الجنائية الدولية.. قراءة قانونية في إعلان كريم خان ضد إسرائيل وحماس
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان سعيه للحصول على أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، إضافة إلى قادة من حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقد أعرب خان في بيانه عن وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت و3 من قادة حماس هم رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، وقائد الحركة في غزة يحيى السنوار، وقائد كتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف، يتحملون المسؤولية الجنائية عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة وإسرائيل.
وقد تناول البيان بشكل خاص تداعيات هجوم حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، على مناطق في غلاف غزة، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما رافقها من انتهاكات للقانون الدولي والاتفاقيات ذات الصلة، وخاصة استخدام التجويع كوسيلة للحرب ضد السكان المدنيين في قطاع غزة.
فلسطين والجنائية الدولية
في الثاني من يناير/ كانون الثاني 2015 أودعت فلسطين وثيقة انضمامها للمحكمة الجنائية الدولية لدى الأمين العام للأمم المتحدة، لتصبح رسميا طرفا في نظام روما الأساسي، وأصبح النظام ساري المفعول بالنسبة لدولة فلسطين اعتبارا من الأول من أبريل/ نيسان من العام ذاته.
وبذلك تكون فلسطين قبلت باختصاص المحكمة على الجرائم المرتكبة في أراضيها منذ 13 يونيو/ حزيران 2014، وتأكيدا لولاية المحكمة على فلسطين فقد أصدرت دائرتها التنفيذية في عام 2021 قرارا بالاختصاص الإقليمي للمحكمة على الأراضي المحتلة منذ العام 1967، وهي قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، مما يعني سريان التحقيق ضد إسرائيل في كافة الانتهاكات التي ترتكبها في تلك المناطق بغض النظر عن كون إسرائيل ليست طرفا في نظام روما.
وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أي بعد 40 يوم على العدوان على قطاع غزة، أعلن المدعي العام للمحكمة كريم خان تلقي مكتبه إحالة جديدة بشأن الحرب في غزة، من قبل جنوب أفريقيا وبنغلاديش وبوليفيا وجزر القمر وجيبوتي، حيث أكد المدعي العام أنه يجري حاليا تحقيقا في الوضع في دولة فلسطين.
كما أعلن مكتب المدعي العام في يناير/ كانون الثاني من العام الجاري عن تقديم كل من تشيلي والمكسيك إحالة أيضا للمدعي العام فيما يتعلق بالوضع في فلسطين والحرب بقطاع غزة.
بيان المدعي العام
وعودة إلى بيان المدعي العام، فقد أشار إلى أن كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه وقادة حماس ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في حين لم يتطرق البيان لجريمة الإبادة الجماعية التي تتهم أطراف دولية عديدة إسرائيل بارتكابها ضد السكان في قطاع غزة.
تعرف جرائم الحرب على أنها الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف أو غيرها من الانتهاكات الجسيمة للقوانين والأعراف المطبقة في النزاعات المسلحة، سواء كانت دولية أو غيرها.
وقد تضمنت المادة الثامنة من نظام روما الأساسي طائفة واسعة من الانتهاكات التي تندرج ضمن جرائم الحرب، وبموجب هذا النظام فقد وجه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عددا من التهم إلى كل من نتنياهو وغالانت التي تعتبر بمثابة جرائم حرب.
ومن بين هذه الجرائم استخدام التجويع كأسلوب حرب، والقتل العمد والمعاملة القاسية، وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين، والتسبب بمعاناة كبيرة أو إصابات خطيرة للجسم أو الصحة.
وفيما يتعلق بقادة حماس، فإن الاتهامات المتعلقة بارتكاب جرائم حرب تمثلت في القتل وأخذ الرهائن والاغتصاب وغيرها من أعمال العنف الجنسي والتعذيب والمعاملة القاسية والاعتداء على الكرامة في سياق الأسر.
أما ما يتعلق بالجرائم ضد الإنسانية، فقد جرى تحديدها وفقا لنظام روما الأساسي وتتضمن جملة من الهجمات التي "ترتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين مع العلم بالهجوم".
وقد اتهم المدعي العام للمحكمة الجنائية كلا من نتنياهو وغالانت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الحرب على غزة، وهي القتل والإبادة، بما في ذلك الوفيات الناجمة عن الجوع، والاضطهاد والأفعال اللاإنسانية الأخرى التي تتعارض مع نظام روما.
في حين تضمنت الاتهامات لقادة حماس بارتكاب جرائم ضد الإنسانية الزعم بارتكاب جملة من الأفعال (القتل والاغتصاب وأعمال العنف الجنسي والتعذيب والأفعال اللاإنسانية الأخرى في سياق الأسر).
اختلافات جوهرية
يمكن الإشارة إلى 3 اختلافات جوهرية بين جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وهي:
يتطلب أن تحدث جرائم الحرب أثناء النزاع المسلح فقط سواء كان دوليا أم غير دولي، في حين أن الجرائم ضد الإنسانية قد يتم ارتكابها في حالات السلم أو النزاع المسلح أو حتى حالات العنف التي لم ترتق لدرجة النزاع المسلح. يشترط في الجرائم ضد الإنسانية أن ترتكب على نطاق واسع موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين، بخلاف جرائم الحرب التي قد تكون في إطار أفعال فردية ومعزولة. جرائم الحرب يمكن أن ترتكب ضد المقاتلين وغير المقاتلين بمن فيهم المدنيون، في حين أن الجرائم ضد الإنسانية تتطلب أن يكون الهجوم موجها حصرا ضد السكان المدنيين.مضامين بيان المدعي العام
حمل بيان المدعي العام جملة من المفردات التي تشير إلى اتجاهات عمل التحقيق الذي لم يناقش كافة الانتهاكات الإسرائيلية المرتكبة ضد سكان قطاع غزة، ويمكن إجمال أهم الملاحظات والمضامين في البيان:
أولا: التركيز على جريمة التجويع:رغم تحديد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في بيانه جملة من الاتهامات لقادة إسرائيل وكذلك قيادة حماس، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فقد بدا من الملاحظ استحواذ سياسة التجويع التي ارتكبت بحق السكان في قطاع غزة، وتمثل جريمة حرب، على حيز كبير في البيان.
خلال الأسابيع الماضية نقلت وكالات عبرية عن مصادر في الحكومة الإسرائيلية، أن الادعاء العام للجنائية الدولية سيركز على الاتهامات المتعلقة بتعمد إسرائيل تجويع السكان في قطاع غزة، وهو ما جرى بالفعل.
قدم البيان جملة من المعطيات للآثار الكارثية لتلك السياسة التي تسببت في ارتفاع أعداد الوفيات بين الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال الرضع وغيرهم من الأطفال والنساء.
وقد ذكر في هذا الصدد بتصريحات الأمين العام التي حذر فيها من أن أكثر من مليون شخص في غزة يواجهون جوعا كارثيا، "وهو أكبر عدد من الأشخاص يتم تسجيله على الإطلاق في أي مكان وفي أي وقت"، بينما يمثل وصف "الجوع الكارثي" المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو ما استدعى التحذير من أن يواجه نصف السكان في قطاع غزة الموت جوعا.
وقد انسحبت التفسيرات المتعلقة بالمجاعة وفقا لنظام روما الأساسي لتشمل "الأشياء غير الغذائية التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين على قيد الحياة، مثل الأدوية أو الملابس".
في حين ينص "دليل إسرائيل لقواعد الحرب 2006" على أولوية السماح بمغادرة السكان المدنيين للمدن المحاصرة، وفي حال تعذر ذلك فإنه يتوجب إمداد السكان بالماء والغذاء والمساعدات الإنسانية.
وقد أدت سياسة إسرائيل خلال الحرب إلى وصول السكان الفلسطينيين إلى حافة المجاعة، وإلى تصاعد الاتهامات لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وكذلك جرائم إبادة في إطار الجرائم ضد الإنسانية.
ثانيا: غياب الاتهام بارتكاب جريمة الإبادة الجماعيةفي 26 يناير/ كانون الثاني من العام الجاري، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها بشأن التدابير الاحترازية في الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل لانتهاكها اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وقد خلصت المحكمة في قرارها إلى وجود أسباب معقولة تدفع بالاعتقاد أن إسرائيل انتهكت بالفعل الاتفاقية، بمعنى أنها ترتكب جريمة الإبادة الجماعية ضد السكان في قطاع غزة خلال الحرب.
كان لافتا عدم اتهام المدعي العام للمحكمة الجنائية القادة الإسرائيليين بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، غير أنه استعاض عن ذلك باتهامهم بارتكاب جريمة الإبادة والقتل ضمن الجرائم ضد الإنسانية، وفي هذا السياق تندرج حالات الوفاة الناجمة عن سياسة التجويع.
وفي تعليقها على المادة 54 من البروتوكول الأول لاتفاقية جنيف التي تحظر استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، أشارت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أن المجاعة في هذه الحالة تتحول إلى "سلاح لإبادة السكان وإضعافهم".
تنص المادة 7 (2) (ب) من نظام روما الأساسي على عبارة الإبادة تشمل "تعمد فرض أحوال معيشية من بينها الحرمان من الحصول على الطعام والدواء بقصد إهلاك جزء من السكان".
ولأجل ذلك تذهب التفسيرات المتعلقة بمصطلح الإبادة في جرائم الإبادة الجماعية إلى أنها قد تشملها أيضا المادة 6 (ج) والتي تنص على أن القيام بـ "إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا" يمثل جريمة إبادة جماعية.
ولا يوجد تفسير واضح لعدم لجوء المدعي العام إلى اتهام إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، لكن يمكن الإشارة إلى أن الجرائم ضد الإنسانية ويدخل ضمنها سلوك الإبادة والقتل يتم ارتكابها في سياق هجوم واسع النطاق وقتل منهجي، بينما تركز جرائم الإبادة الجماعية على تدمير الجماعات سواء كانت قومية أو إثنية أو دينية أو غير ذلك.
كما أن الجرائم ضد الإنسانية لا تتطلب إثبات وجود النية لارتكابها، بخلاف جريمة الإبادة الجماعية الذي تعد النية فيها ركنا أصيلا في تحديد وقوعها من عدمه، مما يضع صعوبات كبيرة أمام إثبات وقوعها.
وفي هذا السياق فإنه يمكن توقع عدم اتهام المدعي العام للمحكمة القادة الإسرائيليين بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية عبر تفضيله فحص الانتهاكات الأخرى التي تدخل ضمن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب كالقتل والتجويع وتعمد توجيه هجمات إلى المدنيين وغيرها.
ثالثا: نزاع مسلح دولي وغير دوليأشار بيان المدعي العام للمحكمة إلى أن "الجرائم المُدعى بها ارتكبت في إطار نزاع مسلح دولي بين إسرائيل وفلسطين، ونزاع مسلح غير دولي بين إسرائيل وحماس دائرين بالتوازي".
وقد أثار ذلك التوصيف الجدل خاصة أن النزاعات المسلحة غير الدولية عادة ما كانت ترتبط بالصراعات الأهلية، وبالتالي إضعاف لمكانة فصائل المقاومة في غزة.
يعرف القانون الدولي الإنساني النزاعات المسلحة الدولية على أنها حرب أو نزاع مسلح بين دولتين أو أكثر، في حين أن النزاع المسلح غير الدولي هو صراع بين دولة وجماعة مسلحة ما دون الدول أو صراع مسلح بين جماعات مسلحة ما دون الدول.
وبناء على التعريف المذكور فإن آراء تشير إلى اعتبار النزاع غير دولي كونه بين حماس وفصائل مسلحة من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، بينما ترى آراء أخرى أن قطاع غزة ما زال محتلا، إضافة إلى أن فلسطين تعتبر دولة وقد جرى الاعتراف بها من عشرات الدول، وهو يجعل من الصراع مسلحا دوليا.
أسهم البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف عام 1977 المتعلقة بالنزاعات المسلحة الدولية في ترقية وضع حركات التحرر الوطني، عندما نص على انطباق أحكامه ليشمل النزاعات المسلحة التي يقاتل فيها الناس ضد السيطرة الاستعمارية أو الاحتلال الأجنبي أو الأنظمة العنصرية.
وقد أشير إلى أن هذا الحكم كان يستهدف بشكل محدود كفاح الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي وكذلك النضال ضد أنظمة الفصل العنصري في أفريقيا في حينه.
وتكمن أهمية إطلاق توصيف نزاع دولي مسلح على النزاع بين حماس وإسرائيل في ترقيته للوضع القانوني للحركة وفصائل المقاومة بشكل عام ومنح أفراده حقوقا معينة بموجب القانون الدولي، كالتمتع بوضع أسير حرب لمعتقليهم.
رابعا: حق الدفاع عن النفسأشار المدعي العام للمحكمة كريم خان إلى أن "لإسرائيل الحق في اتخاذ إجراءات للدفاع عن سكانها" منتقدا الأساليب التي اختارتها إسرائيل لتحقيق أهدافها في غزة التي كان من بينها تعمد التسبب في التجويع والموت.
في حين كانت الانتقادات الموجهة من كريم خان شديدة، وتضمنت إفصاحا عن حجم المعاناة الهائلة التي تسببت بها إسرائيل، إلا أن تلميحه لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها يتعارض مع الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن الجدار الفاصل عام 2004، الذي رفض حجة الدفاع عن النفس التي تتذرع بها إسرائيل باعتبار أنها تمنح في حالة التعرض لهجوم من قبل دولة أخرى، وليس من داخل أراضي تقع تحت سيطرة واحتلال إسرائيل.
يمثل الطلب الذي تقدم به المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى الدائرة التمهيدية بشأن إصدار أوامر قبض فيما يتصل بالحالة في دولة فلسطين، وخاصة الحرب في قطاع غزة، خطوة غير مسبوقة وضعت إسرائيل في موقف حرج دوليا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات المدعی العام للمحکمة الجنائیة الدولیة بارتکاب جریمة الإبادة الجماعیة جرائم ضد الإنسانیة السکان فی قطاع غزة نظام روما الأساسی المدعی العام النزاعات المسلحة جرائم حرب وجرائم السکان المدنیین بارتکاب جرائم النزاع المسلح جرائم الحرب إسرائیل فی نزاع مسلح ضد السکان غیر دولی کریم خان فی إطار جملة من فی غزة إلى أن فی حین
إقرأ أيضاً:
إيران بين المكاسب والخسائر: قراءة في حصيلة المواجهة مع إسرائيل بعد وقف إطلاق النار
القراءة الأولية تُظهر أن إيران دفعت ثمنًا باهظًا في هذه الحرب، على المستويات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية. لكن في المقابل، فإنها خرجت بمكاسب معنوية واستراتيجية تمثلت في إثبات قدرتها على المواجهة المباشرة. اعلان
بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب دخول وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل حيّز التنفيذ، صباح الثلاثاء، تُسلّط الأنظار الآن على ما حققته طهران من مكاسب وما تكبّدته من خسائر خلال واحدة من أكثر الحروب حساسية وتعقيداً في تاريخ المنطقة. فالحرب التي اندلعت بين خصمين إقليميين لطالما تبادلا التهديدات، حملت في طيّاتها أبعادًا استراتيجية وعسكرية وسياسية واقتصادية، تُظهر ملامح مرحلة جديدة في الصراع الإقليمي.
الخسائر الإيرانية: كلفة باهظة عسكريًا وسياسيًاضربات موجعة للبرنامج النووي
تعرضت المنشآت النووية الإيرانية لضربات أميركية وصفتها واشنطن بأنها "حرمت إيران من القنبلة الذرية". استهدفت الضربات مواقع رئيسية، بينها منشآت تخصيب عالية الأهمية، ما أدى إلى تدمير أو تعطيل بنى تحتية نووية حساسة.
خسائر بشرية ومادية في الداخل
تعرضت مدن إيرانية مثل أصفهان وطهران لغارات إسرائيلية غير مسبوقة، طالت منشآت عسكرية ومقار للحرس الثوري. وأدت هذه الغارات إلى سقوط مئات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين والعسكريين، فضلًا عن تضرر البنية التحتية الدفاعية. كما تعرّض الاقتصاد لمزيد من الضغوط نتيجة انهيار العملة، وارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية.
تآكل الردع الإقليمي
رغم الردود الصاروخية الإيرانية على إسرائيل وبعض القواعد الأميركية، إلا أن سرعة وحجم الضربات التي تلقتها طهران كشفت هشاشة دفاعاتها الجوية أمام تقنيات إسرائيلية وأميركية متقدمة.
عزلة دبلوماسية متزايدة
عانت إيران من موجة انتقادات دولية، وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، الأحد، إن إيران "يجب ألا تمتلك أبدا القنبلة" النووية فيما اعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد كايا كالاس هذا الاحتمال "تهديدا للأمن العالمي".
Relatedبوتين يُدين الهجمات الأمريكية على إيران: لا مبرر لهاالحرس الثوري يعلن استهداف قاعدة العديد الأمريكية في قطر والدوحة تحتفظ بحق الردهدنة بين إيران وإسرائيل.. وترامب: رجاء عدم انتهاك وقف النار بعد دخوله حيز التنفيذالمكاسب الإيرانية: حضور استراتيجي ورسائل متعددةتعزيز حضورها كلاعب لا يمكن تجاهله
رغم الخسائر، أثبتت إيران قدرتها على خوض مواجهة مباشرة مع إسرائيل، وقد أظهرت أنها تملك أدوات للرد، سواء عبر صواريخ باليستية دقيقة أو عبر شبكتها الإقليمية من الحلفاء. هذا الحضور الميداني عزّز صورتها في أوساط حلفائها، من حزب الله في لبنان إلى الفصائل المسلحة في العراق والحوثيين باليمن.
اختبار الجبهة الداخلية واحتمالات سقوط النظام
بدا أن النظام الإيراني نجح -إلى حدٍ ما- في تعبئة الشارع خلف رواية "الدفاع عن السيادة والكرامة". وجرى توظيف الحرب كوسيلة لتوحيد الصفوف داخليًا، على الأقل في المدى القصير، رغم استمرار الأصوات المعارضة.
توسيع هامش التفاوض
عقب وقف إطلاق النار، أعلن ترامب استعداده للتفاوض مع طهران، ما قد يفتح الباب أمام محادثات جديدة بشروط مختلفة. ورغم أن إيران خرجت أضعف عسكريًا، إلا أنها أثبتت أنها لا تزال لاعبًا يُحسب له حساب في ميزان القوى الإقليمي.
نظرة استراتيجية: هل كسبت إيران أم خَسِرت؟القراءة الأولية تُظهر أن إيران دفعت ثمنًا باهظًا في هذه الحرب، على المستويات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية. لكن في المقابل، فإنها خرجت بمكاسب معنوية واستراتيجية تمثلت في إثبات قدرتها على المواجهة المباشرة وتوسيع هامش تأثيرها الإقليمي. ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر يكمن في ما بعد الحرب: كيف ستتعامل طهران مع تداعيات الداخل، وهل ستنجح في إعادة بناء قدراتها النووية والدفاعية، أم ستكون هذه الحرب بداية مرحلة تراجع متسارع في نفوذها؟
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة