نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا، أعدّه ديفيد لوناو، قال فيه إن  الحرب على غزة لا أثر لها على التغطية الإعلامية الإسرائيلية، فهي حرب مختلفة، بصور قليلة عن ضحايا غزة، ممّا يوسع الفجوة في المنظور بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وبقية العالم. 

وقال إن الإسرائيليين يشاهدون كل ليلة على محطات التلفزة آخر الأخبار عن حرب غزة ومفاوضات وقف إطلاق النار والقتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي ويستمعون إلى تحليلات العسكريين، وتغطية مكررة لعملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والشيء الوحيد الغائب عن التغطية هم الفلسطينيون.



وفي الوقت الذي يشاهد فيه الإسرائيليون الحرب في غزة، يرى بقية العالم صورة حربا مختلفة، دمار تخلفه غارات الاحتلال الإسرائيلي على المناطق المكتظة بالسكان، وصور مثيرة تقشعر منها الأبدان لفلسطينيين استشهدوا جر|ّاء الحرب. 

ترى الصحيفة أن الشاشة المنقسمة تساعد على شرح الهوة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تشعر بالعزلة وترى أن أحدا لا يفهمها وبين العالم الخارجي الذي حول نظره من عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر وما حدث فيه مما وصف بـ"الرعب" قد يزداد في الأيام المقبلة مع توسيع دولة الاحتلال الإسرائيلي، حملتها العسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة. 

وحسب مدراء لقنوات إعلامية ومحللين وإسرائيليين عاديين، فإنه في تلفزيون الاحتلال الإسرائيلي، لا توجد صور لشهداء فلسطينيين، فقط بعض الصور للدمار. إذ أن اليهود الإسرائيليون الذين يتابعون القنوات العبرية لا يشاهدون إلا نادرا لقطات من غزة، مع أنهم يعرفون بحدوث دمار  كبير وحصيلة عالية للشهداء. 

وتضيف الصحيفة أن ثلثي الإسرائيليين اليهود لم يشاهدوا صورا للدمار في غزة، وذلك حسب استطلاع أجراه معهد الديمقراطية في دولة الاحتلال الإسرائيلي،  في نيسان/ أبريل. 

وأوضحت بأن نسبة زائدة عن الثلث، أنها شاهدت الكثير من لقطات الدمار، إما من خلال تلفزة الاحتلال الإسرائيلي أو عبر منصات التواصل الإجتماعي. 

وقال شوكي توسينغ، وهو محرر "سيفنث آي" أو "العين السابعة" وهي نشرية إعلامية ترصد البث الإعلامي الإسرائيلي: "تشاهد كل شيء على التلفزيون الإسرائيلي باستثناء سكان غزة". 

وأضاف: "في الوقت الحالي، لا يستطيع الإعلام الإسرائيلي التعامل مع الواقع المعقد، ويعرفون أن متابعيهم لا يريدون رؤية صور العدو يموت، ولهذا فهم لا يبثونها". ورفض متحدثون باسم قنوات تلفزة رئيسية في دولة الاحتلال الإسرائيلي مثل كان 11 وقنوات 12 و 13 و14 التعليق. 


ولكن "القناة 12" العبرية قدمت للصحيفة عدة أمثلة عن نشراتها الإخبارية التي شملت على مشاهد تفجير بنايات ودمار في غزة ومدنيون يتحدثون عن محنتهم، بما في ذلك عدم توفر الطعام، لكن لم تكن هناك صور لمدنيين قتلى. 

ونقلت الصحيفة عن أيالا بانيفسكي، وهي الأكاديمية الإسرائيلية التي تعيش في لندن قولها إن انفصاما هناك بين ما تراه في التلفزيون في لندن وبين ما يخبره أصدقاؤها وعائلتها أنهم شاهدوه في دولة الاحتلال الإسرائيلي: "لم أشاهد اختلافا بالمنظور كهذا من قبل". 

فقبل عدة أيام، عرضت قناة "كان11" مقابلة مع ستاف سيلا، الذي قتل شقيقها رام، 32 عاما، في مهرجان نوفا خلال عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ووصفت ستاف شقيقها بأنه كان يحب الموسيقى، وغنت مع صديقتها ليغال أغنية في ذكراه. 

وبعيدا آلاف الأميال، شاهد متابعو شبكة "سي إن إن" رسالة إخبارية من غزة حول غارة جوية إسرائيلية استشهد فيها عشرة أطفال، منهم طفلة عمرها 9 أعوام كانت تلعب الكرة في شارع مزدحم. وانضمت إلى أكثر م 34,000 شهيدا منذ بداية الحرب. وقام أقارب عائلة طفلة عمرها 10 أعوام بوضع جسدها في كيس الموتى بملابسها الزهرية حيث كانت عائلتها تندب وفاتها. 

ولكن الفارق الكبير في متابعة الحرب داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي يبدو أوضح عند مقارنته مع التغطية الإخبارية للحرب في الدول العربية، فقناة "الجزيرة" تبث لقطات مستمرة عن حملة الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وصور واضحة للدمار والشهداء من المدنيين. 

وفي دراسة مسحية قام بها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، في آذار/ مارس وجد أن نسبة 85 في المئة من الفلسطينيين لا يعتقدون أن حماس ارتكبت مجازر في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. 

ومنعت إسرائيل عمل "الجزيرة" بناء على قانون جديد يعطي الحكومة السلطة لإغلاق المنظمات الإخبارية التي تعتقد أنها خطر على الأمن الوطني. فيما أغلقت دولة الاحتلال الإسرائيلي مكاتب "الجزيرة"، وصادرت معداتها ومنعت متابعتها في دولة الاحتلال الإسرائيلي عبر الإنترنت. 

وقال دانيال ليفي، وهو أستاذ الإقتصاد بجامعة بار إيلان إنه وزوجته يعتقدان بأن الصورة عن الحرب في غزة غير كاملة في الإعلام الإسرائيلي ولهذا يتابعان أحيانا "الجزيرة" الإنجليزية لمعرفة الجانب الآخر. 

وقال إنه يستطيع الحصول على القناة من خلال تلفزيونه الذكي وعلى يوتيوب، رغم حظر الاحتلال الإسرائيلي. وقال ليفي إنه "في ضوء صدمة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر أخشى من عدم قدرة الإسرائيلي النظر بعيدا عن أعداد الفلسطينيين الذين ماتوا، مما يجعل تقارير الجزيرة وبالصور والتي من الصعب مشاهدتها ومحطمة للقلب، مهمة جدا". 

وتشير الصحيفة للأثر الذي ترك تشرين الأول/ أكتوبر على نفسيات الإسرائيليين والتي هزّت حس الأمن الذي تمتعوا به، فهي بالنسبة لهم لم تكن مجرد هجوم عسكري بل غزوا مسلحا. 

وأشارت إلى صور الأسرى المعلقة في كل مكان، في مطار تل أبيب وعلى طول الشوارع والأشجار والسيارات والشرائط الصفراء وفي ساحة الأسرى التي تتجمع فيها عائلات الأسرى حيث توجد ساعة كبيرة تحصي الساعات والدقائق والثواني على أسرهم. 

وكذا المقاعد الخالية في المطاعم والمقاهي لهم وشعارات "أحضروهم إلى بيوتهم"، وهم حاضرون دائما في نشرات الأخبار. وقالت دوريت، الطبيبة المتقاعدة "الأسرى هم كل شيء لنا، ولدينا ميثاق في إسرائيل ألا تترك أحدا خلفك". فيما يشعر الكثير من الإسرائيليين أن العالم لا يهتم بالأسرى ولا بما حصل في تشرين الأول/ أكتوبر ولا المهجرين من بيوتهم في الجنوب والشمال. 


وتقول داليا شيندلين، وهي الخبيرة في مواقف الرأي العام إن الحديث عن وقف إطلاق النار وإعادة إعمار غزة لا معنى له بدون عودة الأسرى. و"بطريقة ما فكل شيء بات رهينة الأسرى". 

بدورها، تقول الباحثة في معهد الديمقراطية الإسرائيلية، تمار هيرمان، إن بقاء الأسرى في غزة يعني أن الإسرائيليين لن يشاهدوا لقطات عن الضحايا المدنيين. ففي دراسة آذار/ مارس قالت نسبة 80 في المئة من الإسرائيليين اليهود إن البلد يجب عليه ألا يعير اهتماما  للسكان المدنيين في غزة حالة قرر مواصلة القتال أم لم يقرر. 

وتقول هيرمان إن هذا الموقف قد يتغير لو عاد الأسرى إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي. وفي دراسة استطلاعية بداية آيار/ مايو  أجراها نفس المعهد وجدت أن نصف الإسرائيليين قالوا إن إعادة الأسرى من غزة أهم من غزو رفح.

ويقول البعض إن الإعلام الإسرائيلي خائف من إظهار الضحايا الأبرياء أو الضغط على الحكومة في مزاعم أنها تعرقل الإغاثة الإنسانية لغزة. وعلى خلاف الولايات المتحدة وأوروبا حيث يحصل معظم الناس أخبارهم من منصات التواصل الإجتماعي، لا يزال التلفزيون يلعب دورا مهما في دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث يقول ثلاثة أرباع منهم إنه مصدرهم الرئيسي للمعلومات، حسب توسينغ من "سيفنث آي". 

وتقول شيندلين إن  حوالي 60 في المئة من اليهود الإسرائيليين اليوم يعرفون أنفسهم بأنهم يمينيون متطرفون، والربع الباقي من معسكر الوسط، أي ما بين 11-14 في المئة. ولا يدعم حل الدولتين إلا ربع الإسرائيليين حيث تراجع الدعم له.


وتقول بانيفسكي، وهي الزميلة في جامعة سيتي والمختصة بالشعبوية في الإعلام إن الإعلام الإسرائيلي تحول نحو اليمين، وسط محاولات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تصوير الإعلام بأنه موال لليسار وغير وطني. وفي أثناء حملته الإنتخابية عام 2019 نصب لافتة إعلانية عليها وجوه أربعة صحافيين بارزين وبتعليق "لن يقرروا".

وتقول بانيفسكي إن حوالي 40 صحافيا قابلتهم خلال السنوات الماضية تحولوا نحو اليمين أو مارسوا الرقابة على أنفسهم، منها الحذر من استخدام كلمة احتلال، عند التلميح للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية. واستعان ستة منهم بحرس خاص بعد تلقيهم تهديدات. 

وتابعت بأنه من النادر ما أظهر التلفزيون وجها عربيا، بمن فيهم العرب في دولة الاحتلال الإسرائيلي الذين يمثلون 20 في المئة من السكان. وخلال سبعة أعوام من التغطية وجدت "سيفنث آي" أن المقابلات مع العرب في دولة الاحتلال الإسرائيلي أو بث يظهر العرب قد زاد من 2 في المئة إلى 4 في المئة قبل أن يتراجع في العام الماضي وبخاصة بعد تشرين الأول/ أكتوبر. 

ويعتبر محمد مجدلي، واحدا من الصحافيين العرب في دولة الاحتلال الإسرائيلي القلائل الذي يعيش وسط شاشة منقسمة، فهو يتردد من الصحافة العربية وراديو "الناس" في الناصرة إلى استديوهات "قناة 12" في القدس. مؤكدا: "أتحرك بين عالمين". 


وعانى منذ تشرين الأول/ أكتوبر من ردة فعل لظهوره في التلفزيون الإسرائيلي وتهديدات بالقتل والفصل. وطالب عضو في حزب الليكود في تغريدة على منصة إكس أن مجدلاني ليس مواليا ويجب عزله، لأنه تحدث عن نقص المساعدات الإنسانية في غزة. 

وقال مجدلاني إنه كان يقوم بعمله "والشيء الرئيسي الذي نحن بحاجة إليه هو تعريف شعبنا بما يحدث، كما تعرف؛ والإسرائيليون لا يعرفون في الحقيقة ما يجري في غزة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية غزة الفلسطينيون فلسطين غزة التغطية الاعلامية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی دولة الاحتلال الإسرائیلی الإعلام الإسرائیلی تشرین الأول فی المئة من فی غزة

إقرأ أيضاً:

مظاهرات في تل أبيب للضغط على حكومة الاحتلال وإنجاز صفقة تبادل

صفا

انطلقت مظاهرة حاشدة للمستوطنين الإسرائيليين في تل أبيب، الأربعاء، للمطالبة بإعادة الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وذلك في ظل تواصل الاحتجاجات في العديد من البؤر بالأراضي المحتلة للضغط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنجاز صفقة تبادل.

وأغلق ذوو الأسرى ومتظاهرون في "تل أبيب" الطريق العام، مطالبين بإعادة الأسرى لدى حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ومنددين بتقاعس حكومة نتنياهو التي تشن حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة للشهر الثامن على التوالي.

وأظهرت مقاطع مصورة متداولة على منصات التواصل الاجتماعي لحظات إضرام المتظاهرين الإسرائيليين النار في أحد شوارع تل أبيب، في وقت سجل عدم انتظام في حركة سير السيارات في المناطق التي احتشد فيها المحتجون.

"تل أبيب تشتعل"..

مستوطنون يتظاهرون ويشعلون النيران؛ للمطالبة بإبرام صفقة تبادل أسرى مع المقاومة. pic.twitter.com/8W7KjI1o11

— Dr. Zaid Alsalman (@ZaidAlsalman6) June 5, 2024



وتتواصل التظاهرات الإسرائيلية في العديد من المدن في الأراضي المحتلة؛ للمطالبة بعودة الأسرى الإسرائيليين، وذلك في ظل استمرار العدوان، وتعنت حكومة الاحتلال، وتشديدها على عزمها مواصلة الحرب الدموية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

هؤلاء أهالي الأسرى الإسرائيليين يقطعون طريقاً عاماً في تل أبيب لمطالبة حكومة الاحتلال بعقد صفقة تبادل.

في حين يختطف الاحتلال أكثر من 10 ألاف فلسطيني بينهم نساء وأطفال وكبار سن في المعتقلات مع تجاهل العالم لهم. pic.twitter.com/MRsZQc4Z7R

— أحمد حجازي ???? (@ahmedhijazee) June 5, 2024

في وقت سابق الأربعاء، ذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، أن العديد من المواقع داخل الكيان الإسرائيلي شهدت احتجاجات تحت شعار "لن ننتظر المزيد من الأخبار المروعة"، وذلك في إشارة إلى إعلان الاحتلال مقتل أربعة من أسراه في قطاع غزة، دون أن يقدم تفاصيل عن كيفية مقتلهم، أو التوقيت الذي قتلوا فيه.

يشار إلى أنه وفقًا للإعلانات المتكررة عن مقتل الأسرى، يتبين أن من تبقى في قطاع غزة حتى الآن، 124 أسيرًا بين أحياء وأموات.

وأعلن الاحتلال تأكده من مقتل 42 أسيرًا واحتجاز جثثهم لدى المقاومة في غزة، وهو ما يعني أن عدد الأحياء المتوقع هو 82 أسيرًا.

ووفقا لبيانات الاحتلال، فإن عدد الأسرى الذين أعلن مقتلهم خلال الأسابيع الماضية، كان 12 أسيرًا، استعيدت جثث 7 منهم، خلال العملية التي جرت في جباليا خلال الأيام الماضية، إضافة إلى 4 أعلن عن مقتلهم الليلة.

ولليوم الـ244 على التوالي، يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر، في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على أهالي قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية.

 

المصدر: عربي 21

مقالات مشابهة

  • التقرير يكشف عن الانتهاكات التي تعرض لها الأسرى الفلسطينيون في معسكر سديه تيمان الإسرائيلي
  • مستوطنون يحرقون أراضي زراعية في الضفة للمرة الثانية في أسبوع
  • تقرير يكشف عن الانتهاكات التي تعرض لها الأسرى الفلسطينيون في معسكر "سديه تيمان" الإسرائيلي
  • جيش الاحتلال يقر بمقتل جندي وإصابة آخر على الحدود مع لبنان
  • 244 يوما للعدوان على والاحتلال يرتكب مجازر جديدة ويستهدف مدرسة تؤوي نازحين بغزة
  • مظاهرات في تل أبيب للضغط على حكومة الاحتلال وإنجاز صفقة تبادل
  • الفاو: مليون شخص في غزة سيواجهون المجاعة حتى الموت بحلول تموز
  • إعلام عبري: الشاباك بدأ تحقيقات داخلية بشأن أحداث 7 أكتوبر
  • إعلام عبري: شاباك بدأ تحقيقات داخلية بشأن أحداث 7 أكتوبر
  • هكذا استهدفت إسرائيل أعضاء الكونغرس لجلب الدعم للحرب في غزة