قضايا غريبة وقعت وأثارت الجدل تحول فيها القاتل إلى برئ، والجاني إلى مجني عليه، ألغاز كشفتها التحقيقات، وأزال عنها الستار دفوع المحامين في ساحات القضاء، اليوم السابع يقدم على مدار 30 حلقة خلال شهر رمضان المبارك، أبرز هذه القضايا ووقائعها المُثيرة.

 


"نصابون لكن ظرفاء".. الجزء الثالث..
يروى هذه الحلقة المستشار بهاء الدين أبو شقة فى كتابه "أغرب القضايا.

.

انتهى الجزء الثانى بهروب الشاب النصاب بحيلة وأساليب جديدة من قوات الشرطة...

ويقول المستشار بهاء أبو شقة، مرت الأيام والشهور والسنين وكأنه الفصل الثالث من فصول هذه القضية، فوجئت بخبر غريب بإحدى الصحف.. كان مثار اهتمام كافة وسائل الإعلام وترديدها بل مثار دهشة وغرابة الرأى العام لهذ الحديث، "الزوج المهندس قاتل زوجته برئ وأن القاتل الحقيقى هو النصاب الذى اعترف له بذلك وأنه هو القاتل الحقيقى".


وكان المهندس قد قضى عليه بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة ثم طعن على الحكم بالنقض، وقبل نقضه أخلى سبيله تمهيداً لمحاكمته مجدداً أمام دائرة أخرى، وفى هذه الفترة التى كان فيها طليق تزوج من محبوبته التى ارتكب جريمته وقتل زوجته هياماً فى حبها، وأنجب منها طفلاً.

ثم كانت المحاكمة الثانية بعد عدة سنوات وقضت المحكمة فى المحاكمة الثانية بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة، وطعن من جديد بالنقض فى الحكم الأخير، وتأيد الحكم وأصبح باتاً، وكان عليه أن ينفذ العقوبة.

وشاءت إرادة الله وقدره أن التقى فى السجن بالنصاب الذى اعترف له بأنه قتل زوجته، وأنه كان على علاقة بها وكان يستحوذ على مالها، إذ كانت تنفق عليه بسخاء، وقد استحوذ على فكرها ولعب بأوتار قلبها وأسمعها عذب الكلمات، واستغل دمامتها المنفرة لتكون الوتر الذى عزف عليه منظومة احتياله وحبه المزيف.

وتلقت أجهزة الإعلام هذا الخبر الغريب حتى أن التلفزيون عرض القضية من الزاوية الإنسانية البحتة، وجمع على نحو بات كل مشاهد لما دار من حديث بشأنها متعطفاً إلى حد الرثاء والبكاء لحال المهندس الذى ظلمه القدر طيلة هذه السنين التى قضاها بريئاً وراء القضبان، وهو يستمع إلى حديث النصاب الذى بدا نادماً ساهماً واجماً على فعلته، طالباً العفو من المهندس الذى أخذ يبكى بكاءً مراً على زهرة شبابه التى قضاها وراء القضبان.. وبكى معه المشاهدون رثاءً لحاله.. والنصاب يطلب الصفح والغفران معلناً أسفه وندمه ورغبته فى تصحيح هذا الخطاء الجسبم الذى ارتكبه فى حقه، وأنه سيكفر عن هذا الخطاء مهما كان الثمن، وأنه على استعداد لأن ينال جزاءه بأى عقوبة حتى لو كانت الإعدام.

وكان لابد من تحقيق هذه الواقعة الجديدة.. وتشاء الأقدار أيضاً أن أحقق هذه القضية باعتبار أن هذه الحالة من حالات التماس إعادة النظر قانوناً لظهور دليل جديد كان مجهولاً.

واستدعيت النصاب وواجهته بالاعتراف المكتوب الذى كتبه على نفسه وسلمه للمهندس، بعترف فيه بأنه قاتل زوجته وأنه كان على علاقة بها، وأنها كانت تحبه حباً جنونياً وتغار عليه من خيالها.. فصمم أن يتخلص منها وأن يتخلص من قيودها وأن يحيى حياته بعيداً عن مطاردتها بعد أن تحصل منها على ما يكفيه لمدة طويلة من أموال.. فتم سؤاله عن سر عدم سرقة مجوهراتها، فقررأنه كان فى عجلة من أمره حتى لا ينكشف فاستغل غياب الخادمة لشراء بعض المستلزمات للمنزل، وقام بتسديد طعناته إليها حتى تأكد من قتلها وهم بالفرار، بعد أن أزال بصامته من على السكين.


واستدعيت المهندس وسألته عن معلوماته على ضوء هذا الاعتراف.. كان يتحدث والدموع تنساب من عينيه، وبدنه برتجف بالكامل وهو ينظر إليه نظرة فيها عتاب ومحاسبة عن كل لحظة قضاها محطماً يائساً، وقد حطم حياته كلها وهو يردد بنبرة ملرها التأكيد والثقة:" برىء .. برىء. برىء".. أنا قلتله من الأول ما حدش صدقنى.. ولكن ربنا أراد أن يظهر الحقيقة وينصف الحق.. لكن بعد إيه..بعد ما اتخرب بيتى واترفدت من شغلى واتعذبت فى السجن".

ويستكمل أبو شقة.. طلبت تحريات الشرطة على ضوء التحقيقات الجديدة، وكانت المفاجأة غير المتوقعة.. لقد كان القدر يقف للمهندس بالمرصاد كادت الحيلة تنجح.. الحيلة الجديدة التى لجأ إليها النصاب كحيلة من حيله المبتكرة والمتجددة والدائمة.. كانت بدورها قاب قوسين أو أدنى من النجاح من تحقيق هدفها، فقد تبين لسوء حظ المهندس العاثر أن النصاب يوم مقتل زوجته كان مسجوناً ينفذ عقوبة بالسجن عن إحدى جرائمه.. ولم يكن مطلق السراح إذاً حديثه كاذب.

وبات من الضرورى الوقوف على سر هذه الحيلة الجديدة لهذا النصاب المبتكر بأحدث أنواع الطرق الاحتيالية.. التساؤل المطروح.. ما تفسير كل هذه الأحداث؟ وما سر هذه المسرحية المتقن توزيع الأدوار فيها؟.. وما الدافع لاعتراف النصاب بجريمة عقوبتها الإعدام عن واقعة لم يرتكبها؟

استدعيت النصاب مرةً أخرى وواجهته بكل ما سلف وأنه كاذب، إذ إن وقت مقتل زوجة المهندس كان يقضى عقوبة السجن..وقدمت له الأدلة الدامغة التى لا يستطيع أن يكذبها.

ابتسم فى سخرية وهو يردد: "يا بيه أنا رجل نصاب ورزق الهبل بقى..والنصاب لازم يكون ذكى ويعرف نقطة الضعف عند الضحية ويضرب ضربته على الوتر الحساس فى الوقت المناسب".


وأضاف: "أنا بالصدفة كنت مسجون معاه وعادتى دائماً أننى أنفذ إلى الأعماق من مجرد أن أجاذبه الحديث فعرفت قصته وفكرت فى حيلة جديدة على ضوء هذاه الأحداث.. حسبت المدة لقيت أنه مضى أكثر من عشر سنوات ما بين اعترافى ووقوع الجريمة أى أن الدعوى العمومية انقضت بمضى المدة القانونية وهى عشر سنوات.. وعرفت من كلامه إنه مش وش بهدلة، ومراته الجديدة معاها فلوس كتير وبتحبه وأنها على استعداد بان تضحى بأى مبلغ فى سبيل إنه يخرج لها حتى لو اقتضى الأمر تدبير خطة لهروبه.. وأن هناك محاولة لتدبير هذا الهروب نظير مبلغ مالى كبير، وأنت عارف يا بيه بان الصنعة تحكم..وأنا نصاب ودى شغلتى فقلت أنا أولى.. وعرضت عليه فكرة الاعتراف وحررته مكتوباً وسلمته إليه بعد أن استلمت مبلغاً كبيراً من زوجته، وهو بسلامته يخرج وأنا ألهف القرشين.. ويا دار ما دخلك شر لأن أى محاكمة أنا عارف أن القضية انتهت، وانقضت الدعوى بمضى المدة.. لكن الفرحة ما تمت " قليل البخت يلاقى.." وباقى المثل سعادتك عارفه.

وأنهى النصاب حديثه وهو يغادر غرفة التحقيق مبتسماً ومتسائلاً.. " الناس ليه بتقول عليا نصاب.. يابيه أنا فهلوى موش نصاب.. أنا بأجد لذة وراحة نفسية لما أعمال شوية فهلوة وأشوف القناعة والرضا والاطمئنان فى عيون اللى قدامى وهو بيسلمنى كل اللى طلبته.. كنت باحس أنى أذكى منهم.. عشان كده عمرى ما تعاملت مع شخص محتاج..كانت كل واقعة بطلها شخصية مرموقة وعلى قدر كبير من الفهم والذكاء، كنت بحس لو كملت تعليمى كنت هبقى أحسن من ناس كتيير أوى لكن فى النهاية كل واحد بياخد نصيبه".

ويقول أبو شقة، كانت تلك اللحظان هى نهاية القصة التى بدات بجريمة قتل كان يهرب فيها المتهم من عقابه مرتين، الأولى عندما هم رئيس النيابة للتوقيع على القضية بألا سبيل للدعوى الجنائية، لكن القدر وقف أمام المتهم لينال عقابه.. والأخرى باعتراف النصاب بأنه القاتل وكادت تنجح هذه المرة، إلا أن الله عدل أراد أن ينكشف أمره مرةً أخرى لينال عقابه.







المصدر: اليوم السابع

كلمات دلالية: غرائب القضايا اغرب القضايا اخبار الحوادث أبو شقة

إقرأ أيضاً:

«تاش تپيلر» مشروع دولى يكشف أعمق أسرار «النيوليت» ويحوّل «شانلى أورفا» إلى مركز عالمى لعلم الآثار

شبكة بحثية عالمية تضم 219 عالمًا.. وتحالف علمى من 36 مؤسسة يقود اكتشافات غير مسبوقة
 

إنجازات أثرية تهز العالم: تماثيل بشرية فريدة ونقوش جديدة تكشف طقوس ووعى المجتمعات الأولى
 

«تاش تپيلر» مشروع يعيد كتابة تاريخ الإنسان ويؤسس لمرحلة جديدة فى علم الآثار
 

حماية التراث على الأرض: ترميمات كبرى ومراكز زوار وبنية بحثية متطورة فى قلب المشروع
 

معارض عالمية من روما إلى برلين ولندن وطوكيو.. تركيا فى واجهة الدبلوماسية الثقافية الدولية
 

«غوبكلى تبه» يستقبل 4 ملايين زائر.. و«تاش تپيلر» يرفع جاذبية «شانلى أورفا» السياحية عالميًا
  
شهدت ولاية شانلى أورفا الاحتفال بالذكرى الخامسة لإطلاق مشروع «تاش تپيلر»، أحد أكبر المشاريع الأثرية فى العالم، والذى يعد أحدث ثورة علمية غيّرت كثيرًا من مسلّمات التاريخ الإنسانى، وكشفت أسرارًا دفينة تعود إلى 12 ألف عام.. وخلال الاحتفال، أكد المسؤولون والخبراء أنّ المشروع تجاوز كونه حفريات أثرية ليصبح رؤية علمية متكاملة تسلط الضوء على بدايات الحضارة البشرية الأولى.. مشروع «تاش تپيلر»، الذى أطلقته وزارة الثقافة والسياحة التركية عام 2020، جمع للمرة الأولى بيانات المنطقة بأكملها فى رؤية بحثية موحدة، تمتد من «غوبكلى تبه» إلى «كاراهان تبه»، ومن «سايربورج» إلى «سيفرتبه»، لتكشف عن مستوى متقدم من الوعى الدينى والطقسى والتنظيم الاجتماعى لدى المجتمعات البشرية الأولى يفوق ما كان متوقعًا.. تحوّل المشروع خلال خمس سنوات إلى أكبر شبكة علمية دولية فى تاريخ الدراسات النيوليثية، حيث يضم اليوم 219 عالمًا وباحثًا وطالبًا من 36 مؤسسة أكاديمية، بينها 15 جامعة تركية و21 مؤسسة دولية من اليابان والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين.. وشكل انضمام موقع أيانلار هويوك إلى المشروع، بحضور صاحبة السمو الإمبراطورى الأميرة اليابانية أكيكو ميكاسا، دفعة جديدة للتعاون الدولى فى علم الآثار، لتبدأ أولى حفرياته عام 2026 بقيادة فريق يابانى...
 

مسئول الآثار بوزارة السياحة والثقافة التركية يشرح الكشف الأثرى التاريخى 

 


اكتشافات 2025.. نقلة جديدة
شهد عام 2025 سلسلة من الاكتشافات اللافتة التى أثارت اهتمامًا عالميًا واسعًا. فقد عُثر فى «غوبكلى تبه» على تمثال بشرى دقيق التفاصيل يُرجح أنه كان موضوعًا داخل جدار المبنى D كقربان رمزى، ويُعد مثالًا مهمًا على الأسلوب الفنى التعبيرى للموقع. وفى «سايربورج»، اكتُشف تمثال فريد يُظهر ملامح شخص ميت وفمه مخيطًا، فى مشهد يضىء على الطقوس الجنائزية عند البشر الأوائل.. أما فى «سيفرتبه»، فقد اكتُشفت وجوه بشرية محفورة على صخور معدلة بأسلوب يختلف عن نقوش «غوبكلى تبه» وكاراهان تبه، إضافة إلى خرزة من حجر السربنتين الأسود بنقشين بشريين على الوجهين.. هذه الاكتشافات توثق مزيجًا من الرمزية والطقسية والفنون التعبيرية التى تعكس مستوى مذهلًا من الوعى والمهارة لدى مجتمعات ما قبل التاريخ.
 
ترميمات واسعة ومراكز بحث جديدة
بالتوازى مع الاكتشافات، تواصل وزارة الثقافة والسياحة التركية تنفيذ أحد أكبر مشاريع الحفظ فى المنطقة. فقد اكتمل ترميم هيكل الأسد فى «غوبكلى تبه» العام الماضى، ثم ترميم الهيكل C هذا العام، بينما تتواصل أعمال ترميم الهيكل AD فى كاراهان تبه.
كما شارف مركز الزوار الجديد فى «غوبكلى تبه» على الانتهاء، إلى جانب مركز أبحاث وبيت للحفريات فى «كاراهان» تبه، والذى سيحتضن المختبرات المتخصصة فى التحاليل الآثارية للمشروع.
 

«تاتش تپيلر» أعمق أسرار «النيوليت» و«شانلى أورفا» مركز عالمى لعلم الآثار 
 

 


حضور عالمى ومعارض دولية كبرى
نجح مشروع «تاش تپيلر» فى تعزيز الدبلوماسية الثقافية التركية عبر سلسلة معارض دولية ضخمة.
فقد استقطب معرض «غوبكلى تبه» لغز المكان المقدس فى الكولوسيوم بروما أكثر من ستة ملايين زائر بين أكتوبر 2024 ومارس 2025، فى رقم قياسى عالمى.. وتستعد برلين لافتتاح معرض «المجتمع المبنى» العام المقبل، بينما تتواصل التحضيرات لمعارض فى لندن 2026 وطوكيو 2027، فى خطوة تضع تركيا فى مقدمة الدول المصدّرة للمعرفة الأثرية.. كما نُظمت عشرات المؤتمرات الدولية، وشارك باحثو المشروع فى أكثر من 100 مؤتمر عالمى، ونُظمت معارض وتصويرات فنية بقيادة المصورة الإسبانية العالمية إيزابيل مونيوث.
 

 


الموقع يستقبل 4 ملايين زائر
أكدت الوزارة أن موقع «غوبكلى تبه» استقبل منذ افتتاحه أربعة ملايين زائر، من بينهم نحو 750 ألف زائر فى عام 2025 وحده، ما يعكس الاهتمام العالمى المتنامى بالموقع والمشاريع المرتبطة به. وتُظهر التحليلات أن مشروع «تاش تپيلر» أصبح محركًا رئيسيًا للسياحة الثقافية فى تركيا، ومصدرًا مهمًا لتعزيز اقتصاد شانلى أورفا، التى باتت تُعرف اليوم بـ«عاصمة النيوليت العالمية».
 


دعم مؤسسى ومجتمعى واسع
وفى ختام الاحتفال، أعرب المسؤولون عن شكرهم لجميع الشركاء العلميين والرعاة والداعمين، وفى مقدمتهم الخطوط الجوية التركية، ومجموعة دوغوش، وفِرق الحفريات المحلية والدولية، مؤكدين أن «تاش تپيلر» سيواصل تقديم إسهامات رائدة تعيد وصل حاضر الإنسانية بجذورها الأولى.
 

مقالات مشابهة

  • بالصور.. طلاب "من أجل مصر المركزية" بجامعة حلوان يستعرضون إنجازات الدولة في لقاء توعوي حول القضايا الاجتماعية
  • كأس العرب .. عمر خربين يسجل هدف عالمى لمنتخب سوريا أمام تونس
  • الداخلية في يوم واحد.. ضبط مئات القضايا وكمية ضخمة من المخدرات والأسلحة
  • شاعر عالمى بروح عربية… (1/ 2)
  • دعاء لمن تراكمت عليه ديون.. 7 كلمات تقضي عنك ولو كانت مثل جبل
  • الرئاسة الفلسطينية: ما يحدث لن يجلب السلام .. وحماس تدعو لحراك عالمى لمواجهة الجرائم
  • «تاش تپيلر» مشروع دولى يكشف أعمق أسرار «النيوليت» ويحوّل «شانلى أورفا» إلى مركز عالمى لعلم الآثار
  • دار الإفتاء توضح حكم الزكاة على الحلي من الذهب للمرأة
  • إفشاء أسرار المراسلات الخاصة.. أزمة تتصاعد ومحاكم مكتظة بملايين القضايا
  • ليلة سقوط فرج عامر..النتيجة النهائية لانتخابات نادي سموحة بالإسكندرية