لماذا يختفي الفلسطينيون في تغطية الاحتلال الإسرائيلي لحرب غزة؟
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا، أعدّه ديفيد لوناو، قال فيه إن الحرب على غزة لا أثر لها على التغطية الإعلامية الإسرائيلية، فهي حرب مختلفة، بصور قليلة عن ضحايا غزة، ممّا يوسع الفجوة في المنظور بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وبقية العالم.
وقال إن الإسرائيليين يشاهدون كل ليلة على محطات التلفزة آخر الأخبار عن حرب غزة ومفاوضات وقف إطلاق النار والقتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي ويستمعون إلى تحليلات العسكريين، وتغطية مكررة لعملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والشيء الوحيد الغائب عن التغطية هم الفلسطينيون.
وفي الوقت الذي يشاهد فيه الإسرائيليون الحرب في غزة، يرى بقية العالم صورة حربا مختلفة، دمار تخلفه غارات الاحتلال الإسرائيلي على المناطق المكتظة بالسكان، وصور مثيرة تقشعر منها الأبدان لفلسطينيين استشهدوا جر|ّاء الحرب.
ترى الصحيفة أن الشاشة المنقسمة تساعد على شرح الهوة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تشعر بالعزلة وترى أن أحدا لا يفهمها وبين العالم الخارجي الذي حول نظره من عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر وما حدث فيه مما وصف بـ"الرعب" قد يزداد في الأيام المقبلة مع توسيع دولة الاحتلال الإسرائيلي، حملتها العسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وحسب مدراء لقنوات إعلامية ومحللين وإسرائيليين عاديين، فإنه في تلفزيون الاحتلال الإسرائيلي، لا توجد صور لشهداء فلسطينيين، فقط بعض الصور للدمار. إذ أن اليهود الإسرائيليون الذين يتابعون القنوات العبرية لا يشاهدون إلا نادرا لقطات من غزة، مع أنهم يعرفون بحدوث دمار كبير وحصيلة عالية للشهداء.
وتضيف الصحيفة أن ثلثي الإسرائيليين اليهود لم يشاهدوا صورا للدمار في غزة، وذلك حسب استطلاع أجراه معهد الديمقراطية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، في نيسان/ أبريل.
وأوضحت بأن نسبة زائدة عن الثلث، أنها شاهدت الكثير من لقطات الدمار، إما من خلال تلفزة الاحتلال الإسرائيلي أو عبر منصات التواصل الإجتماعي.
وقال شوكي توسينغ، وهو محرر "سيفنث آي" أو "العين السابعة" وهي نشرية إعلامية ترصد البث الإعلامي الإسرائيلي: "تشاهد كل شيء على التلفزيون الإسرائيلي باستثناء سكان غزة".
وأضاف: "في الوقت الحالي، لا يستطيع الإعلام الإسرائيلي التعامل مع الواقع المعقد، ويعرفون أن متابعيهم لا يريدون رؤية صور العدو يموت، ولهذا فهم لا يبثونها". ورفض متحدثون باسم قنوات تلفزة رئيسية في دولة الاحتلال الإسرائيلي مثل كان 11 وقنوات 12 و 13 و14 التعليق.
ولكن "القناة 12" العبرية قدمت للصحيفة عدة أمثلة عن نشراتها الإخبارية التي شملت على مشاهد تفجير بنايات ودمار في غزة ومدنيون يتحدثون عن محنتهم، بما في ذلك عدم توفر الطعام، لكن لم تكن هناك صور لمدنيين قتلى.
ونقلت الصحيفة عن أيالا بانيفسكي، وهي الأكاديمية الإسرائيلية التي تعيش في لندن قولها إن انفصاما هناك بين ما تراه في التلفزيون في لندن وبين ما يخبره أصدقاؤها وعائلتها أنهم شاهدوه في دولة الاحتلال الإسرائيلي: "لم أشاهد اختلافا بالمنظور كهذا من قبل".
فقبل عدة أيام، عرضت قناة "كان11" مقابلة مع ستاف سيلا، الذي قتل شقيقها رام، 32 عاما، في مهرجان نوفا خلال عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ووصفت ستاف شقيقها بأنه كان يحب الموسيقى، وغنت مع صديقتها ليغال أغنية في ذكراه.
وبعيدا آلاف الأميال، شاهد متابعو شبكة "سي إن إن" رسالة إخبارية من غزة حول غارة جوية إسرائيلية استشهد فيها عشرة أطفال، منهم طفلة عمرها 9 أعوام كانت تلعب الكرة في شارع مزدحم. وانضمت إلى أكثر م 34,000 شهيدا منذ بداية الحرب. وقام أقارب عائلة طفلة عمرها 10 أعوام بوضع جسدها في كيس الموتى بملابسها الزهرية حيث كانت عائلتها تندب وفاتها.
ولكن الفارق الكبير في متابعة الحرب داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي يبدو أوضح عند مقارنته مع التغطية الإخبارية للحرب في الدول العربية، فقناة "الجزيرة" تبث لقطات مستمرة عن حملة الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وصور واضحة للدمار والشهداء من المدنيين.
وفي دراسة مسحية قام بها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، في آذار/ مارس وجد أن نسبة 85 في المئة من الفلسطينيين لا يعتقدون أن حماس ارتكبت مجازر في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
ومنعت إسرائيل عمل "الجزيرة" بناء على قانون جديد يعطي الحكومة السلطة لإغلاق المنظمات الإخبارية التي تعتقد أنها خطر على الأمن الوطني. فيما أغلقت دولة الاحتلال الإسرائيلي مكاتب "الجزيرة"، وصادرت معداتها ومنعت متابعتها في دولة الاحتلال الإسرائيلي عبر الإنترنت.
وقال دانيال ليفي، وهو أستاذ الإقتصاد بجامعة بار إيلان إنه وزوجته يعتقدان بأن الصورة عن الحرب في غزة غير كاملة في الإعلام الإسرائيلي ولهذا يتابعان أحيانا "الجزيرة" الإنجليزية لمعرفة الجانب الآخر.
وقال إنه يستطيع الحصول على القناة من خلال تلفزيونه الذكي وعلى يوتيوب، رغم حظر الاحتلال الإسرائيلي. وقال ليفي إنه "في ضوء صدمة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر أخشى من عدم قدرة الإسرائيلي النظر بعيدا عن أعداد الفلسطينيين الذين ماتوا، مما يجعل تقارير الجزيرة وبالصور والتي من الصعب مشاهدتها ومحطمة للقلب، مهمة جدا".
وتشير الصحيفة للأثر الذي ترك تشرين الأول/ أكتوبر على نفسيات الإسرائيليين والتي هزّت حس الأمن الذي تمتعوا به، فهي بالنسبة لهم لم تكن مجرد هجوم عسكري بل غزوا مسلحا.
وأشارت إلى صور الأسرى المعلقة في كل مكان، في مطار تل أبيب وعلى طول الشوارع والأشجار والسيارات والشرائط الصفراء وفي ساحة الأسرى التي تتجمع فيها عائلات الأسرى حيث توجد ساعة كبيرة تحصي الساعات والدقائق والثواني على أسرهم.
وكذا المقاعد الخالية في المطاعم والمقاهي لهم وشعارات "أحضروهم إلى بيوتهم"، وهم حاضرون دائما في نشرات الأخبار. وقالت دوريت، الطبيبة المتقاعدة "الأسرى هم كل شيء لنا، ولدينا ميثاق في إسرائيل ألا تترك أحدا خلفك". فيما يشعر الكثير من الإسرائيليين أن العالم لا يهتم بالأسرى ولا بما حصل في تشرين الأول/ أكتوبر ولا المهجرين من بيوتهم في الجنوب والشمال.
وتقول داليا شيندلين، وهي الخبيرة في مواقف الرأي العام إن الحديث عن وقف إطلاق النار وإعادة إعمار غزة لا معنى له بدون عودة الأسرى. و"بطريقة ما فكل شيء بات رهينة الأسرى".
بدورها، تقول الباحثة في معهد الديمقراطية الإسرائيلية، تمار هيرمان، إن بقاء الأسرى في غزة يعني أن الإسرائيليين لن يشاهدوا لقطات عن الضحايا المدنيين. ففي دراسة آذار/ مارس قالت نسبة 80 في المئة من الإسرائيليين اليهود إن البلد يجب عليه ألا يعير اهتماما للسكان المدنيين في غزة حالة قرر مواصلة القتال أم لم يقرر.
وتقول هيرمان إن هذا الموقف قد يتغير لو عاد الأسرى إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي. وفي دراسة استطلاعية بداية آيار/ مايو أجراها نفس المعهد وجدت أن نصف الإسرائيليين قالوا إن إعادة الأسرى من غزة أهم من غزو رفح.
ويقول البعض إن الإعلام الإسرائيلي خائف من إظهار الضحايا الأبرياء أو الضغط على الحكومة في مزاعم أنها تعرقل الإغاثة الإنسانية لغزة. وعلى خلاف الولايات المتحدة وأوروبا حيث يحصل معظم الناس أخبارهم من منصات التواصل الإجتماعي، لا يزال التلفزيون يلعب دورا مهما في دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث يقول ثلاثة أرباع منهم إنه مصدرهم الرئيسي للمعلومات، حسب توسينغ من "سيفنث آي".
وتقول شيندلين إن حوالي 60 في المئة من اليهود الإسرائيليين اليوم يعرفون أنفسهم بأنهم يمينيون متطرفون، والربع الباقي من معسكر الوسط، أي ما بين 11-14 في المئة. ولا يدعم حل الدولتين إلا ربع الإسرائيليين حيث تراجع الدعم له.
وتقول بانيفسكي، وهي الزميلة في جامعة سيتي والمختصة بالشعبوية في الإعلام إن الإعلام الإسرائيلي تحول نحو اليمين، وسط محاولات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تصوير الإعلام بأنه موال لليسار وغير وطني. وفي أثناء حملته الإنتخابية عام 2019 نصب لافتة إعلانية عليها وجوه أربعة صحافيين بارزين وبتعليق "لن يقرروا".
وتقول بانيفسكي إن حوالي 40 صحافيا قابلتهم خلال السنوات الماضية تحولوا نحو اليمين أو مارسوا الرقابة على أنفسهم، منها الحذر من استخدام كلمة احتلال، عند التلميح للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية. واستعان ستة منهم بحرس خاص بعد تلقيهم تهديدات.
وتابعت بأنه من النادر ما أظهر التلفزيون وجها عربيا، بمن فيهم العرب في دولة الاحتلال الإسرائيلي الذين يمثلون 20 في المئة من السكان. وخلال سبعة أعوام من التغطية وجدت "سيفنث آي" أن المقابلات مع العرب في دولة الاحتلال الإسرائيلي أو بث يظهر العرب قد زاد من 2 في المئة إلى 4 في المئة قبل أن يتراجع في العام الماضي وبخاصة بعد تشرين الأول/ أكتوبر.
ويعتبر محمد مجدلي، واحدا من الصحافيين العرب في دولة الاحتلال الإسرائيلي القلائل الذي يعيش وسط شاشة منقسمة، فهو يتردد من الصحافة العربية وراديو "الناس" في الناصرة إلى استديوهات "قناة 12" في القدس. مؤكدا: "أتحرك بين عالمين".
وعانى منذ تشرين الأول/ أكتوبر من ردة فعل لظهوره في التلفزيون الإسرائيلي وتهديدات بالقتل والفصل. وطالب عضو في حزب الليكود في تغريدة على منصة إكس أن مجدلاني ليس مواليا ويجب عزله، لأنه تحدث عن نقص المساعدات الإنسانية في غزة.
وقال مجدلاني إنه كان يقوم بعمله "والشيء الرئيسي الذي نحن بحاجة إليه هو تعريف شعبنا بما يحدث، كما تعرف؛ والإسرائيليون لا يعرفون في الحقيقة ما يجري في غزة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية غزة الفلسطينيون فلسطين غزة التغطية الاعلامية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی دولة الاحتلال الإسرائیلی الإعلام الإسرائیلی تشرین الأول فی المئة من فی غزة
إقرأ أيضاً:
لماذا لم تلتقط طهران مؤشرات التهديد الإسرائيلي؟
طهران- في تطوّر خطِر على الساحة الإقليمية، وبينما كانت جولات المفاوضات الأميركية الإيرانية تمر بلحظات حاسمة، شنّت إسرائيل فجر اليوم، ضربات جوية مركّزة، استهدفت مواقع نووية وعسكرية في عدة مناطق داخل إيران، أبرزها العاصمة طهران ومحافظة أصفهان.
وجاءت هذه الضربات قبل أقل من 48 ساعة من موعد الجولة السادسة من المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، والتي كان من المفترض عقدها الأحد المقبل، في العاصمة العُمانية مسقط، في محاولة لإحياء الاتفاق النووي المتعثر.
وكانت المفاوضات المقررة بين إيران والولايات المتحدة تُمثل مرحلة حاسمة في مسار التوصل لاتفاق بينهما، حيث تركّزت الترتيبات الأخيرة في نسبة التخصيب، وآلية رفع العقوبات، وضمانات فنية متبادلة.
لكن الضربة الإسرائيلية الأخيرة، أثارت تساؤلات عن جدوى انعقاد هذه الجولة في موعدها، وسط أجواء من التوتر الشديد والتصعيد الميداني.
ضربة مؤثرةكما أثيرت تساؤلات عن كيفية نجاح إسرائيل في اغتيال كبار القادة العسكريين، رغم أن الضربة الإسرائيلية كانت متوقعة وجرى الحديث عنها أياما، فقد أعلنت إيران مقتل عدد من قيادات الحرس الثوري وعلماء نوويين، إلى جانب وقوع إصابات عديدة في صفوف المدنيين، حيث طالت الضربات أحياء سكنية مجاورة.
إعلانواستهدفت الضربات الإسرائيلية كبار القادة العسكريين الإيرانيين، أبرزهم قائد هيئة أركان القوات المسلحة اللواء محمد باقري، وقائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، وقائد مقر خاتم الأنبياء المركزي اللواء غلام علي رشيد، وقائد القوة الجوفضائية للحرس الثوري العميد أمير علي حاجي زاده، إضافة إلى عدد من العلماء النوويين.
كما استهدفت الغارات الإسرائيلية -التي نفذت باستخدام طائرات حربية وصواريخ بعيدة المدى- منشأة نطنز النووية في أصفهان، ومواقع تابعة للحرس الثوري الإيراني قرب طهران، إضافة إلى مقار ومستودعات عسكرية حساسة.
قال أستاذ العلاقات الدولية جواد حيران نيا، إن إسرائيل كثّفت في السنوات الأخيرة من حربها الاستخبارية والأمنية ضد إيران، مشيرًا إلى أن سلسلة من العمليات تكشف حجم النشاط الإسرائيلي داخل العمق الإيراني، أبرزها استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، واغتيال قيادات بارزة مثل رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس إسماعيل هنية، إضافة إلى أحداث مرتبطة بلبنان واغتيال الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله.
وأضاف حيران نيا في حديثه للجزيرة نت، أن تل أبيب تمكّنت في السنوات الماضية من تنفيذ اغتيالات علماء نوويين، وتنفيذ عمليات تخريبية داخل منشآت حساسة، وحتى نقل وثائق نووية من داخل إيران إلى إسرائيل، وهو ما يُظهر وجود شبكة اختراق واسعة في البنية الاستخبارية والأمنية الإيرانية.
ورغم تأكيد إيران نجاحها في تنفيذ عمليات مضادة، بما فيها الحصول على وثائق وبيانات مهمة من الداخل الإسرائيلي، فإن حيران نيا يرى أن هذه الإجراءات لم تكن كافية لردع إسرائيل أو وقف عملياتها المتكررة، وهو ما يشير إلى فجوة واضحة في القدرات الردعية والاستخبارية.
إعلانوأشار إلى أن إعلان إسرائيل أخيرا، أن بعض الصواريخ والطائرات المسيّرة أُطلقت من داخل الأراضي الإيرانية، يعزز فرضية وجود خلايا نشطة مرتبطة بها داخل البلاد، مضيفًا أن هذا النمط من العمليات يدلّ على اختراقات تمتد إلى مستويات عليا في المؤسسات الأمنية والعسكرية.
وأوضح أستاذ العلاقات الدولية، أن هذه التطورات لا تعني بالضرورة غياب الوعي أو الإهمال من الأجهزة الإيرانية، لكنها تعكس حجم التحديات التي تواجهها طهران في التعامل مع هذا النوع من الحروب غير التقليدية، خاصة في ظل احتمال حصول إسرائيل على دعم استخباري أميركي مباشر.
واختتم حيران نيا، "إن الهجمات الإسرائيلية -وإن كانت متوقعة- فإن التصدي لها يظل صعبًا في ظل هذا المستوى من الاختراق"، لافتًا إلى أن الرد الإيراني قادم على الأرجح، لكن لا يمكن الجزم بأن تل أبيب ستكون قادرة على تحييده كاملا.
غدر أميركييرى رئيس تحرير صحيفة الوفاق الحكومية مختار حداد، أن ترامب استخدم إستراتيجية الخداع، وأثبت مرة أخرى أنه لا يمكن الثقة بحكومة واشنطن، إذ أدى هذا الإجراء إلى انهيار المفاوضات التي كانت تجري.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن "الكيان الصهيوني بالتعاون مع الجانب الأميركي قام بعملية إرهابية، استهدفت مواطنين مدنيين وقادة عسكريين" مؤكدا أن هذه العملية لن تؤثر على عزم الشعب الإيراني والسلطات وقدراتها.
كما اعتبر، أن ما قام به الجانب الإسرائيلي تم في ضوء غدر أميركي للثقة الإيرانية بالجهود الدبلوماسية، "وعليه فهذه العملية لا تعد إنجازا للكيان، بل أظهرت وحشيته مرة أخرى" حسب قوله.
وتوقع حداد أن الرد الإيراني سيكون واسعا وكبيرا وقد يستمر عدة أيام، نظرا للتجارب التي اكتسبت في عملية الوعد الصادق الأولى، وكذلك شدة وقوة عملية الوعد الصادق الثانية.
قال أستاذ الدراسات الأميركية في جامعة طهران فؤاد إيزدي، إن "التحليل الإيراني كان دائمًا يفترض أن الهجوم العسكري لا يقع في ظل المفاوضات، وهذه هي النقطة الأولى التي ينبغي الانتباه إليها".
إعلانوأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن "الشخصيات التي استُشهدت في الهجوم الأخير كانت منذ الحرب العراقية الإيرانية تعيش بثقافة الاستشهاد، ولم تكن ثقافتها قائمة على التخفي أو الحذر المفرط، بل على العكس، فقد كانوا في مقدمة الصفوف حين تولوا قيادة الحرب ثماني سنوات، وهم اليوم يواصلون العمل بنفس الروح والأسلوب".
وأوضح إيزدي، أن "خبث الطرف المقابل كان له دور في هذا التصعيد، لكن لا يمكن تجاهل الروح القتالية والانفتاح على الشهادة التي تميز بها هؤلاء القادة"، مؤكدا أن إيران تمتلك قيادات راسخة في الحرس الثوري والجيش، إضافة إلى قادة محترفين آخرين، وهو ما يعزز قدرة البلاد على الرد المنظم.
واختتم إيزدي تصريحه، إن "الهجوم رغم ألمه، سيسهم في خلق حالة من التماسك الوطني، وسيُوضّح المسارات التي يجب أن تسلكها إيران في الرد على هذه الجريمة"، وأضاف أن "هذا الحدث سيكون له دور في تعجيل نهاية الكيان الإسرائيلي، فقد يكون الهدف من العملية هو تعزيز بقاء إسرائيل، لكننا نعتبر اليوم بداية نهايتها".