إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد

تنتظر المعارضة التركية، المنقسمة والمصدومة بالفوز الذي حققه الرئيس رجب طيب أردوغان في انتخابات 2023، مواجهة جديدة في الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها الأحد، والتي ستحدد نتائجها مستقبل رئيس بلدية إسطنبول الحالي أكرم إمام أوغلو الذي تنعقد عليه آمالها.

ومن الممكن أن تعزز الانتخابات البلدية سيطرة أردوغان بعد عقدين من حكم تركيا أو قد تُفضي إلى تغيير في المشهد السياسي المنقسم في الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي.

ومن المرجح أن تساهم الأزمات الاقتصادية الناجمة عن التضخم الجامح في تشكيل نتائج الانتخابات، وقد تتأثر النتائج أيضا بآمال الناخبين الأكراد والإسلاميين في التغيير السياسي وتقييمهم لأداء الحكومة.

وتعززت آمال المعارضة في إحداث تحول بعد نتائج الانتخابات المحلية في 2019 عندما هزمت حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان وفازت برئاسة بلدية المدينتين الرئيسيتين، إسطنبول وأنقرة، بعد 25 عاما من هيمنة الحزب والأحزاب الإسلامية التي سبقته عليهما.

لكن أردوغان نهض من عثرته العام الماضي واحتفظ بالرئاسة، كما فاز بأغلبية برلمانية مع حلفائه من التيار القومي على الرغم من مخاوف الناخبين من أزمة تكلفة المعيشة. وأحدثت تلك الانتصارات انقساما في تحالف واسع للمعارضة.

وتشير استطلاعات إلى تقارب في السباق على رئاسة بلدية إسطنبول بين مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو ومرشح حزب العدالة والتنمية، الوزير السابق مراد قوروم.

"مصير تركيا بين أيديكم"

قال مراد يتكن، المحلل في يتكن ريبورت "في 2019، عندما خسر أردوغان وحزب العدالة والتنمية إسطنبول، كانت هزيمة كبيرة وضربة لسمعة أردوغان. فحتى ذلك الوقت كان لا يهزم، ولا يقهر"، واصفا الفوز في إسطنبول بأنه مسألة جوهرية لأردوغان.

وأضاف "إذا فعل ذلك، فهذا يعني أنه سيكون قادرا على تدعيم سلطته وتوسيعها لتشمل الإدارات المحلية". ويقول محللون إن أردوغان قد يسعى بعدها إلى تغيير الدستور لتمكينه من الترشح للرئاسة مجددا في 2028.

وقال بيرك إيسن أستاذ العلوم السياسية بجامعة سابانجي إن فوز إمام أوغلو سيبث الروح في صفوف المعارضة.

وأضاف "إذا تمكن مرشح المعارضة من الفوز في إسطنبول، فسيكون لدى حزب المعارضة الرئيسي على الأقل القوة الكافية لتحدي أردوغان في السنوات المقبلة". وكانت تلك رسالة أراد إمام أوغلو إيصالها.

وناشد إمام أوغلو الشباب الأتراك في إسطنبول قائلا إن "مصير تركيا بين أيديكم"، مضيفا "يمكنك تغيير ما يجري من خطأ في تركيا بصوت واحد".

ويقول منتقدون إن حكومة أردوغان قمعت المعارضة وقوضت حقوق الإنسان وبسطت سيطرتها على القضاء ومؤسسات الدولة الأخرى، وهو اتهام ينفيه المسؤولون.

وقال إيسن "الكفة تميل ناحية التحالف الحاكم"، مضيفا أن "إمام أوغلو يقاتل بمفرده". وتقدم وسائل الإعلام الموالية للحكومة تغطية شاملة للأنشطة اليومية لحملة أردوغان الانتخابية، مع تغطية محدودة لحملات المعارضة.

الحرب في غزة حاضرة في الانتخابات

يبدو أن فرص أردوغان تتضاءل أمام تصاعد شعبية حزب الرفاه الإسلامي الذي يتخذ موقفا قويا ضد إسرائيل فيما يتعلق بالحرب في غزة، وكذلك بفعل عدم الرضا عن السياسات الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية المنتمي أيضا للتيار الإسلامي.

وتبنى أردوغان خطابا حادا ضد إسرائيل مع الحفاظ على العلاقات التجارية بين البلدين، مما أثار انتقادات من حزب الرفاه، مستغلا غضب الأتراك ورغبتهم في دعم الفلسطينيين بصورة أكبر.

وقال محمد ألتينوز نائب زعيم الحزب لرويترز "لو كنا، حزب الرفاه، في السلطة، لم تكن إسرائيل لتتمكن من مهاجمة غزة" داعيا إلى فرض حظر تجاري على إسرائيل.

وتشير استطلاعات إلى أن شعبية حزب الرفاه ربما تضاعفت إلى نحو خمسة بالمئة على حساب الأصوات التي كانت ستذهب لحزب العدالة والتنمية.

وقال يتكن المحلل في يتكن ريبورت "يتبنون موقفا أكثر تشددا في العداء لإسرائيل، وهذا ما يجعلهم يتمتعون بشعبية كبيرة بين الإسلاميين".

وقد تعتمد فرصة أردوغان في استعادة إسطنبول أيضا على الناخبين الأكراد. ووفقا لاستطلاعات الرأي، فمن المتوقع أن ينحي الكثير من الأكراد الانتماءات الحزبية جانبا لصالح دعم إمام أوغلوا.

الوضع الاقتصادي وتأثيره على التصويت

بالنسبة للناخبين الآخرين، تمنح الانتخابات المحلية فرصة لإبداء الرأي في الأداء الاقتصادي للحكومة.

ويعاني الأتراك من ارتفاع الأسعار منذ سنوات، إذ لا يزال معدل التضخم السنوي يقترب من 70 بالمئة على الرغم من التحول الكبير في السياسة الاقتصادية بعد انتخابات العام الماضي ورفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 4150 نقطة أساس إلى 50 بالمئة.

وفي حين أن الاقتصاد سيكون أحد العوامل الحاسمة في قرارات الناخبين في جميع أنحاء البلاد، سينصب الاهتمام على إسطنبول والرسالة التي تقدمها بشأن الطريق الذي تسلكه تركيا.

وقال محمد علي كولات رئيس وحدة الأبحاث في (إم.إيه.كيه) "إذا خسر هذه الانتخابات، فإن أسطورة أكرم إمام أوغلو ستكون في ورطة كبيرة". لكن فوزه سيغير الصورة. وتابع "سيصبح إمام أوغلو لاعبا مهما في السياسة التركية على مدى السنوات العشرين المقبلة ومن المرجح جدا أن يكون مرشحا في الانتخابات الرئاسية التالية".

 

فرانس24/ رويترز

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الجزائر الحرب في أوكرانيا ريبورتاج التركية رجب طيب أردوغان رجب طيب أردوغان تركيا انتخابات إسطنبول معارضة الحرب بين حماس وإسرائيل إرهاب غزة إسرائيل الولايات المتحدة الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا حزب العدالة والتنمیة إمام أوغلو حزب الرفاه

إقرأ أيضاً:

دورات انتخابية متلاحقة.. ومقعد الثقة ما زال شاغراً

31 مايو، 2025

بغداد/المسلة: يدخل العراق موعداً انتخابياً جديداً في 11 تشرين الثاني المقبل، وسط استقرار أمني غير مسبوق نسبياً، بينما تتصاعد شكوك الجمهور في جدوى العملية السياسية، بعد نحو عشرين عاماً من التحولات المتعاقبة التي لم تؤسس لمسار ديمقراطي راسخ، بل دفعت نسبة المشاركة إلى الانحدار المتواصل من دورة إلى أخرى، واختزلت التنافس السياسي إلى صراع نخبوي تتحكم به الولاءات الطائفية والتحالفات المرحلية.

وتنطلق حكاية الانتخابات العراقية الحديثة في كانون الثاني 2005، حين أجريت أول انتخابات للجمعية الوطنية المؤقتة، في ظل مقاطعة واسعة من العرب السُنة احتجاجاً على الاحتلال الأميركي، فلم تتجاوز المشاركة في الأنبار 2%، وحصلت قائمة غازي الياور على 1.78% فقط من أصوات الناخبين، ما أنتج برلماناً غير متوازن وأرسى قاعدة المحاصصة الطائفية التي لا تزال تحكم المشهد.

وشهدت انتخابات كانون الأول 2005 مقاطعة إضافية من طيف واسع من القوى القومية واليسارية إلى جانب السُنّة، فيما استُخدم نظام القوائم المغلقة والدائرة الواحدة على مستوى العراق، ما عزز سطوة الأحزاب الكبيرة، وأقصى المستقلين والمناطق الصغيرة من التمثيل الفعلي.

وانتُخب برلمان آذار 2010 في ظل قانون انتخابي معدل، قسّم العراق إلى 18 دائرة، وأتاح التصويت لمرشحين بعينهم، ما رفع من مستوى الشفافية ولو نظرياً، لكن التوترات الطائفية كانت تتصاعد في الخلفية، لتتراجع نسبة المشاركة إلى 62.4%.

وتراكمت الأزمات حتى انفجر الوضع الأمني في 2014 مع اجتياح تنظيم داعش لمدن عراقية عدة، وعودة التوتر الطائفي، ما انعكس على إقبال الناخبين في انتخابات نيسان 2014 التي سجلت مشاركة بنسبة 60%، وسط مشهد انقسامي وصعود خطاب الهوية.

وجاءت انتخابات 2018 بعد دحر داعش، بدعم من التحالف الدولي والحشد الشعبي، ومع بروز خطاب عابر للطوائف في بعض التحالفات، لكن النسبة انخفضت إلى 44.5%، وسط شكاوى من تهميش النازحين، وحرمان مكونات من التصويت بسبب ظروفهم الأمنية والإدارية.

وتمخضت احتجاجات تشرين 2019 عن تغييرات تشريعية، أبرزها قانون الانتخابات رقم 9 لعام 2020، الذي جزّأ البلاد إلى 83 دائرة صغيرة، ومنح الناخب حق التصويت لمرشح وليس لقائمة، ما فتح الباب أمام المستقلين والتيارات الناشئة، وساهم في فوز التيار الصدري بـ73 مقعداً في انتخابات تشرين 2021، التي سجلت أدنى نسبة مشاركة منذ 2003، بلغت 41.05%.

وقاد انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية في حزيران 2022 إلى شلل تشريعي دام شهوراً، وأعاد التوازن البرلماني إلى نقطة الصفر، وسط تصاعد دور الإطار التنسيقي، وتراجع ثقة الجمهور بكل أطراف المشهد، بما في ذلك قوى تشرين التي تفككت تنظيمياً، وتعرض ناشطوها للتصفية والاعتقال.

ويعاني الناخب العراقي اليوم من أزمة تمثيل متفاقمة، إذ أعلن المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان أن نحو 8 ملايين ناخب لم يحدثوا بياناتهم حتى أيار 2025، ما يشير إلى عزوف مرشح للتفاقم في الانتخابات المقبلة، خاصة بعد إعلان مقتدى الصدر رفضه القاطع للمشاركة، قائلاً: “ما دام الفساد موجوداً، فلن أشارك في أي عملية انتخابية عرجاء لا همّ لها إلا المصالح الطائفية والحزبية”.

وتخيم على المشهد مخاوف من تعمق القطيعة بين الدولة والمجتمع، في ظل أزمات اقتصادية متواصلة، وارتفاع نسبة البطالة إلى 16.5%، وتدهور الخدمات، رغم موازنة انفجارية لعام 2024 بلغت 153 مليار دولار، وتوزعت وفق صيغ محاصصة لا تلامس واقع المواطن.

وتتباين التوقعات بشأن الانتخابات المقبلة، إذ تراهن قوى الإطار التنسيقي على تعبئة جمهورها التقليدي، بينما يحذر مراقبون من أن تكون نسبة التصويت هي الأدنى في تاريخ العراق الحديث، إذا استمر الاستقطاب الطائفي، وبقيت قوى الاحتجاج غائبة عن الساحة.

 

 

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • وزير سابق: سجن عمدة إسطنبول أضر بالاقتصاد التركي
  • محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم تر النور أو تناقش
  • حملة اعتقالات خامسة في بلدية إسطنبول
  • السلطات التركية تشن الموجة الخامسة من الاعتقالات ضد معارضي أردوغان
  • دورات انتخابية متلاحقة.. ومقعد الثقة ما زال شاغراً
  • مقرر الاتحاد الأوروبي: مستقبل تركيا يبدأ من سجن سيلفري
  • تركيا: أوامر اعتقال بحق 47 معارضًا بتهمة الفساد
  • حملة اعتقالات جديدة واسعة النطاق في تركيا تطال مسؤولين منتمين للمعارضة
  • حليف أردوغان يشكر أحمد داوود أوغلو
  • عاجل|أردوغان يجدد التزام تركيا بالسلام: جهود متواصلة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا