في عيد الأم.. أمهات غزة بين موت وفقد وتشريد وحرب نفسية
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
بينما يحتفل العالم بـ عيد الأم الذي يصادف اليوم، 21 مارس/آذار من كل عام، تعجّ سماء غزة بأصوات آهات الأمهات الفلسطينيات هناك، من فقدان الطفل أو الابن أو الزوج أو الأهل إما قصفًا أو قنصًا أو جوعًا أو اعتقالًا في ظل إبادة جماعية يمارسها الاحتلال منذ السابع من أكتوبر الماضي.
اقرأ ايضاًيأتي عيد الأم هذا العام على الأمهات الفلسطينيات في قطاع غزة، وقد فقدن مقومات الحياة الآمنة، تحت وطأة القصف الإسرائيلي المتواصل، وحملات الاعتقال المروّعة ناهيك عن وقوفهن عاجزات عن تأمين لقمة لأطفالهن الذين يتضورون جوعًا.
يأتي عيد الأم هذا العام على الأمهات الفلسطينيات في قطاع غزة وقد حملن بأيديهن صور الأحباب الغائبين عنها، من عائلتهن وأقرباءهن وذويهن.
يأتي عيد الأم هذا العام على الأمهات الفلسطينيات في قطاع غزة، وقد ارتقت شهيدة بقذيفة صاروخية أطلقتها طائرة حربية محت فيها عائلات كاملة من السجلات المدنية ويتمت أطفالًا.
يأتي عيد الأم هذا العام على الأمهات الفلسطينيات في قطاع غزة، وقد استشهدن برصاص قناص غادر، كان يترقبهن على الطريق الخطر، وهن ينزح من منزلها أملًا في الحصول على ملاذٍ آمن.
يأتي عيد الأم هذا العام على الأمهات الفلسطينيات في قطاع غزة، وقد ارتقين شهيدات تحت أنقاض بيوتهن التي حولتها الصواريخ إلى ركام.
يأتي عيد الأم هذا العام على الأمهات الفلسطينيات في قطاع غزة، وقد ولدت طفلها دون مُخدر ومقومات الرعاية الصحية التي تحتاجها المرأة الوالد.
يأتي عيد الأم هذا العام على الأمهات الفلسطينيات في قطاع غزة، وقد حملت بين يديها طفلها الشهيد وقد نزف دمًا بينما تقف عاجزة عن دفنه.
غزة بلا أمهات في عيد الأميأتي عيد الأم هذا العام على الأمهات الفلسطينيات في قطاع غزة، وهن يجدن صعوبة في تأمين الرعاية الصحية اللازمة لها ولأطفالها ولعائلتها، ناهيك عن عجزها عن تأمين الغذاء والمأوى في ظل الدمار الناجم عن القصف والقتال.
يأتي عيد الأم هذا العام على الأمهات الفلسطينيات في قطاع غزة، وقد تعرضت لابتزاز نفسي قاسٍ، إذ أجبرن على خلع ملابسهن بالكامل في مداهمات نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
اليوم، وبعد مرور أكثر من 5 أشهر على بدء العدوان الغاشم على القطاع الغزة، استشهدت نحو 9220 سيدة فلسطينية، و14 ألف طفل فلسطيني.
وعلى الرغم من الصعوبات الكبيرة التي تواجهها، تظهر الأمهات في غزة قوة وصمود لا تضاهى في مواجهة التحديات والعمل على بناء مستقبل أفضل لأطفالهن وأسرهن.
وكل عام وأمهات غزة بألف خير
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: غزة عيد الأم فلسطين حماس
إقرأ أيضاً:
مَن يحفظُ ماءَ وجهِ الأمّة؟
سلطان اليحيائي
"وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا" (آل عمران: 103)
ثباتٌ يُعاقَب، وصمتٌ يُدان، هل يمكن لأمة أن تنهض وهي تُشيح بوجهها عمّن صمد في وجه عدوّها؟ أيّ منطقٍ هذا الذي يُعادي العضيد الصامد ويُصادق العدو المارِق؟ وإلى متى ستظلّ رايةُ الكرامة مرميةً على رصيف الحسابات الخاطئة؟ كيف يُحفَظ ماء الوجه حين تغرق الوجوه في صمتٍ مريب، وتشرب كؤوسَ الخذلان جرعةً جرعةً؟
كيف ينهارُ ظهرُ الأمة بينما تقوم طهران بقامةِ جبلٍ وسط الزلازل الصهيو-أمريكي؟
محاصَرة، محارَبة، ممزّقةٌ بالحظر… تُعرَض عليها الرايات البيضاء، فتغمدها في الأرض وتقول: “كرامتُنا لا تُباع.”
الجمهورية الإسلامية الإيرانية، رغم ما يلتفّ حول عنقها من قيود الشرق والغرب، ما فتئت تمدّ يدَ السلام لجيرانها العرب، ترسل إشاراتِ حسنِ النية، وتعرضُ الشراكة لا السيادة، والحوار لا الهيمنة.
لكن ما الذي يمنع؟ أهو الخوف؟ أم الغفلة؟ أم أن في أعماق بعض الأنظمة من يرى في الكيان الصهيوني حليفًا أوفرَ حظًا من أخٍ يقاسمه الدينَ والدمَ والمصير؟
وفي هذا المشهد الملتبس، تبقى سلطنةُ عُمان نقطةَ ضوءٍ لا تُخطئها العين. بلدٌ اختار ألّا يُنصت لهوس التصعيد، بل يُصغي لصوت العقل وضرورات الجغرافيا. لقد فهمت عُمان أن الجغرافيا لا تتبدّل، وأن إيران جارةٌ أبدية لا تُلغى بالتمنّي، ولا تُختصر في دعايات التشويه؛ بل داومت على لغة الاحترام، والمصالح المشتركة، والبُعد التاريخي، فلماذا لا تحذو باقي دول الخليج حذوها؟!
أما آن للخطاب الديني أن يُغيّر مساره؟ ما فتئ بعضُ رموز التيارات الدينية في منابرهم ومؤتمراتهم يُلصقون بإيران تهمة “تصدير الثورة”، ويشيطنونها، لا لأنها ظالمة، بل لأنها مختلفة
لقد كانت السرديّةُ المذهبية- لا الأخوّة الإسلامية- هي المعول الذي هُدِم به بنيان الأمة.
صُنعت من اختلافِ الفقهاء أسوارٌ، ومن اجتهادات القرون صراعاتٌ دامية، حتى باتت العقليات الداعيةُ للاختلاف بدل الائتلاف، وللتباعد بدل التقارب، هي من يُوجّه العقول ويُحرّك القرار.
متى نفيق من وهم العِداء؟
أليس من الإثم أن نجعل من مذاهبنا الإسلامية سببًا للعداء، بينما نتغافل عن كيانٍ غاصبٍ لا يؤمن لا بمذهبٍ ولا بإنسانية؟
أليس من الواجب أن يتراجع هذا الخطاب الانقسامي، ويُستبدل بنداء الوحدة على أساس القيم المشتركة لا الفوارق التاريخية؟
البديل… مشروع إسلامي جامع، لقد آن الأوان أن تُواجَه هذه الخطابات، لا بالتكفير المضاد، بل بالوعي، وبمشروعٍ إسلاميّ جامع، يُعلي من شأن الانتماء للأمة فوق التحيزات المذهبية.
يكون الولاء فيه لله، ولرسوله، ولأمته، لا للمدرسة الفقهية. وللتجمّع لا للفرقة.
والتقارب مع إيران بُعد استراتيجي واقتصادي، وليس المطلوب من العرب أن يُحبّوا إيران، بل أن يُفكّروا. فهل من العقل أن تُضيّع أمةٌ فرصتها الوحيدة في بناء محورٍ مستقل، وتترك الدولةَ الوحيدة التي ثبتت تحت النار، لتعانق سرابَ الحماية الغربية، وتُراهن على كيانٍ لم يجلب إلا الخراب؟
أيها العقلاء، إيران، بحكم الجغرافيا والموقع والموارد، ليست خصمًا يمكن تجاهله، بل شريك طبيعي في أمن المنطقة واستقرارها. وما يمكن بناؤه معها من تكامل اقتصادي في مجالات الطاقة، والتقنيات، والتجارة، يُشكّل شبكة أمان حقيقية تُقلّل التبعية للخارج.
واستراتيجيًّا، أثبتت أنها لم تضعف تحت الضغوط، بل عزّزت حضورها، وأصبحت رقمًا صعبًا لا يمكن تجاوزه أو حذفه.
وإن استهدافها المتكرّر، ليس بسبب طائفتها؛ بل لموقفها السيادي، ومساندتها لمحور المقاومة الإسلامية، ورفضها للهيمنة الأمريكية.
نافلة القول.. العقل أوقى من الخوف، ماذا سنقول لأبنائنا؟
حين تسقط السردية الكاذبة، تلك التي رسمها الإعلام المأجور، والتي زعمت أن إيران تتعاون مع الكيان الصهيوني ضد “الدول العربية”، سيأتي الأبناء يومًا ليسألوا:
لماذا صدّقتم كذبة؟ لماذا خاصمتم من وقف مع فلسطين، ووثقتم بمن طبّع، وباع، وساوم؟ سيُحاسبوننا، لا على ما فعلنا فقط، بل على ما سكتنا عنه
وحين يكتب التاريخ فصوله، لن يغفر للذين ضيّعوا فرص الوحدة من أجل أوهام الطائفية وأكاذيب وتدليس أذناب الصهيونية. ونحن في خِضم هذا التحدي الواقعي فلنبادر بفتح صفحةٍ جديدة، لا حُبًّا، بل نضجًا.
لا تأخيرَ، بل حفاظًا على ما تبقّى من ماء الوجه، قبل أن يجفّ تمامًا.
إن لم يكن من أجلنا، فليكن من أجل من سيأتون بعدنا، ليفهموا أن العقل كان يومًا أقوى من الخوف.
وأن الطريق إلى التحرّر يبدأ من طهران، لا من تل أبيب.
"وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ" (محمد: 38).