ابتكر باحثون في جامعة "ماكماستر" الكندية وجامعة "ستانفورد" الأميركية، نموذجًا جديدا للذكاء الاصطناعي يمكنه تصميم مليارات من جزيئات المضادات الحيوية الجديدة غير المكلفة وسهلة التصميم، وأطلقوا عليه اسم "سينثيمول".

ففي دراسة جديدة نُشرتها دورية "نيتشر مشين إنتيلجنس" ذكر الباحثون أن النموذج الذي ابتُكر في المختبر يمكنه تصميم مضادات حيوية لوقف انتشار نوع من البكتيريا تدعى "البومانية الراكدة"، والتي صنفتها منظمة الصحة العالمية على أنها واحدة من أكثر أنواع البكتيريا المسببة للأمراض والمقاومة للمضادات الحيوية وأخطرها في العالم ويصعب استئصالها، إذ يمكن للطفيليات البومانية أن تسبب الالتهاب الرئوي والتهاب السحايا وتصيب الجروح، وكلها يمكن أن تؤدي إلى الوفاة.

ولهذا يتوقع الباحثون أن يكون لهذا المضاد الحيوي المبتكر قدرة على معالجة التهديد المتصاعد لمقاومة المضادات الحيوية وحماية الصحة العالمية.

"جوناثان ستوكس" الأستاذ المساعد بقسم الطب الحيوي والكيمياء الحيوية في جامعة ماكماستر والباحث الرئيسي في الورقة البحثية (حامعة ماكماستر) الحاجة الملحة للمضادات الحيوية

وفقا لما جاء في موقع منظمة الصحة العالمية، فإن مضادات الميكروبات -ومنها المضادات الحيوية ومضادات الفيروسات ومضادات الفطريات ومضادات الطفيليات- أدوية تُستخدَم للوقاية من حالات العدوى التي تصيب الإنسان والحيوان والنبات، وأيضا لعلاجها.

ولكن في بعض الحالات تنشأ مقاومة لمضادات الميكروبات عندما تطرأ تغييرات على البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات بمرور الوقت، وتصبح غير مستجيبة للأدوية، مما يجعل علاج حالات العدوى أكثر صعوبة، ويزيد من خطر انتشار الأمراض والاعتلالات الوخيمة والوفيات. كما تصبح المضادات الحيوية والأدوية الأخرى المضادة للميكروبات غير ناجعة بفعل مقاومة الأدوية.

ولهذا تُشكّل مقاومة مضادات الميكروبات تهديداً عالمياً للصحة والتنمية تستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة متعددة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهو ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى الإعلان أن مقاومة مضادات الميكروبات من التهديدات العالمية العشرة الرئيسية للصحة العامة التي تواجه البشرية.

وبحسب البيان الصحفي الصادر من جامعة "ماكماستر"، فقد أدى الانتشار العالمي للبكتيريا المقاومة للأدوية إلى خلق حاجة ملحة لمضادات حيوية جديدة.

يقول "جوناثان ستوكس"، الأستاذ المساعد في قسم الطب الحيوي والكيمياء الحيوية بجامعة "ماكماستر" والباحث الرئيسي في الورقة البحثية: "المضادات الحيوية دواء فريد من نوعه، وبمجرد أن نبدأ في استخدامها في العيادة فإنها تفقد فاعليتها بشكل سريع، وذلك لأن البكتيريا تتطور بسرعة لمقاومتها، وبالتالي نحن بحاجة إلى نوع قوي من المضادات الحيوية للقضاء على النمو والتطور السريع للبكتيريا، كما نحتاج أيضا إلى اكتشافها بسرعة وبتكلفة زهيدة، وهنا يلعب الذكاء الاصطناعي دورا حاسما".

ويضيف: "يشكل ظهور البكتيريا المقاومة للأدوية تهديدا صحيا عالميا هائلا، وهو ما يستلزم إيجاد حلول عاجلة لمكافحة العدوى بشكل فعال، ومع عجز الطرق التقليدية في كثير من الأحيان عن تحديد مركبات المضادات الحيوية الواعدة بسرعة وبطريقة غير مكلفة، تكثّف البحث عن حلول جديدة".

 نموذج تصميم المضاد الحيوي

نموذج الذكاء الاصطناعي هو في الأساس إطار رياضي، أو خوارزمية تُدرَّب على البيانات، وتتضمن عملية التدريب هذه تغذية النموذج بكميات كبيرة من البيانات حتى يتمكن من التعلم وعمل استنتاجات أو تنبؤات بناء على تدريبه. وتلعب جودة وكمية البيانات إلى جانب بنية النموذج، دورا حاسما في تحديد فعالية النموذج ودقته.

ولهذا ظهر ابتكار النموذج "سينثيمول" الذي يأتي تلبية للحاجة الملحة للمضادات الحيوية الفعالة التي تقضي على البكتيريا بشكل سريع، وذلك عبر الاستفادة من عينات جزيئية واسعة مكونة من 132 ألف جزيء.

وبحسب الدراسة، فمن أجل تصميم النموذج "سينثيمول" تدرب الباحثون في البداية على استخدام خوارزمية ذكاء اصطناعي شبيهة بتلك المستخدمة في أدوات إنتاج الصور "مدجيرني" و"دال إي"، فأتوا بآلاف الأدوية المعروفة بتركيبها الكيميائي الدقيق، ثم اختبروها يدويا على البكتيريا "الراكدة البومانية" لتحديد أي منها قادرة على قتل هذه البكتيريا أو إبطائها.

وبعد ذلك أدخل الباحثون هذه المعلومات في نظام الذكاء الاصطناعي حتى يعرف الخصائص الكيميائية للأدوية القادرة على مهاجمة البكتيريا، بعد ذلك أنتجت الأداة آلاف المضادات الحيوية الجديدة التي تحدد أهدافًا بكتيرية أو فيروسية أو سرطانية بعينها.

ويضيف بيان جامعة "ماكماستر"، أن اللافت للاهتمام في الدواء الجديد هو اقتصار تأثيره على بكتيريا الراكدة البومانية دون سواها من أنواع البكتيريا الأخرى. ويرى الباحثون أن هذه الفعالية الدقيقة ستصعب على البكتيريا تطوير مقاومة للدواء، وتقلل التأثيرات الجانبية المحتملة عند المرضى.

وقال الباحث المشارك في الدراسة "جيمس زو"، وهو أستاذ مشارك في علوم البيانات الطبية الحيوية في جامعة ستانفورد: "لا يُصمم سينثيمول جزيئات جديدة مرشحة للأدوية الواعدة فحسب، بل إنه يولد أيضا الوصفة لكيفية صنع كل جزيء جديد، وبالتالي فإن توليد مثل هذه الوصفات هو نهج جديد يغير قواعد اللعبة، لأن الكيميائيين لا يعرفون كيفية صنع جزيئات مصممة بواسطة الذكاء الاصطناعي".

من المتوقع أن يطول الأمد حتى عام 2030 لتصبح المضادات الحيوية التي ساهم الذكاء الاصطناعي بتطويرها متاحة للمرضى (شترستوك) آفاق مستقبلية

يقول البيان الصادر من جامعة "ماكماستر": إن هذا النهج الرائد يتيح التحديد السريع والفعال للمضادات الحيوية، مما يمثل تقدما محوريا في اكتشاف جزيئات جديدة ذات خصائص مضادة للبكتيريا وواعدة.

ويرى الباحث الرئيسي في الدراسة جوناثان ستوكس: إن هذه النتائج هي "نقطة البداية" لانطلاق عملهم، إذ أن الخطوة المقبلة هي تطوير الدواء بدقة ونجاحه في المختبر، ومن ثم إجراء التجارب السريرية. ومن المتوقع أن يطول الأمد حتى عام 2030 لتصبح المضادات الحيوية التي ساهم الذكاء الاصطناعي بتطويرها متاحة للمرضى.

ويضيف بيان جامعة ماكماستر، أن اللافت للاهتمام في الدواء الجديد هو اقتصار تأثيره على بكتريا "الراكدة البومانية" دون سواها من أنواع البكتريا الأخرى، ويرى الباحثون أن هذه الفعالية الدقيقة ستصعّب على البكتيريا تطوير مقاومة للدواء، وتقلل التأثيرات الجانبية المحتملة عند المرضى.

ويُظهر هذا الاكتشاف مدى الفعالية المحتملة للذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، خاصة أنه يستطيع فحص ملايين المركبات المحتملة بسرعة كبيرة، وهو أمر يتعذر القيام به يدوياً. وهنا يعلق ستوكس قائلاً: "يعزز الذكاء الاصطناعي معدلات النتائج، وربما يقلل حجم النفقات، مما يتيح لنا اكتشاف أنواع جديدة من المضادات الحيوية اللازمة في مجالنا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات مضادات المیکروبات المضادات الحیویة للمضادات الحیویة الذکاء الاصطناعی الصحة العالمیة على البکتیریا الباحثون أن

إقرأ أيضاً:

تكنوبوت.. التقاء العلم والتكنولوجيا في مجلة طلابية رائدة برعاية جامعة بنها

في خطوة حماسية ومبدعة، أطلقت كلية الآداب بجامعة بنها، قسم الإعلام شعبة الصحافة مجلة "تكنوبوت" كمشروع تخرج طموح يهدف إلى استكشاف تأثير الذكاء الاصطناعي على مختلف جوانب الحياة. هذه المجلة تمثل مزيجًا فريدًا من الإبداع والتخصص، حيث تتناول مواضيع متنوعة تشمل الطب، الرياضة، الصناعة، الزراعة، والإعلام والإعلام وحتى الآثار والتنقيب، وذلك من خلال عدسة الذكاء الاصطناعي. 

عالم الذكاء الاصطناعي..شمولية الرؤية وتنوع المحتوى

تعتبر "تكنوبوت" منصة شاملة تفتح أبوابها لاستقبال الأفكار والمعلومات من مختلف المجالات في مجال الطب، تناقش المجلة كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاج، مما يسهم في تحسين الرعاية الصحية وتوفير حلول طبية مبتكرة، أما في قطاع الرياضة تعرض المجلة كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل أداء اللاعبين وتقديم استراتيجيات تدريبية متقدمة

وإذا تحدثنا في مجال الصناعة، تركز على إتمام العمليات الصناعية وتحسين جودة الإنتاج. ولا تغفل "تكنوبوت" قطاع الزراعة، حيث تستعرض أساليب الزراعة الذكية التي تعتمد على البيانات الضخمة والتكنولوجيا الحديثة لزيادة الإنتاجية وتحقيق الأمن الغذائي 

استشارة الخبراء.. خبرات وتوجهات رائدة

لم تكتف "تكنوبوت" بعرض النظريات والتطبيقات فقط، بل استقطبت خبراء مرموقين من مختلف المجالات لتقديم آرائهم وتوجهاتهم المستقبلية هذه الخبرات تضيف قيمة علمية وعملية للمجلة، مما يجعلها مرجعًا هامًا لكل من يهتم بعالم الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المتعددة.


الإعلام في زمن الذكاء الاصطناعي

وهناك ملف خاص في المجلة للحديث عن تأثير الذكاء الاصطناعي على الإعلام، مستعينين بآراء نخبة من الخبراء في هذا المجال يتصدر هذا الملف نقيب الصحفيين خالد البلشي، الذي يقدم رؤية شاملة حول كيفية تأثير التكنولوجيا على مهنة الصحافة وأدواتها كما يشارك عمرو عراقي وهو من أحد رواد صحافة البيانات والذي يسلط الضوء على التحولات الرقمية في وسائل الإعلام وكيفية استغلال الذكاء الاصطناعي لتقديم محتوى أكثر دقة وتفاعلًا مع الجمهور بالإضافة إلى إيمان الوراقي، التي تُعَدُّ من بين أبرز الشخصيات في عالم التكنولوجيا، فهي المؤسسة الرائدة لمبادرة ثورة الذكاء الاصطناعي، التي ناقشت تهديد الصحافة المطبوعة، بالإضافة إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على تنبؤ الكوارث كما هناك استعانة بالدكتور مصطفى ثابت رئيس تحرير موقع جريدة الفجر للتحدث عن تطورات الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الصحافة الإلكترونية.

مجلة طلابية ولكنها متعددة الأبعاد تحتضن عصر الإعلام الرقمي

والجدير بالذكر أن هيئة التحرير لم تكتفِ هذه بإصدار مجلة مطبوعة فقط، بل نظمت خطوات إضافية لتوسيع نطاق تأثيرها وتوفير المحتوى القيم للقراء بطرق متعددة تتمثل في الموقع الإلكتروني (المدونة) التي المخصصة لتكون نافذة رقمية للمجلة، حيث يمكن للقراء الاطلاع على أحدث العدد ومحتوياته بسهولة عبر الإنترنت، بجانب الموقع الإلكتروني، قامت هيئة تحرير المجلة بإنشاء صفحة مخصصة على فيسبوك. 

 

هذه الصفحة تعتبر منصة تفاعلية حيث يمكن للمشتركين التفاعل مع محتوى المجلة، ومشاركة آرائهم وتجاربهم، وتلقي آخر التحديثات والأخبار عن "تكنوبوت" وبهذة الخطوات أصبحت "تكنوبوت" ليست مجرد مجلة تقليدية، بل هي منصة شاملة تجمع بين المحتوى المطبوع والرقمي، لتلبية احتياجات القراء اليومية في عالم يتسم بالتطور التكنولوجي السريع

رؤية رائدة بقيادة طلاب بنها

تعد مجلة "تكنوبوت" إنجازًا متميزًا لطلاب قسم الإعلام بجامعة بنها، حيث قدموا عملًا متكاملًا يجمع بين الإبداع الأكاديمي والتطبيق العملي هذا المشروع لا يعكس فقط قدراتهم الأكاديمية، بل أيضًا رؤيتهم الطموحة نحو مستقبل مليء بالابتكار والتقدم. "تكنوبوت" ليست مجرد مجلة، بل هي دليل على أن الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يكون شريكًا أساسيًا في تحقيق التغيير الإيجابي في جميع مجالات الحياة. 

فريق عمل مجلة تكنوبوت

الإشراف العام: أ.م.د / فتحي ابراهيم
الإشراف: أ/ ريهام الخولي

أما عن هيئة التحرير فهي كالآتي:

رئيس التحرير: نهلة علام
مدير التحرير: سيد بخوري

خلود الحلو
إيمان الجندي
ميار خالد 
محمد عيد 
منه الله رمضان
إسراء جعفر 
ضحى عبدالحميد
مروة شريف 
خديجة عزت
رضوة حاتم 
حسين منير 
شيماء عادل 
سهيلة أحمد

مقالات مشابهة

  • شروط التقدم لعمادة كليتي الذكاء الاصطناعي والفنون التطبيقية بجامعة بنها
  • وزير الصناعة الإماراتي رئيسا لـ«بريسايت» لتحليل البيانات الضخمة المدعمة بالذكاء الاصطناعي
  • اكتشاف مضاد حيوي "يغيّر" قواعد اللعبة في علاج العدوى المزمنة
  • “آبل” تطرح منتجات جديدة بالذكاء الاصطناعي التوليدي
  • مطالبات برلمانية باستحداث وزارة مختصة بالذكاء الاصطناعي
  • لدعم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.. «QNB» يوقع بروتوكول تعاون مع جامعة الجلالة الأهلية
  • جامعة الأميرة نورة تخرج الدفعة الأولى من طالبات «الأمن السيبراني» و«علم البيانات» و«الذكاء الاصطناعي»
  • "QNB" يوقع بروتوكول تعاون مع جامعة الجلالة لدعم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي
  • تكنوبوت.. التقاء العلم والتكنولوجيا في مجلة طلابية رائدة برعاية جامعة بنها
  • هل وجد العلماء حلا لعدوى مقاومة مضادات الميكروبات؟