حماد صبح للأسبوع التاسع والعشرين، توالي عواصف إسرائيل هبوبها خلافا بين الحكومة وبين معارضيها في قضية تغيير النظام القضائي الذي تراه الحكومة إصلاحا، ويراه معارضوها تحطيما للديمقراطية وتوجها نحو الديكتاتورية. وأضافت موافقة الحكومة على قانون الحد من المعقولية قوة جديدة ونارية للعواصف الأصلية. كبر عدد المتظاهرين، واشتد تحديهم للحكومة، ويستعدون لمظاهرات متلاحقة بفعاليات جديدة .

وخرجت الصحف الإسرائيلية متوشحة بالسواد حدادا وحزنا وغضبا، ومن بينها صحيفة ” إسرائيل اليوم ” المؤيدة دائما لنتنياهو، وارتفعت أصوات وازنة تحذر من حرب أهلية، وشارك رئيس الوزراء السابق أولمرت في هذا التحذير، وحذرت أصوات أخرى، بل توقعت حدوث انقلاب عسكري رفضا للتغيير القضائي. والخطير على إسرائيل هو ما يحدث في الجيش برفض 10000 من الاحتياط المشاركة في التدريبات التي تحافظ على لياقتهم القتالية وتجدد خبرتهم العسكرية وتطلعهم على الأسلحة الجديدة . وفي الخدمات الصحية، دخلت نقابة الأطباء في الإضراب، وأعلن 1000 طبيب وعامل في هذه الخدمات نيتهم الهجرة إلى الخارج . وفي الصناعة والاقتصاد، قررت 70 % من الشركات الناشئة نقل عملها إلى الخارج، وصدى لتلك العواصف، ارتفع سعر الدولار مقابل الشيكل، وصار يساوي 371 شيكلا، وارتفاعه سيرفع مستويات الأسعار، وترتيبا سيرفع تكلفة مستويات المعيشة، ويهدد دولة الرفاه التي استهدف المشروع الصهيوني منذ بدايته بناءها لإغراء يهود العالم بالقدوم إليها بعد أن اغترسها عدوانا في الأرض الفلسطينية . ويظهر معارضو التغيير القضائي عزما عنيفا وإرادة حازمة لمواصلة معارضتهم له، ويرون صراعهم مع حكومة التطرف الديني والقومي المندفعة نحو الديكتاتورية صراعا لا وسطية فيه، ومعارضتهم هذه تحدث بعد الموافقة على القانون الأول من ثمانية قوانين ستوالي تلك الحكومة الموافقة عليها، وعبر رئيس الأمن القومي بن غفير عن اغتباطه بالموافقة على القانون الأول قائلا إنه البداية، وما بعده آتٍ . ويحذر معارضو التغيير القضائي، ومنه قانون عدم المعقولية، من تعريضه الضباط الإسرائيلية إلى محاكمات دولية في الخارج على جرائمهم في الأراضي الفلسطينية، وبيان هذا أن صلاحية المحكمة الإسرائيلية العليا التي يستهدف قانون عدم المعقولية الحد منها ؛ يفترض أن تكفي لمحاكمة أولئك الضباط إذا وجهت لهم تهم باقتراف تلك الجرائم من الفلسطينيين أو من جهة إسرائيلية مع أن المحكمة الإسرائيلية لا تدينهم عادة، وإذا دانتهم تحكم عليهم أحكاما خفيفة لا تردعهم ولا تردع سواهم . وهي، المحكمة، لا تمنع هدم بيوت الفلسطينيين، وفي أفضل قراراتها تؤجله . ومن غريب مواقف نتنياهو في العواصف الحالية أنه يعد المعارضين الغاضبين بمناقشة اعتراضاتهم في نوفمبر القادم ! بعد أربعة أشهر، ولعله يشير إلى المدة الضرورية لموافقة حكومته على القوانين السبعة الباقية، ومن أين له ضمان بقاء حكومته حتى ذلك الوقت في جو هذه العواصف الداوية التي لا تنذر إلا بتلاحقها وتدافعها قوة ومفاجآت.  ومن المعارضين من يرون الفرج في حكومة جديدة منتخبة، ولا نرى أي أمل في ولادة هذه الحكومة في الاستقطاب الحالي الذي التزم فيه النواب الأربعة والستون للأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي بالتصويت في الكنيست تأييدا لإنفاذ قانون الحد من المعقولية، فهذا الاستقطاب تجسيد لانزياح أكثرية في الجمهور الإسرائيلي إلى التطرف الديني والقومي والابتعاد عن قيم الليبرالية والديمقراطية التي كانت دائما خاصة بمجتمعهم الاستيطاني العدواني، ولا فائدة منها للفلسطينيين. وفي أميركا قلق على هذه القيم، ويلح بايدن على حكومة نتنياهو بتجنب الابتعاد عنها، ويحثه توماس فريدمان في “نيويورك تايمز” على إنقاذ إسرائيل من أخطار ذلك الابتعاد. وتيار العواصف يتدفق صاخبا داويا، وفي كل ساعة نسمع ونرى الجديد منه، وكل تطور مباغت قابل للحدوث، ووصف ما يحدث بأنه أخطر وأسوأ محنة داخلية إسرائيلية مدى 75 عاما وصف دقيق صحيح . ومحن الداخل تكون أحيانا أخطر من المحن المندفعة من الخارج. إنها مثل المرض الباطني يصعب تشخيصه وعلاجه .  هذه المحن توهن المناعة الداخلية للمجتمعات والدول، وتهلك قواها دون أي جهد من الأعداء الخارجيين الذين ينتظرون لحظة الانقضاض عليها . وهذا ما ستفعله المحنة الحالية بإسرائيل، إذا فشلت في اجتيازها فستكون عليها، وهو ما نتمناه عقابا لها على ما نكبتنا به من مآسٍ وتعاسات وتشريد، أما إذا اجتازتها، وهو ما لا نتمناه، فستكون لها، وسيرى فيه كثيرون علامة صحة وقوة بنيوية للمجتمع الاستيطاني الإسرائيلي، وانتصارا لربيع خاص به إلا أن المخاض عسير منهك لولادة هذا الربيع، وربما يولد خريف، والمؤكد أن هذا المجتمع لن يكون بأي حال في صورته التي كان عليها في سنيه الخمس والسبعين. كاتب فلسطيني

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

بي-2 سبيريت.. الطائرة التي تريدها إسرائيل لتدمير منشأة فوردو النووية

في الوقت الذي تدور فيه رحى الحرب بين إسرائيل وإيران، تعود الأنظار مجددًا نحو القدرات العسكرية الأميركية باعتبارها أحد العوامل الحاسمة في هذه المواجهة، خاصة مع تصريحات إسرائيلية تؤكد الحاجة المُلحّة إلى الدعم العسكري الأميركي لضرب منشأة فوردو النووية الشديدة التحصين.

تعوّل إسرائيل كثيرا على دخول الولايات المتحدة الأميركية في الحرب التي تشنها على إيران، نظرًا لعجزها عن استهداف منشأة فوردو النووية الواقعة جنوب طهران نظرا لتحصينها الشديد. إذ يتطلب تدمير هذه المنشأة تحديدًا استخدام قاذفات إستراتيجية وقنابل خارقة للتحصينات لا تملكها إلا الولايات المتحدة حاليا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غموض "إف-35".. هل أسقطتها الدفاعات الجوية الإيرانية حقا؟list 2 of 2هل يحلق صائد الطائرات الصيني في سماوات إيران قريبا؟end of list

ونقل موقع أكسيوس عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والقيادة العسكرية الإسرائيلية يعتقدون أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد يتخذ قرارًا بالتدخل العسكري المباشر لدعم إسرائيل وقصف منشأة فوردو.

ولو حدث ذلك السيناريو، فستبرز في القلب منه القاذفة الأميركية "بي-2 سبيريت" (B-2 Spirit) التي تمتلك مواصفات تقنية تجعلها الوحيدة تقريبًا القادرة على تنفيذ مثل هذه المهمة المعقدة. لكن ما الذي يجعل منشأة فوردو هدفًا استثنائيا، ولماذا تعجز إسرائيل عن مواجهتها بمفردها؟

بي2- سبيريت.. الطائرة التي تستطيع

لفهم عمق الأمر، سنتعرف بداية إلى الطبيعة الخاصة جدا لهذه النوعية من الطائرات المسماة بي-2 سبيريت والتي كثر الحديث عنها مؤخرًا ورُبطت بمنشأة فوردو تحديدا.

فالقاذفات نوع من الطائرات المصممة خصيصًا لمهاجمة الأهداف البرية والبحرية بإسقاط القنابل أو إطلاق الصواريخ، وتتخصص بشكل أساسي في مهام القصف الإستراتيجي (ضمن مهام أخرى)، أي استهداف البنية التحتية، أو المراكز الصناعية، أو خطوط الإمداد، أو الأصول الأخرى ذات القيمة العالية بهدف إضعاف قوة العدو وتقويض قدراته الأساسية.

إعلان

وبشكل خاص، تمتاز "بي-2" بقدرتها على حمل أسلحة ضخمة مثل القنابل الخارقة للتحصينات (جي بي يو-57) والأسلحة النووية، وذلك ما يجعلها عنصرًا أساسيا في عمليات الردع الإستراتيجي. هذه العمليات تتطلب مهام طويلة المدى بعيدًا عن قواعد الانطلاق وبتخفٍّ تام عن رادارات العدو.

ويفهم مما سبق أن هذه النوعية من العمليات غالبًا ما تنطوي على مهام بعيدة المدى في عمق أراضي الخصم المستهدف، ولتحقيق هذا الغرض يجب أن تكون هذه القاذفات قادرة على السفر لمسافات طويلة من دون رصدها تحت أي ظرف.

ورغم أن قاذفة إستراتيجية أخرى هي "بي ـ 52" قادرة على حمل مثل هذه القنابل الضخمة، فإنها ليست مؤهلة للقيام بالعمليات التشغيلية من هذا النوع، إذ إنها لا تتمكن من فرض التفوق الجوي والمناورة والتخفي من الرادارات، ولذلك فهي بحاجة لوجود طائرات أخرى للحماية.

في الحرب الباردة كانت القاذفات، مثل "بي-52″ الأميركية، جزءا رئيسيا من إستراتيجيات الردع النووي، إلا أن الولايات المتحدة احتاجت إلى قاذفة قادرة على اختراق الدفاعات الجوية السوفياتية من دون أن يتم كشفها بسبب التقدم الكبير في تقنيات الرادار، مما جعل القاذفات التقليدية أكثر عرضة للخطر.

بحلول منتصف السبعينيات، ابتكر مصممو الطائرات العسكرية طريقة جديدة لتجنب الصواريخ الاعتراضية، والمعروفة اليوم باسم "التخفي".

وفي عام 1974، طلبت وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة "داربا" معلومات من شركات الطيران الأميركية عن أكبر مقطع عرضي لطائرة تكون غير مرئية فعليا للرادارات.

وإثر ذلك، وفي عام 1979، أطلقت القوات الجوية الأميركية برنامجا لقاذفة متطورة تكنولوجيا يتركز على قدرات التخفي، وفي عام 1981 فازت شركتا نورثروب وبوينغ بعقد تطوير القاذفة الشبحية الجديدة بموجب "مشروع سي جي سينيور"، وبحلول عام 1988 كشف النقاب رسميا عن القاذفة "بي-2 سبيريت" للجمهور.

في الأصل، خططت الولايات المتحدة للحصول على 132 قاذفة من طراز "بي 2″، ولكن بسبب التكاليف المرتفعة تم تخفيض العدد إلى 21 طائرة فقط، حيث قُدِّرت التكلفة الإجمالية لكل طائرة -بما يشمل الصيانة والتطوير- بنحو 2.1 مليار دولار، مما يجعلها واحدة من أغلى الطائرات العسكرية التي بنيت على الإطلاق.

وفي 17 يوليو/تموز 1989 قامت قاذفة "بي-2 سبيريت" بأول رحلة لها من مصنع القوات الجوية 42 في كاليفورنيا، ومنذ ذلك الحين بات ينظر إلى القاذفة الشبحية الأميركية على أنها القاذفة الإستراتيجية الأكثر تقدمًا في العالم، بسبب قدرتها الفائقة على التخفي.

وتعزى هذه القدرة بالأساس إلى تصميم جناح الطائرة القادر على الإفلات من الرصد الراداري، فضلا عن كونها مطلية بمواد تمتص أشعة الرادار، وتمتلك قدرات على قمع الأشعة تحت الحمراء (بصمتُها الحرارية منخفضة)، كما تعمل أنظمة التشويش المتقدمة الخاصة بها على تعطيل رادار الخصم وأنظمة اتصالاته.

ووفقًا لسلاح الجو الأميركي، يوجد 19 قاذفة بي-2 عاملة، يمكنها أن تحلق بسرعات دون سرعة الصوت، لكنها قادرة على التزود بالوقود جوًا، وذلك ما يسمح لها بالطيران لمسافات طويلة للغاية.

إعلان

وخلال حرب كوسوفو في أواخر التسعينيات، حلّقت طائرات بي-2 ذهابًا وإيابًا من قاعدتها في قاعدة وايتمان الجوية بولاية ميسوري لضرب أهداف، وفي عام 2017 حلّقت طائرتان من طراز بي-2 لمدة 34 ساعة للوصول إلى ليبيا، ويجري ذلك أيضا على عمليات في العراق (2003)، وأفغانستان (2001-2021)، وسوريا (2017)، وصولا إلى العمليات الأميركية الأخيرة في اليمن.

وهي الطائرة التي يعود ذكرها للضوء على إثر ما يرشح من تصريحات من أن ضرب منشآت إيران النووية المحصنة لا يمكن أن يتم إلا عبر الترسانة الأميركية، وعلى رأسها قاذفة بي -2.

تحصينات منشأة فوردو

إذا ما تحدثنا عن استهداف منشأة "فوردو" النووية الإيرانية، والتي تعد واحدة من أكثر المنشآت تحصينًا في العالم، يبدو أنه لا مناص من استخدام هذه القاذفة إذا أرادت إسرائيل ومن ورائها أميركا السير في خطة تدمير المنشآت النووية الإيرانية.

منشأة فودو هذه، صُمّمت خصيصًا لتكون قادرة على الصمود أمام الضربات الجوية وحتى بعض الهجمات النووية التكتيكية، أي تلك التي تستخدم أسلحة نووية صغيرة ذات أثر محدود.

تقع "فوردو" على بُعد نحو 95 كيلومترا جنوب غرب العاصمة طهران، وقد شُيّدت داخل مجمع أنفاق تحت جبل يبعد حوالي 32 كيلومترا شمال شرق مدينة قُم، ويقدر أن عمق المنشأة عن سطح الأرض يصل إلى 80 أو 90 مترًا، بهدف واحد وهو حماية المنشأة من القنابل الخارقة للتحصينات.

هذه الصورة التي نشرتها شركة ماكسار تكنولوجيز، والملتقطة في 11 ديسمبر/كانون الأول 2020، تُظهر لمحة عن محطة فوردو لتخصيب الوقود النووي الإيرانية (الفرنسية)

المنشأة محاطة بطبقات من الصخور الجبلية الطبيعية والخرسانة المسلحة العالية الكثافة، مع جدران فولاذية أو دروع معدنية داخلية، وتصميم داخلي يمثل "متاهة"، ليعقّد الاختراق، ويحد من تأثير الانفجارات.

كذلك فإن هناك دفاعات جوية متعددة تحيط بالمنشأة، منها بطاريات صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى وأنظمة تشويش إلكتروني لمنع استهداف دقيق، مع كاميرات حرارية، وأجهزة استشعار، وحراسة دائمة.

وتتألف المنشأة، بحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من قاعتين مخصصتين لتخصيب اليورانيوم، وقد صممت لاستيعاب 16 سلسلة من أجهزة الطرد المركزي الغازي من طراز "آي آر-1" (IR-1)، موزعة بالتساوي بين وحدتين، بإجمالي يبلغ نحو 3 آلاف جهاز طرد مركزي.

قنبلة واحدة فقط

وحسب المعلومات المتاحة، لا توجد سوى قنبلة واحدة يحتمل أن تصل إلى هذا العمق قد تستخدمها إسرائيل لضرب منشآت مثل فوردو ونطنز النوويتين، وهي القنبلة الأميركية "جي بي يو-57 إيه بي".

وتُعرف هذه القنبلة أيضا باسم القنبلة الخارقة للدروع الضخمة (إم أو بي)، وهي قنبلة تقليدية موجهة بدقة لتدمير الأهداف المدفونة والمحصنة على عمق كبير، مثل المنشآت والمخابئ تحت الأرض، وهي تزن نحو 13-14 طنا، ويبلغ طولها 6 أمتار.

هذه القنبلة قادرة على اختراق ما يصل إلى 61 مترا من الخرسانة المسلحة أو ما يصل إلى 12 مترا من الصخور الصلبة، ولا يمكن حملها بواسطة الطائرات المقاتلة الأميركية العادية، بل تحتاج لقاذفة الشبح الأميركية "بي 2 سبيريت" التي تشغَّل بواسطة القوات الجوية الأميركية.

ويتطلب الأمر، لتنفيذ مهمة كهذه، أن يحلّق عدد من طائرات بي-سبيريت، لتبدأ أولا حرب إلكترونية متخصصة، مهمتها تشويش أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية على نطاق واسع، وعزل المنطقة المستهدفة عن أي اتصالات خارجية.

طائرة بي 2 سبيريت تقود سربًا من الطائرات المقاتلة أثناء عرض عسكري بولاية نيوجرسي الأميركية في يوليو/تموز 2020 (غيتي)

ومع الوصول إلى منطقة الهدف فوق جبل فوردو، تبدأ أنظمة الاستهداف العالية الدقة على متن الطائرات بتحديد الموقع الدقيق للمنشأة تحت الأرض، ثم تطلق القنابل، لكن الأمر أعقد من مجرد الحاجة لقنبلة واحدة، إذ يتطلب ضربات متتالية على النقطة نفسها، ربما تبدأ بقنابل أخرى غير جي بي يو-57 إيه بي، لإحداث صدمة أولية أو لإزالة الطبقات السطحية من الصخور التي قد تعيق الاختراق الأعمق، أو حتى لاختبار استجابة الدفاعات المتبقية التي لم يتم تشويشها بالكامل، ثم تطلق القنابل الرئيسية بعد ذلك.

إعلان

عند الاصطدام، تخترق كل قنبلة طبقات صلبة من الصخور والخرسانة المسلحة، معتمدة على طاقتها الحركية الهائلة، قد تُطلق قنابل متتالية على النقطة نفسها لتعميق الاختراق، أو على نقاط مختلفة لتوسيع دائرة التدمير. وبعد اختراق عشرات الأمتار في عمق الأرض، تنفجر الشحنة المتفجرة داخل القنبلة بقوة هائلة، مُحدثة موجة صدمية تدمر البنية الداخلية للمنشأة.

وحتى في هذه الحالة، فالهدف ليس فقط تدمير المفاعل نفسه، بل شلّ أنظمة الدعم الحيوية مثل غرف التحكم وأنظمة التبريد ومخازن الوقود.

عائق أعمق

يفسر ما سبق حاجة إسرائيل الشديدة للقاذفة الأميركية وقنبلتها الضخمة. وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن "المنشآت النووية الإيرانية لم تتعرض لأضرار لا يمكن إصلاحها في الموجتين الأوليين من الهجمات الإسرائيلية"، وبنت الصحيفة ذلك الاستنتاج على التصريحات الصادرة عن البلدين فضلًا عن مقاطع الفيديو والصور للمواقع المتضررة.

وتوضح الصحيفة أنه يبدو أن إسرائيل شنت هجومًا قرب فوردو، لكنها لم تُصب المنشأة تحت الأرض نفسها. وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية وخبراء في مجال حظر الانتشار النووي فإن الضربات على نطنز، موقع التخصيب الرئيسي الآخر في إيران، قد دمرت منشآت عدة وألحقت أضرارًا بالنظام الكهربائي.

وأوضح المحللون الذين اطلعوا على صور الأقمار الصناعية في البداية أن معدات التخصيب تحت الأرض في نطنز لم تتضرر على الرغم من وجود آثار مباشرة على قاعات التخصيب تحت الأرض في نطنز.

ولكن حتى إن نجحت إسرائيل في الحصول على الدعم الأميركي وتنفيذ ضربات كهذه، فإن الأمر يظل أعقد مما قد يتصور.

ورغم أن إسرائيل استطاعت عبر العقود الماضية تنفيذ ما يُعرف "بعقيدة بيغن" التي تقوم على توجيه ضربات استباقية لمنع خصومها في المنطقة من امتلاك قدرات نووية، كما حدث عند تدمير مفاعل تموز العراقي عام 1981، ومنشأة الكبر السورية عام 2007، فإن الملف الإيراني يطرح تحديات من نوع مختلف تمامًا.

فالمنشآت المستهدفة من قبل كانت منفردة وظاهرة ولا تزال في مراحل مبكرة من التشييد، مما جعل ضربها ممكنًا وفعالًا.

لذلك يمثل استهداف منشأة فوردو تحديًا مختلفًا عما واجهته إسرائيل سابقًا. فالبرنامج النووي الإيراني موزع على مواقع متعددة ومحمي جيدًا تحت الأرض، كما أنه مدعوم بخبرات تقنية وعلمية راسخة، وذلك ما يجعل القضاء عليه بالكامل من خلال ضربات جوية أمرًا معقدًا للغاية.

وحتى إن نجحت الضربات الجوية، فإن إيران تملك القدرة العلمية والفنية على إعادة بناء منشآتها، وذلك ما دفع إسرائيل إلى محاولة استهداف العلماء الإيرانيين في محاولة لإبطاء البرنامج النووي. ومع ذلك، فإن هذا النهج أيضًا محدود الفاعلية نظرًا لاستناد البرنامج إلى بنية مؤسساتية وعلمية عميقة، وليس إلى أفراد فقط يمكن استبدالهم بسهولة.

في النهاية، يظل الملف النووي الإيراني أكثر تعقيدًا من مجرد استهداف منشآت مادية، إذ يتعلق الأمر بمنع دولة لديها المعرفة العلمية والإرادة السياسية من استئناف نشاطاتها، وذلك ما يجعل التعامل الناجح معه بعيدًا كل البعد عن مجرد حل عسكري سريع.

مقالات مشابهة

  • ما هي صواريخ إيران الفرط صوتية التي ترعب إسرائيل؟
  • د.حماد عبدالله يكتب: " تنقصنا الحكومة الرشيدة"!!
  • تعرف عليها.. صواريخ إيران التي لم تستخدمها حتى الآن
  • بي-2 سبيريت.. الطائرة التي تريدها إسرائيل لتدمير منشأة فوردو النووية
  • الشعراوي يكشف اسم القرية التي نزل عليها مطر السوء.. ماهي؟
  • مصر والتأثيرات المحتملة عليها جرّاء حرب إسرائيل وإيران
  • اليوم الثالث من تصحيح أوراق “البيام” ..هذه هي النقاط التي تحصل عليها التلاميذ
  • سماء مغلقة وأبواب موصدة.. إسرائيل في عزلة جوية بعد ضربات إيران
  • الصين تجدد تحذيرين ضد العواصف ودرجات الحرارة العالية
  • الصين تجدد تحذيرين من العواصف ودرجات الحرارة بعدة مناطق