نقطة عمياء.. هل ينتصر التاريخ على ألف سيف وسيف؟
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
يمثل قتل الذاكرة أحد أخطر أشكال الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين الذين يحملون تاريخهم كسلاح ماضٍ في وجه المحتل.
فعلى مدار أكثر من 7 عقود، لم تقف إسرائيل عند حد قتل أصحاب الأرض وتجويعهم وتشريدهم، لكنها أيضا سطت على متاحفهم ومقابرهم وكل ما يربطهم بجذورهم وأجدادهم الراحلين.
ولا يمثل الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين سابقة تاريخية، فقد سبقها في ذلك الأميركيون والأستراليون والكنديون الذين أبادوا أعراقا كاملة وأقاموا دولا جديدة فوق مقابرهم ورفاتهم.
الحرب البيولوجية
ففي الأميركيتين، تواصلت أعمال الإبادة الجماعية لنحو 4 قرون، قُتل خلالها 95% من السكان الأصليين، أي ما يعادل 100 مليون هندي أحمر.
ووفقا لبرنامج "نقطة عمياء" الذي يعده "الجزيرة نت"، لم يعتمد الأميركيون على الرصاص والتجويع فقط لإبادة الهنود الحمر، لكنهم استخدموا أيضا أغطية ملوثة بجرثومة الجدري وحجبوا عنهم اللقاح، لتصبح صاحبة أول حرب بيولوجية في التاريخ ضد شعب يرفض التفريط في أرضه وجذروه.
مغرفة الستينيات
وفي أوروبا أيضا، تبنى الكنديون -من نهاية الخمسينيات إلى بداية ثمانينيات القرن الماضي- ما عرف بقانون "مغرفة الستينيات"، الذي قاموا بـ"غرف أطفال السكان الأصليين دوريا تماما كما تُغرَف أفراخ الدجاج من الحضانات".
وخلال هذه المرحلة، انتزع الكنديون آلاف الرضع من صدور أمهاتهم دون رحمة، ثم يوزعونهم عبر إعلانات صحفية وتلفزيونية على عائلات بيضاء تعيش في أماكن بعيدة.
كان الهدف من هذا القانون هو قطع الصلة بين هؤلاء الرضع وذويهم وتمزيق أواصر أصحاب الأرض الأصليين كمقدمة لمحو تاريخهم، وقد فعلوا هذا بشكل ممنهج ودون أدنى شعور بالخزي أو تأنيب الضمير.
وأفرزت هذه الجريمة جيلا جديدا يحمل ملامح أصحاب الأرض لكنهم لا يعرفون شيئا عنهم ولا عن لغتهم أو ثقافتهم أو موروثهم، ولم تعتذر كندا عن هذا الفعل إلا في نهاية التسعينيات.
ورغم الاعتذار الذي لا يمحو الجريمة، لم تدفع الحكومة الكندية للمختطفين الذين فقدوا أهلهم وتاريخهم للأبد سوى تعويضات مهينة تراوحت بين 25 و50 ألف دولار، أي ما يعادل راتب عام واحد لأحد محدودي الدخل.
وحتى المحكمة الجنائية الدولية التي أسست عام 2002 كمنظمة دولية خارج إطار الأمم المتحدة، أفرغت نفسها للحديث عن جدليات قانونية وآليات إجرائية لكي تفرق بين الإبادة والمذبحة والتطهير العرقي أو جرائم الحرب وجرائم الاعتداء.
ومع ذلك، سحبت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل توقيعهما على ميثاق المحكمة حتى لا تكونان ملزمتان بتطبيق ما يصدر عنها من أحكام، إن صدرت.
لذا، تبدو المواجهة الأكثر خطورة هي تلك التي تحاول إسرائيل من خلالها محو التاريخ في حين يواصل الفلسطينيون التشبث به، ليظل السؤال المطروح هو: هل سينقرض أصحاب الأرض في الشتات أم إن ثقافتهم الواسعة وتاريخهم الطويل ومحيطهم الإسلامي الهادر سينتصر جميعها على القتل الجماعي؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أصحاب الأرض
إقرأ أيضاً:
السعودية تدين قصف المشفى الأوروبي وتحمل إسرائيل مسؤولية الإبادة بغزة
الرياض - أدانت السعودية، الخميس، استمرار حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، بما في ذلك قصف المستشفى الأوروبي في خان يونس جنوب القطاع، محملة إسرائيل المسؤولية.
وطالبت السعودية في بيان لوزارة الخارجية نشر على منصة إكس، بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
وقالت إنها تدين "مواصلة الاحتلال الإسرائيلي التصعيد العسكري ضد المدنيين العزل، بما فيها استهداف المستشفى الأوروبي في خان يونس، ما أودى بحياة وإصابة العشرات، في سلسلة اعتداءات متكررة من آلة الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني الشقيق".
وأضافت أنها "تجدد رفضها القاطع لاستمرار جرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية، مع مطالبتها بالوقف الفوري لإطلاق النار".
وحملت المملكة "قوات الاحتلال الإسرائيلية كامل المسؤولية جراء استمرار خرقها لكافة الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية".
وشددت على "المسؤولية القانونية والإنسانية والأخلاقية الملقاة على عاتق المجتمع الدولي" في هذا الصدد.
ودعت إلى "تفعيل آليات المحاسبة الدولية، ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لقرارات الشرعية الدولية".
ومساء الثلاثاء، ارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرة مروعة أسفرت عن مقتل 34 فلسطينيا وإصابة العشرات، بعد أن شن سلسلة غارات عنيفة استهدفت مستشفى غزة الأوروبي ومحيطه في مدينة خان يونس، وفق بيانين لوزارة الصحة وجهاز الدفاع المدني.
وضاعفت إسرائيل خلال الأيام الثلاثة الماضية وتيرة الإبادة الجماعية بغزة، بالتزامن مع جولة يجريها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الشرق الأوسط.
وخلال الأيام الثلاثة من جولة ترامب التي بدأت الثلاثاء، قتل الجيش الإسرائيلي نحو 260 فلسطينيا، مقارنة بـ78 قتيلا في الأيام الثلاثة السابقة لها، وفق رصد مراسل الأناضول لبيانات وزارة الصحة بغزة.
وتأتي هذه المجازر عقب تصريح ترامب بأن الشعب الفلسطيني في غزة "يستحق مستقبلا أفضل".
وترددت ادعاءات ثبت زيفها في وسائل الإعلام العبرية بشأن تخفيف حدة حرب الإبادة الجماعية خلال جولة ترامب الخليجية التي بدأت الثلاثاء بزيارة السعودية وتستمر حتى الخميس بزيارة قطر والإمارات.
ومطلع مارس/ آذار الماضي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة حماس وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي.
وبينما التزمت حماس ببنود المرحلة الأولى، تنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية، من بدء مرحلته الثانية استجابة للمتطرفين في ائتلافه الحاكم، وفق إعلام عبري.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت نحو 173 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.