صدى البلد:
2025-05-28@08:55:10 GMT

هادي التونسي يكتب: لحظة الأدرينالين

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT

تلمع في الذهن فكرة دافعة، تتوخي نشوة مرتقبة،  تغري بالمغامرة، يسيطر الحدس، و يتراجع المنطق ، فيجيئ القرار متعجلا و حاسماٌ، العضلات تشتد، ضربات القلب تتسارع، قوة ما تسري مع الدم في العروق، استقل مركباّ صغيرا ، تتقاذفه مياه نهر مضطربة، و تعلوه رذاذ شلال شافهاوزن السويسري علي الضفة المقابلة، و الهدف اعتلاء صخرة وسط الشلال عبر درجات صاعدة، توقعا لشعور مختلف بإنجاز، يستجيب للتحدي، تسجله صور تذكارية، لأستعيد نشوة الحدث و حالته الهرمونية؛ حالة الادرينالين و اللحظة السحرية.


الرحلة  الجماعية مع مرشدة من ڤيينا الي إقليم الألزاس شمال غرب فرنسا و العودة عبر الغابة السوداء الالمانية و شلالات و مرتفعات سويسرا و جبال الألب في منطقة التيرول السويسرية من أجمل الرحلات طبيعة و قري و مدنا، لذا فلحظة الادرينالين بها هي الأجمل للسرد، لكنها بالقطع ليست الوحيدة و لا الاخطر و لا الاكبر و لا الاكثر ألما و لا الاشد تأثيرا و لا الاطول زمنا و لا الأعمق مغزي، و مع ذلك تبقي واحدة من تلك اللحظات السحرية التي تبعث علي الأمان و البهجة و الفخر، تلك اللحظات التي ننجح في اختباراتها فتزيد المرء ثقة  و ارتياحا و قوة.  و قد تمثل عنوانا للرحلة في ملف الذكريات التي نعيش  شعورها تكرارا كلما تذكرناها.


اللحظات السحرية اشبه بالبلورة في صفاء مدلولها، لحظات تتحدي النسيان، و تصبح زادا في رحلة الحياة و معينا علي تقبل و خوض تحدياتها، فالحياة سلسلة من المنح و المحن، و القلب الشجاع و الفكر الايجابي يتقبل المشاكل كفرص للتطور  بالالم البناء نحو المزيد من النضج و القوة و الصفاء و الرقي، فيسمو علي الشعور باليأس و الشفقة علي الذات و استسهال الشعور بالظلم و الضحية، ليدرك حكمة  الحياة في دنيا الله بخيرها المجزي و شرها المتحدي، و لا يفرض شروطه علي الخالق، بل يتماشي مع الدنيا، فيفرح بخيرها ، و ينضج باجتياز صعابها، و يعرف ان الله لا يكلف نفسا الا وسعها، طالما تسلح بالإيجابية و الجدية، ووثق ان وراء كل تحدي هدفاّ خيراّ ينتظره بعد  نجاح اجتيازه.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

بلال قنديل يكتب: كان ياما كان

ربما عندما تقرأ هذا العنوان يخطر في بالك اني على وشك ان أروي لك حكاية قديمة من زمن فات أو حدوتة من تلك التي كنا نسمعها قبل النوم ونحن صغار، ولكن الحقيقة أن الموضوع أعمق من ذلك بكثير. لان الزمن يدور ويعيد نفسه بطريقة غريبة، وما اشبه اليوم بالبارحة.

كنا صغارا نحمل أحلاما بسيطة جدا، احلاما بحجم لعبة جديدة او نزهة مع العائلة او حتى فرحة بالحصول على حلوى نحبها. لم تكن الدنيا معقدة كما هي الآن، ولم تكن المسؤوليات تحاصرنا من كل اتجاه. كانت ضحكتنا تخرج من القلب، وكانت اعيننا تلمع بمجرد وعد صغير، وكان اكبر همنا هو ان تنتهي الاجازة بسرعة لنعود للمدرسة ونحكي لاصدقائنا ما فعلناه.

لكن العمر مر، وكبرنا، وتغيرت الاحلام. لم تعد مجرد لعبة او نزهة، بل تحولت الى طموحات كبيرة، واحيانا مستحيلة. اصبحت احلامنا مرتبطة بالواقع، مرتبطة بالعمل، بالماديات، بالحياة التي لا ترحم. صرنا نركض طوال الوقت ولا ندري لماذا، نبحث عن الاستقرار، عن النجاح، عن الحب، عن الطمأنينة، ولكن في زحمة الركض ننسى ان نسأل انفسنا هل احلامنا التي كانت معنا في الطفولة تحققت؟ ام ضاعت في زحمة الحياة؟

احيانا نجلس وحدنا، في لحظة هدوء، نتأمل الصور القديمة، نتذكر الشوارع التي لعبنا فيها، الاصدقاء الذين فرقنا الزمان عنهم، الضحكات التي كانت صافية، ونهمس لانفسنا "كان ياما كان". نشعر وكأننا نستمع الى قصص من الماضي، لكن الفرق ان تلك القصص كانت قصصنا، احلامنا، مشاعرنا.

هل اصبحت أحلام الطفولة واقعا؟ البعض نجح في تحويلها الى حقيقة، والبعض الاخر تخلى عنها تحت ضغط الظروف. لكن يبقى في داخل كل واحد منا ذلك الطفل الصغير الذي لا يزال يحلم، لا يزال يصدق ان الدنيا ممكن تكون اجمل، وان الحلم مهما تأخر ممكن يتحقق.

كان ياما كان، كنا نعيش الحياة  ببساطة، واليوم نعيشها وهي أكثر تعقيد. ولكن الفرق الحقيقي ليس في الزمن، بل فينا نحن. في نظرتنا، في اختياراتنا، في قدرتنا على التمسك بما نحب. فربما لو عدنا قليلا لطفولتنا، لصدقنا ان الحلم لا يموت، بل فقط يحتاج قلبا نقيا ليعيش من جديد.

طباعة شارك العائلة النجاح الحب أحلام الطفولة

مقالات مشابهة

  • الشمال القطري يتمسك بمهاجمه التونسي حتى 2027
  • حسين خوجلي يكتب: هل ما زال السبت كالأمس زاهياً ومخضرا؟
  • تشييع جثمان الشهيد محمد هادي عتين بمديرية عبس في حجة
  • بلال قنديل يكتب: كان ياما كان
  • مواعيد مباريات الترجي التونسي في كأس العالم للأندية 2025
  • رئيس ‎"العامة للنقل" يبحث مع السفير التونسي لدى المملكة سبل تعزيز التعاون بين البلدين
  • محامي حفيد الدجوي يكشف مفاجآت صادمة عن اللحظات الأخيرة يوم وفاته
  • بوتين ينجو من محاولة اغتيال في اللحظات الأخيرة
  • د. ثروت إمبابي يكتب: مصر الجديدة.. طريق التحول الذكي نحو المستقبل
  • تفاصيل تعاقد المصري البورسعيدي مع التونسي معين الشعباني