سرايا - منذ الإعلان عنه قبل أيام، والرصيف البحري الذي تعتزم الولايات المتحدة إنشاءه في نقطة ما على ساحل قطاع غزة، يثير الفضول بقدر ما يفجر التساؤلات حول موقعه المحتمل، فضلا عن طريقة تشغيله وإدارته، ناهيك عن الجهات التي ستتولى الاستلام والتوزيع داخل القطاع المنكوب.

فبعد أكثر من خمسة أشهر من الحرب التي اندلعت في قطاع غزة وقتل فيها نحو 31 ألف فلسطيني وجرح ما يزيد على 70 ألفا آخرين، تبدو حليفة إسرائيل، مهتمة بشكل خاص بإيصال المساعدات الإنسانية لمليونين و200 ألف شخص يسكنون القطاع بعد أن بدأت تخرج للنور لقطات لوفاة عدد من الأطفال جوعا.



فقد أعلن البنتاغون قبل يومين أن تشييد ميناء عائم لتوصيل المساعدات إلى القطاع قد يستغرق شهرا واحدا على الأقل أو اثنين حتى يدخل حيز التشغيل الكامل، وإن الميناء سيحتاج على الأرجح ألف جندي لإنشائه.

لكن حتى الآن، لم يصرّح أحد بالموقع المحتمل لإنشاء الميناء الذي حلمت به غزة لعقود والذي ستحصل الآن على رصيف منه، بينما يأمل أهلها ألا يكون ذلك بعد فوات الأوان.

وفي السياق، أوضح العميد السابق بالمخابرات الأردنية عمر الرداد أن هذا المشروع لإنشاء خط بحري من قبرص إلى غزة كان واحدا من خيارات طرحت قبل بضع سنوات من دون أن يوضع موضع التنفيذ.

كما أضاف أن الولايات المتحدة التي أعلن مسؤولوها أن الأمر قد يستغرق نحو شهرين لإيصال أول شحنة مساعدات لمن تحاصرهم إسرائيل في القطاع الساحلي، منذ السابع من أكتوبر لن يكون لقواتها وجود على الأرض، حسب ما نقلت وكالة أنباء العالم العربي. وقال "لن يكون هناك تواجد للقوات الأميركية على الأرض، لكنها ستكون قريبة منه في البحر لتأمين الحماية له".

لكنه طرح أيضا أسئلة مشروعة عمن سيتكفل باستلام الشحنات في الميناء المنتظر ثم توزيعها على مئات الآلاف من الجوعى الذين يطرق شهر رمضان بابهم خلال أيام من دون أي بادرة لهدنة تحترم صيامهم.

لاسيما أنه من المحال أن تقبل تل أبيب أو واشنطن بأن تلعب حماس أي دور في استلام الشحنات وتوزيعها.


فيما أكد مخطط بحري عسكري أردني، لم يكشف عن هويته، أن الجهة المكلفة بإنشاء الرصيف هي القاعدة الأميركية في ساردينيا بإيطاليا. وقال "أميركا قادرة على عمل إنزالات بدون أي ميناء.. يعني تصل السفينة وترسو على الشاطئ مباشرة ثم تفتح بطنها لتنزل منها شاحنات تفرغها وتنطلق مغادرة".

كما أضاف "عندهم مركبات اسمها (إل.سي.يو).. ترسو ثم تمشي على البر.. كل واحدة تستوعب حمولة شاحنتين أو ثلاث.. بمقدورها التنقل ذهابا وعودة وحمل أي كميات يريدونها".

نحل البحار

إلى ذلك، رجح أن يوكل الجيش الأميركي مهمة إنشاء هذا الهيكل البحري، إلى وحدات له تتمركز في جزيرة ساردينيا الإيطالية.

وأضاف أن "الجيش الأميركي يملك وحدة هندسة كاملة اسمها وحدة نحل البحار.. مهمتها إنشاء مثل هذه الأرصفة.. رغم أننا لم نسمع عن هذا الأمر منذ الحرب العالمية الثانية".
مستحيلة

في المقابل، رأى مسؤول بحري عراقي كبير إنشاء هذ الميناء المحدود بالشكل الذي يطرحه الأميركيون "عملية صعبة جدا لأنها تحتاج إلى أشياء كثيرة، إن لم تكن مستحيلة"

وقال أسعد الراشد، مدير مشروع ميناء الفاو الكبير في البصرة، لوكالة أنباء العالم العربي إن هذه عملية تحتاج للتعامل مع البحر والبر، إضافة لضرورة توفير أعماق لرسو الباخرة.

كما أضاف "هذه الوظيفة تتطلب أن يكون هناك عمق بحري كافٍ لترسو السفينة.. وتتطلب وجود واجهة بحرية متينة تتحمل رسو الباخرة وتتحمل في نفس الوقت الأحمال التي ستفرغ على الرصيف ولا تدفع الساحل أو التربة باتجاه البحر. وأردف قائلا :" هذه العملية تحتاج إلى حماية.. يعني عادة تعتمد على نوع التربة في المنطقة بإضافة طبقات معينة في التربة لمنع تسرب الرمل إلى البحر وفي نفس الوقت تحمي الساحل وتوفر مرسى للباخرة".

كما شدد على أن "كل هذه الأشياء من الصعب أن تنجز خلال 60 يوماً". وقال: "إذا كنا نتحدث عن رصيف وقتي لإنجاز مهام إنسانية أو ما شابه، فإن هذا العمل صعب جدا يتحقق خلال 60 يوما".

في السياق، رجح مصدر سياسي فلسطيني أن يكون نهاية شارع صلاح الدين (نتساريم) في وسط قطاع غزة الموقع الذي يعتقد أن الأميركيين سيشيدون فيه رصيفهم الموعود. وقال الرجل الذي طلب عدم ذكر اسمه إن هذه المنطقة توفر أكثر من عامل للإسرائيليين "الذين ولا شك سيتحكمون في العملية من أولها لآخرها".

كما أضاف أن هذه النقطة تقع بين دوّارين رئيسيين لتوفر ما يشبه بمنطقة محكومة يسهل السيطرة عليها". وأردف موضحا أن تلك المنطقة لا تبعد كثيرا عن دوار النابلسي الذي قتل فيه أكثر من 100 فلسطيني تجمعوا للحصول على ما تيسر من شاحنة مساعدات قبل أن يتعرضوا لإطلاق إسرائيلي

كذلك أشار إلى أن "هذه البقعة ترتفع بنحو 20 مترا عن سطح البحر وتقع بين الدوارين اللذين يسيطر عليهما الجيش الإسرائيلي تماما، وتسهل بالتالي هذه التضاريس الأمنة له عملية التوزيع بما أنها تقع في منتصف القطاع تماما".

إلى ذلك، لفت إلى أنه في حال العزوف عن هذا الخيار، فإن شاطئ الزهراء سيكون الخيار الآخر الذي يمكنهم اللجوء إليه، وإن كان لا يبعد سوى كيلومتر واحد عن نهاية شارع صلاح الدين.
من سيديره؟

وعن الطرف الذي يعتقد أنه سيتولى مهمة استلام المساعدات في غزة وتوزيعها على الجياع فيها، فلا توجد معلومات كافية حول تلك المسألة.

إلا أن العميد السابق في المخابرات الأردنية، عمر الرداد، لفت إلى أن جهات فلسطينية، سياسية وغير سياسية، قد تلعب دورا في هذه المرحلة.

وأضاف "مؤكد أنه لن يكون لحماس أي دور.. بدأت تسريبات حول تنسيق مع عائلات في القطاع وترتيبات يشرف عليها بعض السياسيين الفلسطينيين".

لكن مصدرا سياسيا فلسطينيا أثار شكوكا حول النوايا الإسرائيلية والأميركية من وراء الإعلان عن مثل هذا المشروع في مثل هذا التوقيت. وأضاف "لعلهم يرغبون في إعادة إغلاق معبر رفح لتكون تلك المساعدات التي تدخل عن طريق الرصيف البحري المؤقت هي كل ما يمكن لأهل غزة الحصول عليه".

وقال: "أعتقد أنها مجرد تمهيد للمرحلة الثالثة والكبرى من العملية العسكرية الإسرائيلية.. دخول رفح".

يذكر أن الجهات المانحة اعتمدت قبرص لتكون مركزا لوجيستيا لتجميع المساعدات وفرزها قبل إرسالها نحو القطاع الفلسطيني المحاصر.

وحتى الآن، تدخل غزة بضع عشرات من شاحنات مساعدات عبر معبر رفح الحدودي مع مصر. إلا أنها لا تمر إلى داخل قطاع غزة قبل تفتيشها بشكل حثيث في معبر كرم أبي سالم على الحدود المصرية الإسرائيلية مع قطاع غزة.

فيما دفعت قلة عدد الشاحنات والتحذيرات الأممية من مجاعة حقيقية توشك أن تحل بآلاف الفلسطينيين دولا عربية وأخرى غير عربية إلى إسقاط المساعدات من الجو خاصة إلى شمال غزة الذي تمنع عنه إسرائيل المساعدات.


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

80 شهيدا في غزة منذ فجر اليوم بينهم 56 من المجوعين

قالت مصادر في مستشفيات القطاع إن 80 فلسطينيا استشهدوا منذ فجر اليوم بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينهم 56 من منتظري المساعدات في منطقة نتساريم وسط قطاع غزة ورفح جنوبا.

وقد نقلت فرق الانقاذ المصابين وجثامين الشهداء إلى مستشفى العودة في مخيم النصيرات وسط القطاع.

وكان آلاف المجوعين من الفلسطينيين من سكان قطاع غزة قد توجهوا اليوم إلى مركز توزيع المساعدات في منطقة الشاكوش شمال مدينة رفح.

لكن قوات الاحتلال أطلقت النار على المئات منهم، مما أسفر عن استشهاد وإصابة لعشرات بجروح متفاوتة بينها إصابات خطيرة نقلت إلى مستشفى ناصر في خان يونس ومستشفيات ميدانية أخرى في منطقة المواصي بخان يونس، جنوبي القطاع.

من جهتها، قالت وزارة الصحة في غزة في تقريرها الإحصائي اليومي، اليوم الثلاثاء، إن مستشفيات القطاع استقبلت خلال 24 ساعة "79 شهيدا (بينهم 5 انتشال) و289 إصابة" جراء استمرار الهجمات الإسرائيلية.

وأوضحت أنه "لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الاسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم".

أوضاع مأساوية

وأفادت وزارة الصحة أن "حصيلة ما وصل إلى المستشفيات من شهداء (منتظري) المساعدات منذ 27 مايو/ أيار الماضي، ارتفع إلى 516 شهيدا وأكثر 3 آلاف و799 مصابا"، وذلك بعد استشهاد 49 فلسطينيا وإصابة 197 خلال 24 ساعة، جراء الاستهداف الإسرائيلي المتعمد للفلسطينيين أثناء انتظارهم الحصول على المساعدات.

وذكرت الوزارة أن "حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 مارس/ آذار 2025 بلغت 5 آلاف و759 شهيدا و19 ألفا و807 إصابات".

كما أشارت إلى ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى " 56ألفا و77 شهيدا و131 ألفا و848 مصابا".

وتتفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة والحصار المفروض على القطاع.

إعلان

ويشكو النازحون من مأساة النزوح المتكرر تحت وطأة القصف وصعوبة التنقل وانعدام الطعام والماء، وصعوبات تلقي العلاج في هذه الظروف القاسية.

وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 مايو/ أيار الماضي، تنفيذ خطة لتوزيع مساعدات محدودة عبر ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي مدعومة إسرائيليا وأميركيا ومرفوضة من الأمم المتحدة.

ومنذ ذلك التاريخ، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

مقالات مشابهة

  • أيرلندا: ما يحدث في غزة غير مقبول إنسانيا ويجب أن يكون لأوروبا موقف
  • مدير شبكة المنظمات الأهلية بغزة: إسرائيل تكرس الفوضى بمنع دخول المساعدات
  • غزة: مقتل العشرات قصف على مدرسة تؤوي نازحين شمال القطاع
  • مفتي القاعدة السابق: هذه الرؤى جعلت بن لادن يعتقد أنه المهدي المنتظر
  • عقدي تمام ولكن.. وسام أبو علي يفجر مفاجأة بشأن الرحيل من الأهلي
  • انتشار أمني أمام KFC طرابلس يثير التساؤلات
  • 21 شهيدا في غارات إسرائيلية على غزة منذ فجر اليوم
  • مجازر المجّوعين مستمرة.. عشرات الشهداء بنيران الاحتلال قرب مركز مساعدات
  • يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة
  • 80 شهيدا في غزة منذ فجر اليوم بينهم 56 من المجوعين