الكليات العلمية، في مشهد يعكس التقاء التاريخ بالريادة العلمية.
وافتتح الدكتور محمد سامي عبد الصادق، اللقاء بكلمة ترحيبية عبّر فيها عن فخره باستضافة أحد أبناء الجامعة الأوفياء وعلمائها البارزين، مؤكداً أن الدكتور شريف صدقي يُعد نموذجاً يحتذى في العطاء الأكاديمي والبحثي، وهو امتداد لمسيرة علمية لعائلته التي تنتمي إلى جامعة القاهرة، حيث كان والده عميداً لكلية التجارة. وأشار إلى أن اللقاء يُجسّد قيمة الانتماء لهذا الصرح العريق، ويعكس روح الوفاء للعلم والجامعة.
ويُعد الدكتور شريف صدقي من أبرز العلماء في مصر والمنطقة العربية في مجالات الفيزياء التطبيقية والهندسة الدقيقة والابتكار البحثي. وُلد في القاهرة عام 1969، وتخرج من كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام 1992 بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف في هندسة الاتصالات والإلكترونيات. ثم حصل على دبلومة وماجستير في الفيزياء الهندسية من نفس الجامعة، قبل أن يواصل دراسته في جامعة لوفان الكاثوليكية ببلجيكا، حيث نال الماجستير والدكتوراه في النظم الكهروميكانيكية الدقيقة.
وشغل الدكتور صدقي عدة مناصب أكاديمية مرموقة، أبرزها رئاسة جامعة زويل والجامعة الأمريكية بالقاهرة، وله سجل بحثي حافل يشمل أكثر من 100 بحث علمي و19 براءة اختراع في مجالات المستشعرات الدقيقة وأنظمة الملاحة، كما أسّس أول غرفة نظيفة لتصنيع الأنظمة الكهروميكانيكية الدقيقة في مصر والمنطقة، ما أسهم في تأسيس قاعدة صناعية وطنية متقدمة.
وفي كلمته خلال اللقاء، عبّر الدكتور شريف صدقي عن بالغ اعتزازه بانتمائه لجامعة القاهرة، قائلاً إن القبة العريقة للجامعة لطالما كانت شاهدة على محطات علمية مؤثرة في مسيرته الأكاديمية، مؤكداً أن عودته إليها تمثل له رمزية كبيرة.
وخلال محاضرته، ركّز الدكتور صدقي على أهمية الاستثمار في الكفاءات الجامعية المصرية وتعزيز التعاون المؤسسي بين جامعة القاهرة ووكالة الفضاء المصرية، خاصة في مجالات الأقمار الصناعية الصغيرة، وتصنيع الحمولة الفضائية، وتطبيقات تكنولوجيا الفضاء في التنمية المستدامة. كما دعا إلى إنشاء نقطة اتصال أكاديمية دائمة تجمع بين الأندية الطلابية، والبرامج التدريبية، والمشروعات البحثية المشتركة، بما يسهم في دمج البحث العلمي بالتطبيق العملي وتفعيل دور الجامعات في خدمة قضايا التنمية.
وأشاد صدقي بريادة مصر في تكنولوجيا الفضاء على مستوى القارة الأفريقية، مؤكداً أهمية استضافة مصر لمؤتمر نيو سبيس أفريقيا 2025 بمدينة الفضاء المصرية، بمشاركة أكثر من 500 ممثل من 60 دولة، والذي شهد تدشين وكالة الفضاء الأفريقية، حيث اعتبر المؤتمر تتويجاً للدور المصري في دعم التكامل الأفريقي في هذا المجال الحيوي.
بدوره، ثمّن الدكتور محمد سامي عبد الصادق المحاضرة القيّمة التي ألقاها الدكتور صدقي، مشيداً بإسهاماته الاستراتيجية في تطوير قطاع الفضاء، ومؤكداً حرص الجامعة على تعزيز التعاون العلمي والبحثي مع وكالة الفضاء المصرية بما يخدم النهضة الفضائية الوطنية والإقليمية.
وفي ختام اللقاء، وجّه الدكتور صدقي رسالة ملهمة للطلاب، قائلاً: أنتم في موقع من يصنع التاريخ لا من يدرسه فقط.. أمامكم فرصة ذهبية لتكونوا الجيل الذي يطلق مصر نحو مدارات جديدة، لا تكتفوا بالاستماع، بل بادروا واقترحوا وشاركوا.. فالعقول التي خرجت من هنا غيّرت العلم والأدب معًا.
وجاءت هذه الفعالية في إطار توطيد التعاون الاستراتيجي بين وكالة الفضاء المصرية وجامعة القاهرة، وتأكيداً على الدور المحوري للتعليم العالي والبحث العلمي في النهضة الفضائية الوطنية.
وخلال تفاعله مع أسئلة الطلاب، أشار الدكتور صدقي إلى أن مصر والمنطقة العربية وأفريقيا تلعب دوراً ريادياً في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء، مشيداً بما حققه مؤتمر نيو سبيس أفريقيا 2025 من إشادة عالمية بالتقدم المصري، ولفت إلى التراكم المعرفي والخبرات التقنية المتوفرة حالياً.
كما أكد على أهمية التعاون الاستراتيجي مع الصين، الذي أسهم في دعم مصر تقنياً، مشيرًا إلى توقيع اتفاقيات لإنشاء محطة أبحاث قمرية دولية، وهو ما يعكس طموح مصر لاستكشاف الفضاء على المستوى العالمي. وأكد كذلك أهمية البيانات الفضائية في دعم خطط التنمية المستدامة، داعياً إلى تطوير البنية التحتية لتقنيات جمع وتحليل تلك البيانات لخدمة الاقتصاد والمجتمع.
وفي كلمته الختامية، شدد صدقي على أن مصر تمتلك طاقات بشرية وعلمية هائلة، وأن النجاح مرهون بالإخلاص والاجتهاد والمثابرة، داعياً طلاب جامعة القاهرة إلى الإيمان بأنهم شركاء حقيقيون في بناء مستقبل مصر العلمي والفضائي.
واختُتم اللقاء بتوقيع بروتوكول تعاون بين وكالة الفضاء المصرية وجامعة القاهرة، يتضمن تعزيز التعاون في مجالات البحث والتدريب والتأهيل وتنفيذ مشروعات علمية مشتركة، في إطار التزام الطرفين بدعم النهضة الفضائية المصرية وتعزيز مكانة مصر إقليمياً ودولياً في علوم وتكنولوجيا الفضاء، ولا سيّما على مستوى القارة الأفريقية.