عالم يحل لغز رموز أثرية غامضة في العراق تعود إلى عام 700 قبل الميلاد
تاريخ النشر: 7th, May 2024 GMT
شرح عالم آثار الرموز القديمة الغامضة الموجودة في معبد عمره 2700 عام في مدينة دور شروكين في العراق، والتي حيرت الخبراء لأكثر من قرن من الزمن.
ويظهر تسلسل "الرموز الغامضة" على المعابد في مواقع مختلفة في مدينة دور شروكين القديمة، المعروفة اليوم باسم خورسباد، شمال العراق، والتي حكمها سرجون الثاني، ملك آشور (721-704 قبل الميلاد).
وأصبح تسلسل الرموز الخمسة - الأسد، النسر، الثور، شجرة التين، والمحراث - معروفا للعالم الحديث لأول مرة من خلال الرسومات التي نشرها المنقبون الفرنسيون في أواخر القرن التاسع عشر. ومنذ ذلك الحين، كانت هناك موجة من الأفكار حول ما قد تعنيه هذه الرموز.
وقد تمت مقارنتها بالهيروغليفية المصرية التي فُسرت على أنها انعكاسات للقوة الإمبراطورية، واشتبه في أنها تمثل اسم الملك.
واقترح الدكتور مارتن ورثينغتون من كلية الثالوث للغات والآداب والدراسات الثقافية في دبلن حلا جديدا في بحث نُشر في 26 أبريل في Bulletin of the American Schools of Oriental Research، لهذه الرموز.
ويرجح ورثينغتون، وهو متخصص في لغات وحضارات بلاد الرافدين القديمة، بما في ذلك حضارات البابليين والآشوريين والسومريين، أن الكلمات الآشورية للرموز الخمسة (الأسد، النسر، الثور، شجرة التين والمحراث) تحتوي، بهذا التسلسل، على أصوات تشير إلى الشكل الآشوري لاسم "سرجون" (šargīnu). وأشار أيضا إلى أنه في بعض الأحيان يمكن كتابة نفس الاسم باختصار باستخدام ثلاثة رموز فقط (الأسد، الشجرة، المحراث) كما هو موضح في الموقع الأثري.
وعلق الدكتور ورثينغتون قائلا: "إن دراسة اللغات والثقافات القديمة مليئة بالألغاز من جميع الأشكال والأحجام، ولكن ليس من المعتاد في الشرق الأدنى القديم أن يواجه المرء رموزا غامضة على جدار المعبد".
Pretty cool and I had no idea we inherited 60 second in a minute from Mesopotamia. #ancient#history#archeologyhttps://t.co/RUrSbe2rED
— Two Lands (@twolandstoken) May 4, 2024Assyriologist claims to have solved archaeological mystery from 700 BC.
Solving the Starry Symbols of Sargon II | @ChicagoJournals
Bulletin of the American Society of Overseas Research https://t.co/66tuMf6KQqpic.twitter.com/Iw04RVRP2h
ووفقا للدكتور ورثينغتون، يمكن أيضا فهم كل رمز من الرموز الخمسة على أنها كوكبة. وهكذا، فإن الأسد يمثل برج الأسد، والنسر يمثل كوكبة العقاب، وتمثل شجرة التين كوكبة "الفك" التي لم تعد موجودة الآن، بناء على أن كلمة iṣu (شجرة) تبدو مشابهة لكلمة isu (الفك).
ويضيف ورثينغتون: "كان تأثير الرموز الخمسة هو وضع اسم سرجون في السماء إلى الأبد، وهي طريقة ذكية لجعل اسم الملك خالدا. وبطبيعة الحال، فإن فكرة قيام الأفراد العظماء بكتابة أسمائهم على المباني ليست فريدة من نوعها بالنسبة لآشور القديمة".
إقرأ المزيدوكانت بلاد الرافدين القديمة، أو العراق الحديث والمناطق المجاورة، موطنا للبابليين والآشوريين والسومريين وغيرهم، ويتم استكشافها اليوم من خلال الكتابات المسمارية التي ما تزال موجودة بكثرة.
وفي الواقع، ربما تم اختراع الكتابة هناك نحو عام 3400 قبل الميلاد. لذلك، على الرغم من أن علماء سرجون لم يكونوا على علم بذلك، إلا أنهم من خلال ابتكار رموز مكتوبة جديدة جعلوا تاريخ بلاد الرافدين يتردد صداه منذ أكثر من ألف عام مضت.
وأوضح الدكتور ورثينغتون: "لا أستطيع إثبات نظريتي، ولكن حقيقة أنها تعمل مع كل من تسلسل الرموز الخمسة وتسلسل الرموز الثلاثة، وأن الرموز يمكن أيضا فهمها على أنها مجموعات ملائمة ثقافيا، تذهلني بشدة".
وتابع:"هذه المنطقة من العالم، والتي تشمل العراق الحالي وأجزاء من إيران وتركيا وسوريا، غالبا ما يشار إليها باسم مهد الحضارة. فهي المكان الذي ولدت فيه المدن والإمبراطوريات، وقصتها جزء كبير من تاريخ البشرية. إن حل الألغاز (أو محاولة حلها) يعد أمرا ممتعا بشكل خاص، لكن دراسات بلاد الرافدين بشكل عام لها هدف أكبر يتمثل في فهم التعقيد والتنوع لجزء كبير من المجتمعات البشرية والإنجازات الثقافية".
المصدر: phys.org
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: آثار بحوث دراسات علمية معلومات عامة على أن
إقرأ أيضاً:
مصر… تعود لتضبط البوصلة من قلب العروبة، ،
الرحمة لأرواح الدبلوماسيين القطريين الذين قضوا في حادثٍ مروّع أثناء مشاركتهم في مفاوضات شرم الشيخ. مأساة اختلطت فيها دماء الأشقاء برائحة البحر الأحمر، لتصبح رمزًا لمعنى الوفاء العربي المشترك، وشاهدة على أن طريق السلام لا يُعبد إلا بالتضحيات.
من تلك اللحظة، بدا أن القدر أراد لمصر أن تتصدر المشهد مجددًا. فبينما كانت الكاميرات تنقل صور الحادث المفجع، كانت القاهرة تُعدّ مشهدًا مغايرًا للعالم: قمة تاريخية تُعقد في شرم الشيخ بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقادة عشرين دولة من الشرق والغرب، ليُعلنوا من أرض الكنانة نهاية أطول الحروب في غزة، وبداية خريطة جديدة للسلام في المنطقة.
لم يكن المشهد وليد صدفة، بل نتاج رؤية استراتيجية لمصر التي تعرف متى تصمت، ومتى تتكلم. فالصمت هنا لم يكن ضعفًا، بل حكمةً دفينة في تاريخ دولةٍ عاشت آلاف السنين، وتعلم أن لحظة النهوض لا تحتاج إلى ضجيج، بل إلى إتقان إدارة التوقيت والمكان.
في شرم الشيخ، عادت "أم الدنيا" لتقول كلمتها الهادئة الواثقة: نحن لا نصنع الحرب، بل نصنع نهاياتها.
لقد نجحت القاهرة في أن تُحوّل الاتهامات بالتقاعس عن دعم غزة إلى إشادةٍ عالمية بقدرتها على جمع الخصوم على طاولة واحدة. جلس خليل الحية، القيادي في حماس، يتحدث بثقة أمام وسائل الإعلام، تحت حماية مصرية، في العاصمة التي خرج منها ذات يوم من حاولوا اغتياله. في تلك اللحظة تحديدًا، أدرك الجميع أن القاهرة لا تحمي الأشخاص فقط، بل تحمي فكرة البقاء نفسها، وتحمي روح المقاومة من الاندثار.
منذ أيام جمال عبد الناصر وصوت العرب يجلجل من الميكروفون الحديدي في ميدان التحرير، كانت مصر دائمًا تعرف موقعها في معادلة الشرق الأوسط. واليوم، تعود من نفس الإذاعة، من صوت العرب وإذاعة الشرق الأوسط، لتُخاطب العالم مجددًا يوم الإثنين القادم، أمام حشدٍ من زعماء الأرض، لتقول: هنا القاهرة… قلب العروبة النابض.
لقد راهن كثيرون على أن الدور المصري انتهى، وأن القاهرة فقدت بريقها السياسي في عواصف الربيع العربي، لكنّ التاريخ لا يرحم من يجهل جغرافية المكان. فمصر ليست دولة عادية تُقاس بحجم اقتصادها أو عدد سكانها، بل بحجم تأثيرها في محيطها. من ضفاف المتوسط إلى أعماق إفريقيا، ومن سيناء حتى حدود ليبيا والسودان، تظل مصر مركز التوازن حين تضطرب البوصلة.
الجغرافيا وحدها لا تكفي، لكن عبقرية المكان تتكامل مع إرادة القيادة. وقد برز ذلك بوضوح في طريقة إدارة القاهرة لملف غزة، حيث لم تنجرّ خلف العواطف، ولم تُساوم على مبادئها، بل نسجت خيوطًا دقيقة بين الإنسانية والسياسة. فتحت معابرها وقت الحاجة، ورفضت التهجير بكل حزم، وأرسلت رسائلها الصارمة لإسرائيل بأن أمن مصر القومي يبدأ من حماية الشعب الفلسطيني، لا من مقايضة دمائه.
اليوم، يتحدث العالم عن القاهرة بوصفها العاصمة التي أوقفت الحرب. لم يكن ذلك مجرد إنجاز دبلوماسي، بل استعادة لهيبة الدور العربي الغائب منذ عقود.فحين عجزت واشنطن عن فرض شروطها، وحين فشلت أنقرة والدوحة في الإمساك بخيوط الحل، كانت القاهرة هي النقطة التي تلاقت عندها كل الأطراف.
في حديثه الأخير، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنّه "يتطلّع إلى زيارة مصر لحضور التوقيع الرسمي لاتفاق غزة"، جملة بسيطة لكنها تحمل في مضمونها اعترافًا غير معلن بأن الشرق الأوسط لا يستقر إلا حين تكون مصر في الصورة.
أمّا في شوارع غزة، فقد رفع الفلسطينيون صور الرئيس السيسي إلى جانب العلم المصري. تلك ليست دعاية سياسية، بل انعكاس طبيعي لتاريخ طويل من التضامن والمصير المشترك. يعرف الغزيون أنّ وراء الحدود الجنوبية ثمة دولة لم تفرّط يومًا فيهم، مهما تبدّلت الظروف.
أما على الجانب الإسرائيلي، فقد كتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن نجاح مصر في وقف النار أعادها إلى المشهد الإقليمي كقوة لا يمكن تجاوزها. إنه اعتراف من الخصم قبل الصديق، بأن القاهرة قادرة على تحويل الهزيمة إلى فرصة، والدم إلى حوار.
لكن ما يميز اللحظة الراهنة ليس فقط انتصار الدبلوماسية المصرية، بل نضج رؤيتها الجيوسياسية. فالقاهرة تدرك أن معركة غزة ليست مجرد نزاع حدودي، بل اختبار للمعادلة الكبرى بين الشرق والغرب. ولذلك، جاءت القمة الدولية في شرم الشيخ لتعيد صياغة مفهوم السلام، ليس بوصفه استسلامًا أو هدوءًا هشًّا، بل كاستحقاق إنساني شامل يعيد التوازن إلى المنطقة.
إنّ مصر اليوم لا تبيع المواقف، بل تُعيد تعريفها. هي الدولة التي واجهت الإرهاب، وتصدّت لأوبئة الفيروسات، وبنت عاصمة جديدة في قلب الصحراء، وتُشيّد الآن شبكة من المدن الذكية، وتستعد لتكون محور الربط بين إفريقيا وآسيا وأوروبا. وفي كل هذه المسارات، يبقى صوت القاهرة هو الميزان الذي يضبط إيقاع العالم العربي حين يختلّ.
وحين يتحدث الناس عن “عودة مصر”، فإنهم في الحقيقة يتحدثون عن عودة المنطق والتاريخ. فالدولة التي حملت أوزار الأمة لعقود، تعرف جيدًا أن زعامة المكان لا تُشترى، بل تُنتزع بالثبات والموقف. واليوم، تقف مصر شامخة من جديد، تُعلن من شرم الشيخ أنّها لا تُملي الشروط، لكنها تضع الأسس، ولا تبحث عن المجد، لكنها تصنعه.
من رحم الألم، ولدت لحظة الفجر. ومن رماد الحرب في غزة، تخرج القاهرة لترسم أفقًا جديدًا للسلام. سلامٌ لا يقوم على إذلال، بل على إدراكٍ عميق أن الشعوب وحدها هي التي تملك الحق في الحياة، وأن الأمن لا يتحقق بالحصار، بل بالعدل.
وهكذا، حين تنطلق يوم الإثنين القادم إذاعة صوت العرب من القاهرة لتبث للعالم "هنا القاهرة… من قلب العروبة النابض"، سيكون خلف المايكروفون صوت التاريخ ذاته، يخبرنا أن مصر، حين تنهض، لا تنهض لنفسها فقط، بل لتُعيد للبشرية توازنها القديم، وتذكّر الجميع أن الشرق لا يُدار إلا من هنا… من القاهرة.. .، ، !!
-- محمد سعد عبد اللطيف
كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية