تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

نجح المجتمع الدولي في مواجهة ظاهرة الإرهاب بموجته الأولى والثانية غير أنه أخفق كثيرًا في التصدي له في المواجهة الثالثة التي يشهدها العالم حاليًا، بعد عدد من الحروب والصراعات التي ضربت دولًا كثيرًا، وربما قسمت هذا العالم وبالتالي تركت أثرُا على مواجهة هذه الظاهرة.

ظهرت المواجهة الأولى للإرهاب بعد العام 2001 على خلفية ضرب برجي التجارة العالمي في نيويورك، وهو ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية لإحتلال أفغانستان ثم العراق؛ وكان الهدف من احتلال كابل هو القضاء على حركة طالبان التي وفرت الحماية لتنظيم قاعدة الجهاد، الذي أعلن مسؤوليته عن الاستهداف في ذلك الوقت.

وتسأل واشنطن عن تنظيم داعش، الذي بدأ يتلمس موقعة الجغرافي في العراق على خلفية الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، صحيح كانت البداية إنشاء ما سمي بالدولة الإسلامية في العراق، ولكن تطور عامل الإرهاب بعد أحداث الفوضى في سوريا في العام 2011، وهنا نجح داعش في إقامة دولته في 29 يونيو من العام 2014.

صحيح الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولة عن تنامي ظاهرة الإرهاب في هاتين الفترتين رغم أنها واجهت الظاهرة، صحيح قد نتفق أو نتختلف في تقييم هذه المواجهة، ولكنها استطاعت أنّ تبنى على هذه المواجهة حتى بعد انسحابها من العراق ومن أفغانستان أيضًا، وهذا ما نُطلق عليه المواجهة الثانية للإرهاب.

ولعل هذه المواجهة هي الأخطر لأنها شهدت ولادة داعش والتي استمرت خمس سنوات كاملة من المواجهة، حتى انتهت بتفكيك دولة التنظيم كما أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب في 22 مارس من العام 2019، حتى سقوط دولة التنظيم واختفاء أثره.

هناك ملاحظة على مواجهة واشنطن لتنظيم داعش والتي أخذت وقتًا طويلًا (خمس سنوات) رعم أنها نجحت في انشاء تحالف دولي كان هدفه تفكيك هذا التنظيم، التحالف كان مُشكل من أكثر من ثمانين دولة على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ولكنه فشل في القضاء على داعش إلا بعد هذه السنوات الطويلة نسبيًا، حتى وبعد القضاء عليه مازالت هناك بقايا للتنظيم تمثل خطرًا على أمن العالم!

الموجة الثالثة للإرهاب هي الأخطر في المواجهة على الإطلاق، لأسباب أغلبها يرتبط بأنّ العالم لم ينتبه إليها حتى هذه اللحظة، أم النقطة الثانية، أنّ داعش والتنظيمات المتطرفة باتت أشرس مما كانت عليه سواء في مراحل النشأة الأولى ولا حتى بعد سقوط دولة التنظيم قبل خمس سنوات، وبالتالي نحن نتحدث عن نتحدث مختلف وقد يكون الأخطر على الساحة.

فضلًا عن سبب آخر جوهري مرتبط بإنشغال العالم بالحروب والصراعات شرٌقًا وغربًا، سواء الحرب الروسية في أوكرانيا قبل أكثر من عامين، وهو ما قسم القوى الدولية الكبرى روسيا والصين وأمريكا وأوروبا في هذه الحرب، وبالتالي هذه الحرب أخذت هذه القوى في مساحة الصراع بدلًا عن مواجهة التحدي الأهم المرتبط بمواجهة داعش والتنظيمات المتطرفة.

وهنا تبدو خطورة انشغال العالم بالصراع أكثر منه بمواجهة ظاهرة الإرهاب، خاصة وأنّ حربًا أخرى نشبت في منطقة الشرق الأوسط  منذ سبعة أشهر وهي الحرب الإسرائيلية على غزة، فوقع العالم في فخ الانقسام والتشظي وبخاصة واشنطن وأوروبا اللذين يدعمنا إسرائيل بصورة متناهية، تحمل جينات تطرف سوف يُساعد هو الأخر في ولادة هذه الظاهرة أو تناميها، وهنا نحن لا نًقارن بين مواجهة محتل غاصب وتأييد قوى احتلال، فليس هذا بذاك، ولكننا نتحدث عن ظاهرة الإرهاب ونخص الحديث عنها بشكل منفرد.

نحن أمام صعود جديد للتنظيمات المتطرفة في منطقة الشرق الأوسط وبداية حراك للتنظيم في قارة أوروبا فضلًا عن وجود قوى في أفريقيا؛ ومحركات لهذا النشاط مرتبط بتعارض مصالح الدول الكبرى والحروب والصراعات؛ هذه العوامل المكتملة تشي بعودة هذه التنظيمات من جديد، هذه العودة سوف تؤثر على الأمن والسلم الدوليين.

هذه العودة سوف تكون شرسة، وسوف يفشل العالم للمرة الثالثة في مواجهىتها، خاصة وأنه مشغول في عدد من الحروب والصراعات، عن مواجهة الظاهرة وبالتالي سوف تطل هذه التنظيمات برأسها من جديد، وسوف تُهدد أمن العالم بأكمله، بل سوف يكون هذا العالم أضعف من مواجهتها.

صحيح نحن نعيش مرحلة التكتلات الدولية في الحروب والصراعات الدائرة حاليًا، ولكننا نحتاج إلى أنّ نعيش هذه التكتلات على مستوى مواجهة ظاهرة الإرهاب، كما أننا نحتاج إلى أنّ تهدأ صوت المدافع قليلًا لمواجهة الظاهرة الأخطر على مستوى أمن العالم، بدون ذلك سوف تعود داعش بخطره مهددًا أمن العالم بأكمله.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: داعش مواجهة داعش عودة داعش خطر الإرهاب أمن العالم

إقرأ أيضاً:

ضابط إسرائيلي سابق: حماس متماسكة وحرب غزة تضعف مواجهة إيران

بعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران برعاية أميركية، تجد الحكومة الإسرائيلية نفسها من جديد أمام مفترق إستراتيجي مألوف، في وقت تتعثر فيه أهدافها من الحرب على غزة الرئيسية المتمثلة في تدمير قدرات حركة حماس العسكرية والحكومية وإطلاق سراح جميع المحتجزين لديها، رغم "الإنجازات العسكرية على الأرض" وفق ضابط الاستخبارات الإسرائيلية السابق مايكل ميلشتاين.

وفي مقال نشره اليوم الاثنين بصحيفة يديعوت أحرنوت، قال ميلشتاين، وهو أيضا رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب، إن حماس ما تزال متماسكة وتسيطر على غزة رغم العمليات العسكرية.

وحذر ميلشتاين من أن استمرار الحرب يبدد تركيز إسرائيل على التهديد الإيراني، ويعرقل فرص التطبيع مع الدول العربية، وفق قوله.

لا بديل لحماس

ويستهل الكاتب مقاله بالقول إن "إسرائيل قامت بجولة كبيرة لتكتشف أنها تواجه نفس المفترق الإستراتيجي الذي وقفت أمامه قبل أكثر من عام، والذي يتضمن بديلين سيئين: احتلال قطاع غزة بأكمله، وترتيب بثمن مؤلم لإنهاء الحرب والانسحاب من قطاع غزة".

ويشدد ميلشتاين على أن معضلة إسرائيل لا تزال كما هي رغم مرور 3 أشهر على استئناف الحرب على غزة.

ويقول إنه رغم اغتيال الجيش الإسرائيلي عددا من قيادات حماس وسيطرته على معظم أراضي القطاع، فإن حماس "لا تزال مهيمنة على الأرض، وقادرة على خوض القتال والسيطرة على المجال العام".

ويلفت إلى أن الضغط العسكري والسياسي المتواصل لم يؤد حتى الآن إلى تليين مواقف حماس حيال ملف المحتجزين، باستثناء إطلاق الجندي الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأميركية والذي كان لفتة للرئيس الأميركي دونالد ترامب وليس لإسرائيل، مشيراً إلى أن المشاريع التي يجري الترويج لها لإدارة القطاع، مثل آلية توزيع المساعدات أو تسليح المليشيات، تتراوح بين "التعثر والفشل".

إعلان

كما ينتقد الضابط السابق ما يصفه بالأوهام التي تتسلل إلى الخطاب الإسرائيلي حول غزة، وأبرزها الاعتقاد بإمكان القضاء على حماس خلال بضعة أشهر، دون إيضاح تبعات احتلال القطاع كاملاً. ويحذر من أن "دوافع احتلال غزة بأكملها في الغالب أيديولوجية، تحت ستار الحجج الإستراتيجية".

أما الأكثر خطورة -حسب رأيه- فهو الإيمان بتنفيذ خطة ترامب لإفراغ قطاع غزة من الفلسطينيين، مشيراً إلى أنه "لا دولة في العالم توافق على الفكرة أو ترغب في التعاون معها".

التداعيات المتوقعة

ويربط ميلشتاين استمرار الحرب في غزة بتداعيات إستراتيجية أوسع، خاصة في مواجهة إيران. ويشير إلى أن عملية "الأسد الصاعد" التي استهدفت البرنامج النووي الإيراني وألحقت به أضراراً جسيمة، كانت مجرد "جولة أولى في حملة مطولة" إذ من المتوقع أن تسعى إيران لإعادة تأهيل مشروعها النووي ونظامها الصاروخي، فضلاً عن شبكة "حلقة النار" الإقليمية التي تطورها، بحسب وصفه.

ولذلك فهو يحذر من أن الحرب الممتدة في غزة "تؤدي إلى تحويل الانتباه والجهد بعيدا عن إيران، وتسبب أضراراً إستراتيجية مثل استنزاف الجيش، خصوصاً قوات الاحتياط، وتصاعد النزاعات الداخلية، والانتقادات الدولية القاسية.

وفي السياق ذاته، يرى الضابط السابق أن إنهاء الحرب في غزة ضروري "لتحقيق الفرصة الإستراتيجية التي فتحت في الشرق الأوسط مع انتهاء الصراع مع إيران" مع التركيز على إمكانية تعزيز التطبيع مع الدول العربية.

لكنه في الوقت ذاته يحذر من أن استمرار الحرب، خصوصا مع ضم أراضٍ أو تجديد المستوطنات في غزة، قد يحبط تحركات التطبيع التي يعتبرها ترامب هدفاً إستراتيجياً لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، مما ينذر أيضا بإمكانية حدوث توتر بين واشنطن وإسرائيل.

ويقول ميلشتاين إن أي حسم في غزة عبر اجتياح كامل سيكون ثمنه باهظا، إذ يعني السيطرة على مليوني فلسطيني بمنطقة فوضى، مع ما يرافق ذلك من خطر العزلة الدولية والانقسام الداخلي الشديد، دون ضمان إطلاق المحتجزين أو التركيز على الجبهة الإيرانية أو تحقيق تعاون إستراتيجي مع الدول العربية.

ويضيف "كما هو الحال في لبنان، سيكون من الضروري في غزة، حتى بعد التوصل إلى اتفاق، العمل ضد التهديدات. وفي حين ستستمر حماس في الوجود في مثل هذا السيناريو، إلا أنها ستكون ضعيفة عسكريا، ومحدودة سياسيا، وتخضع للمراقبة والإحباط الإسرائيليين المستمرين".

ويختم مقاله بالقول إن إحداث تغيير جذري في واقع غزة يبقى رهين 3 شروط غير متوفرة حاليا وهي "خطة مفصلة ورصينة، وإجماع داخلي، ودعم خارجي".

مقالات مشابهة

  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (الحواشي…)
  • الهلال السعودي يكتب التاريخ ويغتال أحلام مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية
  • الغرب وإيران.. مواجهة مؤجلة أم صدام نووي وشيك؟
  • الهلال يكتب المجد للأندية العربية في مونديال العالم
  • الهلال يكتب التاريخ.. مكاسب الزعيم بعد التأهل لربع نهائي كأس العالم للأندية
  • المواجهة تشتعل.. هالاند يدرك التعادل أمام الهلال في كأس العالم للأندية
  • تقرير: ضغوط متصاعدة على نتانياهو لإنهاء حرب غزة بعد المواجهة مع إيران
  • الزكاة والضريبة والجمارك تنظّم ورشة عمل إقليمية بالتعاون مع منظمة الجمارك العالمية
  • ضابط إسرائيلي سابق: حماس متماسكة وحرب غزة تضعف مواجهة إيران
  • إذاعة صوت أميركا.. من الحرب العالمية الثانية إلى عهد ترامب