لجريدة عمان:
2025-05-30@09:17:19 GMT

قيمة الكتابة ومآلها

تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT

يطرح الكثيرون هذا السؤال، وفي المقابل يُطرح على الكثيرين، وتختلف الردود وفق نوعية الكتابة ومجالاتها، وكذلك حسب نفسية الكاتب ودرجة حساسيته، فالكتابة أنواع وكل كتابة لها محدداتها وشروطها وفلسفتها؛ فالكتابة البحثية ليست كالكتابة الإبداعية، والكتابة الإبداعية تتنوع وتمنح كاتبها الحرية أكثر من الكتابة العلمية المُحكمة، مثلما قال عالم الاجتماع التونسي الطاهر لبيب (81عاما): «الحرية في الكتابة الإبداعية حرية لا توصف».

تمنح الكتابة الأدبية صاحبها جرعة من التعبير عن الذات وعن الآخر، فعوالم الذات الإنسانية لا نتعرف عليها إلا عبر الكلمات المجسدة لمشاعر الإنسان وعواطفه التي تدلل عليها أفعال وسلوكيات أبطال الأعمال الأدبية والمسرحية، أما كتابة المقال فإنها تنوب عن كاتبها في توجيه الرأي العام، فقد يرفع المقال ضررا وظلما قد يقع على إنسان، مثلما كتب الكاتب الفرنسي إميل زولا (1840-1902) مقالا عبارة عن رسالة عنوانها (إني أتهم) ونشرها في صحيفة باريس اليومية يدافع فيها عن الضابط الفرنسي ألفريد دريفوس (1850-1935) المتهم بالتجسس لصالح الألمان، وقد أدى ذلك إلى العفو عن الضابط دريفوس في القضية التي شغلت الرأي العام الفرنسي ورسخت قوة الكتابة في تبني القضايا العادلة والدفاع عنها.

تكفل الكتابة لصاحبها نوعا من الشهرة وتؤجل إخراجه من الذاكرة تدريجيا، ومع ذلك فقد تلحق الكتابة الأذى والأسى بصاحبها، خاصة حين يقترب من عتبة الموضوعات التي تسبب الإزعاج للبعض، أي حين تكون الكتابة كشفا وإزاحة الأغشية عن المستور، وتجد لها ردود أفعال منسجمة مع الرأي العام الباحث عمن يُعبر عن شؤونه وشجونه، ويرى في الكتابة نوعا من التنفيس.

ولأن الكتابة المسؤولة لا تقبل بالمغالاة ولا بالمهادنة فإنها تتحمل تبعات تأثيرها في تكدير صفوة الفئة المستفيدة من بقاء الأوضاع كما هي دون تطوير أو تغيير إلى الأفضل، لذلك فإن الجرأة في الطرح تزعج من يخشى من الحقائق، وقد كتب الروائي السوداني الطيب صالح (1929- 2009) في روايته الشهيرة «موسم الهجرة إلى الشمال» يقول: «ثمة ثمار يجب أن تقطف، كتب كثيرة تقرأ وصفحات بيضاء في سجل العمر، سأكتب فيها جملا واضحة بخط جريء».

إن أصعب أنواع الكتابة هي الكتابة القلقة، الكتابة الناجمة عن قلق صاحبها من صعوبة الأسئلة التي لا يجد لها تفسيرا أو حلا إلا بالتخلص من الذات، مثلما فعل عشرات الكتّاب من ذوي الأنفس الحساسة مثل الكاتب والروائي الياباني يوكيو ميشيما (1925- 1970) الذي كان يفكر في الانتحار وفي سمعة عائلته بعد رحيله، وقد كتب ذلك في رسالة إلى صديقه وأستاذه الكاتب والروائي ياسوناري كاواباتا (1894- 1972) «قد تسخر مني لكن ما أخافه ليس الموت، بل شرف عائلتي من الموت، وإذا حدث لي شيء، فإن المجتمع سوف يكشف عن أسنانه ويبحث عن نقاط ضعفي ليدمّر شرف عائلتي. ليس مهما أن يسخروا مني وأنا موجود، ولكن لا أستطيع تحمل سخريتهم من أطفالي بعد موتي. وأعتقد يا سيد كاواباتا، أنك أنت الوحيد القادر على حمايتهم. وأنا منذ الآن، أعتمد عليك وأثق بك» وقد قرأ كاواباتا هذه الرسالة في جنازة صديقه، ولكنه انتحر بعد ذلك بسنتين.

لكن قد تُنفّس الكتابة عن صاحبها وتزيل عنه الكآبة والبؤس حين يعجز عن التعبير عن مشاعره تجاه العديد من القضايا التي يعيشها ولا يتعايش معها، أو حين يعيش تحت ثقل أمر ما يصعب عليه الاعتراف به أو حتى الكتابة عنه، خاصة إذا كان موضوعًا يتضرر منه أناس آخرين.

وتبقى الكتابة والتدوين أجمل وأرقى اكتشاف اكتشفه الإنسان في الكرة الأرضية، فبها بقيت اللغة والثقافة وبقي ما تم تدوينه.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أكثر العلامات الفاخرة قيمة وقوة في 2025.. تعرفوا عليها

#سواليف

مرة جديدة، نشهد هيمنة لدور #الأزياء_الفرنسيّة على تصنيف Brand Finance العالمي لأكثر #العلامات_التجاريّة قيمةً وقوةً لهذا العام. فمن هي الدور التي حقّقت نجاحاً في هذا المجال؟

كشف هذا التصنيف، الرائد عالمياً في تقييم العلامات التجاريّة، على أن القيمة الإجماليّة لأفضل العلامات التجارية الفاخرة في العالم تصل إلى 317 مليار دولار أميركي، نصفها تُسجّلها العلامات التجاريّة الفرنسيّة وتليها العلامات الإيطاليّة، فيما يُهيمن قطاع الملابس على الترتيب من خلال 32 علامة تجاريّة تُغطّي 70 بالمئة من قيمته الإجماليّة.

أكثر #العلامات_الفاخرة قيمةً
استطاعت شركة Porshe أن تُحافظ على المرتبة الأولى في هذا التصنيف للسنة الثامنة على التوالي، وتلتها دار Chanel لتتقدم العلامات التجاريّة في مجال الموضة بعد تفوّقها بمُعظم مقاييس البحث في جميع الأسواق الرئيسيّة العالميّة، بما في ذلك أوروبا والولايات المُتحدة وآسيا مما يدلّ على سمعتها المرموقة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة الهند.. المئات يخسرون أموالهم بسبب تطبيق مزيف باسم ترمب! 2025/05/29

وكانت الدار اتخذت في العام الماضي سلسلة من التدابير الاستراتيجيّة لتعزيز سمعتها وهيمنتها على السوق، منها افتتاح متجر مُتخصّص بالمجوهرات الراقية في نيويورك وتعيين ماثيو بلازي مديراً إبداعياً جديداً بهدف استحضار نفس جديد ومُبتكر إلى مجموعات الدار.

أما المرتبة الثالثة في هذا التصنيف كانت من نصيب دار Louis Vuitton التي لم تُسجّل تقدّماً فيه سوى بنسبة 2%، أما المرتبة الرابعة فكانت من نصيب دار Hermes. وقد تقدّمت Rolex مركزين لتصل إلى المرتبة الخامسة وبقيت Dior في المرتبة السادسة.

سجّل هذا التصنيف أيضاً تقدّماً بمركز واحد لكل من Cartier وFerrari، وتراجع لعلامة Gucci من المرتبة الخامسة إلى المرتبة التاسعة. وقد دخلت Guerlain إلى قائمة العشرة الأوائل في هذا التصنيف بفضل زيادة 23% في قيمة علامتها التجارية مما أدى إلى خفض تصنيف علامة Tiffany&Co لتحل في المركز الحادي عشر.

أقوى العلامات الفاخرة
قدّم تصنيف Brand Finance أيضاً في تقريره للعام 2025 لائحة بأقوى العلامات الفاخرة تقدّمتها دار Dior التي انتقلت من المرتبة الرابعة إلى المرتبة الأولى، وذلك نتيجة تقدّم ملحوظ سجّلته في أنحاء مُختلفة من العالم وخاصةً في الولايات المتحدة. وهي أصبحت العلامة التجارية الفاخرة الأكثر شعبيّة على الإنترنت. أما المرتبة الثانية في لائحة “أقوى العلامات الفاخرة” فكانت من نصيب Ferrari والمرتبة الثالثة من نصيب Rolex. وقد احتلّت Chanel المرتبة الرابعة، وGucci المرتبة الخامسة، وHermes المرتبة السادسة فيما حقّقت Louis Vuitton المرتبة التاسعة وTiffany&Co المرتبة العاشرة.

مقالات مشابهة

  • رأس الخيمة.. إحالة 7 أشخاص إلى النيابة العامة لنشر شائعات تثير الرأي العام
  • حركة العدل والمساواة السودانية تنعي رائد الكتابة باللغات الافريقية الكاتب والمفكر الكيني نقوقي واثينقو
  • الكتابة في زمن الحرب.. هكذا يقاوم مبدعو غزة الموت والجوع
  • وفاة الكاتب الكيني المشهور نغوغي وا تيونغو عن 87 عاما
  • أكثر العلامات الفاخرة قيمة وقوة في 2025.. تعرفوا عليها
  • الجارديان: وفاة الكاتب الكيني نجوجي واثيونجو عن 87 عامًا
  • الكاتب الإنسان.. ما سر التعاطف الواسع مع صنع الله إبراهيم في مرضه؟
  • شَبَه الكتابة بالطبخ
  • السنعوسي يستعرض «سِفر العنفوز» ورحلة الكتابة
  • المجلس الإماراتي لكتب اليافعين يطلق مسابقة «الكتابة الإبداعية»