اللبنانيون يمطرون الطّيور المهاجرة بالرصاص.. وكأنّها العدو!
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
هي حالة اعتدنا عليها داخل المجتمع اللبناني.. جريمة قتل الطيور المهاجرة، الحالة المرضية عند بعض اللبنانيين الذين انفصموا عن واقعهم.. بالنسبة إليهم هي بطولة، يتَحدون بعضهم البعض ويتنافسون على المركز الأول؛ من سيسقط العدد الأكبر، من سيقتل هذا النوع، وأي بارودة تستطيع أن تطال النوع الآخر.. إلا أن جريمتهم واحدة: قتل طيور مسالمة ضرورية للحياة الطبيعية.
علمًا أن لبنان وحسب الخبراء يعتبر من أهم المعابر لأكثر من مليون طائر يمرّ من فوقه بشكلٍ سنوي.
قبل أيام، انتشر فيديو مصدره بلدة عكار، أقل ما يمكن أن يقال عنه أنّه جريمة بحق هذه الطيور.. وابل من الرصاص انهمر على مئات من الطيور المهاجرة، أجبرها خطّ مسارها ولسوء حظها أن تمر من فوق ما يقال عنهم أنّهم "صيادون"، حيث سقط أكثر من 15 طيرًا، تُركت تُنازع وحيدة.
على الأرض، القوى الأمنية تحاول على قدر الإمكانيات المتوافرة أن تلاحق جميع الخارجين عن القانون، إذ تسيّر دوريات دائمة، وتحاول عبر مقاطع الفيديو التي تنشر على صفحات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن تصل إلى الذين يفتكون بهذه الطيور.
واوضح مصدر أمني لـ"لبنان24" أنّ هناك العديد من الأشخاص الذين تم إلقاء القبض عليهم، وآخرهم كان في زغرتا، حيث ألقت القوى الأمنية القبض على شخصين يحملان بارودة صيد وخرطوش، إذ تم أخذ الإجراء القانوني اللازم بحقهم.
ويشدّد المصدر على أنّ القوى الامنية جاهزة لتلقي أي معلومات من شأنها أن تساهم بإلقاء القبض على المخالفين، وذلك من خلال الاتصال بالرقم 112.
وحسب معلومات "لبنان24"، فقد أشار أحد المدافعين عن حقوق الحيوانات إلى أنّ الاسبوع الماضي تمكن أحد الاشخاص من إسقاط نسر نادر في بلدة العريضة وهو من نوع النسر الأسمر أو نسر غريفون، إذ ولسخرية القدر كان قد تم العثور على أحد هذه النسور العام الماضي من قبل جهات معنية بحقوق الحيوانات، وبعد معالجته تم إطلاق سراحه، حيث يعتبر من قبيل النسور النادرة والمهددة بالانقراض.
الإجرام انخفض في بعض المناطق
وفي أرقامها الأخيرة، أظهرت منظمة مكافحة الصيد في لبنان نتائج إيجابية لمكافحة الصيد الجائر، إذ على سبيل المثال وصلت نسبة المكافحة الناجحة إلى 80% في بعض مناطق عكار، وفي البقاع الغربي ارتفع الرقم ليصل إلى 90% بناء على جهود الجمعيات الجبارة التي قامت بها لمكافحة أي فعل جرمي بحق هذه الطيور.
بالتوازي، يؤكّد العديد من الصيادين أنّه بالاضافة إلى الجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية بمكافحة الصيد، إلا أن ارتفاع أسعار الخرطوش، وعدم تمكن الصياد من شراء لوازم الصيد ساهمت وبشكل واضح بانخفاض معدلات قتل الطيور المهاجرة.
وعلى الرغم من الأرقام الإيجابية في بعض المناطق، فإنّ لبنان الذي يعتبر ثاني أهم ممر لأكثر من 360 نوعًا من الطيور، بات اليوم يشكّل مقبرة جماعية أبطالها أكثر من 550 ألف صياد لا يعيرون أي اهتمام لضرورة وأهمية المحافظة على التوازن البيئي.
المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
د. علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب: القوى العظمى في العالم إلي أين ..!!
لا يزال العالم يعيش حالة من التحول في موازين القوى الدولية فبعد عقود من الهيمنة الأمريكية على النظام العالمي، خصوصًا منذ نهاية الحرب الباردة في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، تحديدًا بين عامي 1980 و1990 تغيرات جذرية في السياسة العالمية، مع انهيار الاتحاد السوفييتي وتوحيد ألمانيا وانسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان وأوروبا الشرقية، وتراجع الصراع الأيديولوجي والجيوسياسي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.
وأرى بعد نهاية الحرب الباردة بدأت ملامح تعددية قطبية تلوح في الأفق، مع بروز قوى أخرى تسعى لتأكيد حضورها العالمي، وإعادة تشكيل التوازنات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
الولايات المتحدة الأمريكية حتى اليوم هي القوة الأعظم من حيث التأثير العالمي، بما تمتلكه من أدوات تفوق على جميع المستويات: اقتصاد متنوع وضخم، نفوذ عسكري غير مسبوق، هيمنة تكنولوجية، وسيطرة نسبية على المؤسسات المالية الدولية ولكن هذا التفوق بات يواجه تحديات داخلية وخارجية واضحة فمن جهة هناك انقسامات داخلية حادة تؤثر على السياسة الخارجية، ومن جهة أخرى، تتصاعد قوة الصين وروسيا بشكل قوي مؤثر يصعب تجاهله.
لذلك الصين في المقابل، لا تسعى إلى الهيمنة بالشكل التقليدي في القرن الماضي، بل تتقدم باستراتيجية هادئة تعتمد على الاقتصاد والتكنولوجيا والاستثمار طويل الأمد، كما نرى في مشروع الحزام والطريق الذي يربط الصين بقارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، وهذا الصعود لا يقتصر على الاقتصاد فقط، بل يمتد إلى القوة العسكرية التي تشهد تطورًا لافتًا، والتأثير السياسي المتزايد في المنظمات الدولية، بل ومحاولات خلق نظام عالمي موازٍ يحدّ من تفرد الغرب بقيادة العالم.
أما بالنسبة لدولة روسيا، فتعتمد في إعادة بناء مكانتها على الإرث السوفييتي من حيث النفوذ الجيوسياسي والقدرات النووية ومن خلال التدخلات العسكرية في مناطق مثل أوكرانيا وسوريا قبل ذلك، تحاول فرض نفسها كلاعب لا يمكن تجاوزه في المعادلات الدولية رغم ما تواجهه من عقوبات اقتصادية وعزلة غربية نسبية، فإن موسكو تراهن على تحالفاتها الجديدة وعلي مجموعة البريكس، وعلى استثمار التناقضات الدولية لإعادة تثبيت نفوذها.
بالنسبة للاتحاد الأوروبي لا يكتمل الواقع الجديد دون النظر إليه لإنه يمتلك قوة اقتصادية هائلة وقدرة تأثير دبلوماسي، لكنه يفتقر للوزن العسكري الموحد، ويعاني من تشتت في القرار السياسي، ما يُضعف من قدرته على لعب دور مستقل كقوة عظمى مكتملة الأركان ومع ذلك يظل فاعلًا مهمًا، وخاصة في ملفات حقوق الإنسان والتنمية المستدامة.
وهنا في خضم هذا المشهد الدولي المعقد للقوي العظمى تتأثر منطقة الشرق الأوسط تأثرًا مباشرًا بتحركات هذه القوى الولايات المتحدة، رغم تقليص وجودها العسكري، لا تزال تملك نفوذًا واسعًا عبر تحالفات استراتيجية مع دول كالسعودية ومصر.
أما روسيا، فقد عززت من موقعها الإقليمي من خلال تدخلها في سوريا سابقا.
بينما تسعى الصين إلى التغلغل الاقتصادي في المنطقة دون الدخول في صراعات مباشرة.
أما أوروبا، فتبقى حاضرة في القضايا الإنسانية والتنموية، ولكن بفعالية محدودة سياسيًا.
لذلك أرى بوضوح أن ما يمكن استنتاجه هو أننا نشهد تفككًا تدريجيًا لفكرة "القطب الواحد" وبداية مرحلة جديدة من تعددية القوى، حيث لا توجد دولة واحدة قادرة على فرض إرادتها منفردة، بل باتت المعادلات الدولية تقوم على التفاوض، توازن المصالح، وتقاطعات النفوذ هذا التحول يخلق تحديات وفرصًا في آن واحد، ويضع الدول الصغرى والمتوسطة أمام خيارين: إما التبعية لأحد الأقطاب، أو محاولة لعب دور مستقل يعتمد على التوازن والمرونة مثل مصر في ظل قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
في النهاية، فإن صراع القوى العظمى ليس مجرد تنافس على النفوذ، بل هو معركة على شكل العالم القادم: هل سيكون عالمًا تعدديًا متوازنًا، أم سيعيد إنتاج أنماط الهيمنة بشكل جديد؟ هذا ما ستكشفه السنوات القليلة المقبلة.
ولكن أرجح التعددية القطبية لأنها أصبحت قوى لا يستهان بها.