يدلي الأوروبيون بأصواتهم بين الخميس والأحد عبر بلدان التكتل لتجديد البرلمان الأوروبي في انتخابات يتوقع أن تكرس صعود اليمين المتطرف والأحزاب القومية، ما قد يعيد رسم توجهات الأجندة السياسية في بروكسل.

وسيختار حوالى 370 مليون ناخب نوابهم الـ720 في 27 انتخابات وطنية مختلفة ينظمها كل بلد في غياب لوائح عابرة لأوروبا، وذلك في ختام حملة غالبا ما هيمنت عليها مواضيع وطنية.

وقبل خمس سنوات، ساهمت التظاهرات الشبابية من أجل المناخ في فرض موضوع البيئة إذ أدرجته المفوضية الأوروبية في صلب خطتها الواسعة النطاق لإنعاش الاقتصاد بعد جائحة كوفيد، قبل إطلاق رزمة تشريعات « الميثاق الأخضر » الطموحة التي شملت سوق الكربون والطاقة والنقل وإزالة الغابات وغيرها من المسائل البيئية.

غير أن هذا « الميثاق الأخضر » بات مسألة سياسية خلافية بسبب المخاوف من انعكاساته على التنافسية الصناعية والزراعة والقوة الشرائية.

وفي ظل التضخم المرتفع ما بعد كوفيد والحرب في أوكرانيا التي أججت أزمة الطاقة ونقاط التوتر التجارية والحرب في قطاع غزة وغضب المزارعين، تركزت النقاشات حول خيارات الاتحاد الأوروبي الإستراتيجية بمواجهة الصين والولايات المتحدة، ولا سيما مع احتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهو معروف بعدم اهتمامه بأوروبا.

وأظهرت استطلاعات « يوروباروميتر » أن حوالى 70% من الأوروبيين يعتبرون الاتحاد بمثابة « واحة استقرار في عالم مضطرب »، فيما يؤكد 71% منهم عزمهم على الإدلاء بأصواتهم، بزيادة عشر نقاط عن العام 2019.

وأظهر التحقيق الذي نشرت نتائجه في أبريل أن مسائل مكافحة الفقر والصحة العامة ودعم الاقتصاد وكذلك الدفاع والأمن تتصدر مشاغل المواطنين الأوروبيين، متقدمة على البيئة والهجرة التي كانت موضع « ميثاق » أوروبي أقر مؤخرا بعد مفاوضات شاقة.

والبرلمان التي يتخذ مقرا في ستراسبورغ وبروكسل هو المؤسسة الوحيدة المنتخبة في الاتحاد الأوروبي وهو مكلف التفاوض وإقرار التشريعات بالتنسيق مع مجلس الاتحاد الأوروبي الذي يضم الدول الأعضاء، بناء على اقتراحات المفوضية.

ومن المتوقع أن تبقى الغالبية في البرلمان المقبل لـ »الائتلاف الكبير » الذي شكلته المجموعات السياسية الثلاث الكبرى، حزب الشعب الأوروبي PPE (يميني، الكتلة الأولى في البرلمان الأوروبي) والتحالف التقدمي للاشتراكيين والديموقراطيين S&D وكتلة « تجديد » (« رينيو »، ليبراليون)، من أجل إقرار معظم النصوص المطروحة.

غير أن أحزاب اليمين الراديكالي والأحزاب القومية قد تتخطى حزب الشعب الأوروبي من حيث العدد الإجمالي للنواب الأوروبيين، ما سيمنحها إمكانية التأثير في ملفات جوهرية مثل الدفاع الأوروبي بمواجهة التوسع الروسي والسياسة الزراعية الجديدة وسبل تحقيق تحييد أثر الكربون وغيرها.

وتتوقع استطلاعات الرأي صعود هذه الأحزاب بعد تقدمها في عدد من الانتخابات الوطنية ووصولها إلى السلطة مؤخرا في إيطاليا وهولندا.

واليمين المتطرف منقسم في البرلمان الأوروبي إلى كتلتين هما كتلة « المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين » ECR (حزب فراتيلي ديتاليا الإيطالي وحزب العدالة والقانون البولندي حزب فوكس الإسباني وحزب « استرداد » أو « روكونكيت » الفرنسي وغيرها)، وكتلة « الهوية والديموقراطية » ID (التجمع الوطني الفرنسي والرابطة الإيطالية والبديل من أجل ألمانيا)، اللتان قد تفوزان معا بحوالى ربع المقاعد.

وإن كانت الكتلتان تتشاطران التشكيك في جدوى المؤسسات الأوروبية والتمسك المعلن بالسيادة الوطنية من دون أن تصلا إلى حد المطالبة بالخروج من الاتحاد، إلا أن انصهارهما يبدو مستبعدا نظرا إلى الخلافات الكبرى في وجهات النظر بينهما، ولا سيما بشأن روسيا.

وأيد المستطلعون في تحقيق « يوروباروميتر » بنسبة 75% تعزيز الصناعة الأوروبية الدفاعية ودعموا بغالبيتهم إرسال ذخائر إلى أوكرانيا، إلا أن معارضة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام 2024، يمنع التوصل إلى دعم على مستوى الدول الـ27.

كما ستحدد التوازنات التي ستنبثق عن الانتخابات توزيع المناصب القيادية داخل الاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق، فإن أورسولا فون دير لاين مرجحة للبقاء في منصبها على رأس المفوضية الأوروبية لولاية ثانية، وهي مرشحة لهذا المنصب عن حزب الشعب الأوروبي الذي يتصدر الانتخابات بحسب التوقعات.

غير أن تعيينها ليس مؤكدا إذ يصطدم بمعارضة حتى داخل حزبها ويتطلب مصادقة قادة الدول الـ27.

وإذ أعلنت فون دير لاين استعدادها للتعاون مع ميلوني وحزبها « فراتيلي ديتاليا » من الفاشيين الجدد، واجهت تنديد أحزاب اليسار وكتلة رينيو التي ترفض السماح لرئيسة الوزراء الإيطالية بإعادة رسم المشهد السياسي الأوروبي.

وقال زعيم الاشتراكيين نيكولاس شميت المفوض الأوروبي لمسائل الوظائف، « إننا واضحون جدا، لا يمكننا عقد تحالف مع المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين، ليس هناك يمين متطرف لائق ومقبول »، في تصريحات أدلى بها لـ »غرفة التحرير الأوروبية » التي تضم عدة وكالات أنباء من ضمنها فرانس برس.

وقبل أيام قليلة من الانتخابات، يواجه اليمين المتطرف شبهات في قضية تدخلات روسية وصينية، تطال بصورة خاصة حزب البديل من أجل ألمانيا ورأس لائحته الانتخابية ماكسيميليان كراه.

وسبق أن هزت البرلمان الأوروبي فضيحة فساد عرفت باسم « قطرغيت »، طالت قطر والمغرب ولطخت بصورة خاصة نوابا اشتراكيين.

كلمات دلالية الأوروبي الاتحاد المغرب برلمان

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الأوروبي الاتحاد المغرب برلمان البرلمان الأوروبی الاتحاد الأوروبی الیمین المتطرف من أجل

إقرأ أيضاً:

برلين: الاتحاد الأوروبي يناقش سبل التأثير على إسرائيل لوقف حرب غزة

برلين – كشف المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن دول الاتحاد الأوروبي تناقش “سبل التأثير” على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق يضمن تحقيق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، في ظل استمرار الإبادة منذ أكثر من 21 شهرا.

جاءت تصريحات ميرتس في حديث للصحفيين عقب سلسلة اجتماعات مع القادة الأوروبيين في العاصمة البلجيكية بروكسل، امس الخميس، استمرت أكثر من 16 ساعة.

واستضافت بروكسل أمس قمة للقادة الأوروبيين، ركزت على الشرق الأوسط والحرب الروسية على أوكرانيا، إلى جانب قضايا أخرى.

وفي معرض حديثه عن غزة، قال ميرتس إن دول الاتحاد الأوروبي “قلقة بشأن الوضع الإنساني هناك”.

وأضاف: “ناقشنا بشكل مكثف مختلف الاحتمالات الممكنة، بالتعاون مع الأمريكيين، للتأثير على إسرائيل للتوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة”، مشددا على أن للمجلس الأوروبي لديه “موقف واضح للغاية” في هذا الشأن.

وأردف ميرتس: “توصلنا إلى قرار التحرك في هذا الاتجاه بالإجماع (التحرك لوقف إطلاق النار بقطاع غزة)”، في إشارة إلى البيان الختامي للقمة التي شهدتها بروكسل أمس.

وفي بيان قمة الاتحاد الأوروبي الختامي الصادر مساء الخميس، أعرب القادة الأوروبيون عن “استيائهم” من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، ودعوا إلى وقف فوري لإطلاق النار، والإفراج غير المشروط عن جميع الأسرى.

كما حثوا إسرائيل على “الامتثال الكامل” لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وضمان حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني بغزة، وكذلك البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ومرافق الأمم المتحدة.

والخميس، أقر رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا بـ”انتهاك” إسرائيل لشروط الشراكة الأوروبية المشروطة باحترام حقوق الإنسان على خلفية ممارساتها في قطاع غزة.

وأكد أن مراجعة امتثال إسرائيل لشروط اتفاقية الشراكة المشتركة مع الاتحاد الأوروبي، كشفت أن الوضع الحالي “غير مقبول”، وفق تصريحات أدلي بها خلال اجتماعاته في بروكسل.

ودخلت اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل حيز التنفيذ عام 2000، وتشكل الإطار القانوني للحوار السياسي والتعاون الاقتصادي بين الطرفين.

وتنص المادة الثانية من الاتفاقية على أن الشراكة التي تمنح امتيازات تجارية لإسرائيل مشروطة “بالالتزام بحقوق الإنسان والقانون الدولي”.

ورغم دعوات إسبانيا وأيرلندا لتعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل بسبب انتهاكها لالتزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لم يحظَ الاقتراح بدعم جماعي من جميع القادة.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة نحو 189 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • برلين: الاتحاد الأوروبي يناقش سبل التأثير على إسرائيل لوقف حرب غزة
  • دول الاتحاد الأوروبي توافق على تمديد العقوبات على روسيا
  • القمة الأوروبية تدين عنف المستوطنين وتدعو لوقف الحرب على غزة
  • تباين الأسهم الأوروبية وسط صعود شركات الدفاع والتعدين
  • القمة الأوروبية تؤكد دعم سيادة الدولة اللبنانية
  • القادة الأوروبيون يشددون على الحاجة إلى الاستمرار في زيادة الإنفاق على الدفاع في أوروبا
  • البرلمان الأوروبي يُلغي رسوم حقائب اليد: هل يُعيد هذا التصويت تعريف تجربة السفر الجوي؟
  • الاتحاد الأوروبي يقدم 20 مليون يورو للاجئين في تركيا
  • جبال الطائف العاليات تستضيف منافسات صعود الهضبة
  • الطائف تستضيف انطلاق بطولة السعودية تويوتا صعود الهضبة 2025