في مأدبة الكرم الياسري .. حكينا عن الوطن والناس و (أبو گاطع) ..!
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
بقلم: فالح حسون الدراجي ..
كنت قد دخلت بيت المناضل الشيوعي والكاتب المتفرد شمران الياسري أول مرة عام 1972، أي قبل أن التقيه وأعرفه شخصياً .. فقد كان ولده الرفيق العزيز فائز (أبو ياسر) صديقاً عزيزاً، بل قريباً جداً إلى قلبي، كيف لا وفيه الكثير من الحب للناس الفقراء، والكثير من الوطنية والشهامة والغيرة والذكاء والعذوبة وملوحة (الفلاح العراقي)، رغم مدنيته وثقافته الحديثة والعالية.
ولأني وفائز صديقان جداً، وفي عمر شبابي واحد تماماً، فقد كان من الطبيعي أن يزورني في بيتنا بمدينة الثورة قطاع 43، وأزوره في بيتهم الكائن بمنطقة (الأمين) في بغداد، بل كنت ضيفاً شبه دائم عليهم، وهناك التقيت ( العم أبو جبران) المعروف شعبياً باسم (أبو گاطع) أول مرة، فضلاً عن لقائي بابنائه رياض الذي كان يكبرني ويكبر فائز بعامين، وأحمد الذي يصغرنا بسنة، وإحسان الذي كان يصغرنا بخمس سنوات، ونلتقي أيضاً بحشد من أبناء عمومة وخؤولة فائز، ومن بينهم الشقيقان رشيد الذي سيصبح بعد سقوط نظام صدام نائباً في البرلمان- وحميد الذي يقيم في سلوفاكيا منذ خمسة واربعين عاماً واللذين سيصبحان أقرب أحبائي وأصدقائي مستقبلاً..لذلك لم يكن مفاجئاً لي اللقاء بـ (أبو گاطع) في جريدة طريق الشعب عندما دخلتها لاول مرة بصفة – صحفي متدرب متطوع -.
إذن، كان بيت شمران الياسري بمثابة بيتي الذي أتردد عليه باستمرار، وكان أبناء شمران أخوةً وأحبة لي .. لاسيما إحسان (ابو زينب) الذي أصبح بعد سقوط النظام، وبفضل خبراته وامكاناته العلمية والمصرفية العالية في منصب نائب محافظ البنك المركزي العراقي، ولو لم يكن منصب محافظ البنك المركزي في العراق سياسياً، لوجدنا أبا زينب في هذا الموقع الرفيع، بكل استحقاق وجدارة، وهذا الكلام لا يُنقص من أهليُة أو رصيد السادة الذين شغلوا منصب محافظ البنك المركزي بعد سقوط النظام، إنما هي كلمة نقولها للأمانة والإنصاف بحق احسان شمران فحسب.
ورغم مرور خمسة عقود على تلك الجلسات التي كنا نعقدها نحن الشباب في بيت العم شمران الياسري، إلا أن مذاقها الشهد لم يبارح لساني، وصورها الباهرة لم تزل تلمع في ذاكرة قلبي، لاسيما حين يكون أبو گاطع حاضراً بالصدفة، باعتبار أن الرجل كان مشغولاً جداً خاصة بعد أن عمل مديراً لتحرير مجلة الثقافة الجديدة.. لقد كانت جلساتنا في سبعينيات القرن الماضي في بيت شمران دروساً في الثقافة والمحبة والاحترام والوفاء والوطنية والحرية أيضاً، وكان المعلم أبو جبران – أو أبو گاطع – كما أحب أن أسميه هو الذي زرع كل هذه الخصال التهذيبية الراقية في هذا البيت، فضلاً عن البيئة التاريخية والاجتماعية لأسرة شمران يوسف الياسري- ابن عم السيد مالك، والكثير من السادة الأجلاء المهابين والمعروفين في جنوب الحي ودجيلة الكوت ونواحي الموفقية والعگيل وغيرها ..
نعم، لم تفارق مخيلتي قط صورة ذلك البيت الجليل، ولا ضحكات فائز، وصمت رياض الدائم، ولا (الصواني) التي يأتي بها أحمد وإحسان مملوءة وتعود فارغة تماماً، كما لم تفارق ذاكرتي رائحة التبغ الخاص التي يبثها ابو گاطع عبر غليونه في أجواء (الديوانية )..
ولأنها ذكريات حية ظلت ترافقني في غربتي، فقد كنت سعيداً جداً حين دعاني إحسان قبل أيام إلى مأدبة غداء خاصة تقام في بيته -بيت شمران الياسري – على شرفي مع باقة من أغلى الأحبة والأصدقاء .. ولم اسأل أو أشترط، إنما سألته سؤالاً واحداً : هل ستكون المأدبة في ذات البيت القديم ؟
ضحك أبو زينب، ثم أطلق حسرة وقال: راح ذاك البيت عمي، لكن لا تحزن، فقد جعلت من البيت الجديد صورة طبق الأصل وطبق العطر والحب والجمال من بيتنا القديم .. وثق يافالح – والكلام لسيد احسان- ستجد ظل شمران ولونه ورائحة تبغه وتسمع ضحكاته وضحكات فائز في كل زاوية من زوايا البيت الذي ستشرفنا بزيارته واللقاء بأهلك ومحبيك من أبناء أسرتنا ومن الأصدقاء الآخرين ..
ولم -يُكذّب أبو زينب خبراً – فقد وجدت صدى تلك الأيام وصور ذلك الزمان الجميل وحميميته الخالدة في كل أرجاء بيت أبي زينب، بل وفي وجوه كل الأحبة من الضيوف الذين حضروا بكل بهائهم وروعتهم وأريحيتهم وجمال نفوسهم، وغزارة معلوماتهم، وسماحة أخلاقهم، وكم فرحت حين وجدت بعض الأصدقاء الغالين الذين لم التقهم منذ سنوات بعيدة مثل صديقي العزيز لطيف طرفة محافظ الكوت الأسبق، وصديقي الإعلامي القدير خطاب عمر، والزميل والصديق الشاعر والباحث التراثي المقتدر ماجد السفاح، والزميل العزيز صباح زنگنة .. كما حضر هذه الدعوة والمأدبة وكما يظهر في الصورة المنشورة أسفل المقال، كل من الأحبة الأجلاء بدءاً من الواقفين من يمين الناظر إلى الصورة : المحامي احمد رشيد الياسري، حفيد شمران الياسري لابنته الصغرى، والاستاذ ثامر الكرم الخبير في وزارة النفط وهو ابن الشاعر اياد الكرم، والاستاذ صباح زنكنه خبير واعلامي، والمهندس عبد الكريم، والاستاذ المغترب نصرت الناصر، والخبير المالي يوسف العاني، والخبير الزراعي جمهوري السالمي، والفنان الدكتور فلاح العتابي (الخطاط)، والاستاذ الدكتور معتز عناد غزوان نجل رئيس اتحاد الادباء الأسبق الدكتور عناد غزوان، وحسن الياسري الطالب في الحوزة العلمية، وهو احد أصدقاء الأسرة الياسرية .. أما الجالسون من يمين الناظر فهم: الاستاذ لطيف الطرفة، ثم كاتب المقال ثم(المعزّب)
احسان شمران الياسري نائب محافظ البنك المركزي العراقي الاسبق..
وفي الختام أقول بضرس قاطع: إن جلستنا هذه جلسة من العمر بحق.. وإذا كانت بطوننا قد شبعت من لذيذ الطعام وكرم (السادة المعازيب)، فإن قلوبنا قد شبعت أكثر من لذيذ الكلام، وامتلأت نفوسنا من فيض حنين الذكريات.. وأروع ما فيها أن ( أبو گاطع ) كان معنا في هذه المأدبة الرائعة.
فالح حسون الدراجيالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات محافظ البنک المرکزی فی بیت
إقرأ أيضاً:
إيلون ماسك يغادر البيت الأبيض.. ماذا أنجز خلال 129 يوما؟
بعد 129 يومًا على رأس وزارة "الكفاءة الحكومية" في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، طوى الملياردير إيلون ماسك، الخميس، صفحة مثيرة في العمل الحكومي، كانت حافلة بالتحركات الجذرية والتخفيضات القاسية، والجدل واسع النطاق.
وقدم ماسك، الذي تولى هذا المنصب المستحدث مطلع شباط / فبراير الماضي نفسه كقائد لحرب تقشف غير مسبوقة، معلنًا سعيه لتقليص الإنفاق الفيدرالي بمقدار 2 تريليون دولار، وتراجع الهدف لاحقًا، الهدف إلى 1 تريليون، ثم إلى 150 مليار دولار فقط.
وبحسب تصريحات رسمية للوزارة، نجحت حملة ماسك في تقليص الإنفاق بنحو 175 مليار دولار، عبر بيع أصول وإلغاء عقود وخفض أعداد الموظفين بواقع 260 ألفًا من أصل 2.3 مليون موظف فيدرالي.
لكنّ تحليلًا أجرته شبكةبي بي سي أظهر غيابًا للأدلة الدامغة على بعض إعلانات التوفير، كما رصد انتهاكات قانونية في عمليات التسريح، دفعت القضاء الفيدرالي للتدخل ووقف بعضها، خاصة في قطاعات حساسة كالأمن النووي، حيث تمّ تجميد فصل موظفين مختصين بالترسانة الأمريكية.
تراجع في النفوذ الأمريكي الخارجي
ولم تقتصر سياسات ماسك على الداخل، بل طالت وكالة "USAID" الأمريكية، حيث تم إلغاء أكثر من 80 بالمئة من برامجها، وتحويل ما تبقى إلى وزارة الخارجية، وأثرت قرارات على برامج إنسانية أساسية مثل مكافحة الجوع، والتعليم، والتطعيم في دول عدة بينها السودان، أفغانستان، والهند.
وبحسب تقرير البي بي سي اعتبر خبراء في الشأن الدولي أنّ هذه الخطوة تمثل تراجعًا في أدوات "القوة الناعمة" الأمريكية، وأنها تُضعف الدور التقليدي للولايات المتحدة في إدارة الأزمات العالمية.
تضارب مصالح ونظريات مؤامرة
ورغم الدعم العلني الذي تلقاه ماسك من ترامب، تعرّض الثنائي لانتقادات حادة بسبب تضارب المصالح، فشركات ماسك، وعلى رأسها "سبيس إكس" و"تسلا" و"ستارلينك"، ترتبط بعقود حكومية ضخمة، أبرزها عقد فضائي بقيمة 22 مليار دولار، ما أثار شكوكا حول استغلاله لمنصبه لتعزيز مصالحه التجارية.
كما اتهم ماسك بنشر معلومات مضللة، بينها مزاعم حول اختفاء احتياطي الذهب الأمريكي من قاعدة "فورت نوكس"، وادعاءات بحدوث "إبادة جماعية" ضد الأقلية الأفريكانية البيضاء في جنوب أفريقيا، وهو ما أثّر على العلاقات مع بريتوريا بعد أن نقل ترامب هذه المزاعم إلى الرئيس رامافوزا خلال لقائهما الأخير.
ورغم إشادة ترامب المتكررة بماسك، تحدثت تقارير عن توترات داخلية، خاصة من وزراء رأوا أن سياسات التقشف أضرت بوزاراتهم، وهو ما ظهر جليًا مع انتقاد ماسك العلني لمشروع قانون الموازنة الذي تبناه ترامب، واصفًا إياه بـ"الضخم والمخيب"، بسبب ما يتضمنه من إعفاءات ضريبية وزيادات في الإنفاق الدفاعي، وهو ما قال ماسك إنه "يُقوّض" جهوده في خفض النفقات.
في تغريدة وداعية عبر منصة "إكس"، شكر ماسك ترامب على الفرصة، مؤكداً أنه "سوف يواصل دعم الإدارة من الخارج"، بينما علّق ترامب قائلاً: "لن يغادر إيلون فعلياً... سيبقى دائماً معنا".