عقوب: ربما تقترب أعداد النازحين السودانيين أو تفوق سكان الكفرة التي تضم 60 ألف نسمة
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
ليبيا – علق رئيس بلدية الكفرة، عبد الرحمن عقوب، على أزمة تصاعد أعداد النازحين السودانيين خلال الشهور الأخيرة إلى البلدية، فراراً من الحرب في دولتهم، محذراً من انهيار قدرات الكفرة على استيعاب أعداد النازحين.
عقوب قال في تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط” إن قرابة 300 نازح يدخلون الكفرة يومياً؛ وقد يصل عددهم إلى 500 شخص في بعض الأحيان، فضلاً عن مَن يضلون طريقهم بدروب الصحراء.
وأشار إلى أن بعض النازحين يضطرون إلى افتراش الطرقات والنوم في العراء، رغم انخفاض درجات الحرارة؛ لذا نواجه أزمة في تلبية متطلباتهم المعيشية.
وبيّن أنه على الرغم من أن مساحة الكفرة تزيد على 433 ألف كيلومتر مربع، فإن المأهول منها لا يتجاوز 20 ألف كيلومتر ولا تحتوي إلا على قليل جداً من الوحدات السكنية المعروضة للإيجار، مشدداً على أنه لم تعد هناك وحدات متاحة للإيجار تقريباً، بل إن استمرار تدفق النازحين تسبب في ارتفاع قيمة الإيجارات والوحدة التي كانت تؤجر فقط بألف دينار في الشهر ارتفعت قيمتها إلى ألفين.
وأضاف “كثير من أهالي الكفرة سمح لهؤلاء السودانيين بالإقامة في مزارعهم أو مخازنهم، أو بالأراضي الخالية والبيوت المهجورة التي تعود لهم دون أي مقابل، ولكن كل هذا لم يعد يجدي حالياً”.وحول تقديره لأعداد الفارين من الحرب السودانية، قال: “لا يمكن تقديم أي رقم ولو بشكل تقريبي، خصوصاً في ظل تعثر أي عملية إحصاء لهم، بالإضافة إلى أنهم يخافون من ذكر الحقائق بشأن عدد كل أسرة، لاعتقادهم بأن ذلك يرتبط بترحيلهم”.
واستطرد خلال حديثة “أن النازحين في ازدياد، وربما تقترب أعدادهم أو تفوق سكان المدينة التي تضم 60 ألف نسمة، متخوفاً من أن يؤدي ذلك لتغير ديموغرافي، خصوصاً إذا طالت المدة، كما نتخوف من نشوب بعض الاضطرابات جراء اختلاف الولاءات السياسية لهؤلاء النازحين، الذين قدموا من مدن عدة بالسودان”.
ووصف علاقة سكان الكفرة بالنازحين بأنها أكثر من جيدة، منوهاً “بالمساعدات التي يقدمونها لأشقائهم السودانيين وأحد أبناء الكفرة يواظب على تقديم وجبة إفطار يومياً لأكثر من ألف نازح، وآخرون قدموا آلاف الأغطية والملابس، فضلاً عن تحملهم بلا ضيق ارتفاع أسعار الغذاء قليلاً جراء ازدياد الطلب عليه”.
ولفت إلى أن لجنة الطوارئ المُشكّلة بشأن هؤلاء النازحين لم تتلقَ أي دعم يذكر من حكومتي ليبيا، رغم كثرة النداءات التي تم توجيهها لهما.
وحول تعاطي المنظمات الدولية المعنية باللاجئين مع البلدية، علق قائلاً: “اقترحوا علينا إنشاء مخيمات لهم داخل المدينة، لكننا رفضنا لتخوفنا من تكرار سيناريو إنشاء مخيمات لجوء بحدود دول عربية أخرى، تمت إقامتها منذ عقود دون حل”.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
ملياردير سوداني يدعم الحوكمة الأفريقية بـمؤشر وجائزة مالية تفوق نوبل
منذ نحو 20 عاما، أصبحت الأوساط المهتمة بشؤون الحوكمة والديمقراطية في أفريقيا تتطلّع سنويا إلى فحوى التقرير الذي تصدره "مؤسسة مو إبراهيم" حول الشأن العام بالقارة السمراء، وإلى هوية الفائز بالجائزة المليونية التي تمنحها تقديرا للأداء المتميز في مجال الحكم الرشيد.
ويقف وراء هذه المبادرة رجل الأعمال السوداني محمد إبراهيم، الذي حول نجاحه في عالم المال والاتصالات إلى انخراط كامل في خدمة القارة الأفريقية التي رأى فيها النور عام 1946، وتحديدا في النوبة شمال السودان.
ولتبرير الغاية من اهتمامه بشؤون القارة السمراء، بدل الاستكانة إلى تقاعد مريح بعد أن راكم ثروة كبيرة، يقول محمد إبراهيم مستشهدا بمثل شعبي من النوبة "الكفن ليس له جيوب.. لقد ولدتَ عاريا، وسوف تموتَ عاريا. الشيء الوحيد المؤكد هو أنني لن آخذ بطاقة ماستركارد الخاصة بي إلى قبري".
قصة نجاحأبصر محمد إبراهيم نور الحياة في مدينة حلفا القديمة بالسودان عام 1946، وعاش في دولته فترة من الزمن، قبل أن ينتقل مع عائلته إلى مصر، التي واصل فيها مشواره الدراسي حتى حصل على شهادة في الهندسة من جامعة الإسكندرية.
وبعد التخرّج، عاد لبلاده وعمل مهندسا بشركة الاتصالات السودانية، حتى سافر إلى إنجلترا في عام 1974 وحصل فيها على درجة الماجستير في الإلكترونيات والهندسة الكهربائية من جامعة برادفورد، ودكتوراه في الاتصالات المتنقلة من جامعة برمنغهام.
إعلانترك التدريس والمجال الأكاديمي عام 1983 ليصبح مديرا فنيا لمؤسّسة تتعامل مع شركة الاتصالات البريطانية العملاقة.
وعام 1989 استقال منها، وأنشأ شركة لتصميم شبكات الهاتف المحمول، باعها سنة 2000 مقابل أكثر من 900 مليون دولار.
وفي غضون ذلك، قرّر محمد إبراهيم عام 1998 دخول مجال شبكات الهاتف المحمول في أفريقيا من خلال إنشاء شركة سيلتيل، التي توسّعت بسرعة لتصبح من أكبر شركات الاتصالات المتنقلة في أفريقيا، تغطي أكثر من 14 دولة وتخدم أكثر من 25 مليون عميل.
وفي عام 2005، باع سيلتيل إلى شركة كويتية، اسمها الحالي زين، مقابل 3.4 مليارات دولار، لكنّه استمر في رئاسة مجلس إدارتها حتى عام 2007، حين تقاعد من مجلس إدارتها.
حياة ثانيةبعد تلك الصفقة الضخمة، ركّز محمد إبراهيم اهتمامه على الاستثمار والجهود الخيرية، وأطلق في عام 2006 من العاصمة البريطانية لندن "مؤسسة مو إبراهيم"، سعيا لتعزيز الحكم الرشيد في القارة السمراء، وذلك من خلال "مؤشر إبراهيم للحوكمة بأفريقيا"، و"جائزة إبراهيم" للقادة الأفارقة الذين يستوفون معايير محدّدة ومضبوطة.
بدأ "المؤشر" يصدر عام 2007 ويقيّم أداء الحكومات في 54 دولة أفريقية على مدار أحدث فترة متاحة، وهي 10 سنوات، موفّرا بذلك معلومات دقيقة لأي جمهور مهتم بتقييم الخدمات والسياسات العامة في الدول الأفريقية.
ويستند التقييم العام للحكومة بأفريقيا إلى 96 مؤشرا ضمن 16 فئة فرعية و4 فئات رئيسية هي: الأمن وسيادة القانون، والمشاركة والحقوق والإدماج، وأسس الفرص الاقتصادية، والتنمية البشرية.
وأظهر أحدث مؤشر للحوكمة الشاملة وهو يغطي الفترة الممتدة من 2014 إلى 2023 صورة قاتمة على المستوى المتوسط القاري، تخفي وراءها اتجاهات متباينة للغاية، وحلت دولة السيشل في المرتبة الأولى، في حين جاءت دولة جنوب السودان في آخر الترتيب.
إعلانوتُشرف على إعداد هذا المؤشر فرق متنوعة من الباحثين تحت إشراف لجنة واسعة مكونة من 18 عضوا، بينهم شخصيات أكاديمية من أرقى الجامعات في العالم، وتنفيذيون من مختلف القطاعات، بالإضافة إلى وجوه بارزة من المجتمع المدني في أفريقيا.
جائزة مالية تفوق نوبلوبالموازاة مع "المؤشر"، أطلقت المؤسسة "جائزة إبراهيم للإنجاز في القيادة الأفريقية" لمكافأة رئيس دولة أو حكومة سابق، انتخب ديمقراطيا وأمضى ولايته الدستورية وأظهر قيادة استثنائية، وترك منصبه دون قلائل أو خلافات.
وتبلغ قيمة الجائزة 5 ملايين دولار أميركي تُدفع على مدار 10 سنوات، بالإضافة إلى مكافأة سنوية مدى الحياة قدرها 200 ألف دولار، وهو ما يجعلها أكبر جائزة فردية في العالم، متقدمة من الناحية المالية على جائزة نوبل.
وتهدف الجائزة، وفق موقع المؤسسة، إلى "ضمان استمرار القارّة الأفريقية في الاستفادة من خبرة القادة الاستثنائيين وحكمتهم بعد مغادرتهم مناصبهم الوطنية، وذلك بتمكينهم من مواصلة عملهم القيِّم من خلال أداء أدوار مدنية أخرى في القارّة".
ولدى إطلاق الجائزة عام 2007، كان يُفترض أن يتمّ منحها سنويا، لكن ذلك لم يحصل بانتظام إذ تم حجبها عدة مرات لغياب مرشح يستوفي المعايير التي وضعتها المؤسسة، وهذا ما يعطي الجائزة مصداقيتها، ويدفع البعض، في الوقت نفسه، إلى اعتبار صاحبها "كثير المتطلبات".
ومنذ ذلك التاريخ تم منح الجائزة 7 مرات فقط، آخرها في عام 2020 وعادت لرئيس النيجر السابق محمدو إيسوفو لينضم إلى قائمة الفائزين السابقين وهم: رئيسة ليبيريا إلين جونسون سيرليف (2017)، ورئيس ناميبيا هيفيكيبوني بوهامبا (2014)، ورئيس جمهورية الرأس الأخضر بيدرو بيريس (2011)، ورئيس بوتسوانا فيستوس موغاي (2008)، ورئيس موزامبيق جواكيم تشيسانو(2007)، ومُنحت الجائزة فخريا للرئيس نيلسون مانديلا عند إطلاقها في عام 2007.
إعلانويرأس اللجنة الحالية المشرفة على الجائرة فيستوس موغاي رئيس بوتوسوانا السابق، وتضم شخصيات دولية بارزة، بينها السياسي والدبلوماسي المصري محمد البرادعي، والرئيس السابق لمفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد، والمفوضة الأممية السابقة لحقوق الإنسان ماري روبنسون.
صوت مسموعوإلى جانب "المؤشر" و"الجائزة" ترعى مؤسسة مو إبراهيم الكثير من المبادرات والبرامج البحثية والنقاشية التي تهتم بالتنمية في أفريقيا، ويشمل ذلك مجالات الطاقة والرياضة والمال والبيانات، والشباب والمناخ.
وتُقدّم المؤسسة بيانات وتحليلات دقيقة لتقييم تلك التحديات على المستوى القاري، وتجمع الأطراف المعنية من أفريقيا وخارجها، بما في ذلك شباب القارة، لمناقشة الحلول المحتملة في كل القطاعات.
وتنظم المؤسسة مؤتمرا سنويا يجمع قادة أفارقة بارزين من القطاعين الحكومي والخاص، لمقاربة التحديات السياسية وأولويات العمل في القارة.
وأنشأت المؤسسة برامج زمالة لتوفير فرص التأطير والتوجيه لقادة المستقبل الأفارقة، وخصّصت منحا دراسية لدعم وتنمية المواهب الأفريقية في تخصصات يتم تحديدها سنويا.
وعلى مرّ السنين اكتسبت مبادرات المؤسسة مكانة اعتبارية بارزة في القارة السمراء، وأصبح محمد إبراهيم صوتا مسموعا في كل المحافل المعنية بمستقبل المنطقة ولا يتوانى في توجيه انتقادات حادة للمسؤولين الأفارقة.
انتقاد الاتحاد الأفريقيوفي عام 2013، شارك محمد إبراهيم في إحياء الذكرى الخمسينية لتأسيس الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس آبابا، وهناك وجّه لقادة المنطقة كلمة قوية قال فيها "الميزانية التسييرية للاتحاد الأفريقي قيمتها 130 مليون دولار، 70% منها تدفعه أوروبا. إذا، قبل أن تفتحوا أفواهكم الكبيرة، وتقولوا نحن الأفارقة قادرون على فعل كذا وكذا، عليكم أولا تمويل مؤسساتكم الخاصة، وإلا فأين هي كرامتكم؟".
إعلانووصفت مجلّة "جون أفريك"، المتخصصة في شؤون القارة السمراء، محمد إبراهيم بأنه "ثري مناضل من أجل الحكم الرشيد في أفريقيا"، وقالت إنه صديق الأقوياء في القارّة، لكنه في الوقت ذاته هو "واحد من أشرس من يحاكمهم".
وفي الكثير من المناسبات، يُبدي محمد إبراهيم تفاؤلا كبيرا بمستقبل أفريقيا وبقدرات شبابها، ويرى أنها قادرة على منافسة باقي القوى الاقتصادية العالمية مثل الصين والولايات المتحدة وأوروبا، وذلك بفضل ثرواتها الطبيعة والبشرية الكبيرة، لكن شريطة أن تعتمد مبادئ الحكم الرشيد والتسيير الجيد والصارم.
وتعهّد الملياردير السوداني بالتبرع بنصف ثروته للأعمال الخيرية في إطار "تعهد العطاء"، وهو التزام أخلاقي تعهد به عشرات الأثرياء في العالم، بينهم الأميركيان وارن بافيت وبيل غيتس وغيرهما.