تقترب ليلة النصف من شعبان، ويكثر البحث عن وظائف تلك الليلة المباركة، حيث رسم سيدنا النبي ﷺ لنا وظائف ليلة النصف من شعبان، فيقول ﷺ: «فمن قام ليلها، وصام نهارها، غفر الله له، وأعطاه سؤله». فالمسألة يسيرة على من يسرها الله عليه .

وظائف ليلة النصف من شعبان

تبدأ ليلة النصف من شعبان مع غروب شمس السبت 14 شعبان 1445، وتنتهي بفجر الأحد 15 شعبان 1445، ومن أعمالها ووظائفها ما نرصده في التقرير التالي: 

في البداية، قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن أول الوظائف : القيام ،ووظائف هذا القيام تتمثل في قراءة القرآن، ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾، ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾.

ومن وظائف ليلة النصف من شعبان: ذكر الله، ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ ، وعلمنا رسول الله ﷺ كيف نذكر ربنا، علمنا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، نكررها ونعيدها، وأهل الله أطلقوا على هذه الخمسة "الباقيات الصالحات" لأنها هي التي تبقى للإنسان بعد رحيله من هذا الدكان، فبعد رحيل السكان من الدكان، تبقى الباقيات الصالحات، نورًا في القبر، وضياءً يوم القيامة، وذكرًا في الملأ الأعلى.،وكان ﷺ يقول: «إني أستغفر الله في اليوم مائة مرة».

ومن وظائف هذه الليلة: الدعاء، والمناجاة، عش مع ربك وناجه، وفي النهار صم، ففي القيام والصيام قربى إلى الله سبحانه وتعالى، وإشارة إلى بداية جديدة لعام جديد، نستقبل فيه رمضان.

دار الإفتاء ترد على المشككين في فضل ليلة النصف من شعبان ليلة النصف من شعبان.. اعرف فضلها وأحب الأعمال فيها نفحات ليلة النصف من شعبان

كما بين علي جمعة أن ليلة النصف من شعبان من النفحات الربانية، وهي ليلة عظيمة قد عظمها الله تعالي، وعظمها رسول الله ﷺ ، فتعظيم رسول الله ﷺ لها كان بدعائه لربه والتبتل إليه فيها كما روت السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: فقدت رسول الله ﷺ ذات ليلة فخرجت، فإذا هو بالبقيع، رافعا رأسه إلى السماء، فقال لي: «أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟»، قالت: قلت يا رسول الله ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: «إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب». (مسند أحمد). 

وتابع: كلب قبيلة مشهورة بكثرة الغنم ،وهى كناية من سيدنا رسول الله على سعة رحمة الله سبحانه وتعالى ، وتعظيم الله تعالى لهذه الليلة يكون باطلاعه تعالى على خلقه; لينزل عليهم فيها رحمته ومغفرته، كما أخبرنا رسول الله ﷺ : «إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن». (سنن ابن ماجه)، واستثنى من مغفرته المنزلة في تلك الليلة: المشرك والمشاحن، وتقع الشحناء غالبا بسبب النفس الأمارة بالسوء التي تؤذي الناس; فتفسد الود والوئام القائم بينهم، وقد نصح النبي ﷺ المسلمين بالبعد كل البعد عن كل ما قد يؤدي إلى بث الفرقة والشحناء بين الناس فقال: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره التقوى هاهنا- ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه» (صحيح مسلم)، ولا يخفى أن الأشياء المذكورة والوارد فيها النهي في هذا الحديث هي أمور إن التزم بها المسلم وطبقها في كل أموره وأحواله عند التعامل مع أخيه الإنسان فلا شك أن المجتمع بكل أفراده سيشيع فيه الحب والوئام.

وشدد أنه لا يخفى أننا أحوج ما نكون في هذه الأيام إلى التأكيد على قيمة رفع التشاحن والسعي لإصلاح ذات البين، لنستقبل رمضان بنفوس صافية وروح عالية وأعمال متقبلة فلا تفوتنكم هذه النفحات، مؤكدا: أيها المسلم الحريص على رضا ربه، أصلح ذات بينك حتى يقبلك الله تعالى، فاللهم أصلح ذات بيننا ووفقنا إلى ما تحب وترضى.

دعاء ليلة النصف من شعبان

وصيغة هذا الدعاء هي: "اللَّهُمَّ يَا ذَا الْمَنِّ وَلَا يُمَنُّ عَلَيْهِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، يَا ذَا الطَّوْلِ وَالإِنْعَامِ. لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ظَهْرَ اللَّاجِئينَ، وَجَارَ الْمُسْتَجِيرِينَ، وَأَمَانَ الْخَائِفِينَ. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ شَقِيًّا أَوْ مَحْرُومًا أَوْ مَطْرُودًا أَوْ مُقَتَّرًا عَلَيَّ فِي الرِّزْقِ، فَامْحُ اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ شَقَاوَتِي وَحِرْمَانِي وَطَرْدِي وَإِقْتَارَ رِزْقِي، وَأَثْبِتْنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ سَعِيدًا مَرْزُوقًا مُوَفَّقًا لِلْخَيْرَاتِ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ فِي كِتَابِكَ الْمُنَزَّلِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ: ﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾، إِلَهِي بِالتَّجَلِّي الْأَعْظَمِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ الْمُكَرَّمِ، الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَيُبْرَمُ، أَنْ تَكْشِفَ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا نَعْلَمُ وَمَا لَا نَعْلَمُ وَمَا أَنْتَ بِهِ أَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ليلة النصف من شعبان 3 أدعية مستجابة في شهر شعبان دعاء ليلة النصف من شعبان لیلة النصف من شعبان رسول الله ﷺ الله ع

إقرأ أيضاً:

حكم اختصار الصلاة على النبي عند الكتابة إلى (ص) أو (صلعم).. الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما حكم كتابة حرف الصاد (ص) أو لفظ (صلعم) بدلًا من كتابة (صلى الله عليه وسلم) بعد الاسم الشريف؟

وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة:
لا ينبغي للمسلم أن يستبدل الإشارة بحرف (ص) أو لفظ (صلعم) أو غيرهما بالصلاة والسلام على سيد الوجود صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يَحْسُنُ به فعل ذلك؛ فهو أمرٌ منهيٌّ عنه كما قرره العلماء، كما أن فاعل ذلك يُخشى عليه أن يكون ممن حُرِمَ من فضل الله تعالى ورحمته؛ لما في ذلك من التكاسل عن تحصيل الثواب العظيم والأجر الجزيل، ولما فيه أيضًا من سوء الأدب والجفاء والتهاون مع جنابه الرفيع صلى الله عليه وآله وسلم.

وأوضحت أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل القربات عند الله تعالى؛ لقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]؛ قال الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" (14/ 235، ط. دار الكتب المصرية) قولَ سهل بن عبد الله: [الصلاة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم أفضل العبادات؛ لأن الله تعالى تولاها هو وملائكته، ثم أمر بها المؤمنين، وسائر العبادات ليس كذلك] اهـ.

هل يجوز لحماتي دخول منزلي دون استئذان ..الأزهر للفتوى يوضحدعاء لفك الكرب وتسهيل الأمور والرزق .. أقوى 10 كلمات للفرج وانشراح الصدرانطلاق دورة "القيادة الفاعلة" لمديري الدعوة بالمديريات بأكاديمية الأوقاف الدوليةوزير الأوقاف يُصدر عددًا من قرارات التكليف بمواقع قيادية بالديوان العام

وتتأكد هذه العبادة الجليلة عند ذكر اسمه المنيف صلى الله عليه وآله وسلم؛ حتى إن مَن يتراخى عنها عند ذكر الاسم الطاهر يُتَوَجه إليه الذم واللوم؛ لسوء صنعه؛ قال العلامة الصالحي الشامي في "سبل الهدى والرشاد" (12/ 421، ط. دار الكتب العلمية): [ينبغي أن تكون الصلاة عليه مُعْقَبَةً بِذِكْرِهِ عنده؛ حتّى لو تراخى عن ذلك ذُمَّ عليه] اهـ.

واشارت الى ان كلُّ الأعمال بين القبول والرد إلَّا الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنها مقبولة قولًا واحدًا.

قال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (1/ 520، ط. الحلبي): [مطلب في أنَّ الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل ترد أم لا؟ قال الفاسي في "شرحه": ومن تمام كلام أبي سليمان عند بعضهم: وكل الأعمال فيها المقبول والمردود إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنها مقبولة غير مردودة، وروى الباجي عن ابن عباس: إذا دعوت الله عزَّ وجلَّ فاجعل في دعائك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنَّ الصلاة عليه مقبولة، والله سبحانه أكرم من أن يقبل بعضًا ويرد بعضًا، ثم ذكر نحوه عن الشيخ أبي طالب المكي وحجة الإسلام الغزالي.. والذي يظهر من ذلك أن المراد بقبولها قطعًا أنها لا ترد أصلًا مع أن كلمة الشهادة قد ترد فلذا استشكله السنوسي وغيره.

والذي ينبغي حمل كلام السلف عليه أنه لما كانت الصلاة دعاء، والدعاء منه المقبول ومنه المردود، وأن الله تعالى قد يجيب السائل بعين ما دعاه وقد يجيبه بغيره لمقتضى حكمته: خرجت الصلاة من عموم الدعاء؛ لأن الله تعالى قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: 56] بلفظ المضارع المفيد للاستمرار التجددي مع الافتتاح بالجملة الاسمية المفيدة للتوكيد وابتدائها بإن لزيادة التوكيد، وهذا دليل على أنه سبحانه لا يزال مصليًّا على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ثم امتن سبحانه على عباده المؤمنين حيث أمرهم بالصلاة أيضًا؛ ليحصل لهم بذلك زيادة فضل وشرف، وإلا فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مُسْتَغْنٍ بصلاة ربه سبحانه وتعالى عليه، فيكون دعاء المؤمن بطلب الصلاة من ربه] اهـ.

وقد جرت عادة علماء المسلمين قاطبةً أنهم إذا كتبوا أو نطقوا أو سمعوا أو شاهدوا اسمه المُعظم صلى الله عليه وآله وسلم بادروا بالصلاة والسلام عليه.

حكم اختصار الصلاة والسلام على سيدنا النبي عند الكتابة إلى (ص) أو (صلعم)


أما عن كلمة (صلعم)؛ فهي منحوتة من قولنا: "صلى الله عليه وآله وسلم"؛ ومعنى النحت أن تؤخذ كلمتان أو أكثر، وتنحت منهما كلمةٌ تكون مأخوذةً منهما جميعًا ومعبرةً عنهما؛ ينظر: "معجم مقاييس اللغة" للعلامة ابن فارس (1/ 328-329، ط. دار الفكر)، و"المزهر في علوم اللغة وأنواعها" للإمام السيوطي (1/ 372، ط. دار الكتب العلمية)، وقد ذكر العلامة الطاهر ابن عاشور أن القصد من النحت هو الاختصار أو التخفيف لكثرة دوران ذلك على الألسنة؛ ينظر: "التحرير والتنوير" (1/ 137، ط. الدار التونسية).

وهذه الكلمة وغيرها من نحو (ص) ممَّا يُقصَد به الاكتفاء والإشارة إلى الصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم عند ذكر اسمه الكريم يُعدُّ من العادات السيئة والخصال المذمومة، سواءٌ قُصد بها الاختصار أو التخفيف لكثرة ورودها أو غير ذلك، ولا يفعل ذلك إلا محرومٌ من بركة الصلاة والسلام على سيد الكونين صلى الله عليه وآله وسلم.

نصوص العلماء في هذه المسألة
قد تواردت بكثرة نصوص العلماء التي تدل على الكراهة الشديدة لهذا الصنيع والتحذير منه.

قال الإمام ابن الصلاح في "معرفة أنواع علوم الحديث" (ص 298-300، ط. دار الكتب العلمية) في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده: [ينبغي له أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عند ذكره، ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره؛ فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبته، ومن أغفل ذلك حُرِمَ حظًّا عظيمًا، وقد روينا لأهل ذلك منامات صالحة، وما يكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته لا كلام يرويه؛ فلذلك لا يتقيد فيه بالرواية ولا يقتصر فيه على ما في الأصل.. ثم ليتجنب في إثباتها نقصين: أحدهما: أن يكتبها منقوصة صورةً رامزًا إليها بحرفين أو نحو ذلك. والثاني: أن يكتبها منقوصة معنى بأن لا يكتب (وسلم).. سمعت أبا القاسم منصور بن عبد المنعم، وأم المؤيد بنت أبي القاسم بقراءتي عليهما قالا: سمعنا أبا البركات عبد الله بن محمد الفراوي لفظًا، قال: سمعت المقرئ ظريف بن محمد، يقول: سمعت عبد الله بن محمد بن إسحاق الحافظ، قال: سمعت أبي يقول: سمعت حمزة الكناني، يقول: كنت أكتب الحديث، وكنت أكتب عند ذكر النبي: (صلى الله عليه)، ولا أكتب (وسلم)، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام؛ فقال لي: ما لك لا تتم الصلاة عليَّ؟ قال: فما كتبت بعد ذلك (صلى الله عليه) إلا كتبت (وسلم)؛ قلت: ويُكره أيضًا الاقتصار على قوله: (عليه السلام)، والله أعلم بالصواب] اهـ.

وقال الإمام النووي في "التقريب والتيسير" (ص: 68، ط. دار الكتاب العربي): [وينبغي أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يَسْأم من تكراره، ومن أغفله حُرم حظًّا عظيمًا، ولا يتقيد فيه بما في الأصل إن كان ناقصًا، وهكذا الثناء على الله سبحانه وتعالى: كعزَّ وجلَّ، وسبحانه وتعالى، وشبهه، وكذا الترضي والترحم على الصحابة والعلماء وسائر الأخيار، وإذا جاءت الرواية بشيء منه كانت العناية به أكثر وأشد، ويُكره الاقتصار على الصلاة أو التسليم والرمز إليهما في الكتابة، بل يكتبهما بكمالهما] اهـ.

وقال الإمام جمال الدين الإسنوي في "المهمات" (1/ 33، ط. مركز التراث الثقافي المغربي): [أمَّا الصلاة على النبي فيجب أن تكتب كاملة، وقد كره الفقهاء اختصارها، وقد اختصرها بعض العجم على هذا الشكل: (صلعم، ص م)؛ أي: صلى الله عليه وآله وسلم، و (ع م)؛ أي: عليه السلام] اهـ.

وقال الإمام الْجَعْبَري برهان الدين [ت: 732] في "رسوم التحديث في علوم الحديث" (ص: 122، ط. دار ابن حزم): [ويحافظ على تكرار: سبحانه، وتبارك وتعالى، وعزَّ وجلَّ، وصلى الله عليه وآله وسلم، وعليه الصلاة والسلام، ورضي الله عنه، ورحمه الله تعالى، وإن حذفت في الأصل، وفاقًا للعنبري وابن المديني؛ لأنه تعظيم ودعاء، وقصره أحمد على ما في الأصل (الخطيب): ولفظ بها، وكره إفراد الصلاة أو السلام، ورمز (صلعم) أشدُّهُ أي: أشد كراهة- و(رضعنه) خَطَأ] اهـ.

وقال الحافظ أبو الفضل العراقي في "شرح التبصرة والتذكرة" (1/ 477، ط. دار الكتب العلمية): [ويُكْرَهُ أن يَرْمِزَ للصَّلاة على النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم في الخطِّ بأن يقتصرَ من ذلك على حرفينِ، ونحو ذلك كمن يكتُبُ (صلعم) يشيرُ بذلك إلى الصلاة والتَّسْلِيمِ] اهـ.

وقال العلامة شمس الدين ابن عمار [ت: 844هـ] في "مفتاح السعيدية في شرح الألفية الحديثية" (ص: 298، ط. مركز النعمان): [«واجتنب» يعني: أنه كَرِه الرَّمز للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الخَطّ، فيقتصر على لفظين ونحوه فيكتب: (صلعم) إشارةً إلى الصلاة والتسليم] اهـ.

وقال الإمام الكافِيَجي [ت: 879هـ] في "المختصر في علم الأثر" (ص: 181، ط. مكتبة الرشد): [وَالرَّمْز بالصلاة مَكْرُوه؛ كأن يكْتب (صلعم) ويشير بذلك إلى الصَّلَاة والسلام] اهـ.

وقال الحافظ السخاوي في "القول البديع" (ص: 247-248، ط. دار الريان): [ولا ينبغي أن يُرمز بالصلاة كما يفعله الكسالى والجهلة وعوام الطلبة؛ فيكتبون صورة (صلعم) بدلًا من صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

وقال أيضًا في (ص252-254): [وعن أبي علي الحسن بن علي العطار قال: كتب لي أبو طاهر المخلص أجزاءً بخطه فرأيته فيها إذا جاء ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: صلى الله عليه وآله وسلم تسليمًا كثيرًا كثيرًا كثيرًا؛ قال أبو علي: فسألته عن ذلك، وقلت له: لِمَ تكتب هكذا؟ فقال: كنت في حداثة سني أكتب الحديث، وكنت إذا جاء ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا أصلي عليه؛ فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم؛ فأقبلت إليه.. قال: فسلمت عليه؛ فأدار وجهه عني، ثم دُرْتُ إليه من الجانب الآخر، فأدار وجهه ثانية عني؛ فاستقبلته ثالثة؛ فقلت: يا نبي الله لِمَ تدير وجهك عني؟ فقال: لأنك إذا ذكرتني في كتابك لا تُصَلِّي عليَّ؛ قال: فمن ذلك الوقت إذا كتبت النبي؛ كتبت: صلى الله عليه وآله وسلم تسليمًا كثيرًا كثيرًا كثيرًا. رواه ابن بشكوال، وبالله التوفيق، ونسأله أن يلهمنا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلما ذكر خطًّا ونقطًا صلى الله عليه وآله وسلم تسليمًا كثيرًا كثيرًا كثيرًا آمين] اهـ.

وقال العلامة العلموي الدمشقي الشافعيّ [ت: 981هـ] في "العقد التليد في اختصار الدر النضيد" (ص: 255، ط. مكتبة الثقافة الدينية): [وجرت عادة السلف والخلف بكتابة: صلى الله عليه وآله وسلم، ولعل ذلك لموافقة الأمر في الكتاب العزيز في قوله: ﴿صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا﴾ [الأحزاب: 56]، ولا يختصر الصلاة في الكتابة، ولا يسأم من تكريرها كما يفعله بعض المحرومين: من كتابة: صلعم أو صلع أو صلم أو صم أو صلسلم، فإن ذلك مكروه كما قال العراقي] اهـ.

وقال الإمام محمد بن بلبان الدمشقي الحنبلي [ت: 1083هـ] في "مختصر الإفادات" (ص: 348، ط. دار البشائر الإسلامية): [ويكره الرمز للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بأن يقتصر من ذلك على حرفين، ونحو ذلك ككتابة "صلعم" إشارة إلى الصلاة والسلام] اهـ.

ما قاله العلماء فيمن يقوم باختصار الصلاة والسلام على سيدنا النبي
ومن شناعة هذا الأمر أن العلماء قد وصفوا مَن يقوم بهذا الفعل بأنه متهاونٌ كسولٌ محسوبٌ على الجهلة، وأنه إنما يفعل ذلك لقلة أدبه مع الجناب النبوي الشريف صلى الله عليه وآله وسلم.

قال الإمام شمس الدين السَّفِيري [ت: 956هـ] في "المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية" (1/ 80، ط. دار الكتب العلمية): [ويتجنب أن يكتب (صلعم) مكان صلى الله عليه وآله وسلم كما يفعله الكسالى والجهلة وعوام الطلبة، يأخذون من كلِّ كلمة حرفًا: الصاد من صلى، واللام من الله، والعين من عليه، والميم من وسلم، ويجمعونها (صلعم)] اهـ.

وقال العلامة ابن علان في "الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية" (3/ 320، ط. جمعية النشر والتأليف الأزهرية): [ويخشى على الكاتب إذا رمز للصلاة بصورة (صلعم) أن يندرج في هذا القبيل أي: ممن باء بغضب الله ومقته وطرده- لتهاونه وقلة أدبه] اهـ.

ومما يدل على شُؤم هذا الأمر وأنه قبيحٌ غير محمود ما ذكره الإمام جلال الدين السيوطي في "تدريب الراوي" (1/ 507، ط. دار طيبة) حيث قال: [(و) يُكره (الرمز إليهما في الكتابة) بحرف أو حرفين، كمن يكتب (صلعم) (بل يكتبهما بكمالهما) ويقال: إن أول من رمزهما ب(صلعم) قطعت يده] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "فتح الباقي بشرح ألفية العراقي" (2/ 44، ط. دار الكتب العلمية): [(واجتنب) أنت (الرمز لها)؛ أي: للصلاة مع السلام في خَطِّكَ، كأن تقتصر منها على حرفين، كما يفعله أبناء العجم، وعوَامُّ الطلبة، فيكتبون بدلها: (صم)، أو (صلعم)؛ فذلك خلاف الأولى، بل قال الناظم: إنه مكروه، ويقال: إن من رمز لها بـ(صلعم) قُطِعَتْ يده] اهـ.

التحذير من الاستهانة باختصار الصلاة والسلام على سيدنا النبي إلى لفظ (صلعم)
بالإضافة لكلِّ ما سبق فإن لفظة: (صلعم) بخصوصها قد تُجرِّئُ بعض السفهاء المتربصين بالجناب النبوي الشريف أو غيرهم على الاستهانة بمقامه الرفيع؛ كأن يقولوا على سبيل الاستهزاء أو الاستهانة أو غير ذلك: "قال صلعم كذا" أو نحو ذلك؛ وهذا ممتنعٌ بالإجماع؛ فقد أنكر الله تعالى على من يفعل ذلك وخاطبه موبخًا له بقوله: ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ [التوبة: 65]، وقد انعقد إجماع الأمة على منع وتحريم الاستهانة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ ينظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" للعلامة ابن القطان الفاسي (2/ 270، ط. الفاروق الحديثة)، و"الإجماع" للإمام ابن المنذر (ص: 132، ط. دار الآثار).

فيُؤخذ من مجمل ما قرره العلماء مما ذكرنا أن هذه الكراهة المنصوص عليها بلفظ الاجتناب، وغيرها من التغليظ والتأكيد في النهي عن إتيان هذا الأمر واقترافه، وأنه يُتوقع أن يكون بابًا للاستهانة بالجناب النبوي العظيم: أن كتابة رمزٍ بدلًا من الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم أو الإشارة إليها بنحو لفظ (صلعم) أو غيره أمرٌ منهيٌ عنه؛ أي: لا ينبغي فعله.

قال العلامة أبو الوفاء نَصْر الهُوريني [ت: 1291هـ] في "المَطَالعُ النصرية للمطابع المصرية في الأصُول الخطية" (ص: 397، ط. مكتبة السُّنَّة): [كما أن للعجم في الكتب العربية رموزًا معروفة عندهم، مثل: (مم): ممنوع.. (عـ م) عليه السلام، وكذا (صلعم) أو (ص م)؛ لكن نَهَى العلماء عن تقليدهم في ترك كِتابة التَّصْلية] اهـ.


وأكدت بناءً على ذلك إنه لا ينبغي للمسلم أن يستبدل الإشارة بحرف (ص) أو لفظ (صلعم) أو غيرهما بالصلاة والسلام على سيد الوجود صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يَحْسُنُ به فعل ذلك؛ فهو أمرٌ منهيٌّ عنه كما قرره العلماء، كما أن فاعل ذلك يُخشى عليه أن يكون ممن حُرِمَ من فضل الله تعالى ورحمته؛ لما في ذلك من التكاسل عن تحصيل الثواب العظيم والأجر الجزيل، ولما فيه أيضًا من سوء الأدب والجفاء والتهاون مع جنابه الرفيع صلى الله عليه وآله وسلم.

طباعة شارك الصلاة على النبي حكم اختصار الصلاة على النبي عند الكتابة ص صلعم الإفتاء

مقالات مشابهة

  • قصة الهجرة النبوية.. أسباب ودروس وعبرر
  • خبير تركي يحذّر: استثمار سيتفوق على الذهب مع نهاية 2025 – استعدوا من الآن!
  • دعاء من كلمتين.. رددهما كل يوم يفرج همك ويصلح حالك
  • ماذا نتعلم من الهجرة النبوية؟.. 5 دروس وعبر ستغير حياتك
  • ذكرى الهجرة النبوية.. 4 معجزات حدثت في رحلة الرسول من مكة إلى المدينة
  • الأزهر: في البحر أو بين الأهل الكل محتاج إلى الله
  • علي جمعة: ابدأ بنفسك دعوة للإصلاح في زمن الغربة على نهج رسول الله ﷺ
  • حكم اختصار الصلاة على النبي عند الكتابة إلى (ص) أو (صلعم).. الإفتاء تجيب
  • دعاء أوصى به الرسول.. أهم الأدعية التي كان يرددها النبي
  • أفضل دعاء ليلة الامتحان.. بـ 10 كلمات لن تنسى ما ذاكرت رددها الآن