لجريدة عمان:
2024-06-01@08:42:02 GMT

الدول الفائزة والخاسرة

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

«يتلخص التقسيم العالمي للعمل في أن بعض الدول تختص بالفوز وأخرى تختص بالخسارة، أما منطقتنا في العالم، والتي ندعوها اليوم أمريكا اللاتينية، فكانت سباقة: وتخصصت في الخسارة منذ زمن بعيد عندما وصل أوروبيو عصر النهضة عبر البحر وغرسوا أنيابهم في حنجرتها.

ومرت القرون وأمريكا اللاتينية تجيد وتحسن من دورها. فلم تعد مملكة المعجزات حيث تهزم فيها الحقيقة الأسطورة وحيث واجه الخيال الإذلال أمام انتصارات الغزاة ومناجم الذهب وجبال الفضة.

ولا تزال هذه المنطقة تمارس دور الخادمة. فما زالت تعمل على تلبية حاجات الغير، كمصدر واحتياطي للنفط والحديد، النحاس واللحوم، والفاكهة والقهوة، والمواد الأولية والمواد الغذائية الموجهة للدول الغنية ولتحقق الأرباح باستهلاك هذه المواد، أكثر بكثير مما تحققه أمريكا اللاتينية بإنتاجها لهذه المواد...».

ربما يضحك القارئ أو قد يبكي وهو يقرأ هذه الأسطر التي كتبها أحد أهم أعمدة الثقافة اللاتينية على الإطلاق الأوروجواياني إدواردو جاليانو، وهي مقتبسة من «الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية» وهو الكتاب الذي أهداه الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو تشافيز لباراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك؛ ففيها من التشابه الذي يصل حد التطابق مع الطريقة التي تتعامل بها دول النهضة والتقدم والحريات مع العالم العربي تحديدا، ودول «العالم الثالث»، أي تلك الدول التي لا تستطيع كبح محترفي اغتصاب الأراضي والثروات تحت غطاء وهمي كحماية الحريات أو مكافحة الإرهاب، أو دون الحاجة إلى غطاء أصلًا ولا الدفاع عن نفسها!. وفي الحقيقة لا يهم إن ضحك المرء أم بكى، فما يهم حقا هو العمل وليس الأمنيات، وهو السبيل الوحيد والأوحد للتغيير، التغيير الذي تتحقق نتائجه واقعا ملموسا.

ولأننا تحدثنا عن العمل، فما هو موقع هذه الدعوة هنا؟. إن أهم ما يميز حركات الاستعمار والحركة الصهيونية كذلك؛ هي الدعاية والعمل المتواصل. ولا أعني بالدعاية هنا ذلك العمل الذي يظهر فجأة ويخبو تارة على فترات متقطعة أو التركيز على جانب واحد فحسب، بل هو عمل منظم ومتكامل؛ فكي تستمر في الوجود والبقاء، فأنت تحتاج إلى سردية وتاريخ وشخصية متكاملة، وتحتاج للأسطورة طبعا. فمن غير المرجح أن تجد الدعم اللازم حين تقول بأنك ذاهب لاحتلال أرض أناس آخرين؛ لكن الأمر يختلف حين تخبرهم بأنك ذاهب لاسترداد أرضك المنهوبة من آبائك وأجدادك الذين تعرضوا للترهيب والقتل والتشريد لقرون عديدة، هنا تتحول صورتك بفعل هذه السردية من الجلاد الشرير، إلى الضحية المسكينة التي تصبح مساعدتها لازمة لا من باب العطف والإنسانية فحسب، بل ضرورة أخلاقية حتمية.

وفي السابق كانت تلك الصورة تخبو شيئا فشيئا وقد يستمر النظر إلى الجلاد على أنه صاحب الحق والفضيلة، لكننا في عصر الصورة والإعلام الحر -وأعني بالحر هنا أي ذلك المتحرر من القيود العصي على الإمساك لا الحر توجها وعملا- وهو ما جعل العالم الغربي خصوصا يستيقظ من كابوس عميق متوغل في الذاكرة والوجدان.

لو تأملنا ما يحدث في العالم الغربي اليوم، سنجد أن غالبية المشاركين في الاعتصامات والاحتجاجات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي والحركة الصهيونية، هم من الشباب، وأن كثيرا ممن يبررون ويتعاطفون مع المستوطنين للأراضي الفلسطينية هم من الفئات الأكبر سنا؛ وذلك لأنه من الصعب بمكان تغيير العقليات القديمة في مواجهة الحقائق المتجددة، وفي التاريخ ما يعضد هذه الرؤية، فليس من اليسير أن يكتشف المرء بأنه كان يؤمن بسراب طوال حياته، لكن ردة الفعل العنيفة تكون حين يكتشف في عمر مبكر بأنه تم استغفاله واستغباؤه وهو في مرحلة مبكرة وبيده التغيير وأمامه الحياة كلها.

لنعترف للحركة الصهيونية بشيء، فالاعتراف بالعدو سبيلٌ لتفكيكه بعد فهم طريقته في العمل. لنعترف بأنهم كانوا منظمين وحصدوا نتيجة تراكم الخبرات والسنوات عبر سردية قوية منحتهم شرعية وإن كانت شرعية وهمية. في المقابل، ماذا فعلنا وماذا حصدنا؟ ففي حين عمّق العدو سرديته التي منحته الحق والقوة والدعم المستمر؛ كنا نمنح العدو ذاته تلك الشرعية بدعمه بطرق غير مباشرة. فالتعاون الثقافي المفتوح وبلا قيود، مثلما حدث باستضافة توماس فريدمان المتحيز للإدارات الأمريكية المتعاقبة بما يشبه الدور الذي قدمه كل من كيسينجر وبريجينسكي سابقًا والاحتفاء به مثلما يحتفى بمفكر عظيم، يعتبر سقطة لا ينبغي تكرارها. كما أن هنالك من المؤسسات والمنظمات التي ينبغي دعمها والتي لاقت إما تجاهلًا أو محاربة، وتبيّن دورها المحوري في الأحداث الحالية، كمنظمة «بتسليم» التي تعرّف نفسها بأنها (ركز المعلومات الإسرائيليّ لحقوق الإنسان في المناطق المحتلة، يعمل من أجل مستقبل تُضمن فيه حقوق الإنسان والحرّية والمساواة لجميع بني البشر -فلسطينيّين ويهود- المقيمين بين النهر والبحر. مستقبل كهذا لن يتحقّق إلّا بإنهاء الاحتلال ونظام الأبارتهايد الإسرائيليّ. ومن أجل مستقبل كهذا نحن نعمل. اسم «بتسيلم»، الذي أطلقه على المنظّمة الراحل يوسي سريد، يُحيل إلى الآية «خَلَقَ اللهُ الإنْسانَ عَلى صُورَتِهِ عَلى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ» (سِفر التكوين، 1: 27)، وهو يعبّر عن الفَرْض الكونيّ واليهوديّ الخاص باحترام حقوق الإنسان لكل بني البشر. «من موقع المنظمة. أو حركة BDS» وهي حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها وهي حركة فلسطينية ذات امتداد عالمي تسعى لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة وتعمل من أجل حماية حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف) حسب تعريفها لنفسها في موقعها على الإنترنت.

إن العمل المؤسساتي القائم على تفكيك سردية العدو وتقديم السردية الخاصة بنا بطريقة محكمة، يضمن لنا الضمائر الحية الواقفة مع الحق؛ أما التمني بأن ينتهي كل شيء هكذا وكأنها هدية السماء فهي محض أحلام لن تتحقق ولو بعد مليار سنة، فالسنن الكونية مُحكَمة ولا تسيّرها الأهواء، ولن يبلغ البنيان تمامه إلا بالبناء والبناء والبناء، حتى يعجز الهادم عن هدمه. والاهتمام بالقضية الفلسطينية في مواجهة الحركة الصهيونية ضرورة حتمية، فالحركة الصهيونية امتداد صارخ وصريخ للاستعمار الغربي؛ ولا يوجد عاقل لا يخشى تلك الحقبة ويقتزز منها في آن. فالتطور الذي وصلت إليه البشرية يحتّم علينا أن نسعى لأن تكون حياة الناس جميعًا أسهل وأعمق وأكثر بهاء؛ لا أن نقف مكتوفي الأيدي أمام استعمال الطور في استعباد الإنسان لأخيه الإنسان وأرضه وعرضه وماله..

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

مدير هيئة المواصفات يدشن العمل بأجهزة الفحص الجديدة في مختبرات فرع الحديدة

26 سبتمبرنت:-

دشن مدير عام الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة سام البشيري، اليوم، العمل بعدد من أجهزة الفحص الجديدة، التي أضيفت حديثاً لمختبرات فرع الهيئة في محافظة الحديدة.

حيث تم تدشين العمل بجهاز HPLC، الخاص بإجراء الفحوصات على الملونات والمضافات في المواد الغذائية، وجهاز GC-MS وهو حديث خاص بإجراء الفحوصات على الأثر المتبقي من المبيدات في المواد الغذائية، بالإضافة إلى الأجهزة الخاصة بتحضير وتجهيز العينات.

وأوضح البشيري أن تدشين العمل بهذه الأجهزة يأتي تنفيذاً لموجهات القيادة الثورية والسياسية، وقيادة وزارة الصناعة والتجارة، منوها بأهمية هذه الأجهزة بما فيها جهاز GC-MS، الذي يعد من أحدث أجهزة الفحص في العالم، الذي تم توفير اثنين منه، تم تركيب أحدهما في مختبرات ديوان عام الهيئة بالعاصمة صنعاء، والثاني بمختبرات فرع الحديدة.

وعقب التدشين، اطلع سام البشيري، على سير العمل في فرع الهيئة ومدى الإشراف على أعمال البناء والتطوير الفني والتقني، الذي تشهده الهيئة عموماً وفرع محافظة الحديدة بشكل خاص.

كما اطلع على مراحل تجهيز وتركيب عدد من أجهزة الفحص الجديدة والحديثة، التي سيتم تدشين العمل عليها في مختبرات الحديدة خلال الأيام القادمة، وتفقد المراحل الأخيرة لتركيب منظومة الرقابة المرئية التي يتم تجهيزها بالمبنى الإداري لفرع الهيئة، ومبنى المختبرات في محافظة الحديدة.

واستمع من مدير فرع هيئة المواصفات في الحديدة ومدير مختبرات الهيئة في الفرع إلى شرح مفصل حول سير العمل والمعوقات والتحديات التي يواجهها الفرع.

وأكد استعداده لتذليل كافة الصعوبات، وحل جميع الإشكالات التي قد تقف عائقا أمام عملية البناء والتطوير والأتمتة، الجاري تنفيذها للنهوض بعمل الهيئة للوصول بها إلى المستوى الأرقى عالميا، وبما يحقق أهداف الهيئة، التي تسعى لحماية صحة وسلامة المواطن اليمني.

مقالات مشابهة

  • الخطيب: الحلّ لن يكون الا لبنانيا
  • «الهلال الأحمر» تكرم المؤسسات التعليمية الفائزة بـ «عون»
  • مدير هيئة المواصفات يدشن العمل بأجهزة الفحص الجديدة في مختبرات فرع الحديدة
  • الرئاسة الفلسطينية ترحب بقرار حكومة سلوفينيا
  • غانتس يرد بعنف على تصريحات رئيس حزب العمل غولان المثيرة للجدل حول الجيش الإسرائيلي
  • ضربة لخصوم المملكة .. إعادة انتخاب المغرب بأغلبية ساحقة في لجنة حقوق الإنسان بنيويورك
  • إعادة انتخاب المغرب بأغلبية ساحقة في لجنة حقوق الإنسان بنيويورك
  • «سماحة الأديان وتقبل الآخر» في ندوة توعوية بطب أسنان طنطا
  • صحيفة الغارديان البريطانية: حرب سرية للكيان الصهيوني ضد المحكمة الجنائية الدولية
  • مشيرة خطاب: تقرير مصير الشعب الفلسطيني حد أدنى من حقوق الإنسان