هل ترك النية في غسل الجنابة يفسد الصوم؟.. دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
هل ترك النية في غسل الجنابة يفسد الصوم؟، وما حكم صيام من كان يخطئ في غسل الجنابة؟ أسئلة أجابت عنها دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي.
هل ترك النية في غسل الجنابة يفسد الصوم؟وقالت الإفتاء إن صوم من كان يترك النية في غسل الجنابة صحيحٌ مطلقًا سواء عند الحنفية أو الجمهور؛ وذلك لما تقرر شرعًا من أن العبادة إذا وقعت على الهيئة المطلوبة، ومستوفية للأركان والشروط، فإنها صحيحة ومجزئة، وليس من شروط صحة الصوم الطهارة من الجنابة.
قال العلامة الزركشي في "تشنيف المسامع بجمع الجوامع" (1/ 179، ط. مكتبة قرطبة): [العبادة إن وقعت مستجمعة الأركان والشروط كانت صحيحة، وإلا ففاسدة] اهـ.
وقال العلامة علاء الدين السمرقندي الحنفي في "تحفة الفقهاء" (1/ 351، ط. دار الكتب العلمية): [متى وجد الركن مع وجود ما ذكرنا من الشرائط من الأهلية، والوقت، وغير ذلك: يكون صومًا شرعيًّا] اهـ.
ونبهت على أن الأولى والأكمل أن يقع الصوم في حال كون المكلف على طهارةٍ، حتى يتمكن من المحافظة على الصلاة، والدخول إلى المسجد، وحتى يتمكن من مس المصحف والقراءة منه على وجهٍ لائق، وعليه أن ينوي رفع الحدث حتى يخرج من خلاف العلماء؛ فالخروج من الخلاف مستحبٌّ.
وأوضحت: أما عن مدى تأثير ترك النية عند الاغتسال من الجنابة على الصيام، فإن ترك الغسل من الجنابة أصلًا لا يؤثر على صحة الصيام فضلًا عن كونه خطأً، فقد اتفق الفقهاء على أنَّ الطهارة من الجنابة ليست شرطًا من شروط صحة الصيام التي لا يصح الصيام إلا بها، وأنَّ من أصبح جنبًا فإن صيامه صحيح، كما في "الإقناع" لابن القطَّان (1/ 237، ط. الفاروق الحديثة).
وقد استدل العلماء على جواز أن يُصبح الصائم جُنبًا بقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: 187]، حيث دلَّت هذه الآية على صحة صيام من أصبح جنبًا وهو صائم، سواءٌ كان جنبًا بسبب جماع امرأته قبل الفجر، أو نتيجة احتلامه وهو صائم، فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر جاز للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم، كما في "شرح صحيح مسلم" للإمام النووي (7/ 221، ط. دار إحياء التراث العربي).
وورد عن أم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ» أخرجه البخاري في "صحيحه". وفي رواية الإمام مسلم: «مِنْ غَيْرِ احْتِلامٍ».
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (4/ 144، ط. دار المعرفة): [الاحتلام يطلق على الإنزال، وقد وقع الإنزال بغير رؤية شيء في المنام، وأرادت بالتقييد بالجماع المبالغة في الرد على من زعم أن فاعل ذلك عمدًا يفطر، وإذا كان فاعل ذلك عمدًا لا يفطر فالذي ينسى الاغتسال أو ينام عنه أولى] اهـ.
وقال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (7/ 222): [أجمع أهل هذه الأمصار على صحة صوم الجنب سواء كان من احتلام أو جماع، وبه قال جماهير الصحابة والتابعين] اهـ.
فيظهر من ذلك أنه لا يجب غسل الجنابة على الفور، وقد استثنى الفقهاء من ذلك ما إذا كان الاغتسال من الجنابة بغرض إدراك وقت الصلاة.
قال العلامة الشَّبْرَامَلِّسي الشافعي في "حاشيته على نهاية المحتاج" (1/ 209-210، ط. دار الفكر): [قوله: (ولا يجب فورًا أصالة) خرج به ما لو ضاق وقت الصلاة عقب الجنابة أو انقطاع الحيض، فيجب فيه الفور، لا لذاته، بل لإيقاع الصلاة في وقتها] اهـ.
وشددت: لكنَّ الأولى بالجُنب المسارعة إلى الغسل من الجنابة وعدم تأخير ذلك؛ لما يخشى من أثر تأخيره على النفس من كثرة الوساوس ونحوها، وحتى يقوم الصائم بالتقرب إلى الله خلال زمن الصيام بكل القرب من ذكر وقراءة قرآن ونحوها على الوجه الأكمل الصحيح.
قال العلَّامة ابن ميارة المالكي في "الدُّر الثمين والمورد المعين" (ص: 166، ط. دار الحديث): [وتأخير غسل الجنابة يثير الوسواس، ويُمكِّن الخوف من النفس، ويقلل البركة من الحركات] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غسل الجنابة دار الإفتاء الاغتسال من الجنابة
إقرأ أيضاً:
حكم الكلام في الهاتف المحمول أثناء الطواف.. دار الإفتاء تجيب
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الكلام في الهاتف المحمول أثناء الطواف؟ حيث إن هناك من تأتي إليهم مكالمات على هواتفهم المحمولة أثناء الطواف بالبيت فيقومون بالرَّدِّ عليها؛ فهل هذا جائز شرعًا؟).
قالت دار الإفتاء في إجابتها على سؤال: حكم الكلام في الهاتف المحمول أثناء الطواف، إن النبي -صلى الله عليه وسلم- رغَّب في عدم الإكثار من الكلام في الطواف لغير حاجة، وحثَّ على الإقلال منه قَدْر الاستطاعة؛ فلا مانع شرعًا من الكلام في الهاتف المحمول أثناء الطواف عند الحاجة إليه من غير كراهة؛ رفعًا للحرج عن الطائفين.
وتابعت: فإذا انتفت الحاجة فالأَوْلَى تَرْكُهُ إلا أن يكون بخير؛ كالذكر، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونحو ذلك.
فضل الطوافذكرت دار الإفتاء، أن مِن أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه عزَّ وجلَّ: الطواف بالبيت، فهو مِن أَجَلِّ العبادات وأعظمها، وقربةٌ مِن أفضل القُرُبات وأرفَعِها، وركنٌ في الحج والعمرة فلا يصحان إلا به، وهو أكثر المناسك عملًا في الحج والعمرة، وشعيرةٌ يُثاب عليها المسلم في جميع حالاته؛ سواء فعلها على سبيل الوجوب والفريضة أو على سبيل الندب والتطوع؛ قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 158]، وقال تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
وقال الإمام البيضاوي في "أنوار التنزيل" (1/ 115، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ أي: فعل طاعةً فرضًا كان أو نفلًا، أو زاد على ما فرض الله عليه مِن حج أو عمرة، أو طواف.. ﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ مُثِيبٌ على الطاعة لا تَخْفَى عليه] اهـ.
وقد وَصَفَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الطوافَ بالبيت بأنه صلاة؛ لحُرمته ومكانتِه وفَضلِه وعَظَمتِه، وأجاز صلى الله عليه وآله وسلم الكلامَ فيه، إلا أنه نَهَى عن الإكثار مِنه، وحثَّ على الإقلال منه قَدْر الاستطاعة، فإن كان لا بد منه فلْيَكُن كلامًا بخَيْرٍ أو مَعروفٍ.
فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، وَلَكِنَّ اللهَ أَحَلَّ لَكُمْ فِيهِ النُّطْقَ، فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إِلَّا بِخَيْرٍ» أخرجه الأئمة: الدارمي والبيهقي في "السنن"، وابن حبان في "الصحيح"، وابن الجارود في "المنتقى" واللفظ له، والحاكم في "المستدرك" وغيرُهم.
وفي روايةٍ عنه رضي الله عنه رَفَعَهَا: «إِنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلَاةِ إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمْ إِلَّا بِخَيْرٍ» أخرجه الأئمة: الترمذي والنسائي في "السنن"، وابن خزيمة في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.