عاجل| تحليل..هل اتخذ البنك المركزي المسار الصحيح بتعويم الجنيه؟
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
بدأ البنك المركزي المصري في اتخاذ عدة إجراءات في صباح، اليوم الأربعاء، علق الآمال عليها أن تكون نجاه للاقتصاد المصري من الأزمة التي دخل فيها في اعقاب الحرب الروسية الأوكرانية وتخارج الأجانب من استثمارات في أدوات الدين، والتي تسببت في أزمة شديد في نقص العملة الأجنبية، والمضاربة على قيمة الجنيه بالسوق السوداء، وارتفاعات قياسية في أسعار السلع الأساسية.
أقدم البنك المركزي على رفع جديد في سعر الفائدة بنحو 600 نقطة أساس بما يعادل 6% وكان سبقها بزيادة 200 نقطة أساس في اجتماعه؛ ليصل أسعار الفائدة الحالية على الإيداع والاقراض إلي مستويات 27.25% و28.25% على الترتيب.
لم يكن قرار رفع الفائدة هو الوحيد الذي اتخذه البنك المركزي، إذ ألحقها بتطبيق سياسية سعر صرف مرن للعملات الأجنبية مقابل الجنيه ؛ معتبرا أنها خطوة هامة لتوحيد سعر الصرف والقضاء على السوق السوداء بإنهاء تراكم الطلب على النقد الأجنبي.
سمح البنك المركزي في اعقاب تطبيق مرونة لسعر الصرف، إلى هبوط سعر صرف الرسمي للدولار بنحو 60% من مستويات 30.95 جنيها؛ ليصل إلى 49.56 جنيها بالبنك المركزي، وإلى مستويات 49.5 جنيه ببنكي الأهلي ومصر بينما سجل في بنوك كريدي أجري كول ومصرف أبو ظبي الإسلامي اعلي الأسعار عند 50.75 جنيها.
القضاء على السوق السوداء:تقول سهر الدماطي الخبيرة المصرفية،" إن البنك المركزي أتخذ بالفعل القرار الصائب في إصلاح الاقتصاد بالتحول إلى سعر صرف مرن، الذي سوف يساعده للتوصل إلى استقرار سعر الصرف حول قيمة واحدة بناء على اليات العرض والطلب، والقضاء نهائيا على السوق السوداء الذي سببت تشوهات في أسعار السلع، مشيرة إلى أن هذا الامر سوف يستغرق بعضا من الوقت وحتي إنها حجم الطلبات المتراكمة على العملات الأجنبية بالأسواق"
وتابعت،" طلبنا بتبني سياسية سعر صرف في بداية الأزمة، لكن هذا الامر كان من الصعب تطبيقه، إلا بعض التأكد من توافر الفجوة التمويلية التي سوف تساعده على التواصل إلى السعر توازني بعد تطبيق مرونة سعر الصرف".
و طبق البنك المركزي مرونة في سعر صرف الجنية في بداية عام 2023 ليسمح بهبوطه إلى مستويات 30.95 جنيها إلا أنه تخلي عنها مع عدم قدرته في تلبية احتياجات البلاد من العملة الصعبة وضعف التدفقات النقدية.
وحصل البنك المركزي مؤخرا علي سيولة نقدية تقدر بنحو 10 مليار دولار قيمة الشريحة الاولي من صفقة رأس الحكمة البالغ قيمتها 35 مليار دولار.
واعتبر جولد مان ساكس أن أموال صفقة رأس الحكمة، سوف تساعده على ضبط سعر الصرف وسد الفجوة التمويلية لمدة أربع سنوات والحصول على تمويلات إضافية من صندوق النقد.
كبح عمليات المضاربات على السلع:وأضافت الدماطي، “أن خطوات البنك المركزي سوف تشجع المستثمرون على ضخ استثماراتهم في السوق المصري لوضح الرؤية المستقبلية؛ لسعر صرف الدولار مقابل الجنيه خلال الفترة القادمة بعد القضاء على تشوهات سعر الصرف التي خلقتها السوق السوداء وكان تعزف بالمستثمرين عن دخول السوق المصري.
وتري الدماطي، أن بالرغم من التوقعات التضخمية المتوقع أن تحدث بعد تنبي سياسية سعر الصرف المرن إلا أن البنك المركزي قادر على احتوائها، بعد أن سبقها برفع أسعار الفائدة على الإيداع والاقراض 6%، وطرح شهادات بعائد 30% متناقص لمدة ثلاث سنوات.
وتقول الدماطي، “ الرفع القوي في الفائدة وطرح شهادات بعائد قياسي، سيدفع لجذب السيولة التي مع التجار إلى البنوك ما يكبح عمليات المضاربات على السلع، والتي كانت سبب الرئيسي في زيادة أسعارها طوال الشهور الماضية.
انخفضت على مدرا الشهور، الماضية معدلات التضخم في السوق المصري بعد أن تجاوزت مستويات 40% مع تبني البنك المركزي سياسية نقدية متشددة؛ ليبلغ معدلات التضخم الأساسي نحو 29%.
ضرورة ملحة:مصطفي بدرة الخبير الاقتصادي، اعتبر أن التوصل إلى تحديد سعر عادل لقيمة الجنيه مقابل الدولار ضرورة ملحة للخروج من الأزمة الراهنة، والذي لم يكن يتحقق إلا بتطبيق مرونة في سعر الصرف.
و تابع "بدرة"، “ لكن نجاح المرونة مرتبط أيضا بمدي القدرة على ضخ سيولة بالنقد الأجنبي في الاقتصاد حتي يتم الافراج عن البضائع المحتجزة بالموانئ، وتدبير احتياجات الافراد من النقد الأجنبي.”
وأشار" بدرة"، إلى أن رفع الفائدة وطرح الشهادات 30% سوف يؤثر إيجابيا على قيمة الجنية بتقليل العائد السلبي عليه والذي ادي إلى احجام المستثمرون الأجانب عن الاستثمار في أدوات الدين المحلية.
توقع بدرة أن التوصل إلى استقرار في سعر الصرف الدولار مقابل الجنية بعد تطبيق مرونة سوف يستغرق بعضا من الوقت، وسيكون مرتبط بحجم الكميات التي سوف يضخها البنك المركزي من النقد الأجنبي بالأسواق.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الدولار البنك المركزي اسعار الفائدة الاقتصاد المصري تعويم الجنيه السوق السوداء السوق السوداء البنک المرکزی النقد الأجنبی سعر الصرف سعر صرف
إقرأ أيضاً:
هل التعويم المدار خيار مناسب لسوريا؟
نقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن محافظ مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، أن البلاد تتجه نحو تطبيق نظام التعويم المدار لعملتها المحلية، في خطوة تهدف إلى الحد من تدخل الصرافين في سوق الصرف، وتعزيز جهود توحيد الأسعار النقدية. وأوضح حصرية أن الخطة الجديدة تستهدف تمرير جميع عمليات التجارة الخارجية عبر القطاع المصرفي الرسمي، بما يؤدي إلى إلغاء الدور الذي ظلّ يلعبه الصرافون، الذين كانوا يتقاضون نحو 40 سنتًا عن كل دولار يدخل إلى سوريا.
وفي تصريحاته، أكد حصرية أن عودة سوريا إلى نظام سويفت ستشكّل نقلة نوعية من شأنها أن تُشجّع التجارة الخارجية، وتُسهم في خفض تكاليف الاستيراد، وتسهيل عمليات التصدير. كما اعتبر أن هذه الخطوة ستؤدي إلى جلب العملات الأجنبية التي تحتاجها البلاد بشكل كبير، إلى جانب دعم جهود مكافحة غسل الأموال، والتخفيف من الاعتماد على الشبكات المالية غير الرسمية في التجارة عبر الحدود.
وكشف حصرية أن العودة إلى الربط الكامل بنظام المدفوعات الدولية "سويفت" ستكون "في غضون أسابيع"، الأمر الذي من شأنه أن يعيد ربط سوريا بالاقتصاد العالمي بعد أكثر من 14 عاما من الحرب والعقوبات التي أدت إلى عزل البلاد ماليًا.
إعلان ما نظام التعويم المدار؟ويُعد سعر صرف العملة الوطنية من أبرز المؤشرات التي تعكس قوة الاقتصاد الوطني وتؤثر على مستويات التجارة والاستثمار، وتختلف الدول في كيفية إدارتها لسعر الصرف تبعًا لنظامها الاقتصادي والمالي. وتندرج أنظمة سعر الصرف عادة ضمن 3 نماذج رئيسية:
نظام سعر الصرف الثابت: حيث تقوم الدولة بتثبيت قيمة عملتها مقابل عملة أجنبية رئيسية مثل الدولار الأميركي، أو مقابل سلة من العملات. ويتطلب هذا النظام تدخلًا دائمًا من البنك المركزي لضمان بقاء سعر العملة في نطاق محدد، من خلال عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية.ويهدف التعويم المدار إلى تخفيف حدّة تقلبات أسعار الصرف، أو توجيهها نحو مستوى يخدم أهدافًا اقتصادية محددة، كدعم الصادرات أو كبح التضخم. ويعتمد نجاح هذا النظام على مجموعة من العوامل، منها: متانة الاقتصاد، حجم الاحتياطيات الأجنبية، فعالية السياسات النقدية والمالية، والقدرة على تنفيذ إصلاحات هيكلية.
وقد طبّقت دول عدة هذا النظام بدرجات متفاوتة من النجاح، مثل: الصين والهند، اللتين استفادتا من التعويم المدار في تعزيز التنافسية وزيادة الصادرات، إضافة إلى دول مثل جورجيا، رومانيا، سنغافورة، ماليزيا، تايلاند، الأرجنتين، إندونيسيا، الجزائر، والمغرب.
إعلان هل تنجح سوريا في تطبيق التعويم المدار؟في تصريحات خاصة لموقع الجزيرة نت، قال الخبير في الاقتصاد السوري يونس الكريم إن نظام التعويم المدار سبق أن طُبّق في سوريا عام 2007 خلال فترة ما عُرف باقتصاد السوق الاجتماعي، الذي كان يمثل مزيجًا بين النمط الرأسمالي والمقاربة الاجتماعية، وذلك في محاولة لتقليل التأثير على الشرائح الفقيرة جراء تقلبات سعر الصرف.
ويشير الكريم إلى أن النظام حينها وسّع من تطبيق التعويم المدار في السنوات الأولى من الثورة، مما أدى إلى استنزاف جزء كبير من الاحتياطيات النقدية. ويضيف أن العودة اليوم إلى التعويم المدار تُعد اعترافًا ضمنيًا بالعودة إلى ربط الليرة السورية بالدولار الأميركي، بعد محاولات سابقة لفك هذا الربط وتثبيت الليرة على أساس سلة من العملات. وبرأيه، فإن الدولرة الجزئية كانت ولا تزال خيارًا أكثر واقعية وأسهل من التعويم.
ويعدد الكريم بعض الإيجابيات المحتملة للتعويم المدار في الحالة السورية، من أبرزها:
استقرار سعر الصرف: حيث يسهم الربط بالدولار في استقرار أسعار السلع والخدمات، بالنظر إلى أن معظم المواد الأساسية مستوردة من الخارج، كما يُخفف من تقلبات سعر الليرة. الحد من السوق السوداء: تعاني سوريا منذ سنوات من وجود سوق سوداء قوية لتداول العملات، وتطبيق التعويم المدار قد يؤدي إلى القضاء على الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء. مكافحة التضخم: عانى السوريون لفترة طويلة من تضخم مفرط، ويُعد التعويم المدار أداة فعّالة لمعالجته أو على الأقل الحد من تفاقمه. جذب الاستثمارات: النظام الجديد قد يُقلل من مخاطر تقلبات الصرف بالنسبة للمستثمرين، ويُساعد في تأمين الاحتياطات النقدية اللازمة للاستيراد.في تقرير نشره موقع الحرية، يوضح الأكاديمي والباحث الاقتصادي الدكتور عباس رشيد كعده جملة من الخطوات الاستباقية التي ينبغي اتخاذها من قبل مصرف سوريا المركزي، لضمان نجاح الانتقال إلى التعويم المدار. وتشمل هذه الخطوات:
إعلان إطلاق منصة رسمية لشراء الدولار من المواطنين بسعر قريب من سعر السوق الموازية، مع وضع سقوف وضوابط يومية تمنع المضاربات. توفير السيولة بالليرة السورية لتمويل عمليات الشراء، بدلًا من استخدام الاحتياطي النقدي بالدولار، مما يسهم في تنشيط الدورة النقدية داخليًا. توسيع قنوات التداول الرسمية من خلال دمج البنوك وشركات الصرافة المرخصة ضمن منظومة شفافة لإدارة الطلب على القطع الأجنبي. تعزيز آليات الرقابة على السوق لمنع المضاربات غير المشروعة التي تؤثر على الاستقرار النقدي. بناء الثقة بين المواطن والبنك المركزي عبر الإفصاح المنتظم عن السياسات النقدية والأسعار بشكل شفاف. تهيئة بيئة اقتصادية داعمة من خلال تشجيع الإنتاج والتصدير بما يُحسن ميزان المدفوعات ويقلل الضغط على العملة. تحديات جوهرية قد تعيق تطبيق التعويم المدارورغم الجوانب الإيجابية المفترضة، يرى الخبير يونس الكريم أن هناك مجموعة من التحديات الكبيرة التي قد تُعيق نجاح هذه الخطوة، وأبرزها:
نقص الاحتياطات الأجنبية: إذ يُعد توفر احتياطي نقدي قوي شرطًا أساسيًا لتدخل البنك المركزي عند الضرورة، وسوريا تُعاني حاليًا من عجز حاد في هذا الجانب. ضعف قدرة البنك المركزي على فرض قراراته على شركات الصرافة، بسبب غياب السيطرة على أجزاء من الجغرافيا السورية. التقلبات الحادة في سعر الصرف: في ظل بيئة اقتصادية هشّة، فإن أي تطبيق للتعويم المدار قد يؤدي إلى تقلبات خطيرة تُربك السوق وتزيد من حالة عدم اليقين. استنزاف الاحتياطي النقدي: التدخل المتكرر في السوق يستهلك الاحتياطي المتاح، مما يهدد الاستقرار المالي على المدى القصير. بنية تحتية مصرفية ضعيفة: المصارف السورية بحاجة ماسة للتحديث والدعم الفني والتقني لتواكب متطلبات نظام أكثر مرونة. اقتصاد منهك بعد الحرب: من الصعب تطبيق نظام نقدي مرن في ظل اقتصاد هش يعاني من ضعف الإنتاج وتضخم مزمن. غياب الاستقرار السياسي: نجاح أي سياسة نقدية يتطلب بيئة سياسية وقانونية مستقرة، وهو ما لا يتوفر في الحالة السورية حاليًا. ضعف الكوادر والخبرة المؤسسية: البنك المركزي لا يزال يعمل ضمن منظومات وسياسات قديمة تعود لعهد النظام السابق، ما يعوق تنفيذ سياسات متقدمة. تعارض السياسات الاقتصادية: هناك تضارب واضح بين سياسة التعويم المدار والانفتاح الاقتصادي الكلي الذي دعا إليه بعض المسؤولين في وقت سابق. إعلانيُعد تبنّي نظام التعويم المدار خطوة جريئة في السياق السوري، وهو خيار ينطوي على مزايا نظرية مغرية، لكن تطبيقه العملي محفوف بالمخاطر في بيئة سياسية واقتصادية غير مستقرة. فعلى الرغم من أن النظام قد يوفر مرونة أكبر في مواجهة الصدمات ويعزز التنافسية، إلا أن نجاحه مرهون بمدى توفر الظروف المناسبة، وعلى رأسها الاستقرار السياسي، كفاية الاحتياطيات، وقدرة المصرف المركزي على ضبط السوق.
وفي ظل الواقع الراهن، يبدو أن تطبيق هذا النظام في المدى القريب سيكون أقرب إلى المجازفة النقدية منه إلى الإصلاح الإستراتيجي، وقد يكون أثره سلبيًا على ثقة المستثمرين وحركة رؤوس الأموال في البلاد.