يمن مونيتور:
2025-12-12@15:03:46 GMT

الإبحار مع جمال أنعم

تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT

الإبحار مع جمال أنعم

الكتابة عن الأديب جمال أنعم تستدعي بدرجة رئيسة الوقوف على ما يمثله من قيم وما يمتلك من قدرات وملكات، تجعله يحتل مكانة سامية في مصاف الكتاب الكبار- الذين يجعلون للكتابة لوناً وروحاً تحلق في فضاء من السمو يكون خليقاً بها وتصير جديرة به.

منذ أكثر من 20 سنة كنت وغيري كثيرون – على امتداد اليمن الحبيب- ننتظر مقالة الأستاذ جمال في الصفحة الأخيرة من أسبوعية الصحوة، وكنا نرى فيه وفي مقاله ما لا نراه في غيره، رغم وجود عشرات الكتاب الذين يحظون بالتقدير والمتابعة، كانت كلمات جمال ذات وقع خاص، مثل حبات العقد لا تُرى إلا مجتمعة بالطريقة التي جمعها، ومنظومة بالترتيب الذي اختاره.

كان جمال يكتب في السياسة محلقاً في فضاءات الأدب، يناهض الظلم والفساد بعنفوان شاب وحكمة مجرّب، وقد كان- ولا يزال- لكتابته الأثيرة وقعها الخاص، ولا أخفيكم أن فكرة الكتابة عن جمال وأدبه ظل بالنسبة لي مشروعاً مؤجلاً بفعل عوامل كثيرة، حتى عادت الفكرة مجدداً مع رؤيته يطل – للعام الثاني على التوالي- في برنامج (إبحار) الذي تبثه فضائية يمن شباب، وفي إطلالته الجديدة – كما هو في كتاباته، يمتلك القدرة على التأثير بما للكمة من سحر وما للمعنى من قيمة، وما إن يبدأ في الإبحار حتى يجد الملتقي نفسه جزءاً أصيلاً في رحلة تتجاوز بدقائقها المعدودات أفياء بعيدة.

وباعتقادي أن أروع ما يتقنه الأديب جمال هو القدرة على الجمع بين ما تكتنزه ذاته من ذخائر الفكر والتاريخ والدين والأدب ثم بلورتها في قوالب خاصة، قدّها من يقين روحه المتقدة نوراً، وفاضت بها كأسه المترعة فكراً ناضجاً وأدباً سامياً يتجلى في روعة ما يكتب وما يقول.

إن في كتابات جمال إبحارٌ متواصل في فضاءات واسعة، يتتبع الينابيع بحثاً عن الروح والجذور، عن الامتداد والاعتداد، عن الكلمة والمعنى، في الرحلة بُعد صوفي لا يتغيا الوصول إلى نقطة محددة، بقدر ما يرى في السفر غاية بذاتها، ومن ثم فلا مناص من البدء في السفر والذهاب مع الريح، إلى حيث تسكن الروح.

ينطلق الكاتب/ المفكر حين يصوغ فرائده، من كون موضوع الروح موضوع ذو شجون، يستدعي حضوراً خالصاً، وطاقة حية قادرة على امتلاك النفس والإرادة في موكب الجمال والجلال، جمال الأدب وجلال الفكر، وفي كتابته تتجلى الفكرة الأصيلة في قالب جميل وجديد من الإبداع، حيث يستند على اطلاع واسع في كثير من مجالات المعرفة الإنسانية، كما يستمد من شاعريته العذبة التي تنساب ندية بين السطور.

يحلق الكاتب الكبير جمال أنعم بجناحي فكره وأدبه، ثقافته وإبداعه، جودة ما يقرأ وروعة ما يكتب، لتسري في إبداعه روحٌ آسرةٌ تملك قلب المتلقي وتأسر روحه فتسير مبحرةً في الدرب ذاته بحثاً عن ذاتها، وتجدّ – متعبةً- في طلب الراحة، كما يقول الشاعر البردوني:

ورحتَ من سفرٍ مضنٍ إلى سفرٍ

أضنى، لأن طريقَ الراحةِ التعبُ.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: كتابات يمن مونيتور

إقرأ أيضاً:

د. سعيد الكعبي يكتب: في تأمل النعم

ما أجمل أن نتدبر القرآن ونربطه بحياتنا، وهناك سور نقرأها كثيراً ولكن للأسف دون التوقف عندها. بالأمس وأنا أقود سيارتي في طريقي من قريتي قلي إلى مدينة الشارقة، كنت أتفكر بالنعم التي من حولي، وبالأمان الذي نعيشه، والرفاه الذي منّ به الله علينا، وتذكرت قوله تعالى: «لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ» (التكاثر: الآية 8).
آية قصيرة تهزّ الوجدان، وتوقظ الغافل مما اعتاد عليه، ونداءٌ لطيف من الله ليعيد الإنسان النظر في معنى النعمة، قبل أن يُسأل عنها، فالنعيم ليس ثروةً تُكنَز، ولا جاهاً يُفاخر به، بل هو تلك التفاصيل التي نمر بها كل يوم دون أن نلحظ قيمتها.

هل تأملنا يوماً في الماء عندما نفتح الحنفية فيصب علينا حاراً أو بارداً كما نريد، النَفَس الذي نتنفسه، يدخل الهواء برحمةٍ إلى صدورنا، يوزع الحياة على خلايانا، ثم يخرج وقد حمل ما لا نحتاج إليه، رحلة تتكرر كل يوم بعدد لا يمكن حصره. وهل تأملنا يوماً في رحلة الغذاء الذي نأكله؟ من بذرةٍ نبتت في أرضٍ، إلى مزارعٍ سقاها، إلى من قطفها، إلى طباخ طبخها، ثم إلى يدك التي وضعتها في فمك، الذي قام بدوره ثم المعدةٍ التي تكمل الرحلة إلى نهايتها.

هل تأملنا في رمشة العين التي تحمي البصر دون أن نستدعيها؟ هل تأملنا في تمييزنا لصوتٍ واحدٍ بين العشرات. هل تأملنا في النوم الذي يزورنا دون موعدٍ، ثم في استيقاظنا الدقيق، كأن داخلنا حارس يوقظنا بعد اكتفاء الجسد؟ هل تأملنا في اللغة، حركة لسان صغيرة تنقل فكرة أو تثير عاطفة أو تُصلح بين قلبين؟
هذه النعم لا تُحصى، لكنها تنتظر منّا نظرة امتنان، وسجدة شكر، وتأملاً يعيدنا إلى جوهر الحياة، وأن نكمل القول بالفعل فنشكر نعمة المال بالإنفاق، ونعمة العلم بالتعليم، ونعمة الوقت بالعمل، ونعمة الصحة بالعطاء، وأن نرى في كل ما تملك فرصة للخير، لا وسيلة للترف. ونتذكر قوله تعالي: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ، وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ» (إبراهيم: 7)

أخبار ذات صلة اتفاق أوروبي لمراجعة لوائح الأدوية الخاصة بالاتحاد كوزمين: التركيز سلاح «الأبيض» لمواجهة الجزائر في كأس العرب


* تأمل.:. ما النعم التي تمرّ بك كل يوم؟
. هل تُعامل النعم كأمانةٍ ستُسأل عنها؟

مقالات مشابهة

  • الطمأنينة.. المعنى الحقيقي للحياة
  • الخواطر … بوابة إلى الوعي القرآني وسمو الروح
  • أسطول الحرية يعلن أكبر توسّع في حملات كسر حصار غزة منذ تأسيسه
  • د. سعيد الكعبي يكتب: في تأمل النعم
  • الإمارات تحصد المركز الثاني في بطولة العالم للإبحار الدامج
  • الإبحار الشراعي رياضة لا تعرف الحدود.. وشعرت بالحرية على سطح الماء
  • بالصورة.. القيادي بالحرية والتغيير خالد سلك ينعي المذيع الراحل محمد محمود: (ودعناك الله يا حسكا يا لطيف الروح وطيب القلب.. كأنك كنت تدري بأن هذه الدنيا زائلة فلم تعرها اهتماماً)
  • بالصورة.. زوجة المذيع الراحل محمد محمود حسكا السابقة تنعيه بعبارات مؤثرة: (ودعناك الله يا خفيف الروح يا طيب القلب يا حلو العشرة)
  • ختام فعاليات الملتقى الحادي عشر لمناهضة العنف ضد المرأة بمطروح
  • مشعل: نزع السلاح عند الفلسطيني يعني نزع الروح