في زمنٍ غير ببعيد كانت فيه منصات التواصل الاجتماعي رمزًا لحرية التعبير والتفاعل المفتوح، إلا أننا نجدها اليوم وقد تحوّلت تدريجيًا إلى ساحات تُدار بخوارزميات خفية تُوجّه ما نراه وما نعتقده. لم يعد المستخدم هو من يختار ما يقرأ أو يشاهد، بل أصبحت المنصات هي التي تختار له، مستندة إلى نماذج ذكاء اصطناعي ترصد سلوكه وتُحلّل انفعالاته ومدى تفاعله وحتى ميوله العاطفية والسياسية، وكافة ما يتصل به.

وهو ما يجعلنا أمام وهم قائم على شعور المستخدم بالحرية الرقمية، إذ يقرر متى يستكمل قراءة منشور مشاهدة فيديو أو إبداء مشاعره تجاه محتوى ما، غير أن الواقع يؤكد على أن هذه المنصات أعادت صياغة وعينا بطريقة هادئة وممنهجة.
فالخوارزميات الحديثة تعتمد على تغذية المستخدم بالمحتوى الذي يُثير اهتمامه ويُعزز قناعاته، مما يؤدي إلى تكوين ما يُعرف بـ"غرف الصدى"؛ إذ يسمع الأفراد فقط ما يتفق مع آرائهم، وكأننا نعيد تشكيل نظريات دوامة الصمت ولكن بنمط معاصر؛ فبينما نظن أننا نُكوّن آراءنا بحرية، نكون في الواقع نتلقّى واقعًا مصممًا بعناية من قبل أنظمة ذكية تهدف إلى زيادة التفاعل لا الحقيقة.
لقد تحوّل الذكاء الاصطناعي في هذه المنصات من أداة تحليل إلى قوة موجهة للرأي والسلوك، تُعيد رسم المشهد العام وتؤثر في اتجاهات التصويت والمواقف الاجتماعية وحتى القيم الثقافية.
ولا يقتصر التأثير على ما نقرأ أو نشارك، بل يمتد إلى كيفية إدراكنا للعالم. فالمحتوى المُولّد آليًا والمقاطع المعدّلة بالذكاء الاصطناعي (deepfakes) تُسهم في خلق بيئة ضبابية يصعب فيها التمييز بين الحقيقة والتزييف، مما يُضعف الثقة في الإعلام التقليدي ويزيد من هشاشة الوعي الجمعي. وهو ما بتنا نراه اليوم بكثرة عبر عدد مئات بل وملايين المقاطع التي يدور حولها جدل كبير حول ما إذ كانت حقيقية أو مولدة بالذكاء الاصطناعي، وهو ما يجعل البسطاء وقليلي الخبرة بالتقنية فريسة سهلة المنال. خاصة بعدما أثبتت دراسات عدة أن الخوارزميات تميل إلى تضخيم المحتوى المثير للجدل والانفعالات الحادة لأنها تزيد من وقت البقاء على المنصة، حتى لو كان ذلك على حساب الاستقرار الاجتماعي أو الحوار العقلاني.
من هنا، لم يعد السؤال الذي نطرحه على أنفسنا حول مدى "ذكاء| هذه الأنظمة، بل عن مدى "مسؤوليتها". فالمجتمعات التي لا تضع أطرًا أخلاقية وتشريعية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام، تُخاطر بترك الرأي العام رهينة لمعادلات رياضية وأتمتة بلا ضمير.
وفي النهاية يجب علينا التأكيد على كون الذكاء الاصطناعي لن يتوقف عن التطور، لكن علينا أن نحدد له وجهته. فإما أن يكون أداة للتنوير والتنوع المعرفي، أو يتحول إلى "محرر خفي" و"صانع رأي" لا يملك ذرة ضمير، وبالتالي يمكنه إعادة تشكيل وعينا دون أن نشعر. وهنا يجب ان يتحد صُنّاع السياسات والإعلاميين والأكاديميين معًا، للحفاظ على المسافة الآمنة بين الإنسان والخوارزمية... بين حرية التفكير وبرمجة العقول.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د هالة الألفي منصات التواصل الاجتماعي الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

لتقوية الذاكرة وزيادة الذكاء.. أبرز الأطعمة التي تدعم الدماغ

تلعب بعض الأطعمة دورًا مهمًا في تعزيز القدرة على التركيز وتقوية الذاكرة وزيادة نسبة الذكاء، نظرًا لاحتوائها على مركبات غذائية تدعم وظائف الدماغ وتحسن الأداء العقلي.

أطعمة تحفّز الذاكرة وتزيد الذكاء

وأكدت الدراسات الحديثة أن تضمين هذه الأطعمة في النظام الغذائي اليومي يساعد في تحسين القدرات المعرفية والحفاظ على نشاط الدماغ مع التقدم في العمر.

7 علامات لـ التفكير المفرط والقلق المستمر | تفاصيلأضرار خفية لوضع الأظافر الاصطناعية لفترات طويلة.. لن تتوقعينها


وكشف موقع Healthline، وWebMD عن أبرز الأطعمة التي تحفّز الذاكرة وتزيد الذكاء، ومن أبرزها ما يلي :

ـ الأسماك الدهنية (السلمون – السردين – الماكريل):
تُعد مصدرًا غنيًا بأحماض أوميغا-3 الأساسية لبناء الخلايا العصبية، وتعمل على زيادة التركيز وتقوية الذاكرة.

أطعمة تحفّز الذاكرة وتزيد الذكاء

ـ التوت الأزرق: 
يحتوي على مضادات أكسدة قوية تحمي الدماغ من الشيخوخة وتعزز الذاكرة قصيرة المدى وتحسّن القدرة على التفكير.

ـ المكسرات وخاصة الجوز:
غني بفيتامين E والأحماض الدهنية التي تدعم التواصل بين خلايا الدماغ، وتساعد على تعزيز الذكاء وتحسين الذاكرة.

أطعمة تحفّز الذاكرة وتزيد الذكاء

ـ البيض:
يحتوي على الكولين، وهو عنصر غذائي يساعد على تحسين الذاكرة طويلة المدى ويعزز مهارات التركيز والتعلم.

ـ الشوكولاتة الداكنة:
غنية بالفلافونويد الذي يزيد تدفق الدم للمخ، مما يحفّز الذاكرة ويحسّن سرعة الانتباه ورد الفعل.

أطعمة تحفّز الذاكرة وتزيد الذكاء

ـ الكركم:
يحتوي على مركب الكركومين الذي يعزز بناء خلايا دماغية جديدة ويحسن المزاج والتركيز ويقلل الضباب الذهني.

ـ الأفوكادو:
مصدر مهم للدهون الصحية غير المشبعة التي تحافظ على صحة الأوعية الدموية وتعزز وظائف الدماغ الإدراكية.

ـ الشاي الأخضر:
يحتوي على الكافيين وL-Theanine اللذين يدعمان الذاكرة ويزيدان اليقظة الذهنية ويعززان التركيز.

ـ السبانخ والخضروات الورقية الداكنة:
غنية بفيتامينات B وحمض الفوليك الضرورية لصحة الدماغ، وتساعد على الحد من النسيان وتعزيز التفكير.

ـ الحبوب الكاملة (الشوفان – الكينوا – الأرز البني):
تمد الدماغ بالطاقة اللازمة وتساعد على زيادة سرعة الاستيعاب والقدرة العقلية والتحليلية.

طباعة شارك تقوية الذاكرة زيادة الذكاء أطعمة للدماغ صحة المخ التركيز والانتباه الأوميغا 3 التوت الأزرق تعزيز القدرات العقلية فيتامينات للذاكرة

مقالات مشابهة

  • مؤسسات إعلامية كبرى في «قمة بريدج»: المنصات الرقمية والذكاء الاصطناعي يعيدان تشكيل مستقبل الإعلام العالمي
  • المدير العام لمنظمة الفاو: نسعى لتوسيع استخدام الذكاء الاصطناعي
  • من مشروع بـ70 مليون إسترليني إلى انتقادات شعبية.. مقر مرسيدس الجديد تحت المجهر بعد واقعة السرقة
  • الرأي العام بين المتاهة الرقمية وهندسة العقول
  • التربي صاحب واقعة سرقة الجثث يكشف لـ “صدى البلد”: خلاف على مقابر وراء الأزمة.. والفيديو مفتعل لإثارة الرأي العام
  • الأمن العام يواصل تطوير الخدمات باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • ملخص صور جوجل يعرض ذكريات 2025 عبر الذكاء الاصطناعي
  • نائب وزير التعليم: تعميم تدريس البرمجة والذكاء الاصطناعي في التعليم الفني بدءًا من العام المقبل
  • وزير الاتصالات: سوق العمل أصبح بلا حدود والذكاء الاصطناعي لن يلغي الوظائف بل سيغير شكلها
  • لتقوية الذاكرة وزيادة الذكاء.. أبرز الأطعمة التي تدعم الدماغ