الصحفي الآيرلندي كولين شريدان: المقاطعة تعكس يقظة الشعوب تجاه الواجبات الإنسانية
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
ترجمة- الطليعة الشحرية
يؤكد الكاتب الصحفي الآيرلندي كولين شريدان أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة غيرت من أنماط وسلوكيات الحياة لدى الكثيرين حول العالم، لافتاً إلى أن من أبرز هذا التحولات والتغييرات مقاطعة العلامات التجارية التي نشأ الملايين على حبها حتى باتت جزءًا من حياة الكثيرين خاصة الأطفال.
ويقول في مقالة مطوّلة نشرتها صحيفة "آيريش إجزامينر" الآيرلندية، إنه على الرغم من حبه للكثير من الوجبات التي تنتجها العلامات التجارية التي تدعم إسرائيل، إلا أنه يرى أن ما يحدث في غزة إبادة جماعية توجب على الجميع إعادة تشكيل اختياراته وسلوكياته ونمط حياته المعيشي.
ويوضح: "الأمر برمته هو مسألة مبدأ يتحمله الضمير، فكيف لنا أن نمثل قدوةً ونضرب الأمثلة ونغفل أنفسنا.. نعم أطفالنا وأبناء يعشقون ماكدونالدز يحبون الملح والسكر ويحبون الألعاب البلاستيكية غير القابلة للتحلل، وستنتهي تلك الألعاب منسية ومهجورة في المقعد الخلفي للسيارة.. أطفالنا يحبون ما يروجه المسوقون في حملاتهم الدعائية الموجهة للمناسبات العائلية، وتصدير صورة لعائلة مترابطة متماسكة تستمتع بالوجبات السريعة في تجمعها ومناسبتها، فيتم الترويج لماكدونالدز لإشباع العيون قبل البطون".
ويضيف: "ستصم أذانك من شدة الصراخ والامتعاض في بداية الأمر، وستطول وصلات الغضب كل سبتٍ من إجازتك، وسترتفع نبرات الصراخ والاحتجاج وتتصادم مع مبدئك كلما زادت ثقتك بصحة قرارك بمقاطعة ماكدونالدز.. ومع ذلك فإن الأطفال أذكياء ويمكنهم فهم أكثر مما نعتقد نحن الكبار، أولئك الأطفال الذين يلعبون في الفناء وساحات اللعب العامة وينتظرون بكل لهفة دورهم في اللعب، لديهم القدرة والصبر والذكاء ما يكفي، فحين تقول لهم: لن نذهب إلى ماكدونالدز بعد الآن، سيسألون: لماذا؟، فأجبهم: إننا نقاطعها لأن ماكدونالدز دعمت الجيش الإسرائيلي في قتله للأطفال الفلسطينيين في غزة، أطفال مثلك في مثل سنك".
ويتابع الشريدان قائلا: "ستدهشك قوة تلك الكلمات الأساسية والمفصلية والتي ستشكل علامة فارقة في أذهانهم، كلمات مثل: غزة وفلسطين والجيش الإسرائيلي وأطفال وقتل ومقاطعة.. كل ما عليك القيام به هو توضيح سبب المقاطعة، وأن تشرح لهم أن فرع ماكدونالدز في إسرائيل قام بالتبرع بالوجبات والمشروبات لأفراد جيش الدفاع الإسرائيلي الذين يقومون بارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة، ويروجون لهذه الممارسات على قنوات التواصل الاجتماعي، ولذلك أضحت العلامة التجارية لشركة ماكدونالدز وبسبب فشلها في إدانة أعمال فرعها في إسرائيل، مرادفا للقتل الجماعي.. يجب أن يعرفوا أن قناص الجيش الإسرائيلي يستمتع بشطائر الجبن المزدوجة المجانية أثناء قيامه برصد واستهداف واصطياد الأطفال الفلسطينيين الجائعين باستخدام عدساته المكبرة، ثم يغرد في منصات التواصل الاجتماعي عن أفعالهم وممارستهم".
ويتساءل الصحفي الأيرلندي: "هل من الصعب علينا في أيرلندا الفهم أنه منذ مطلع القرن العشرين أصبحنا متناقضين في المقاطعة؟! إنه أمرُ مثيرٌ للسخرية كوننا الذين صدرنا للعالم مصطلح المقاطعة".
ويشير في مقاله إلى أن "اليقظة تحدث بعد صدمات متتالية من أهوال العصر الحديث، ليستيقظ الناشط القابع بداخلنا، ذلك الناشط العادي لا ينبغي له أن يتجاهل ما يثير الرعب عندما يرى أطفالا أيتامًا يتضورون من الجوع حتى الرمق الأخير.. إنها أشياء صغيرة علينا أن نقوم بها مثل التوعية في الأكشاك وعبر المنشورات وشرح الأمر لأطفالنا بكلمات بسيطة، لكي يقتنعوا بأنهم لن يذهبوا بعد الآن في زيارة سعيدة لمطعم ماكدونالدز نهاية كل أسبوع".
ويبيّن: "يجب أن نشرح لهم أن تضحيتهم بألعابهم البلاستيكية الثمينة ووجباتهم السريعة من الـ هابي ميل تشكل أمرا عظيما ومهما ًلأطفالٍ مثلهم في رفح وجباليا، حتى وإن عاش أولئك الأطفال ولا يعلمون شيئا عن تضحيتك الصغيرة، وقد لا يشكروك عليها اليوم، ولكن المجتمع حتمًا سيتذكر ولو بعد عشرين سنة".
ويختتم مقاله قائلاً: "هذا الطفل الذي علمته المبدأ والمقاطعة وأشركت ضميره في سلوك إنساني، سيتذكر تلك الأشياء الصغيرة وتلك التضحيات عندما يبلغ أشده ويكون سياسيا أو معلما أو ممرضا أو طبيبا أو صحفيا.. إنها أشياء لا تترك أبدًا".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مزارعون إسرائيليون يشتكون من المقاطعة الأوروبية لمنتجاتهم
أفاد مزارعون ومصدرون إسرائيليون بتصاعد حملات المقاطعة الأوروبية لمنتجاتهم الزراعية، على خلفية الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، والتي تصفها جهات حقوقية ودولية بأنها "إبادة جماعية".
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، الخميس، أن سلاسل متاجر "كو-أوب" (Co-op) في كل من إيطاليا والمملكة المتحدة قررت وقف بيع المنتجات الإسرائيلية، فيما أفاد مزارعون بظهور مؤشرات مقاطعة متزايدة في دول أوروبية أخرى، بما في ذلك ألمانيا، التي تُعرف تقليدياً بدعمها الثابت للاحتلال الإسرائيلي.
ونقلت الصحيفة عن أحد مصدري البطاطس، قوله: "خلال الأسبوعين الماضيين سمعنا دعوات مقاطعة أعلى صوتاً في ألمانيا، وهو أمر جديد. شركة 'ألدي' تبذل منذ ستة أسابيع جهوداً لتجنّب شراء منتجاتنا".
وقال مصدر زراعي إسرائيلي آخر: "نحن نبيع لشركات تعبئة وتغليف تقوم بإعادة تصنيف منتجاتنا وتوزيعها على المتاجر الكبرى، لكن أحد العاملين في شركة تغليف ألمانية أخبرني أن من الصعب عرض منتجات إسرائيلية عندما تتصدر الصحف عنوان: إبادة جماعية".
ورغم استمرار بعض العقود التجارية مع الأسواق الألمانية، إلا أن المزارع أشار إلى أن هذا الالتزام قد لا يدوم طويلاً إذا تواصلت الضغوط الشعبية.
مقاطعة تتسع نحو بلجيكا والسويد والنرويج
من جانبه، قال المُصدّر الزراعي عوفر ليفين للصحيفة: "شهدنا تحوّلاً كبيراً في المزاج العام ضدنا في ألمانيا خلال الأسابيع الأخيرة، نتيجة للرأي العام المتأثر بمجريات حرب غزة"، مضيفاً: "أُبلغنا بشكل غير مباشر أن سلسلة 'ألدي' قررت التوقف عن بيع منتجاتنا، رغم إعلانها الرسمي أن السبب يعود لتوفر منتجات محلية".
وأوضح ليفين أن حملة المقاطعة بدأت فعلياً من بلجيكا، حيث تُلزم اللوائح الأوروبية تجار التجزئة بوضع ملصقات توضح بلد المنشأ، ما سمح للمستهلكين بتحديد المنتجات الإسرائيلية ومقاطعتها.
وأضاف: "في السويد، لم تشترِ جمعية المزارعين أي منتجات إسرائيلية منذ نحو خمس سنوات، أما النرويج فقد توقفت تماماً عن الاستيراد من إسرائيل العام الماضي، وأغلقت أسواقها فعلياً أمام بضائعنا".
وأشار إلى أن ألمانيا تُعد الزبون الأكبر للبطاطس الإسرائيلية، لكنه تلقى تحذيرات بأن استمرار الوضع الراهن قد يُفضي إلى وقف التعامل اعتباراً من الموسم الزراعي المقبل.
تراجع الثقة في الأسواق الآسيوية
كما كشفت الصحيفة عن تأثر الأسواق البعيدة مثل اليابان، حيث أفاد مصدر إسرائيلي بأن أحد الزبائن اليابانيين أوصى بـ"توخي الحذر" في شحن البضائع الإسرائيلية، نتيجة تزايد النظرة السلبية إليها في المجتمع الياباني.
وتأتي هذه التطورات في وقت يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمّرة على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وصفتها جهات حقوقية دولية بـ"الإبادة الجماعية"، نظراً لحجم القتل والدمار والتجويع والتهجير القسري الممارس بحق سكان القطاع.
وبحسب إحصاءات رسمية، خلف العدوان الإسرائيلي أكثر من 188 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، فضلاً عن مئات آلاف النازحين، ومجاعة أودت بحياة عدد كبير من المدنيين، لا سيما الأطفال.
ومع دخول الحصار الإسرائيلي عامه الثامن عشر، تشير التقديرات إلى أن نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل 2.4 مليون أصبحوا بلا مأوى، بعد أن دمرت الحرب مساكنهم بالكامل، في ظل تقاعس دولي عن وقف الكارثة الإنسانية المستمرة.