وسيلة سرد قصص عمرها قرن.. عروض شرائح الصور على الحائط في المجر تقاوم غزو الشاشات
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
ينظر أطفال مجريون مشدوهين، ويصغون بإمعان وتركيز كبيرين، إلى الصور تتوالى على الجدار أمامهم بواسطة جهاز عرض للشرائح، وهو طريقة متأنية وماتعة لإخبار القصص وُلِدت خلال الحقبة الشيوعية وأصبحت تقليدا لا يزال يقاوم غزو الشاشات في عصر السرعة.
وتنظّم ألكسندرا تشوس هورفاث باستمرار جلسات لمشاهدة عروض مماثلة في شقة عائلتها الواقعة في ضواحي بودابست، يحضرها أطفال العائلة وأحيانا الأجداد.
تُفتح الستائر في حين يوضع الجهاز على سلّم ثم يبدأ العرض. ومن بين الحاضرين في الغرفة المظلمة فيليسيا (3 سنوات) وبرتالان (7 سنوات) اللذان حضرا مع كرسييهما الصغيرين ولعبتيهما المحشوتين.
تقول ألكسندرا، وهي محامية تبلغ 44 عاما لوكالة الصحافة الفرنسية: "نجتمع جميعا هنا، والأمر مريح أكثر من السينما وأفضل من قراءة كتاب بسيط". وتبلغ تكلفة كل بكرة شرائح قرابة 5.5 دولارات.
ويومها، كان من المقرر إقامة عرض لقصة "الأميرة النائمة" ("سليبينغ بيوتي") الشهيرة الذي يضمّ مشاهد جميلة ذات طابع قديم، مع ترجمة مطبوعة تمكّن الكبار من قراءة الحبكة بصوت عالٍ.
وفي عصر الأجهزة اللوحية ووحدات التحكم في الألعاب العالية التقنية، يعود هذا النوع من الترفيه القديم إلى الواجهة، مع استمتاع الآباء بطابعه البطيء.
ويحدث ذلك بعيدا عن الرسوم المتحركة الحديثة ذات الوتيرة السريعة والتي تدفع الأطفال إلى "الجنون"، وفق ما تقول ألكسندرا مرحّبةً بهذه الشرائح التي تتم مشاهدتها بتمعّن. وتضيف باسمة: "يتم التوصّل من خلال هذه الشرائح إلى أن الأمور في الحياة لا تحدث في غمضة عين".
وبيع 230 ألف بكرة شرائح العام الفائت في الدولة الواقعة في أوروبا الوسطى والتي لا يتعدّى عدد سكانها 10 ملايين نسمة، مقارنة بـ60 ألف بكرة فقط في تسعينيات القرن الـ20.
وخلال النصف الثاني من القرن الـ20، كانت كل المنازل في الدول الشرقية تشاهد هذه الشرائح التي كانت تباع بالملايين سنويا قبل أن تصبح منسية في مرحلة سقوط جدار برلين.
وتتم طباعة شرائط الأفلام -التي تسمى أيضا أفلام الشرائح- على لفات من الفيلم، ولكن على عكس الأفلام التقليدية، يمكن عرض الصور لأي فترة من الوقت، وليس المقصود منها خلق وهم الحركة.
والغرب الذي كان يستخدم هذه الوسيلة في التعليم أو مجالات أخرى، تخلى أصلا عن عروض الشرائح وبدأ يعتمد أساليب حديثة أكثر.
وتُطبع المشاهد التي تُنتَج اليوم بواسطة أجهزة الكمبيوتر، على بكرات أفلام موضوعة في أنابيب ملونة صغيرة.
وتتولّى "ديا فيلم غيارتو" التي تحتفل هذا العام بالذكرى الـ70 لتأسيسها و تشكل اللاعب الوحيد في السوق، إنتاج هذه البكرات يدويا وبطريقة حرفية جدا.
وقد استمرت عروض الشرائح في المجر فقط.
وعلى عكس الدول المجاورة، كانت ديا فيلم غيارتو "شركة صغيرة ثم تمت خصخصتها بسهولة"، بحسب فيرينك بيرو، وهو هاوي جمعٍ أنشأ متحفا افتراضيا يضم 4 آلاف مجموعة شرائح عبر الإنترنت.
ويقول ليفينتي بورسوس، المتخصص في هذا الموضوع والأستاذ في جامعة هانكوك للدراسات الأجنبية والتي تتخذ من سيول مقرا لها: "يمكن اعتبار هذه العروض نشاطا تتميّز به المجر وجزءا من تراثها الثقافي".
ومن بين الشرائط الأكثر مبيعا "ذي أولد لايدي آند ذي فان" الذي يعود تاريخه إلى عام 1957 ويبدو أنه لا يزال يحظى بشعبية كبيرة، بحسب المديرة العامة لـ"ديا فيلم غيارتو" غابرييلا ليندفاي.
ويعود أحد أسباب استمرار عروض الشرائح إلى "الدقة" التي اعتمدها منذ البداية الفنانون المحليون المشهورون.
وعلى غرار الماضي، يصنعون راهنا لوحات الرسوم من خلال قصص أو كتب أطفال معروفة، ويتلقون أيضا طلبات لأعمال جديدة.
وتُعرض الأفلام أحيانا مع راوي قصص في سينما العاصمة، في خطوة تعيد ذكريات الماضي إلى أذهان عدد كبير من البالغين الحاضرين.
وتقول بياتا هاجدو توث (37 عاما)، خلال عرض قصة في بودابست حضرته مع ابنها: "إنه تقليد غير قابل للاستبدال في ثقافتنا".
وتضيف: "أنا سعيدة جدا لحضوري هذا العرض وآمل أن أتمكّن من ممارسة هذه الهواية لاحقا مع أحفادي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات
إقرأ أيضاً:
التأمين الصحي.. وسيلة مُهمة في جميع الأوقات
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com
يُوفِّر التأمين الصحي في سلطنة عُمان العديد من المزايا للمشتركين، فيما تُلزم الجهات المعنية بضرورة الحصول على الحدّ الأدنى من هذه التغطية وفقًا للأحكام المنصوص عليها الصادرة عنها في القرار رقم 34 للعام 2219.
ومن خلال خطط التأمين الصحي الخاصة بالأفراد والعاملين في المؤسسات، فإنه يمكنهم الوصول إلى شبكة واسعة من مُقدمي الرعاية الصحية؛ سواء من قِبل المستشفيات المعتمدة أو العيادات والأخصائيين وغيرهم؛ حيث تعمل الشركات العاملة في هذه المجالات على توفير الكادر الطبي ذي الخبرات المتعددة لضمان الحصول على الخدمات المطلوبة عند حاجة المريض للعلاج الطبي الطارئ أو الخدمات الصحية الروتينية.
اليوم.. أصبح التأمين الصحي من الخدمات الضرورية لكافة البشر في ضوء احتياجات الفرد للوقاية من الأمراض والحالات الطبية الطارئة التي يمكن يتعرض لها وإصابته أثناء تواجده في أي مكان. ومن هذا المنطلق تعمل الشركات العاملة في العالم على تأمين عمالتها للاتقاء من أي مرض أو حالة طارئة تحتاج إلى العلاج الفوري لهم.
وتطبيق مشروع التأمين الصحي الإلزامي للعاملين في القطاع الخاص للوافدين والمقيمين وكذلك الزائرين للبلاد أصبح ضرورة تفرضها الظروف لتلبية احتياجاتهم من العلاج والتغطية الصحية الأساسية؛ الأمر الذي يتطلب توفير التأمين الطبي بأسعار مناسبة للجميع لكي يتمكن الناس من اقتنائها.
ونسب التأمين الصحي للعاملين في القطاع الخاص؛ سواء من العُمانيين أو الوافدين، قليلة مُقارنة بعددهم الكبير؛ الأمر الذي يتطلب تخصيص مبالغ سنوية لهذه الخدمة الهامة وبشكل تدريجي، وذلك بالتعاون مع الشركات العاملة في هذه المجالات، بجانب تغطيتهم لحالات المرض أو العجز الدائم عن العمل. فهذا نظام اجتماعي معمول به في كثير من دول العالم التي تراعي حقوق العاملين.
والتأمين الصحي بات ضرورة مُتزايدة في العديد من الدول؛ بما في ذلك سلطنة عُمان. ومع ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، أصبح هذا النوع من التأمين وسيلة مهمة لتأمين المواطنين والمقيمين ضد المخاطر المرتبطة بالأمراض والحوادث؛ حيث يُوَفِّر تغطية مالية لأية نفقات طبية قد تواجه الأفراد، مما يقلل من الأعباء المالية عليهم.
والسلطنة عمومًا شهدت خلال السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بالتأمين الصحي، وبدأت تطبيق سياسات لتعزيز الوعي به؛ الأمر الذي نتج عنه وجود ترتيبات لهذا التأمين لمساعدة المواطنين، وخاصة الفئات ذات الدخل المنخفض، بجانب العديد من الأفراد والمقيمين الذين بدأوا يعتمدون على خطط التأمين الصحي الخاصة بهم لتلبية احتياجاتهم الصحية. ومع ذلك، قد يواجه البعض تحديات في فهم تفاصيل السياسات وشروط التغطية؛ مما يبرز أهمية التثقيف والتوعية حول التأمين الصحي وفوائده باعتباره أداة أساسية لتحسين صحة المجتمع واستدامة أنظمة الرعاية الصحية.
وخدمات التأمين الصحي تختلف من دولة إلى أخرى؛ ففي العالم العربي هناك دول متقدمة في هذه الانظمة ولديها نظام صحي مُتقدم وتأمين صحي شامل للعديد من المواطنين والمقيمين، إلّا أن هناك دولًا عربية أخرى تفتقر إلى هذه الخدمات. وهذا يُشكِّل إحدى التحديات التي تواجه التأمين الصحي الشامل في تلك الدول. ويُعزى ذلك إلى عدة أسباب؛ أهمها: نقص التمويل والموارد المالية اللازمة لتوفير نظام صحي شامل، إضافة إلى افتقار بعض الدول إلى البنية التحتية الصحية؛ مما يؤثر على مستوى الخدمات المقدمة، بجانب السياسات الصحية التي هي بحاجة إلى تطويرها وتسهيل الإجراءات لتمكين الوصول إلى التأمين الصحي الشامل لجميع الأفراد، وأخيرًا إلى قلة التوعية والتثقيف وتنظيم السوق في هذه الجوانب المهمة.
لقد أصبحت جميع الدول مطالبة اليوم بتعزيز الاستثمارات في القطاع الصحي، وتحسين الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ووضع سياسات تشجّع على التأمين الصحي، وتحمي حقوق الأفراد في الحصول على الرعاية الطبية، بالإضافة إلى تطوير نظام ضمان صحي شامل بمشاركة الحكومات، ومقدمي الخدمات الصحية، والمجتمع المدني. وهناك العديد من الشركات التي تعمل في مجالات التأمين المختلفة في عُمان، من بينها تقديم التأمين الصحي للأفراد والشركات، ولديها خطط في هذه المجالات لتغطية الاحتياجات؛ بما في ذلك التأمين الطبي الفردي والجماعي، والتأمين على الحياة، والتأمين ضد الحوادث، وغيرها من الخدمات ذات الصلة.
وتُشير البيانات المُتاحة إلى أنَّ قطاع التأمين في سلطنة عُمان شهد نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة من حيث الإيرادات، وهناك جهود مستمرة لتطوير هذه المنظومة ومناقشة التحديات والفرص المتاحة لتحسين نموذج التأمين الصحي، إضافة العمل على التركيز على رقمنة قطاع التأمين، والعمل من خلال المنصة الوطنية للتأمين الصحي "ضماني" التي تربط حاملي وثائق التأمين بمقدمي الخدمات الصحية؛ مما يُسهِّل الوصول إلى الخدمات الطبية، ويُعزِّز من كفاءة النظام مع التركيز على تحسين الخدمات وتوسيع نطاق التغطية لتلبية احتياجات السكان.
رابط مختصر