مشروعك ثورة واستشهادك ثورة أخرى
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
“إن من أعظم نكبات الأمة أن تفقد عظماءها” تتردد أصداء هذه الكلمات فينا كلما لاح بريق اسمك الوضاح الآفاق سيدي، ترسو بنا على قارعة الرحيل الأشد مرارة والأنكأ وجعا، ورغم هذا إلا إنكَ الحي في وجداننا أبدًا، الحاضر المتجذر في أرواح أنصارك، يامن رسمت بفيض علمك للأمة رؤيتها الصحيحة محاولا إعادتها إلى مسارها الحقيقي وطريق هدايتها، ويامن على يديه تتلمذت قوافل من طلبة العلم، جُدت بما تعلم على ثلة من الرجال والصبيان واثقاً بأنهم سيحملون هم تلك الرؤية من صغيرهم حتى كبيرهم في موقفٍ يتجلى اليوم عظمته وأحقيته؛ تستفيق قوى الظلام وأياديها الغادرة على خوف ؛ لتبادر بكل عنف كي تمحوك وتمحو ذكرك وبفعلهم وبكل بطشهم وبجبروتهم ذاك خطوا حضورك؛ فأصبحت أكثر حضورا فينا من قبل، وهذه الحقيقة التي اليوم يتجرعون مرارتها، ولن نستطيع أن نخفي ذلك ففقدك آلمنا وأحرقنا كحرقتك وألمك على الحسين يوم كربلاء: هي نكبة أمتنا حين فقدناك والتي كانت تتويجا لما سبقها من النكبات، نكبة بقدر ما آلمت بقدر ما أشعلت، وبقدر ما أفجعت بقدر ما أجْلت من الغشاوة عن البصائر، نكبة أشارت ببنانتها إلى الباطل لتُعريه واستمرت بالإشارة حتى تعرى أمام الجميع فكشفت حقيقته فأصبحنا نعي ونعي أكثر مع تكشُف الأحداث واستجلاء خبرها مسبقا من وحيك وصدق قولك يا حليف القرآن .
كان مشروعك ثورة وفقدك ثورة أخرى وامتدادا أوسع لجهاد مقدس، فكنت القائد الشهيد الذي بدمائه صنع حاضر ومستقبل الأمة، وها نحن اليوم نعيش أحداث ذكرتها وحاضر صنعته بدمائك الطاهرة، ومستقبلا نتجه إليه ضمن مشروع قرآني وجهتنا إليه .
سيدي في بضعِ كلمات اقتبسناها من محيط علمك العذب ووافر حكمتك وينبوع معارفك “إن الإنسان سيصبح قوياً متى ما وثق بالله وارتبط بالقرآن وحقق مسؤوليته الملقاة عليه ولم يرتاب ولم يخف دون الله فقد سبق ذلك ثقته بالله ” و” إن الإنسان سيصبح عظيماً متى ما ارتبط بالقرآن” ثم أثبت لنا فرأينا عظمتك تتجلى قرآنا يمشي ولا يقال ، فقلت وعملت وتحركت حتى أحس الأعداء الأرض تهتز تحت أقدامهم على بعد أميال قبل أن نعي نحن قولك !
سيدي الشهيد الحي: أخبرتنا دون خوف أن أعداءنا على ملة الكفر هم قشة وليست عصا غليظة ظلها أكبر من حجمها وهيمنتها سراب؛ إنما تتباها بها على آئمة النفاق لتخيفهم وتجعل منهم أدوات رخيصة لها ! ولقد تشّبع من قولك السديد شعب بأكمله، ليعود إلى نهجه ويتمسك بهويته الإيمانية وقضيته المركزية، فأصبح شعبا عظيما بمنهجه وقائده وموقفه، واليوم سيدي إن القلة التي حاضرتها وراهنت على وعيها أصبحت أمة تضرب بموقفها الحر أذان العالم الأصم؛ لتعلمه معنى الحرية والإنسانية وأهمية الدفاع عن كرامة المسلمين وكرامة الإنسان، شعبٌ عَبّر عن مقدار وزن قوى الطاغوت التي يسترهبها الجميع وتخافها الشعوب ..
فقدناك عظيماً لكن بعظمتك بنيت عظمة شعب تسترهبه الآن أعتى قوى العالم ظلما وجبروتا، فأصبح العالم ينظر إلى ماهية مشروعك القرآني الذي أحيا شعبا موات ووصل به إلى أوجع الكرامة والعزة بإجلال واحترام ، وبعد أن أوهم الأعداء أنفسهم أنهم قضوا عليك وعلى مشروعك القرآني ! يتفاجأون ليروا أنهم بدمائك أحيوا أمة عظيمة بعظمتك، أمة عصية عليهم يقف لها الأحرار احتراما ويتبنى موقفها الشرفاء ويستهوي اللحاق بها إنسانيو العالم ..
فقدناك سيدي جسدا لا غير، وها هو مشروعك القرآني تتردد أصداؤه في زويا العالم وأتباعك يحاضرون فعلا كما علمتهم ويترجمون أقوالهم على أرض الواقع وفي عمق العدو، باقٍ أنت فينا ما بقى القرآن ياحليف القرآن وأنت القدوة فريضة وسنة والقائد والشهيد الحي في فينا، فالويل لهم من دمائك التي حملناها في عروقنا، وبصيرتك التي استوطنت أرواحنا، ورؤيتك التي تجذرت في عقولنا والسلام للعالم موصولة من رحمتك التي أودعها الله في قلوبنا فالسلام عليك يوم خُلقت ويوم استشهدت ويوم أنعم الله بك علينا ويوم تُبعث حيا ..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
لا تمتحنوا صبرهن …ثورة النساء قادمة
بقلم / عفراء الحريري
أنّ ما نشهده منذ ثلاث سنوات ( عمر المجلس الرئاسي) لا يعبّر عن الإرادة الحقيقية لشعب عانى من القمع والاستبداد، بل هي محاولة مكشوفة لإعادة إنتاج نظام قائم على التمييز، إذ يتم التعامل مع النساء وكأن وجودهنّ في الحياة السياسية مجرد تفضيل مضاف إلى هيئات الرئاسة، أو صورة تُستخدم لتجميل مشهدٍ زائف،
إننا نرفض أن نكون مجرد واجهة لمشاريع لا تعترف بنا ولا تعطي لحقوقنا أي وزن، لسنا أرقاماً تُضاف إلى قوائم الحضور، ولسنا شهود زور على عملية سياسية عقيمة تُعيد إنتاج التهميش وتكرّس سياسات الإقصاء،،،
لقد كشفت مجدد نتائج تغيير رئيس الوزراء. عن عقلية الإقصاء والإنكار التي لطالما كانت السبب بأزمات الشرعية أو الحكومة المعترف بها دوليًا في المناطق المحررة. ويتناسى المجلس الرئاسي “بإننا نحن النساء وقفنا في مقدمة النضال، قاتلن ضد القمع والاستبداد والتطرف والعنف…إلخ ، دفعن الثمن الأكبر من النزوح والاعتقال والاغتيال والإغتصاب والقتل”.
على الرغم من ذلك لا يزال مصيرنا يُقرَّر في قاعات مغلقة، دون أن نمنح حق التعبير عن قضايانا، ودون أن يكون لنا دور حقيقي في صياغة مستقبل هذا البلد. فكيف يمكن الحديث عن حل سياسي؟ بينما يتم استبعادنا ونحن أكثر من النصف؟ كيف يُبنى مستقبل اليمن فيما نقصى نحن النساء اللواتي حملن العبء الأكبر في الحرب والسلام على حد سواء؟
أننا لن نقبل أن يكون مستقبل البلد مرهونًا بالسياسات ذاتها التي أنتجت معاناة النساء لعقود.
إن ما يجرى في قاعات فنادق الرياض هو استكمال لنهج تهميش النساء، وإقصاء القوى الديمقراطية الحقيقية، واستمرار للعقلية الذكورية التي لم تتعلم من دروس الماضي، هذه التعيينات ليست خطوات نحو الحل، بل نحو تعميق الأزمة، وهذه ليست بداية جديدة، بل استنساخٌ مشوّه لفشل قديم.
يبدو ان حركة التعيينات أصبحت تشوبها التدابير المقيّدة للحريات، لا سيّما في حقّ النساء اللواتي استبعدن تدريجيًا من الحياة العامة وأقصين من كلُّ المواقع السياسية، كمااستُبعدن من غالبية الوظائف العامة و أعطين أجورًا زهيدة لحضّهن على البقاء في المنزل أوسرحن من العمل أو سكن في القبر، فأصبح من الواضح أن سياسة المجلس الرئاسي مصمّمة لإقصاء النساء من الحياة العامة، فهو لم يعد يبدي مخاوفا من التستر على الوضع الاقتصادي الكارثي والقمع المتزايد والعسكرة والعنف ضد المدنيين والمدنيات، بل يجعل من تهميش المرأة طابع مؤسسي يطال النساء والفتيات، وإقصاء ممنهج من قبله كأعلى مؤسسة في الدولة.
ففي الوقت الذي تحتاج فيه اليمن إلى مشروع وطني حقيقي يعبّر عن جميع أبنائها وبناتها، نجد أنفسنا أمام مشهد مكرّر للمجلس الرئاسي، إذ تُعاد صياغة السلطة بأدوات قديمة، ويُفرض الواقع نفسه بوجوه جديدة، لكن بعقلية لم تتغير، عقلية تقصي النساء وتهمّشهنّ، وكأن أصواتهنّ وتضحياتهنّ لم تكن يومًا جزءًا من هذا النضال الطويل”.
إننا نعيش إعادة إنتاج لنظام قائم على التمييز، ورفض واضح لحقوق النساء ودورهن السياسي والاجتماعي.
اليوم في العاصمة المؤقته المقتولة عدن، تتزايد ممارسات ممنهجة لاقصاء النساء وتهميش دورهن في الحياة العامة وفي مواقع صنع القرار، وتنامي وتنوع مظاهر العنف الاسري والعنف الجنسي الذي يسحق كرامتهن، ويحول دون تمتعهن كمواطنات بحقوقهن الإنسانية، بسبب هيمنة العقلية والثقافة الذكورية والأعراف القبلية الدخيلة، والخطاب الديني المتطرف الذي تخلت عنه” المملكة العربية السعودية بزعامتها وتفردها له سابقا، وأختاره ولاة أمرنا بصوره المتعددة( الجهل، القمع، العنف، …إلخ) وبسبب أيضًا ضعف آليات الحماية ومؤسسات انفاذ القانون، وتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية والصحية، وانتشار الفقر والأميّة واستشراء الفساد…..
أن أي تعيين يتم دون أن يشمل ويمثلن النساء تمثيل حقيقي وصوت مسموع، هو تعيين غير شرعي، وأي عملية سياسية لا تأخذ في الحسبان نضال النساء وتضحياتهنّ، هي عملية ميتة قبل أن تبدأ. لن نسمح بأن تُفرض علينا خيارات لا تمثلنا، ولن نصمت أمام هذا المشهد السياسي الذي يحاول فيه المجلس الرئاسي دفن حقوقنا وإرادتنا تحت ستار “التوافقات” المزعومة.
نحن النساء، لسنا هامشًا، ولسنا بديلًا نحن أساس الحل وجوهر الديمقراطية، ومن لا يرى ذلك، فهو لا يسعى إلا لإعادة إنتاج الاستبداد بوجهٍ جديد”.
لذلك فإن لصبر النساء حد أشد حدة من السيف، إن شحد نحر و أجتز الشجر والجبل، فلا تمتحنوهن ولا تمتحنوا صبرهن.