عملات تاريخية نادرة وركن للقهوة والأطفال.. جدة التاريخية .. عروض التراث تستهوي الزوار
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
جدة – ياسر خليل
شهدت جدة التاريخية “البلد” حضوراً لافتاً من الأهالي والزوار، للاستمتاع بالعروض والفعاليات المصاحبة للاحتفال بيوم التأسيس.
وتوزعت الفعاليات على مواقع مختلفة من “البلد” منها مدخل “باب جديد” جمع ركن القهوة السعودية التي تمثل الثقافة السعودية الأصلية، وركن منطقة الحرفيين بما يحتويه من تصاميم ومشغولات يدوية تمثل التراث السعودي القديم، ومنطقة “الألعاب الشعبية” التي استعرضت خلالها الفرق الشعبية مختلف الفنون التي تمثل مناطق المملكة المختلفة.
واستمتع الحضور من خلال “منطقة الطهي الحي” بتجربة أصناف مختلفة من المأكولات الشعبية، كما قدم مجموعة من الفنانين معزوفات لعدد من الأغاني الوطنية الشهيرة، فيما تفاعل الأهالي والزوار مع العروض المسرحية إلى تبرز تاريخ تأسيس الدولة السعودية، إضافة إلى تخصيص ركن للأطفال للمشاركة بإبداعاتهم في التعبير عن حب الوطن والانتماء إليه.
ووسط احتفالات جدة التاريخية البلد بيوم التأسيس، يقف المواطن سعيد الغامدي، والذي تجاوز الستين عاماً من عمره، ليحكي للزوار في ركنه الصغير بمقر الفعاليات، عن شغفه منذ 50 عاماً بتاريخ الدولة السعودية وجمع العملات النادرة بشكل خاص، مستعرضاً أول عملة اقتناها وهي العشرة البيضاء “سند حج” التي تعادل 10 ريالات فضة.
وتوافد زوار البلد على الركن للتعرف على تاريخ العملات وإصداراتها المختلفة الورقية منها والمعدنية، لافتاً إلى أن سبب تسمية إحدى العملات ” بسند حج “يعود للتخفيف على الحاج في فترة الحج من حمل عملات الفضة، حيث أصدرت مؤسسة النقد العربي نسخة العشرة البيضاء بأمر من الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله -، للحد من شتات الحجاج في العملات في ذلك الوقت، وتخفيف العبء على الحاج وسهولة البيع والشراء في موسم الحج.
ويمتلك الغامدي عملات ورقية سعودية من عام 1372 هـ حتى 1402 هـ ، متسلسلاً لعهود ملوك المملكة، بداية بعملات في عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وأبنائه الملوك سعود وفيصل وخالد – رحمهم الله – مشيرًا إلى أنه يمتلك عملات من العهد العباسي، والبيزنطي، والأموي، والإسلامي، الأمر الذي دفعه للعثور عليها وشرائها من قِبل تجار مهتمين آخرين، ومرجعاً سبب ذلك إلى حبه للتاريخ والثقافة والتراث.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
إسقاط الشأن الإقليمي على الحالة الأردنية: خلطٌ مضر وتحديات خطاب الهوية التاريخية
صراحة نيوز-بقلم/ د.فاطمة العقاربة
علاقات دولية وادارة سياسية
مستشارة تخطيط استراتيجي
في ظل تعقيدات المشهد الإقليمي وتحوّلات السياسات الدولية تجاه قضايا الشرق الأوسط، نشهد في الداخل الأردني محاولات متزايدة لإسقاط هذه الأزمات على الواقع المحلي، وخاصة من خلال تضخيم الهويات الفرعية وتسييس الانتماءات الاجتماعية. هذا النهج لا يكتفي بإرباك الرأي العام، بل يشوّه مفاهيم الاستقرار، ويقوّض خطاب الهوية التاريخية، رغم أن الأردن تاريخيًا قام على وحدة النسيج الاجتماعي وتكامل المكونات المختلفة في دولة ذات هوية
تتسم الدولة الأردنية بتعدد عرقي وثقافي محدود مقارنة بدول الإقليم المتشظي إثنياً كالعراق أو لبنان أو سوريا. لكن هذه التعددية الأردنية لم تكن في يومٍ ما عامل تفكك، بل كانت مصدر إثراء، ساهم في تشكّل هوية وطنية متماسكة تحت مظلة الحكم الهاشمي ومبادئ المواطنة. إلا أن بعض الخطابات الموجهة تسعى، بحسن نية أحيانًا أو بسوء نية غالبًا، إلى تأويل هذا التنوع على أنه انقسام إثني أو مناطقي شبيه بالحالات المنهارة في الإقليم.
استيراد خطاب الأزمات الإقليمية – من الطائفية، أو الانقسام القومي، أو الصراع على الشرعية – وإسقاطه على الحالة الأردنية يؤدي إلى إرباك المزاج العام، ويزرع الشك في وحدة المصير الوطني. هذا الخطاب يخلق قوالب جاهزة يحاول إسقاطها على مجتمع متماسك أساسًا، فيُفتت الثقة بين المكونات، ويحوّل الاختلاف الطبيعي إلى تناقض مفتعل.
يتعامل البعض مع الهوية الأردنية وكأنها قيد التشكيل، ويطالبون بخطاب “وحدة هوية” كما لو أن الهوية لم تُبْنَ بعد. وهذا خلل مفاهيمي. الهوية الأردنية قائمة وثابتة منذ تأسيس الدولة، ومبنية على مبادئ واضحة من الانتماء، والمواطنة، والتاريخ المشترك، والولاء للقيادة. التحدي الحقيقي ليس في صناعة هوية بل في تفعيلها وممارستها في مواجهة محاولات الإضعاف والإزاحة والخلط.
الحديث عن “خطاب هوية تاريخية” يجب ألا يتحول إلى مشروع قسري أو شعار فوقي يُفرض على المواطنين، بل ينبغي أن يُبنى على أسس المشاركة السياسية، والتكافؤ الاقتصادي، والعدالة الاجتماعية. فالدفاع عن الهوية الوطنية لا يكون بإقصاء الهويات الفرعية، بل بإدماجها في مشروع جامع يستوعب الجميع دون تخويف أو تهميش.
تلعب النخبة السياسية والثقافية والإعلامية دورًا حاسمًا في تشكيل الوعي العام. لكن عندما تُستسهل مقارنات الأردن بدول تعاني تفككًا إثنيًا، فإن ذلك يفتح الباب لخطابات التشظي والتظلم المصطنع. من الضروري أن تتجه هذه النخب نحو خطاب عقلاني، واقعي، يعترف بالاختلاف دون تضخيمه، ويرسّخ الهوية التاريخية دون إنكار الجزئيات.
الأردن ليس نسخة مصغّرة من أي دولة في الإقليم، بل له خصوصيته التاريخية والسياسية والاجتماعية التي يجب صونها من محاولات الإسقاط غير الموضوعي. الهوية الوطنية الأردنية ليست محل نزاع، بل هي ركيزة قائمة تُواجه تحديات بحاجة إلى وعي نخبوي، وإرادة سياسية، وشراكة مجتمعية. ومن العبث محاولة إدخال الأردن في صراعات الهويات المتضاربة في الإقليم بحجة المقارنة أو التحذير؛ لأن مثل هذا الخطاب قد يتحول من تحذير إلى تنبؤ ذاتي التنفيذ.