شهر رمضان تجاب فيه الدعوات، وترفع الدرجات، وتغفر فيه السيئات، شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات، ويجزل فيه لأوليائه العطيات، شهر جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام، فصامه المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وأمر الناس بصيامه، وأخبر عليه الصلاة والسلام أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم.

 

وأخبرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن هناك أمورًا تحدث في السماء مع أول يوم في رمضان، منها: أولًا: تفتح فيه أبواب الجنة ثانيًا: تغلق أبواب النار، ثالثًا: تصفد الشياطين، رابعًا: ويُنَادِى مُنَاد ٍكلَّ ليلةٍ يا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ويا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، خامسًا: يعتق الله تعالى يوميًا أناسًا من النار.

 

وعن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَاب، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَاب، وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ».

 

رمضان 2024 بدأ.. اغتنم أولى لحظاته كما أوصى النبي بترديد دعاء رؤية الهلال داعية: يجوز أداء جميع ركعات صلاة التراويح بـ«تشهد واحد» فضل صلاة التراويح وقيام الليل فى أول ليلة في رمضان كم عدد ركعات صلاة التراويح وكيف تصلى وفضلها؟ هذه أسهل طريقة لأدائها  فضل شهر رمضان

خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها: أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».
 

ثانيًا: إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري ( 1904 ) ، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».
 

ثالثًا: إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».
 

رابعًا: إن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

 

خامسًا: إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا»
 

سادسًا: إن الصوم جُنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
 

سابعًا: إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم ( 144 ) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
 

ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».

 

فضل شهر رمضان

أولًا: خص الصائمين بباب في الجنة يُسمى باب الريان، وحتى يحصل الأجر العظيم ينبغي للصائم اجتناب أعمال السوء كلها، والبعد عن الرفث والفسوق، مصداقًا لِما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ).

ثانيًافيه ليلة القدر: فقد فضّل الله -تعالى- شهر رمضان بأن جعل فيه ليلة عظيمة، تُغفر فيها الذنوب والآثام، وتتضاعف فيها الأجور، مصداقًا لقول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، بالإضافة إلى ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن قامَ ليلةَ القَدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذَنبِهِ).

ثالثًاشهر العتق من النار، و العتق من النار أسمى أمنيات المسلم، لا سيما أن العتق يعني اجتناب عذاب النار، ودخول الجنة، ومن فضل الله -تعالى- ورحمته بعباده أنه يصطفي منهم في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار، مصداقًا لِما رواه أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إنَّ للَّهِ عندَ كلِّ فِطرٍ عتقاءَ وذلِك في كلِّ ليلةٍ).

رابعًاشهر نزول القرآن الكريم، من أعظم فضائل شهر رمضان المبارك أن الله -تعالى- اصطفاه من بين شهور العام وأنزل فيه القرآن الكريم، مصداقًا لقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)، بل إن جميع الكتب السماوية نزلت في شهر رمضان، مصداقًا لِما رواه واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أُنزلتْ صحفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ، وأُنزلتِ التوراةُ لستٍّ مضتْ من رمضانَ، وأُنزل الإنجيلُ بثلاثِ عشرةَ مضتْ من رمضانَ).

 

خامسًامن فضائل شهر رمضان أن فيه صلاة التراويح، لا سيما أن الإجماع انعقد على سنيّة قيام ليالي رمضان، وقد أكّد الإمام النووي -رحمه الله- أن المقصود من القيام يتحقق في صلاة التراويح، وقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قيام رمضان مع التصديق بأنه حق، واعتقاد فضيلته، والإخلاص بالعمل لوجه الله تعالى، واجتناب الرياء والسمعة، سبب لمغفرة الذنوب، حيث قال: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ).

سادسًااختص الله -تعالى- شهر رمضان بأن تُفتح أبواب فيه الجنة، وتُغلق أبواب النيران، وتصفّد الشياطين عند دخوله، كما ورد في الحديث الذي رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ).

سابعًاشهر الجود في كل شيء، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان أجود ما يكون في شهر رمضان.

ثامنًارمضان من الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء، ويُكرم الله فيه عباده بالعديد من الكرامات، ويعطيهم المزيد من فضائل رحمته وعطياه؛ فصيام رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام، حيث صامه رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-، وأمر الناس بصيامه، وأخبرهم أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، كما حث فيه على المبادرة إلى التوبة من الذنوب والخطايا، والتعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجميع الأخلاق التي تُرضي الله، وتُقرب العبد من ربه.

تاسعًاالعمرة في رمضان ثوابها مضاعف، وقد أخبر رسول الله أنّ العمرة في رمضان تعدل الحج في الأجر والثواب.

عاشرًاالصدقة في رمضان أجرها عظيم، فقد كان رسول الله أجود الناس في رمضان.

أحد عشرمن فضائل الصيام أن الله -تعالى- قد أضافه إليه، فكل أعمال العباد لهم، إلا الصيام فهو لله وهو يجزي به، وقد قال العلماء في سبب اختصاص الصوم بهذه المزية أنّه من الأعمال التي لا يقع فيها الرياء، وقيل لأن الله هو فقط العالم بمقدار ثوابه ومضاعفة حسناته، وهو من أفضل الأعمال التي لا مساوي لها عند الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي أمامة الباهلي: (عليك بالصَّوم فإنَّه لا مثل له)، وهو وقاية من شهوات الدنيا، فيمنع صاحبه من الوقوع في الشهوات والمعاصي، وهو وقاية من عذاب الآخرة كذلك.

اثنا عشريحصل الصائم على أجر الصبر على طاعة الله، والصبر في البعد عن المعصية، والصبر على ألم الجوع والعطش والكسل وضعف النفس، وفيه يكفر الله الخطايا والذنوب، ويشفع لصاحبه يوم القيامة، ويدخله الجنة من باب الريان، ويعيش الصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، وإنّ خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وقد بشّر رسول الله بأنّ دعوة الصائم من الدعوات المستجابة، فقال: (ثلاثُ دعواتٍ مُستجاباتٍ: دعوةُ الصائم، ودعوةُ المظلُوم، ودعوةُ المسافر).

فضل شهر رمضان

 

فوائد شهر رمضان

أولًايتعلم المسلم من خلال الصيام السيطرة على شهواته؛ فيتحكم بها ومن ثم يكون قادرًا على التحكم برغباته دون الإضرار بحاجاته الجسدية.

ثانيًاالصوم مدرسة للجود؛ فيجود المسلم بماله للمحتاجين، فهو يشعر بجوعهم وحاجتهم، ويجود بوقته في مساعدة الآخرين ومد يد العون لهم. 

ثالثًايُنمي الصيام في النفس حب عمل الخير، ويدربها على الإكثار منه وملازمته كلما أُتيحت الفرصة؛ فالعمل الصالح في هذا الشهر تتضاعف، الأمر الذي يُشجع المسلم على الإكثار من الأعمال الصالحة طمعًا في الأجر.

رابعًايساعد الصيام على الالتزام بالقواعد والقوانين واحترام الحدود المرسومة دون زيادة أو نقصان. 

خامسًايكسر الصيام الكِبَر في القلب؛ فيرى الصائم الأعداد العظيمة من المسلمين المقبلين على العبادات؛ فيقوم بدوره بالسعي إلى المزيد من العبادات ليلحق بمن سبقوه دون النظر إلى مكانتهم الاجتماعية.

سادسًايُشجع الصيام على السرية في أعمال الخير؛ فالصيام مبني على العلاقة بين العبد وربه دون تدخلات أو حاجة إلى أن يعرف الجميع بذلك؛ فيتصدق صمتًا في مساعدة الآخرين. 

سابعًاالصيام في رمضان يهدف إلى تجديد النية، وتنقيتها مما عَلِق بها، واحتساب هذه النية عند الله - تعالى-؛ لقول الرسول - عليه السلام-: (مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا ، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ). 

ثامنًاتتجدد العلاقة بين المسلم وربه في رمضان، من خلال قراءة القرآن الكريم، والابتعاد عن المُحرّمات، وتطبيق السّنة النبويّة، والإقبال على صلاة التراويح وقيام الليل.

تاسعًاتجتمع أركان الإيمان في الصيام: قول القلب الذي يكون بالتصديق والإيمان بالصيام، وعمل القلب الذي يكون بالاحتساب، وفعل الجوارح الذي يكون بالابتعاد عن المحرّمات.

عاشرًايساعد الصيام المسلم على التأقلم بسرعة عند تغير الظروف؛ فيصبح أكثر مرونة وتقبُّلًا لتقلبات الحياة السريعة.

أحد عشريزيد الصيام من روحانية المسلم، ونقاء روحه، وارتقائه عن الشهوات والحاجات الماديّة. 

اثنا عشريُعلم الصيام المسلم فقه الأولويات؛ فيعرف أهمية الأعمال الصالحة ومستوياتها، فيرتبها حسب ذلك السُلم، كما يُربيه على فقه الاختلاف. 

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: شهر رمضان فضل شهر رمضان الصائمين فضائل شهر رمضان علیه الصلاة والسلام صلى الله علیه وسلم صلاة التراویح رضی الله عنه رسول الله شهر رمضان مصداق ا ل عند الله فی رمضان من النار أنه قال ما رواه الله أ ل الله الذی ی رابع ا ثالث ا ثانی ا خامس ا

إقرأ أيضاً:

حكم اختصار الصلاة على النبي عند الكتابة إلى (ص) أو (صلعم).. الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما حكم كتابة حرف الصاد (ص) أو لفظ (صلعم) بدلًا من كتابة (صلى الله عليه وسلم) بعد الاسم الشريف؟

وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة:
لا ينبغي للمسلم أن يستبدل الإشارة بحرف (ص) أو لفظ (صلعم) أو غيرهما بالصلاة والسلام على سيد الوجود صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يَحْسُنُ به فعل ذلك؛ فهو أمرٌ منهيٌّ عنه كما قرره العلماء، كما أن فاعل ذلك يُخشى عليه أن يكون ممن حُرِمَ من فضل الله تعالى ورحمته؛ لما في ذلك من التكاسل عن تحصيل الثواب العظيم والأجر الجزيل، ولما فيه أيضًا من سوء الأدب والجفاء والتهاون مع جنابه الرفيع صلى الله عليه وآله وسلم.

وأوضحت أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل القربات عند الله تعالى؛ لقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]؛ قال الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" (14/ 235، ط. دار الكتب المصرية) قولَ سهل بن عبد الله: [الصلاة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم أفضل العبادات؛ لأن الله تعالى تولاها هو وملائكته، ثم أمر بها المؤمنين، وسائر العبادات ليس كذلك] اهـ.

هل يجوز لحماتي دخول منزلي دون استئذان ..الأزهر للفتوى يوضحدعاء لفك الكرب وتسهيل الأمور والرزق .. أقوى 10 كلمات للفرج وانشراح الصدرانطلاق دورة "القيادة الفاعلة" لمديري الدعوة بالمديريات بأكاديمية الأوقاف الدوليةوزير الأوقاف يُصدر عددًا من قرارات التكليف بمواقع قيادية بالديوان العام

وتتأكد هذه العبادة الجليلة عند ذكر اسمه المنيف صلى الله عليه وآله وسلم؛ حتى إن مَن يتراخى عنها عند ذكر الاسم الطاهر يُتَوَجه إليه الذم واللوم؛ لسوء صنعه؛ قال العلامة الصالحي الشامي في "سبل الهدى والرشاد" (12/ 421، ط. دار الكتب العلمية): [ينبغي أن تكون الصلاة عليه مُعْقَبَةً بِذِكْرِهِ عنده؛ حتّى لو تراخى عن ذلك ذُمَّ عليه] اهـ.

واشارت الى ان كلُّ الأعمال بين القبول والرد إلَّا الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنها مقبولة قولًا واحدًا.

قال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (1/ 520، ط. الحلبي): [مطلب في أنَّ الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل ترد أم لا؟ قال الفاسي في "شرحه": ومن تمام كلام أبي سليمان عند بعضهم: وكل الأعمال فيها المقبول والمردود إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنها مقبولة غير مردودة، وروى الباجي عن ابن عباس: إذا دعوت الله عزَّ وجلَّ فاجعل في دعائك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنَّ الصلاة عليه مقبولة، والله سبحانه أكرم من أن يقبل بعضًا ويرد بعضًا، ثم ذكر نحوه عن الشيخ أبي طالب المكي وحجة الإسلام الغزالي.. والذي يظهر من ذلك أن المراد بقبولها قطعًا أنها لا ترد أصلًا مع أن كلمة الشهادة قد ترد فلذا استشكله السنوسي وغيره.

والذي ينبغي حمل كلام السلف عليه أنه لما كانت الصلاة دعاء، والدعاء منه المقبول ومنه المردود، وأن الله تعالى قد يجيب السائل بعين ما دعاه وقد يجيبه بغيره لمقتضى حكمته: خرجت الصلاة من عموم الدعاء؛ لأن الله تعالى قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: 56] بلفظ المضارع المفيد للاستمرار التجددي مع الافتتاح بالجملة الاسمية المفيدة للتوكيد وابتدائها بإن لزيادة التوكيد، وهذا دليل على أنه سبحانه لا يزال مصليًّا على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ثم امتن سبحانه على عباده المؤمنين حيث أمرهم بالصلاة أيضًا؛ ليحصل لهم بذلك زيادة فضل وشرف، وإلا فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مُسْتَغْنٍ بصلاة ربه سبحانه وتعالى عليه، فيكون دعاء المؤمن بطلب الصلاة من ربه] اهـ.

وقد جرت عادة علماء المسلمين قاطبةً أنهم إذا كتبوا أو نطقوا أو سمعوا أو شاهدوا اسمه المُعظم صلى الله عليه وآله وسلم بادروا بالصلاة والسلام عليه.

حكم اختصار الصلاة والسلام على سيدنا النبي عند الكتابة إلى (ص) أو (صلعم)


أما عن كلمة (صلعم)؛ فهي منحوتة من قولنا: "صلى الله عليه وآله وسلم"؛ ومعنى النحت أن تؤخذ كلمتان أو أكثر، وتنحت منهما كلمةٌ تكون مأخوذةً منهما جميعًا ومعبرةً عنهما؛ ينظر: "معجم مقاييس اللغة" للعلامة ابن فارس (1/ 328-329، ط. دار الفكر)، و"المزهر في علوم اللغة وأنواعها" للإمام السيوطي (1/ 372، ط. دار الكتب العلمية)، وقد ذكر العلامة الطاهر ابن عاشور أن القصد من النحت هو الاختصار أو التخفيف لكثرة دوران ذلك على الألسنة؛ ينظر: "التحرير والتنوير" (1/ 137، ط. الدار التونسية).

وهذه الكلمة وغيرها من نحو (ص) ممَّا يُقصَد به الاكتفاء والإشارة إلى الصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم عند ذكر اسمه الكريم يُعدُّ من العادات السيئة والخصال المذمومة، سواءٌ قُصد بها الاختصار أو التخفيف لكثرة ورودها أو غير ذلك، ولا يفعل ذلك إلا محرومٌ من بركة الصلاة والسلام على سيد الكونين صلى الله عليه وآله وسلم.

نصوص العلماء في هذه المسألة
قد تواردت بكثرة نصوص العلماء التي تدل على الكراهة الشديدة لهذا الصنيع والتحذير منه.

قال الإمام ابن الصلاح في "معرفة أنواع علوم الحديث" (ص 298-300، ط. دار الكتب العلمية) في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده: [ينبغي له أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عند ذكره، ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره؛ فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبته، ومن أغفل ذلك حُرِمَ حظًّا عظيمًا، وقد روينا لأهل ذلك منامات صالحة، وما يكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته لا كلام يرويه؛ فلذلك لا يتقيد فيه بالرواية ولا يقتصر فيه على ما في الأصل.. ثم ليتجنب في إثباتها نقصين: أحدهما: أن يكتبها منقوصة صورةً رامزًا إليها بحرفين أو نحو ذلك. والثاني: أن يكتبها منقوصة معنى بأن لا يكتب (وسلم).. سمعت أبا القاسم منصور بن عبد المنعم، وأم المؤيد بنت أبي القاسم بقراءتي عليهما قالا: سمعنا أبا البركات عبد الله بن محمد الفراوي لفظًا، قال: سمعت المقرئ ظريف بن محمد، يقول: سمعت عبد الله بن محمد بن إسحاق الحافظ، قال: سمعت أبي يقول: سمعت حمزة الكناني، يقول: كنت أكتب الحديث، وكنت أكتب عند ذكر النبي: (صلى الله عليه)، ولا أكتب (وسلم)، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام؛ فقال لي: ما لك لا تتم الصلاة عليَّ؟ قال: فما كتبت بعد ذلك (صلى الله عليه) إلا كتبت (وسلم)؛ قلت: ويُكره أيضًا الاقتصار على قوله: (عليه السلام)، والله أعلم بالصواب] اهـ.

وقال الإمام النووي في "التقريب والتيسير" (ص: 68، ط. دار الكتاب العربي): [وينبغي أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يَسْأم من تكراره، ومن أغفله حُرم حظًّا عظيمًا، ولا يتقيد فيه بما في الأصل إن كان ناقصًا، وهكذا الثناء على الله سبحانه وتعالى: كعزَّ وجلَّ، وسبحانه وتعالى، وشبهه، وكذا الترضي والترحم على الصحابة والعلماء وسائر الأخيار، وإذا جاءت الرواية بشيء منه كانت العناية به أكثر وأشد، ويُكره الاقتصار على الصلاة أو التسليم والرمز إليهما في الكتابة، بل يكتبهما بكمالهما] اهـ.

وقال الإمام جمال الدين الإسنوي في "المهمات" (1/ 33، ط. مركز التراث الثقافي المغربي): [أمَّا الصلاة على النبي فيجب أن تكتب كاملة، وقد كره الفقهاء اختصارها، وقد اختصرها بعض العجم على هذا الشكل: (صلعم، ص م)؛ أي: صلى الله عليه وآله وسلم، و (ع م)؛ أي: عليه السلام] اهـ.

وقال الإمام الْجَعْبَري برهان الدين [ت: 732] في "رسوم التحديث في علوم الحديث" (ص: 122، ط. دار ابن حزم): [ويحافظ على تكرار: سبحانه، وتبارك وتعالى، وعزَّ وجلَّ، وصلى الله عليه وآله وسلم، وعليه الصلاة والسلام، ورضي الله عنه، ورحمه الله تعالى، وإن حذفت في الأصل، وفاقًا للعنبري وابن المديني؛ لأنه تعظيم ودعاء، وقصره أحمد على ما في الأصل (الخطيب): ولفظ بها، وكره إفراد الصلاة أو السلام، ورمز (صلعم) أشدُّهُ أي: أشد كراهة- و(رضعنه) خَطَأ] اهـ.

وقال الحافظ أبو الفضل العراقي في "شرح التبصرة والتذكرة" (1/ 477، ط. دار الكتب العلمية): [ويُكْرَهُ أن يَرْمِزَ للصَّلاة على النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم في الخطِّ بأن يقتصرَ من ذلك على حرفينِ، ونحو ذلك كمن يكتُبُ (صلعم) يشيرُ بذلك إلى الصلاة والتَّسْلِيمِ] اهـ.

وقال العلامة شمس الدين ابن عمار [ت: 844هـ] في "مفتاح السعيدية في شرح الألفية الحديثية" (ص: 298، ط. مركز النعمان): [«واجتنب» يعني: أنه كَرِه الرَّمز للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الخَطّ، فيقتصر على لفظين ونحوه فيكتب: (صلعم) إشارةً إلى الصلاة والتسليم] اهـ.

وقال الإمام الكافِيَجي [ت: 879هـ] في "المختصر في علم الأثر" (ص: 181، ط. مكتبة الرشد): [وَالرَّمْز بالصلاة مَكْرُوه؛ كأن يكْتب (صلعم) ويشير بذلك إلى الصَّلَاة والسلام] اهـ.

وقال الحافظ السخاوي في "القول البديع" (ص: 247-248، ط. دار الريان): [ولا ينبغي أن يُرمز بالصلاة كما يفعله الكسالى والجهلة وعوام الطلبة؛ فيكتبون صورة (صلعم) بدلًا من صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

وقال أيضًا في (ص252-254): [وعن أبي علي الحسن بن علي العطار قال: كتب لي أبو طاهر المخلص أجزاءً بخطه فرأيته فيها إذا جاء ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: صلى الله عليه وآله وسلم تسليمًا كثيرًا كثيرًا كثيرًا؛ قال أبو علي: فسألته عن ذلك، وقلت له: لِمَ تكتب هكذا؟ فقال: كنت في حداثة سني أكتب الحديث، وكنت إذا جاء ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا أصلي عليه؛ فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم؛ فأقبلت إليه.. قال: فسلمت عليه؛ فأدار وجهه عني، ثم دُرْتُ إليه من الجانب الآخر، فأدار وجهه ثانية عني؛ فاستقبلته ثالثة؛ فقلت: يا نبي الله لِمَ تدير وجهك عني؟ فقال: لأنك إذا ذكرتني في كتابك لا تُصَلِّي عليَّ؛ قال: فمن ذلك الوقت إذا كتبت النبي؛ كتبت: صلى الله عليه وآله وسلم تسليمًا كثيرًا كثيرًا كثيرًا. رواه ابن بشكوال، وبالله التوفيق، ونسأله أن يلهمنا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلما ذكر خطًّا ونقطًا صلى الله عليه وآله وسلم تسليمًا كثيرًا كثيرًا كثيرًا آمين] اهـ.

وقال العلامة العلموي الدمشقي الشافعيّ [ت: 981هـ] في "العقد التليد في اختصار الدر النضيد" (ص: 255، ط. مكتبة الثقافة الدينية): [وجرت عادة السلف والخلف بكتابة: صلى الله عليه وآله وسلم، ولعل ذلك لموافقة الأمر في الكتاب العزيز في قوله: ﴿صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا﴾ [الأحزاب: 56]، ولا يختصر الصلاة في الكتابة، ولا يسأم من تكريرها كما يفعله بعض المحرومين: من كتابة: صلعم أو صلع أو صلم أو صم أو صلسلم، فإن ذلك مكروه كما قال العراقي] اهـ.

وقال الإمام محمد بن بلبان الدمشقي الحنبلي [ت: 1083هـ] في "مختصر الإفادات" (ص: 348، ط. دار البشائر الإسلامية): [ويكره الرمز للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بأن يقتصر من ذلك على حرفين، ونحو ذلك ككتابة "صلعم" إشارة إلى الصلاة والسلام] اهـ.

ما قاله العلماء فيمن يقوم باختصار الصلاة والسلام على سيدنا النبي
ومن شناعة هذا الأمر أن العلماء قد وصفوا مَن يقوم بهذا الفعل بأنه متهاونٌ كسولٌ محسوبٌ على الجهلة، وأنه إنما يفعل ذلك لقلة أدبه مع الجناب النبوي الشريف صلى الله عليه وآله وسلم.

قال الإمام شمس الدين السَّفِيري [ت: 956هـ] في "المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية" (1/ 80، ط. دار الكتب العلمية): [ويتجنب أن يكتب (صلعم) مكان صلى الله عليه وآله وسلم كما يفعله الكسالى والجهلة وعوام الطلبة، يأخذون من كلِّ كلمة حرفًا: الصاد من صلى، واللام من الله، والعين من عليه، والميم من وسلم، ويجمعونها (صلعم)] اهـ.

وقال العلامة ابن علان في "الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية" (3/ 320، ط. جمعية النشر والتأليف الأزهرية): [ويخشى على الكاتب إذا رمز للصلاة بصورة (صلعم) أن يندرج في هذا القبيل أي: ممن باء بغضب الله ومقته وطرده- لتهاونه وقلة أدبه] اهـ.

ومما يدل على شُؤم هذا الأمر وأنه قبيحٌ غير محمود ما ذكره الإمام جلال الدين السيوطي في "تدريب الراوي" (1/ 507، ط. دار طيبة) حيث قال: [(و) يُكره (الرمز إليهما في الكتابة) بحرف أو حرفين، كمن يكتب (صلعم) (بل يكتبهما بكمالهما) ويقال: إن أول من رمزهما ب(صلعم) قطعت يده] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "فتح الباقي بشرح ألفية العراقي" (2/ 44، ط. دار الكتب العلمية): [(واجتنب) أنت (الرمز لها)؛ أي: للصلاة مع السلام في خَطِّكَ، كأن تقتصر منها على حرفين، كما يفعله أبناء العجم، وعوَامُّ الطلبة، فيكتبون بدلها: (صم)، أو (صلعم)؛ فذلك خلاف الأولى، بل قال الناظم: إنه مكروه، ويقال: إن من رمز لها بـ(صلعم) قُطِعَتْ يده] اهـ.

التحذير من الاستهانة باختصار الصلاة والسلام على سيدنا النبي إلى لفظ (صلعم)
بالإضافة لكلِّ ما سبق فإن لفظة: (صلعم) بخصوصها قد تُجرِّئُ بعض السفهاء المتربصين بالجناب النبوي الشريف أو غيرهم على الاستهانة بمقامه الرفيع؛ كأن يقولوا على سبيل الاستهزاء أو الاستهانة أو غير ذلك: "قال صلعم كذا" أو نحو ذلك؛ وهذا ممتنعٌ بالإجماع؛ فقد أنكر الله تعالى على من يفعل ذلك وخاطبه موبخًا له بقوله: ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ [التوبة: 65]، وقد انعقد إجماع الأمة على منع وتحريم الاستهانة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ ينظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" للعلامة ابن القطان الفاسي (2/ 270، ط. الفاروق الحديثة)، و"الإجماع" للإمام ابن المنذر (ص: 132، ط. دار الآثار).

فيُؤخذ من مجمل ما قرره العلماء مما ذكرنا أن هذه الكراهة المنصوص عليها بلفظ الاجتناب، وغيرها من التغليظ والتأكيد في النهي عن إتيان هذا الأمر واقترافه، وأنه يُتوقع أن يكون بابًا للاستهانة بالجناب النبوي العظيم: أن كتابة رمزٍ بدلًا من الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم أو الإشارة إليها بنحو لفظ (صلعم) أو غيره أمرٌ منهيٌ عنه؛ أي: لا ينبغي فعله.

قال العلامة أبو الوفاء نَصْر الهُوريني [ت: 1291هـ] في "المَطَالعُ النصرية للمطابع المصرية في الأصُول الخطية" (ص: 397، ط. مكتبة السُّنَّة): [كما أن للعجم في الكتب العربية رموزًا معروفة عندهم، مثل: (مم): ممنوع.. (عـ م) عليه السلام، وكذا (صلعم) أو (ص م)؛ لكن نَهَى العلماء عن تقليدهم في ترك كِتابة التَّصْلية] اهـ.


وأكدت بناءً على ذلك إنه لا ينبغي للمسلم أن يستبدل الإشارة بحرف (ص) أو لفظ (صلعم) أو غيرهما بالصلاة والسلام على سيد الوجود صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يَحْسُنُ به فعل ذلك؛ فهو أمرٌ منهيٌّ عنه كما قرره العلماء، كما أن فاعل ذلك يُخشى عليه أن يكون ممن حُرِمَ من فضل الله تعالى ورحمته؛ لما في ذلك من التكاسل عن تحصيل الثواب العظيم والأجر الجزيل، ولما فيه أيضًا من سوء الأدب والجفاء والتهاون مع جنابه الرفيع صلى الله عليه وآله وسلم.

طباعة شارك الصلاة على النبي حكم اختصار الصلاة على النبي عند الكتابة ص صلعم الإفتاء

مقالات مشابهة

  • قصة الهجرة النبوية.. أسباب ودروس وعبرر
  • حكم الصيام في شهر المحرم .. الإفتاء تحسم الجدل الدائر
  • الهجرة ودروس لعزة الأمة
  • ماذا نتعلم من الهجرة النبوية؟.. 5 دروس وعبر ستغير حياتك
  • في ذكرى الهجرة.. إذا استنفرتم فانفروا
  • كم يوما استغرقت الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة؟
  • الطوفانُ الكونيُّ… بشائرُ الفتحِ وعذابُ الأممِ
  • حقيقة الإلحاح في الدعاء يكون بترديده 3 مرات فقط
  • حكم اختصار الصلاة على النبي عند الكتابة إلى (ص) أو (صلعم).. الإفتاء تجيب
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم