"المتحري" يكشف تفاصيل أول عملية إسرائيلية باليمن
تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT
في تحقيق استقصائي جديد، كشف برنامج " المتحري" على قناة الجزيرة تفاصيل أول عملية لإسرائيل في اليمن، وتفاصيل عملية نوعية قام بها شاب فلسطيني من غزة منطلقا من الأراضي اليمنية في سبعينيات القرن الماضي.
وسلطت حلقة أمس الجمعة الضوء على الصراع القديم المتجدد في ساحة تنافس دولي محموم لفرض النفوذ حول بوابة العبور إلى البحر الأحمر، المسرح الرئيس لأحداث شكّلت على مدار عقود مصدر التهديد لأمن إسرائيل البحري جنوبا عبر اليمن.
وعبر أرشيف ووثائق يعود تاريخها إلى 80 عاما، رصد التحقيق الاستقصائي الذي يقدمه جمال المليكي جذور الصراع بين اليمن وإسرائيل وتتبع أول عملية عسكرية لإسرائيل خارج نطاقها الجغرافي.
ويشير التحقيق إلى أن الثورة في شمال اليمن (عام 1962) ضد النظام الملكي شكّلت ساحة صراع دولي، واللافت أن إسرائيل كان لها دور مباشر من خلال عملية كشف التحقيق تفاصيلها للمرة الأولى.
ففي أكتوبر/تشرين الأول 1962، عقد اجتماع سري بين ضابطيْ مخابرات إسرائيلي وبريطاني رفيعي المستوى، وفيه طُرحت فكرة إنشاء جسر جوي تقوم فيه إسرائيل بدعم الملكيين بالأسلحة. ولكن، كما تشير الوثائق، كانت هناك ما تسمى "مجموعة عدن" هي المحرك الأساسي في تلك العملية.
ويعلق إبراهيم كاهانا البروفيسور في جامعة حيفا ومؤلف كتاب " الجاسوسية" على تلك الأحداث بالقول" كانت أول حرب بالوكالة في الشرق الأوسط، فقد كان البريطانيون متعبين بعد الحرب الباردة" مشيرا إلى أن "إسرائيل اقترحت خلال الاجتماع أنها ستساعد وتقدم الدعم للملكيين".
أهداف إسرائيل
ويوضح التقرير أنه مساء 31 مارس/آذار 1964، تم إطلاق العملية، حيث أقلعت الطائرات من قاعدة "تل نوف" جنوباً نحو صنعاء، وبعد إلقاء الحمولة كان الهبوط في جيبوتي للتزود بالوقود، ثم العودة شمالاً في نفس المسار. وقد تم تحديد قاعدتين في جيبوتي وإثيوبيا كمهبط اضطراري حال الخطر. وقد تم تنفيذ 14 رحلة على مدار عامين كاملين، كان آخرها في الخامس من مايو/أيار 1966 بعد الإبلاغ عن علم المصريين بشحنات الأسلحة واستعدادهم لاعتراض الطائرات الإسرائيلية.
وحول أهداف تدخل إسرائيل، يقول آشر أوركابي وهو مؤرخ متخصص في اليمن إن "إسرائيل تعرف أنها بمساعدة الملكيين تضعف بشكل غير مباشر الجيش المصري، لأنه كان يقاتل مع الجمهوريين اليمنيين ضد الملكيين".
وحسب مقدم "المتحري" فإن بعض الوثائق تشير إلى أن الإمام محمد البدر حميد الدين وعد في حالة أنه انتصر في الحرب أنه سيعترف بإسرائيل.
وحسب عبد الله الأشطل، وهو مندوب اليمن الدائم السابق لدى الأمم المتحدة، فقد ارتبط التغلغل الإسرائيلي في البلاد بعدة عوامل، أهمها الوجود البريطاني بمنطقة شرق أفريقيا، مشيرا إلى أن إثيوبيا كانت منطقة خصبة للإستراتيجيات الإسرائيلية في تلك المرحلة.
أما أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور محمود ماري، فقال إن "الاهتمام الأساسي تاريخيًا بدأ مع النزاع أو الحرب بين مصر وإسرائيل، وإغلاق مضائق تيران وصنافير. والتي غيرت الإستراتيجية الإسرائيلية بالاهتمام بهذه المنطقة".
وأضاف أن "إسرائيل تسعى جاهدة ألا يكون البحر الأحمر بحيرة عربية، وكانت تعتمد على إثيوبيا في ذلك، والآن تعتمد على إرتيريا".
وجاء في التحقيق -الذي حمل عنوان "اليمن وإسرائيل.. جذور الصراع" أنه رغم حالة الهدوء والاستقرار النسبي الذي مر به البحر الأحمر جيوسياسيًا من نهاية التسعينيات إلى نهاية العقد الثاني من الألفية الجديدة، فإن أحداث أكتوبر/تشرين الأول 2023 في غزة أعادت البحر الأحمر إلى خريطة الاهتمام الإقليمي والدولي من جديد.
تدريب وتخطيط
ومن جهة أخرى، يشير تحقيق "المتحري" الاستقصائي إلى أن اليمن الجنوبي شكّل منذ استقلاله نقطة انطلاق للمنظمات الفلسطينية وقاعدة خلفية لها، باعتباره إحدى محطات النضال الفلسطيني في حقبة السبعينيات، حيث كانت عدن المقر الآمن للتدريب والتخطيط للعديد من العمليات.
وحسب بسام أبو شريف عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (عام 1967 إلى 1987) فإن العمل الخاص الذي كان مسؤولا عنه القيادي بالجبهة الدكتور وديع حداد اتخذ اليمن مركزا لمجموعة من المواقع التدريبية الخاصة، لذلك انصب اهتمام أحد فرق جهاز الموساد (المخابرات الإسرائيلية) على اليمن.
وقد استهدف مقاتلون يساريون من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" ناقلة نفط إسرائيلية بالقرب من جزيرة ميون بينما كانت في طريقها عبر مضيق باب المندب، ويقول الشريف إن من قام بالعملية كان شابا فلسطينيا من قطاع غزة اسمه أبو حنفي وتوفي قبل عامين بغزة، وهو الذي أطلق 5 صواريخ على الناقلة وأصابها إصابات دقيقة.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اسرائيل المتحري قناة الجزيرة فيلم وثائقي البحر الأحمر إلى أن
إقرأ أيضاً:
اليمن.. جاهزية عالية وتطوير مستمر للقدرات العسكرية تحسبا لأي تصعيد
فبعد عامين من الإسناد اليمني لغزة شعبيا وعسكريا وحتى سياسيا واقتصاديا، والذي لم يتوقف إلا بعد وقف العدوان والحصار الصهيوني على غزة بناء على إعلان قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في بداية معركة “طوفان الأقصى”، لايزال الموقف اليمني ثابتا تجاه القضية الفلسطينية، والأيدي على الزناد استعدادا لأي جولة صراع مع العدو وأدواته.
فالقوات المسلحة اليمنية التي أثبتت تفوقها في البحرين الأحمر والعربي وفرضت معادلات جديدة أربكت البنتاغون بعملياتها العسكرية وقدراتها المتطورة، هي اليوم أكثر جاهزية واستعدادا للتعامل مع أي تطورات تقتضيها المرحلة في الوقت الذي تواصل فيه تطوير وتحديث قدراتها البحرية والجوية والصاروخية.
عامان من الإسناد اليمني لغزة أظهرت اليمن أمام العالم كقوة إقليمية فاعلة في المنطقة خصوصا بعد انخراطه عسكريا في مواجهة مباشرة مع البحرية الأمريكية بحاملات طائراتها وبوارجها المتطورة التي ظلت واشنطن تخيف بها دول العالم، وتستخدمها لفرض إملاءاتها على أي قوة في العالم بمجرد تحريك تلك الحاملات باتجاهها، غير أنها فشلت عن تحقيق الهدف الذي جاءت من أجله إلى المنطقة وهو منع اليمن عن مساندة غزة وإيقاف عملياته العسكرية ضد العدو الصهيوني.
وعليه فقد أصبح الأمريكي والإسرائيلي يدركان جيدا أن التورط في أي مغامرة جديدة ضد اليمن وسيادته سيكون ثمنها باهظا جدا وسيضيف المزيد من الخسائر والفضائح للبحرية الأمريكية، ويعيد الحصار البحري على العدو الصهيوني، ويعرض المصالح الأمريكية في المنطقة للخطر.
وفي اعتراف أمريكي جديد بالفشل الذي منيت به الولايات المتحدة في مواجهة القوات المسلحة اليمنية، أقر تقرير حديث لمعهد البحرية الأمريكي بتراجع قدرة أمريكا وحلفائها على السيطرة في البحر الأحمر، بعد الفشل في مواجهة القدرات البحرية اليمنية التي وصفها التقريرُ بأنها “مرنة ومبتكرة تكتيكيًّا”.
وذكر التقرير الذي أعده الكاتب العسكري الأمريكي “جون غولدن” أن البحر الأحمر تحول فعليا إلى ساحة تتحكم فيها قوات صنعاء من موقع المبادرة.. كاشفا عن أنه ورغم إنفاق الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار على أنظمة الدفاع الصاروخي والعمليات الجوية المشتركة، إلا أنها لم تتمكن من تحقيق أي تفوق بحري فعلي أمام القدرات البحرية اليمنية التي وصفها بأنها “خصم غير تقليدي يتمتع بمرونة تكتيكية عالية ومبتكرة أربكت الأنظمة الدفاعية المتطورة”.
لم يعد الوضع في البحر الأحمر يشبه الحروب التقليدية، وفق ما أورده التقرير بل بات ساحة تُدار فيها المبادرة من قبل قوات صنعاء، ما جعل واشنطن تبحث عن حلول للخروج من مأزقها وتقليل الخسائر البشرية والمادية والفضائح التي منيت بها خلال معركة البحر الأحمر، من خلال اللجوء إلى “جمع المعلومات الاستخباراتية، والتشويش على الطائرات والصواريخ المسيّرة” حد وصفه.
الاعتراف الأمريكي الأخير، اعتبره مراقبون انعكاسًا لحالة الارتباك الأمريكي، وخطوةً تظهر عجز واشنطن عن مواجهة التكتيكات اليمنية بوسائل تقليدية، كما أنه اعتراف ضمني بانتهاء حقبة الهيمنة الأمريكية على البحر الأحمر بما يشكله من أهمية كممر مائي استراتيجي، بل إن القوة البحرية اليمنية باتت تفرض واقعًا جديدًا أجبر الولايات المتحدة على مراجعة كامل استراتيجيتها البحرية.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن الولايات المتحدة لم يعد بإمكانها التعامل مع البحر الأحمر كما كان عليه في السابق، بل انه بات يشكل اختبارا حاسما لقدراتها العسكرية في ظل وجود خصم قوي استطاع أن يعيد تعريف مفاهيم القوة البحرية.
أما العدو الصهيوني فقد وصف في أحد تقاريره الاستخباراتية، ترسانة اليمن الصاروخية بأنها تتطور بوتيرة سريعة وخطيرة، وأنه يواجه صعوبات كبيرة في استهدافها، كما وصف جغرافية اليمن، وتركيبته الثقافية والقبلية بأنه يشكل تحديا كبيرا يصعب مواجهته.
الاعترافات الأمريكية والإسرائيلية المتوالية بصعوبة المعركة مع اليمن واستحالة ردعه عسكريا، جاءت بعد كل ما نفذه العدو الأمريكي والصهيوني من هجمات عسكرية مكلفة ضد اليمن، غير أن تلك الهجمات التي طالت المنازل والأحياء السكنية والمنشآت والأعيان المدنية في العديد من المدن اليمنية لم يكن لها أي تأثير على المسار العملياتي بقدر ما تسببت في زيادة وتيرة إطلاق الصواريخ ضد العدو الصهيوني وتحويل حياة الإسرائيليين إلى جحيم.
ورغم توقف عمليات اليمن العسكرية المشروطة المرتبطة بوقف العدوان والحصار الصهيوني على غزة، إلا أن القوات المسلحة اليمنية لاتزال في حالة تأهب وجاهزة للاستجابة لأي تطور يتعلّق بالعدوان على فلسطين أو على اليمن، وهو ما أكده رئيس المجلس السياسي الأعلى فخامة المشير الركن مهدي المشاط في خطابه بذكرى ثورة 14 أكتوبر.
الرئيس المشاط أكد أن اليمن بقواته المسلحة سيظل في حالة يقظة واستعداد كامل، مع مواصلة المتابعة الدقيقة والحثيثة لمجريات مرحلة تنفيذ الاتفاق الخاص بإنهاء العدوان على غزة وإدخال، وسيكون جاهزا للاستجابة لأي تطور، كما سيواصل تطوير قدراته العسكرية والارتقاء بها لتتمكن من مواجهة كل ما لدى العدو من تقنيات عسكرية في إطار الاستعداد والجهوزية لأي جديد، وتحقيق الردع في ظل الهجمة العدوانية الشرسة.
كما شدد على أن القوات اليمنية ستواصل الدفاع عن البلد حتى تحرير كل شبر من أراضي الجمهورية، وطرد كل محتل غاصب استباح ثروات الشعب وسفك دماء أبنائه، وحاربهم في لقمة العيش بافتعال الأزمات، في رسالة مباشرة لقوى العدوان السعودي الإماراتي ومرتزقتهم الذين شنوا عدوانا ظالما وفرضوا ولا يزالون حصارا جائرا عليه.. داعيا إياهم للانتقال من مرحلة خفض التصعيد إلى إنهاء العدوان والحصار والاحتلال وتنفيذ الاستحقاقات الواضحة للسلام كون ذلك هو الحل الأقرب لقطع المجال أمام من يستثمر في الحروب بين أبناء الأمة خدمة لإسرائيل.
سبأ