16 مايو، 2024

بغداد/المسلة الحدث:

 سيف الدين زمان الدراجي

في عالم يزداد تعقيداً وترابطاً، يبرز دور مجلس الأمن القومي كحجر زاوية في صون المصالح الوطنية وتعزيز الأمن القومي. تتشكل هذه الأهمية من خلال القدرة على التنسيق الفعّال بين مختلف الوكالات الحكومية وصياغة استراتيجيات تفاعلية لمواجهة التحديات الأمنية المتنوعة.

في هذا المقال، نستعرض الدور الاستراتيجي الذي يلعبه مجلس الأمن القومي في حماية المصالح الوطنية.

يعد مجلس الأمن القومي (NSC) بمثابة المجلس الاستشاري الرئيسي للرئيس أو رئيس الوزراء لاتخاذ القرارات بشأن مسائل الأمن القومي والسياسة الخارجية. من حيث دمج السياسات الداخلية والخارجية، و تواجد مجموعة من اعضاء الحكومة المحوريين، بما في ذلك الدفاع والخارجية والعدل والمالية والداخلية ورؤساء الاجهزة الاخرى الامنية والاستخبارية. مع إمكانية إستضافة أي شخصية حكومية قد تتطلب الحاجة والضرورة الامنية وجودها. يتم تعزيز النهج الشامل للأمن القومي من خلال هذه المجموعة الكبيرة والمتنوعة من الاختصاصات، مما يضمن أخذ جميع العوامل ذات الصلة في الاعتبار قبل اتخاذ القرارات المهمة.

يكون مجلس الامن القومي مسؤولاً عن إقرار و تطوير السياسات و الإستراتيجيات. حيث يعمل كمركز أبحاث إسترتيجي، يقوم بإجراء تحليلات للتهديدات والفرص المحتملة، وتطوير خطط عمل طويلة المدى للأمن القومي. ويتضمن ذلك الاستعداد لمخاطر جديدة، مثل الحرب السيبرانية أو الهزات الاقتصادية او الأوبئة، وهي لا تزال في طور التشكل. وقبل حدوثها. مع ضرورة عدم الدخول في متاهات التفاصيل على المستويين العملياتي والتكتيكي. كون ذلك من مهمة الجهات القطاعية التي تضع سياساتها وخططها وفق ما تحدده واجباتها وتقتضيه مسؤولياتها.

عندما يتعلق الأمر بمسائل الأمن القومي، فإن العديد من الجهات الحكومية لديها في بعض الأحيان سلطات تتداخل مع بعضها البعض. وهنا يعمل مجلس الأمن القومي (NSC) كمضلة جامعة ومركز محوري، يضمن عمل المؤسسات الأخرى معًا لتحقيق هدف مشترك ولتمكين التواصل فيما بينها.

عند مواجهة مخاطر غير متوقعة أو صراعات دولية، يلعب مجلس الأمن القومي (NSC) دورًا أساسيًا في إدارة الأزمات. حيث يتم جمع صناع القرار المهمين معًا، ويتم إجراء تقييم سريع للموقف، لتقديم مجموعة متنوعة من البدائل للقائد والتداعيات المحتملة لكل منها. على ان تواكب عجلة التطور التكنولوجي ومقومات العمل الحداثوي غير الكلاسيكي.

عادة ما يقع على عاتق مجلس الامن القومي اتخاذ قرارات جوهرية تتطلب ادارة المخاطر والتحديات والتهديدات بشكل متوائم مع ضمان عملية ادارة التغيير التنظيمي. وهنا لابد من متابعة تنفيذ هذه القرارات لما قد تواجهه من مقاومة تنظيمية من قبل الجهات المنفذة، اما بسبب الخوف من التغير او عدم الرغبة في تغيير اطر العمل المتوارثة والمتعارف عليها، او بسبب الخوف من فقدان التأثير أو الامتيازات.

يعد مجلس الأمن القومي (NSC) مسؤول عن مراقبة برامج الأمن القومي الحالية والاستراتيجية، وتقييم مدى نجاحها. وهذا يضمن استمرار تطبيق الخطط واستخدام الموارد بطريقة فعالة.

لقد حدث تحول كبير في خصائص المخاطر التي تهدد الأمن القومي. إن المشاكل التي تفرضها الهجمات السيبرانية، والحروب الاقتصادية، وتغير المناخ كلها تهديدات بالغة الأهمية. ومن الضروري أن يقوم المجلس بتعديل استراتيجيته ومراجعتها بين الحين والاخر من أجل الحفاظ على مكانة الدولة وضمان مصالحها الوطنية، وهنا لابد من الاشارة لبعض النقاط التي يجب أخذها بنظر الاعتبار:

– التعاون بين الوكالات : يحتاج مجلس الأمن القومي إلى تشجيع المزيد من التعاون الوثيق والتنسيق المستمر بين الوكالات الحكومية وقطاع الشركات الخاص والمؤسسات الأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني. ونتيجة لذلك، يتم تسهيل إنشاء حلول جديدة، مما يساهم أيضًا في معرفة أكثر شمولاً بالمخاطر والتحديات والتهديدات.

– التكيف مع المتغيرات السياسية : ان الانتقالات السياسية وتغير الإدارات يمكن أن يؤثر على استمرارية السياسات الأمنية والاستراتيجيات التي يتبناها المجلس. لذا لابد ان يتمتع المجلس وادارته بالمرونة والقدرة على التكيف للحفاظ على المصالح العليا للدولة.

– تبادل المعلومات : إن الحصول على المعلومات وتحليلها بطريقة فعالة أمر في غاية الأهمية. لذا من الضروري أن يكون هناك تبادل سلس للمعلومات بين الشركاء المحليين و الدول الحليفة والصديقة. ومجلس الأمن القومي مسؤول عن ضمان ذلك.

على الرغم من الأهمية القصوى للتعامل مع التهديدات العاجلة، إلا أن مجلس الأمن القومي يجب أن يأخذ في الاعتبار أيضًا التخطيط الاستراتيجي طويل المدى. وعلى وجه التحديد، فإن هذا يستلزم الاستعداد للمخاطر المستقبلية المحتملة وبناء قدرة الأمة على الصمود بشكل استباقي.

ان رغبة الدولة في التغلب بنجاح على تعقيدات المتغيرات الجيوسياسية والجيوإستراتيجية والجيوإقتصادية فضلا عن تعقيدات المتغيرات العسكرية والامنية والاستخبارية لمرتكزات الأمن القومي المعاصر، يتطلب وجود مجلس امن قومي يتحرك كأداة حيوية داعمة لتعزيز التعاون، وتقييم وتقدير المواقف، ووضع الرؤى الاستراتيجية، لضمان أمن وسلامة وازدهار الأمة في عالم يتطور باستمرار.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: مجلس الأمن القومی

إقرأ أيضاً:

القومي لحقوق الإنسان يعقد أول اللقاءات التشاورية مع النشطاء والمنظمات

عقد المجلس القومي لحقوق الإنسان بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي أول لقاءاته التشاورية الموسعة مع نشطاء حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني تحت عنوان "آليات وأطر التعاون والشراكة بين المجلس والمنظمات في إطار تطوير خطة المجلس لتعزيز حقوق الإنسان".

شارك في اللقاء السفير محمود كارم رئيس المجلس، محمد أنور السادات عضو المجلس وأمين لجنة الحقوق المدنية والسياسية، الدكتور هاني إبراهيم الأمين العام للمجلس، ونجاد البرعي المحامي بالنقض.

كما شارك الدكتور مجدي عبد الحميد مدير مشروع الإتحاد الأوروبي، وعبر الزووم الدكتور معتز الفجيري الخبير الحقوقي، وزين أيوب من مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمفوضية السامية  لحقوق الإنسان.

يأتي اللقاء في إطار حرص المجلس على فتح حوار مؤسسي مع الأطراف الفاعلة في المجتمع المدني للاستماع إلى الرؤى والتجارب، وبحث سبل التنسيق الفعّال، والتعامل مع التحديات القائمة، وتفعيل مشاركة المنظمات في جهود نشر ثقافة حقوق الإنسان وتعزيز الرصد المجتمعي والتفاعل مع القضايا الحقوقية.

وأكد رئيس المجلس، أن المجتمع المدني يُشكل أحد الأعمدة الأساسية للبناء الديمقراطي ،وهو شريك وطني لا غنى عنه في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن المنظمات الحقوقية تمثل صلة الوصل بين المواطن والدولة لِما لها من قدرة على فهم الاحتياجات، ورصد التحديات، وتقديم الحلول، مشدداً على أن دعم هذه المنظمات ليس أمرًا ثانويًا بل ضرورة وطنية لتحقيق تنمية مستدامة قائمة على احترام الحقوق والحريات.

وشدد كارم، على أن المجلس يحرص على بناء شراكة مؤسسية مستمرة مع منظمات المجتمع المدني، انطلاقًا من إيمانه بدورها في تعزيز الشفافية والمساءلة ونشر ثقافة حقوق الإنسان.

وأوضح أن هذه الشراكة الممتدة عبر السنوات أثبتت فعاليتها في دعم جهود الرصد والمتابعة، وتقديم مقترحات واقعية للتعامل مع التحديات الحقوقية إلى جانب مساهمتها في تطوير الوعي العام بالحقوق والحريات مشيراً إلى أن المجلس يعمل على توسيع هذا التعاون من خلال برامج لبناء القدرات، ولقاءات تشاورية تسهم في تحسين الأداء الحقوقي وتعزيز التأثير المجتمعي، وذلك بالتكامل مع جهود الشركاء الدوليين، وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان.

وأشار السادات إلى أن تعزيز الشراكة مع منظمات المجتمع المدني والنشطاء الحقوقيين يمثل أحد الثوابت الرئيسية لعمل المجلس انطلاقًا من قناعته بدور هذه الأطراف في دعم منظومة حقوق الإنسان، وبناء قنوات تواصل فعالة بين الدولة والمجتمع، موضحاً أن المجلس حرص خلال الفترة الماضية على التدخل في عدد من القضايا ذات البعد الإنساني والاجتماعي، من بينها حالات لمواطنين مصريين بالخارج واجهوا ظروفًا استثنائية سواء بسبب وفاة أحد ذويهم أو صعوبات تتعلق باستكمال دراستهم وغيرها، حيث أسهمت جهود المجلس وتواصله مع الجهات المعنية في تسهيل عودتهم أو سفرهم.

وتطرّق أنور السادات إلى تفاعل المجلس مع بعض الاستفسارات الواردة من منظمات حقوقية وأطراف معنية حول الأوضاع القانونية والصحية لعدد من المحبوسين احتياطيًا، مشيرًا إلى أن المجلس تواصل مع الجهات الرسمية المختصة، وبادر بمتابعة بعض الحالات بشكل مباشر، حرصًا على التأكد من احترام الضمانات القانونية وكفالة المعايير الحقوقية.

وشدد امين عام المجلس على أهمية وجود شركاء فاعلين إلى جانب المجلس، معتبرًا أن المجتمع المدني بما يضمه من نشطاء وخبرات متنوعة يُعد الطرف الأجدر للقيام بهذا الدور.

وأكد أن بناء علاقة ثقة وتعاون مستدام مع منظمات المجتمع المدني يتطلب وضوحًا وانضباطًا في وضع وتنفيذ خطط العمل، مشيرًا إلى أن سلسلة الجلسات والحوارات التي ينظمها المجلس بقيادة خبراء حقوقيين، وتمتد حتى شهر نوفمبر المقبل تهدف إلى وضع تصور عملي لخطة عمل مستقبلية تنطلق من الداخل، وتؤسس لنمط مؤسسي تشاركي في إدارة ملف حقوق الإنسان.

وأوضح أن المجلس يسعى لتحويل الجهود الفردية إلى أداء مؤسسي منظم، يعكس قوة المؤسسة وليس فقط أدوار أعضائها، مؤكدًا أن تقارير المجلس يجب أن تُبنى على معطيات ومساهمات صادرة من الداخل، ومرتبطة بواقع فعلي.

كما أشار إلى أن الدولة تتبنى رؤية قائمة على تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين، وأن المجلس يعمل ليكون محل ثقة لدى الجميع، من خلال مأسسة العلاقة مع منظمات المجتمع المدني، والاستجابة الجادة لما تطرحه من مطالب، في إطار رؤية تشاركية واضحة تعكس الدور الحقيقي لشركاء العمل الحقوقي.

ومن جانبه أكد نجاد البرعي، أن المجلس يعمل كجهة استشارية تُسهم في دعم مسارات الإصلاح الحقوقي من خلال التعاون الوثيق مع منظمات المجتمع المدني.

وأشار إلى أن بناء علاقة فعالة بين الطرفين يتطلب وضوحًا في الأدوار واحترامًا للحدود المؤسسية، مؤكدًا أن المجلس حريص على تعزيز هذا التعاون عبر آليات عملية وتشاركية تُفضي إلى أثر حقوقي ملموس.

ودعا إلى مواصلة العمل المشترك لصياغة مسارات واقعية تُفعّل النصوص الدستورية، وتُطوّر الممارسات على نحو يلبّي تطلعات المواطنين، ويُرسّخ احترام الحقوق والحريات في الواقع العملي.

واختُتم اللقاء بعدد من التوصيات الصادرة عن المشاركين والتي من شأنها دعم جهود المجلس في تطوير خطته وتعزيز تعاونه مع منظمات المجتمع المدني في إطار التزامه ببناء نموذج تشاركي يعكس أولويات الواقع ويواكب التحديات الحقوقية الراهنة.

طباعة شارك المجلس القومي لحقوق الإنسان الاتحاد الأوروبي المجتمع المدني المنظمات الحقوقية

مقالات مشابهة

  • وزير قطاع الأعمال: «غزل المحلة» ركيزة أساسية للمشروع القومي لتطوير صناعة الغزل والنسيج
  • الأمن الغذائي: ركيزة السيادة وقوة الصمود الوطني
  • فقدنا رائدة فن النسيج اليدوي.. القومي للمرأة ينعى النسّاجة فاطمة عوض
  • انتخابات الشيوخ.. غرفة القومي لحقوق الإنسان جاهزة لاستقبال الصحفيين والإعلاميين
  • مجلس الأمن يتحرك بشأن اليمن.. ملفات خطيرة على طاولة
  • بعد تصريحات روسية استفزازية.. ترامب يُعلن نشر غواصتين نوويتين في مواقع استراتيجية
  • إيران تعيد هيكلة مجلس الأمن القومي وتشكل مجلس دفاع جديد
  • لصياغة استراتيجية شاملة.. القومي للإعاقة يشكل لجنة فنية لمراجعة المسودة الأولية
  • القومي لحقوق الإنسان يعقد برنامجا تدريبيا لقيادات محافظة القاهرة
  • القومي لحقوق الإنسان يعقد أول اللقاءات التشاورية مع النشطاء والمنظمات