غوغل وجامعة هارفارد يكشفان عن الخريطة الأكثر تفصيلاً على الإطلاق للدماغ البشري
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قبل عشر سنوات، تلقى أستاذ البيولوجيا الجزيئية والخلوية بجامعة "هارفارد"، الدكتور جيف ليشتمان، عينة دماغ صغيرة في مختبره.
رُغم صغر حجمها، إلا أنّ الملليمتر المكعب الواحد من الأنسجة كان كبيرًا بما يكفي لاحتواء 57 ألف خلية، و230 ملليمترًا من الأوعية الدموية، و150 مليون من نقاط الاشتباك العصبي.
قال ليشتمان: "كانت أصغر من حبة أرز، لكننا بدأنا بتقطيعها والنظر إليها، وكانت جميلة حقًا".
ومن ثم أضاف: "لكن بينما كنا نجمع البيانات، أدركت أنّه كانت بحوزتنا قدر أكبر ممّا أمكننا التعامل معه".
استخرج ليشتمان وفريقه 1،400 تيرابايت من البيانات من العينة، وهو ما يعادل تقريبًا محتوى أكثر من مليار كتاب.
الآن، بعد عِقد من التعاون الوثيق بين فريق المختبر والعلماء في شركة "غوغل" الأمريكية، تحولت هذه البيانات إلى الخريطة الأكثر تفصيلاً لعينة دماغ بشري تم إنشاؤها على الإطلاق.
300 مليون صورةجاءت عينة الدماغ من مريض مصاب بالصرع الشديد.
وذكر ليشتمان أن إزالة جزء صغير من الدماغ لوقف النوبات، ومن ثم النظر إلى الأنسجة للتأكد من أنّها طبيعية يُعد عملية معيارية.
لتحليل العينة، قام ليشتمان وفريقه بتقطيعها أولاً، ودُمِجت المقاطع بعد ذلك في مادة "راتينج" صلبة، مع تقطيعها مرة أخرى إلى شرائح رفيعة جدًا.
وحصل الفريق على بضعة آلاف من الشرائح، والتي تم التقاطها بشريط مصنوع خصيصًا.
وأفاد ليكتمان: "إذا التقطت صورة لكل قسم من تلك المقاطع، ووضعتها بجانب بعضها البعض، فستحصل على قطعة ثلاثية الأبعاد للدماغ على المستوى المجهري".
عندها أدرك الباحثون أنّهم بحاجة إلى مساعدة بشأن البيانات لأنّ الصور الناتجة ستستهلك قدرًا كبيرًا من السعة التخزينية.
وعلِم ليكتمان أنّ "غوغل" كانت تعمل على خريطة رقمية لدماغ ذبابة فاكهة، مع إصدارها في عام 2019، وأنّ الشركة تمتعت بأجهزة الحاسوب المناسبة لهذه المهمة.
وشجّعه ذلك على التواصل مع أحد كبار الباحثين في "غوغل"، فيرين جاين، والذي عمل على مشروع ذبابة الفاكهة.
وقال جاين: "كانت هناك 300 مليون صورة منفصلة (في بيانات جامعة هارفارد)".
لفهم الصور، استخدم العلماء في "غوغل" المعالجة والتحليل القائم على الذكاء الاصطناعي، لتحديد نوع الخلايا الموجودة في كل صورة وكيفية ارتباطها ببعضها البعض.
وكانت النتيجة نموذجًا تفاعليًا ثلاثي الأبعاد لأنسجة الدماغ، وأكبر مجموعة بيانات صُنِعَت بهذه الدقة لبنية دماغ بشري على الإطلاق.
وجعلته "غوغل" متاحًا عبر الإنترنت باسم "Neuroglancer"، ونُشِرت دراسة في مجلة "Science" في الوقت ذاته، بالشراكة مع ليشتمان وجاين.
فهم الدماغأدّى التعاون بين فريقي "هارفارد" و"غوغل" إلى الحصول على صور ملونة تجعل العناصر الفردية والأنسجة أكثر وضوحًا.
وأكّد ليشتمان قائلاً: "هدف هذا (المشروع) هو أنّنا لا نختلق الأمر، فهذه هي الخلايا العصبية الحقيقية، والأسلاك الحقيقية الموجودة في هذا الدماغ، ونحن في الواقع نجعله ملائمًا وسهل الوصول إليه فحسب، ليتمكن علماء الأحياء من مشاهدتها ودراستها".
وتضمنت البيانات بعض المفاجآت، فعلى سبيل المثال، بدلًا من تكوين رابط واحد، تحتوي أزواج الخلايا العصبية على أكثر من 50 رابطًا.
وأوضح ليشتمان أنه يمكن لمراقبة الدماغ بهذا المستوى من التفصيل أن يساعد الباحثين على فهم الحالات الطبية الغامضة، إذ يعتقد أنّ هذه البيانات قد تكون مليئة بتفاصيل مذهلة أخرى لم تُكتَشف بعد، نظرًا لحجمها. وقال: "لهذا السبب نشاركها عبر الإنترنت، حتى يتمكن أي شخص من الاطلاع عليها".ويتفق مع ذلك أستاذ طب العيون بجامعة "ستانفورد" في كاليفورنيا، أندرياس تولياس، وقال: "هذه دراسة تقنية رائعة تُعيد بناء بنية القشرة البشرية بدقةٍ عالية".
ويفتح مشروع رسم خرائط الدماغ الباب أمام تحقيقات مستقبلية، وفقًا لعالِم الأعصاب، أولاف سبورنز، والذي قال: "كل دماغ بشري عبارة عن شبكة واسعة من مليارات الخلايا العصبية".
وأضاف سبورنز، وهو أستاذ العلوم النفسية والدماغية في جامعة "إنديانا": "تسمح هذه الشبكة للخلايا بالتواصل، في أنماط محددة للغاية تُعتَبر أساسية للذاكرة، والفكر، والسلوك. إنّ رسم خريطة لهذه الشبكة، أي الشبكة العصبية البشرية، أمر بالغ الأهمية لمعرفة كيفية عمل الدماغ".
كما أشار إلى أنّ الدراسة تفتح آفاقاً جديدة نحو هذا الهدف المهم، وتوفر فرصًا جديدة مثيرة للاكتشافات.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: دراسات غوغل الخلایا العصبیة
إقرأ أيضاً:
طريقة جديدة لفصل الخلايا المسنّة.. هل سنفهم أمراض الشيخوخة الآن؟
ابتكر باحثون طريقة جديدة لتمييز الخلايا البشرية المسنّة عن الخلايا الأصغر عمرا باستخدام الفصل الكهربائي. وتقدم الطريقة الجديدة أداة ملائمة لأبحاث الشيخوخة وقد تفتح أيضا آفاقا في فحص الأدوية والطب التجديدي الذي يهتم بتجديد الأنسجة التالفة.
وتشير الأدلة العلمية إلى دور الخلايا المسنة في الحالات المرتبطة بالشيخوخة، مثل تصلب الشرايين، ومرض ألزهايمر، وداء السكري من النوع الثاني. لفهم هذه الأمراض وعلاجها، يحتاج العلماء إلى فهم كيفية تأثير الخلايا الهرمة على وظائف الجسم. ويبدأ هذا الأمر بفصل الخلايا الهرمة عن الخلايا الشابة.
ورغم اكتشاف علامات تميز الخلايا المسنّة فإن الطرق المتوفرة تتطلب وضع علامات كيميائية على الخلايا مما قد يفسد خصائصها ويجعلها غير صالحة للدراسة، أما الطريقة الجديدة فلا تتطلب وضع علامات وتسبب ضررا أقل للخلية.
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة طوكيو متروبوليتان اليابانية، ونشرت نتائجها في مجلة المستشعرات آي تربل إي (IEEE Sensors Journal) في 11 يونيو/ حزيران الجاري، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
وتبدأ الشيخوخة على مستوى الخلية، ومع التقدم في السن تتراكم الخلايا المُسنّة في الجسم، ولا يقتصر الأمر على فقدان هذه الخلايا لجزء كبير من وظيفتها الأصلية، بل إنها تطلق مركبات تسبب الالتهاب.
تعتمد الطرق الحالية لفصل الخلايا على ما يعرف بالوسم الانتقائي، مثل ربط جزيء فلوري (يصدر ضوءا) بمركبات محددة معروفة بوجودها في الخلايا الهرمة، وتستغرق هذه الطريقة وقتا طويلا وإجراءات معقدة، بل إن العملية نفسها قد تغير خصائص الخلايا التي يرغب العلماء في دراسته.
تؤدي التغيرات في غشاء الخلية أثناء الشيخوخة إلى تغيير الخصائص الكهربائية للخلايا المسنّة وتنشأ من تغيرات في الجزيئات الدهنية التي تشكل غشاء الخلايا.
إعلانوقام الباحثون باستغلال التغيرات في الخصائص الكهربائية للخلية لتجاوز مشكلات الطرق المستخدمة لفصل الخلايا حاليا.
وضع الباحثون الخلايا تحت مجال كهربائي متناوب يؤدي إلى إعادة ترتيب طفيف للشحنة، حيث يصبح أحد طرفي الخلية مشحونا بشحنة موجبة أكثر من الطرف الآخر، وعندما تكون شدة المجال الكهربائي غير منتظمة حول الخلية فإنها تتحرك، وفي حال وجود مجال كهربائي متناوب، فإن الخلية تتذبذب ذهابا وإيابا بين الأقطاب الكهربائية.
عند تغيير تردد المجال الكهربائي يتغير سلوك حركة الخلية بشكل ملحوظ عند قيمة تعرف باسم تردد القطع، تهدف هذه الطريقة، المعروفة باسم التحليل الكهربائي الحركي المعدل بالتردد (frequency-modulated dielectrophoresis)، إلى تحديد نوع الخلية من خلال قياس هذه القيمة.
ركز الفريق جهوده على الخلايا الليفية الجلدية البشرية، وهي جزء مهم من النسيج الضام في الجلد. عندما اختبروا الخلايا الهرمة مقابل الخلايا الشابة وجدوا فرقا ملحوظا في ترددات القطع الخاصة بها.