يتحمس الكثير من الآباء والأمهات عندما ينمو شعر الطفل لأول مرة، فتبدأ الأمهات بشراء أربطة الشعر الملونة لصغيراتهن، ويتحمس الآباء لتفريش شعر أطفالهم الذكور بشكل يجعلهم يبدون أكبر سنًّا.
لذا قد يكون من الصادم للغاية أن يتفاجأ بعض الأهالي بطفلهم وهو يشد شعره بقسوة دون مقدمات، وهي العادة الغريبة التي قد تستمر مع الأطفال منذ الشهور الأولى وحتى بلوغ عامين تقريبًا، فما سبب شد الطفل لشعره؟ وهل يمكن أن يعني الأمر مشكلة عصبية أو نفسية؟
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4لا تتخلصي منها.. 9 أفكار للاحتفاظ بأعمال طفلك الفنيةlist 2 of 4كيف تهيئين طفلك لوظائف المستقبل؟list 3 of 4هل تعانين من عناد طفلك وحدة طباعه؟ قد يكون ضحية لـ"اضطراب التحدي المعارض"list 4 of 4كيف تساعد طفلك على التعبير عن مشاعره بصدق ودون خوف؟end of list سلوك شد الشعر عند الأطفال
يعد شد أو نتف الشعر سلوكًا شائعًا للتهدئة الذاتية لدى العديد من الأطفال، وفي معظم الحالات يكون أمرًا مؤقتًا وغير ضار، ومع ذلك، إذا استمرت هذه العادة، فقد تؤدي إلى حالات معقدة وأكثر خطورة مع تقدم عمر طفلك.
يحدث هذا السلوك بشكل عفوي عندما يكبر الأطفال؛ إذ يتعلمون تقنيات التهدئة الذاتية للمساعدة في تهدئة أنفسهم أو الشعور بالأمان، وعلى الرغم من أن الأمر قد لا يبدو مريحًا، فإن شد الشعر هو طريقة شائعة يريح بها الأطفال أنفسهم.
ويتطور شد الشعر منذ عمر الستة أشهر تقريبًا، ويمكن أن يستمر حتى السنة الأولى، وهو أكثر شيوعًا عند الفتيات مقارنة بالأولاد.
وبشكل عام، إذا لاحظت أن طفلك بدأ في شد شعره، فقد يكون ذلك علامة على أنه يشعر بالإرهاق والتعب، ويمكن أن تكون هذه العادة دليلًا على أن طفلك يقوم بتهدئة نفسه خلال لحظات التوتر أو القلق مثل عادة مص الإبهام عند الرضّع.
وبحسب الإحصاءات العالمية، يتضح أن عادة شد الشعر أو نتفه منتشرة لدى نحو 4% من البشر، وهي غالبًا ما تبدأ خلال مرحلة الطفولة أو المراهقة، وترتبط بحدث مرهق لدى 25% من المصابين بها.
وفي هذه الحالة يكون الأمر متعلقًا بمعاناة الطفل من اضطراب عقلي يشبه اضطراب الوسواس القهري، وقد يحدث عند الأطفال الصغار أيضًا، ومن غير المعروف ما الذي يسبب هوس نتف الشعر كاضطراب عقلي، لكن العوامل الوراثية والبيئية قد تلعب دورًا.
يمكن أن يكون نتف الشعر في بعض الأحيان عرضًا من أعراض التوحد، باعتبار أن التوحد ينطوي على حركات متكررة وسلوك حسي.
ومع ذلك، فإن شد الشعر فقط دون أية أعراض إضافية ليس كافيًا للإشارة إلى أن الطفل يعاني من شكل من أشكال التوحد.
كيف تجعلين الطفل يتوقف عن شد أو نتف شعره؟بالنسبة للأطفال الصغار للغاية، من غير المرجح أن يتمكن الأبوان من تغيير السلوك، وكلما كانوا أصغر سنًّا، قلّت احتمالية إدراكهم أنهم يفعلون ذلك على الإطلاق، بل من المرجح أن يؤدي إخبارهم بالتوقف عن الأمر إلى إرباكهم عوضًا عن إيقافهم.
ولكن إذا كان الطفل يشد شعره بصورة مبالغ فيها وكنتِ تفضلين أن يتوقف عن ذلك، فإن أفضل طريقة لمعالجة ذلك هي استبدال شعره بشيء آخر يمنحه المتعة اللمسية نفسها.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال اختيار لعبة لها مَلمس قابل للشد مثل الخيوط أو المطاط، وقد تضطرين إلى تجربة بعض الأشياء المختلفة قبل أن تجدي ما يناسب طفلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: عند الأطفال نتف الشعر یمکن أن قد یکون
إقرأ أيضاً:
القرآن والشعر مقاربات جمالية في الصورة
#القرآن و #الشعر مقاربات جمالية في الصورة
أ.د. #خليل_الرفوع / الجامعة القاسمية
تنزَّل القرآن الكريم على العرب أهل البيان فصاحةً وبلاغةً ولم يألوا جهدا في فهمه على الوجه الذي أنزل فيه، ولم يسألوا عن دلالات مفرداته لأنه جاء على سَنَنهم في التعبير اللغوي حقيقةً ومجازًا، بل كانوا من دهشة شعورهم بجمال بيانه أن اضطربوا في وصفه مترددين بين قوة السبك وجمالية القول وشعرية الدلالة، فتقوَّلوا في ذلك بعض الأقاويل، ومنها الدعوة إلى عملينِ اثنين أثناء استماع أي امرئ منهم أو من غيرهم له للخروج من جاذبية العبارة وغرابتها وسحرها: ألَّا يسمعوا للقرآن وأن يشوشوا على من يريد سماعه “وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ”(فصلت، 26). فقد تحول الصراع من جدلية الفكر والحِجاج إلى ضجيج الخُصومة وإغلاق منافذ الاستقبال، ولم نسمع أن أحدًا من العرب استصعب كلمة أو آية منه، بل كان بعضهم يقف بجدار دار الأرقم بن أبي الأرقم يسترقُ السمع إليه في غلَس الظلم.
ومن المؤكد لغويًّا أن من تُوجَّه إليه الدعوة ليأتي بمثل القرآن أو بشيء منه إنما هم خبراء فن القول من شعراء ونقاد وخطباء، فلم تك دعوة لجمهور العرب عامة من الذين لم تختبرهم فنون اللغة، فالشعر سابق للقرآن وجودًا بشريًّا واستعمالا لسانيًّا، ثم إن أي مقاربة أو مقارنة تكون بين القرآن والشعر الجاهلي الذي كان حاضرًا في الألسنة وأسهم في نضج اللغة معجميًّا وبيانًا. الشعر الجاهلي والقرآن الكريم كانا المؤسسين للسان العربي أسلوبًا وتصويرًا وإيقاعًا؛ بل هما مؤسسا العقل العربي ومنتجه الفكري.
مقالات ذات صلةإن مصطلحَ الصورةِ حديثُ النشأةِ في الدراسات النقدية، وتكمن قيمتها في أن كلَّ أدواتِ الشعر تعملُ على إبرازها في نسقٍ مشحونٍ بالتخَيُّلِ، فهي وليدةُ تخيل الشاعر، وهي في الوقت ذاتهِ ماثلةٌ أمامَ تصوُّرِ المتلقي، مصادرها: الخيال وتجربة السلوك الإنساني واللغة والبيئة، فالشاعر ليس جامعَ تلفيقات تهدف إلى أن يقول: إن هذا يشبه ذاك فالصورة في رأيي شكلٌ لغوي تصوري يتضمنُ شعورًا أو فكرةً أو موقفًا في آن معًا تعبر عن رؤية متآلفةٍ، فلم يكن الشعر الجاهلي يصف المحسوسات المشاهدة في الصحراء ليعبرَ عن موقف بدوي ساذج، فهو ليس انعكاسًا بسيطًا لعقل رَعوي مغلق قاصر، فحينما يتحدث الشعراء عن صورة الحرب مثلا إنما يصورون رؤيةً متكاملة متعاضدة وتأملًا عميقًا يتآلفان ليشكلا موقفًا رافضًا لها من خلال ما اقتنصوه من صور بشرية وحيوانية وشيئية ومتخيلات مطلقة تتضافر لترِّكبَ وتكون مشهدًا كاملا ينبئُ عن بشاعتها وكراهيتها واقعا مُعَاينًا وتصورًا متخيلا، وتلك هي قيمة الشعر ببعده الإنساني الفني.
وأعود إلى قيمة الشعر فنيا، إنه شبكة من العلاقات الجدلية: لغةً وإيقاعًا وتصويرًا وفكرًا متجددًا مستفيدًا مما سبقه ومضيفا إليه، يقول تعالى :”فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُم”)محمد،4) ففي قوله: حتى تضع الحرب أوزارها صورة فنية لم يتوقف عندها المفسرون، وأي تفسير للقرآن في سياقاته الفنية بعيدا عن الشعر الجاهلي هو تفسير مقطوع عن سياق الحالة الإبداعية العربية التي سبقته، وأقصدُ بها الشعرَ الجاهلي، يقول الشاعر الجاهلي الأعشى:
وأعددْتُ للحربِ أوْزَارَها رِمَـاحًا طِوالًا وخَـيلًا ذُكُورا (الديوان، ص99)
فأوزارُ الحرب في أبيات الأعشى الرماحُ التي أُتْـقِـنَ صنعُها، وطولُها ينبئ عن أن الذين سيستخدمونها فرسانٌ طِوالٌ، والخيل ذكور وليست إناثا وذلك أقوى، والدروع مصنوعة من عهد داود- عليه السلام- فالأسلحة هي من أجود الصناعات، والكتيبة كثيرة العدد متنوعة الأسلحة، فالأعشى يصور حالةً استعدادية محكمة وتخطيطا متقنا للحرب في سياق القوة والفخر، فكل أدوات الحرب هي أحمال عليها، لكن السؤال هو: لِـمَ أنثَ الحربَ وأنثَ أدواتِها؟ والإجابة هنا تتماهى مع الصورة العامة للحرب في الشعر الجاهلي وهي أنها وصورَها مؤنثة، وفي ضوء ذلك تفهم الآية القرآنية التي جاءت كذلك في سياق القوة وشدة البأس؛ حتى تضعَ الحربُ أوزارَها، فللحرب أحمالٌ كثيرةٌ ثقيلةٌ تدَّرِعُها هي وتلبسُها وتضعُها أنَّى تشاء، لقد نَقلتِ الآيةُ الحربَ من العالم المطلق إلى العالم الإنساني، إنها أنسنةُ المطلق، فهي تخطط وتفكر وتشعر وتعلم وتعرف وتتحرك كما يفكر البشر ويفعلون، إنها لا تشبه المرأة بل هي امرأة كاملة المشاعر، وفي ذلك قوة وتفاؤل بعد تحقيق النصر، ولم تقل الآية: حتى تضعوا أنتم أيها المحاربون عن الحربِ أحمالَها، كل ذلك يعزز فكرة أن القرآن جاء على سَنَنِ العرب في التعبير، ولا يمكن فهمُه فنيًّا إلا بفهم الشعر الجاهلي ضمن السياق التاريخي للدلالات اللغوية بيانًا وانزياحًا وجمالًا.
إننا بذلك نخرج الفن الشعري من دوائر القواعد البلاغية المُقَوْلَـبَةِ مثل: التشبيهات والاستعارات إلى فضاءت عريضة من جمالية التعبير؛ ونخرجُ الشعرَ من الطِّلاء الخارجي والأصباغ اللونية للبحث في ما وراء المعنى كما يقول عبد القاهر الجرجاني، وبذلك يُسْتَطَاعُ استكناهُ الوجدانِ وسبرُ المشاعر التي توجِّهُ القولَ ليكونَ فنا إبداعيًّا يعيد تركيبَ الأشياء كما يريدها الشاعر لا كما تأخذها القواعد البلاغية الجامدة إلى سذاجة المعنى وشكلية اللفظ، وفي ذلك يفهم الشعر الجاهلي وإن شئت يتدبرُ القرآن الكريم، فهما المؤسسان للعقل العربي أسلوبا تركيبيًّا وبناء فكريا وإيقاعا مُمَوْسَقًا، والصور كثيرة في الشعر والقرآن، ففي الشعر: دِمْنَة أُمِّ أوفى لم تَكَلَّمِ (وليس لم تتكلم)، ويا دارَ عبلةَ بالجِواءِ تكلمي، وكان الرماحُ يختطفْنَ المحاميا، وفي القرآن: والليلِ إذا عَسْعَسَ، والصبح إذا تنفس، ولما سكتَ عن موسى الغضبُ، فأجاءَها المخاضُ، أضغاث أحلام، واشتعلَ الرأسُ شيبًا، إنها صور بيانية تستنفر الخيال، وتستنفر مكامن التأمل اللغوي وعلم الجمال.