ممنوعون من تعلم لغتهم وتاريخهم.. كيف تستهدف الصين أطفال الأقليات المسلمة؟
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
شدد مقال نشر في مجلة "فورين بوليسي"، على قيام بكين باستهداف الأطفال والشباب بشكل خاص، في إطار حملتها على الأقليات المسلمة في الصين، مشيرا إلى أن السياسات الأمنية الصينية غير المسبوقة على مدى العقد الماضي أدت إلى تطوير دولة مراقبة عالية التقنية ترصد تقريبا كل جانب من جوانب سلوك المسلمين.
وقال الكاتب رسلان يوسفوف في المقال الذي نشرته الصحيفة الأمريكية وترجمته "عربي21"، إن مدينة يوشي تعد موطنا لعدد كبير من أقلية "الهوي" العرقية المسلمة المعترف بها من قبل الدولة.
وأضاف أن حلم الرئيس الصيني شي جين بينغ، المميز بإحياء الأمة مجالا كبيرا للتفرد الثقافي الذي كان معترفا به في الحقبة السوفيتية، حيث كانت عادات ولغات الأقليات معترفًا بها. بدلا من ذلك، يروّج الحزب الشيوعي الصيني بشكل متزايد لاندماج جميع الأقليات العرقية في جوهر واحد تحدده ثقافة الهان الصينية. وحتى الآن، ركّزت الحملة على إزالة لافتات الطعام الحلال المكتوبة بالعربية وتعديل "العمارة الأجنبية" للمساجد. وبعد أن أزيلت قباب ومآذن معظم المساجد، فإن الإشعار الأخير الذي تلقاه سكان يوشي هدفه تحديد هويّة الشباب المسلمين من الهوي تحت مسمى الفصل بين الدين والتعليم.
وأشار الكاتب إلى أنه سبق أن صُقلت التقنيات المستخدمة الآن على الهوي من قبل بكين على الأويغور وغيرهم من الأقليات المسلمة التركية التي تعيش في منطقة شينجيانغ الشمالية الغربية. وقد أدت السياسات الأمنية غير المسبوقة في المنطقة على مدى العقد الماضي إلى تطوير دولة مراقبة عالية التقنية ترصد تقريبًا كل جانب من جوانب سلوك المسلمين. وتظهر ملفات الشرطة المسربة أنه يتم اعتقال الناس بشكل جماعي بسبب الصيام خلال رمضان أو ارتداء الحجاب أو تلاوة القرآن. وتدعي بكين أن هذه الإجراءات - التي أطلق عليها "حرب الشعب على الإرهاب" - فعّالة في مكافحة الإرهاب ودمج شينجيانغ مع بقية الصين.
وذكر الكاتب أن الإشعار الأخير في يوشي يشير إلى أن تعامل الصين مع "الأقلية المسلمة النموذجية" يتخذ بشكل متزايد منحى شينجيانغ. وتظهر التقارير أن ما يسمى بـ "مراكز الشرطة الملائمة"، التي تم إنشاؤها في جميع أنحاء شينجيانغ كل بضع مئات من الأقدام لمراقبة سلوكيات السكان تمتد إلى مقاطعتي قانسو وتشينغهاي المجاورتين. وفي الوقت نفسه، يسافر كوادر الحزب من مقاطعة نينغشيا - وهي معقل آخر للهوي - إلى المنطقة لتلقي "تدريب مكافحة الإرهاب".
وأشار إلى أنه قبل وقت ليس ببعيد في شينجيانغ خلال رمضان 2015، وقع "حادث البطيخ" الشهير، حيث وزّع أساتذة في جامعة الطب شرائح البطيخ على الطلاب في منتصف النهار بينما كان الطلاب المسلمين صائمين. وقد ورد أن الذين رفضوا تناول البطيخ تعرّضوا لتهديدات بحرمانهم من شهاداتهم. أدى هذا الكشف إلى احتجاجات عنيفة في تركيا، مما وضع ضغطًا دبلوماسيًا كبيرًا على بكين لدرجة أن رئيس الحزب في شينجيانغ، تشانغ تشونشيان، انضم إلى ممثلين محليين مسلمين في إفطار للاحتفال بآخر يوم من رمضان، وهي المرة الأولى في تاريخ شينجيانغ الحديث.
وأوضح الكاتب أن الرد الإقليمي كان غير مسبوق بقدر الضجة العالمية، لكن عندما يسمع الهوي قصصا عن أحداث تشبه حادثة البطيخ، يتذكرون أنها كانت مقدّمةً لنظام مراقبة مكثّف بين الأويغور سرعان ما أصبح حملة كاملة من الإكراه والإدماج.
وأشار الكاتب إلى أن الممارسة الدينية مقيّدة بشدة في الصين رغم ادعاء بكين أنها تحافظ على حريّة المعتقد التي ينص عليها الدستور. ويُعامل الإسلام بصرامة خاصة: تُقيَّد إقامة الجنازات الإسلامية في شينجيانغ، بينما يُدعى الكهنة الطاويون ويُدفع لهم لتقديم وداع لائق للمتوفين في جميع أنحاء الصين. تعجّ المعابد البوذية والكونفوشيوسية بالآباء والأطفال من الهان للصلاة من أجل النجاح في امتحانات دخول الجامعة، بينما يُمنع أطفال الهوي من الدراسات الدينية. فعلى سبيل المثال، في سنة 2016، مُنعت مدارس الحضانة في مقاطعة قانسو من تعليم الإسلام بعد انتشار فيديو على النت لطفلة في رياض الأطفال تتلو القرآن. قالت السلطات إن هذه الممارسة تنتهك "مبدأ الفصل بين الدين والتعليم". وتم الاستشهاد بنفس السبب لإغلاق مراكز رعاية الأطفال والمدارس الدينية التي يديرها الهوي في خنان، ونينغشيا، ويونان.
وشدد على أن أطفال الهوي أصبحوا أحدث أهداف الجهود الرسمية لفصل أطفال الأقليات عن دين آبائهم وثقافتهم. يُمنع الشباب في منطقة منغوليا الداخلية ذاتية الحكم من تعلّم لغتهم وتاريخهم، بينما يتم فصل الأطفال في التبت عن عائلاتهم وإرسالهم إلى مدارس داخلية بعيدة عن منازلهم لتعلّم لغة الماندرين. ويُرسل الأطفال الأويغور الذين أصبحوا "أيتامًا" بسبب الاعتقال الجماعي واحتجاز آبائهم في شينجيانغ إلى مدارس أو ما يسمى بمراكز الرعاية التي تهدف إلى تلقينهم معنى أن يكونوا صينيين.
وأورد الكاتب أنه عندما وقعت حادثة البطيخ، كان يقوم بعمل ميداني إثنوغرافي في شاديان، وهي مجتمع صغير لكنه ثري من الهوي يقع على بعد 90 ميلاً من يوشي حيث قُتل أكثر من 1600 من سكان الهوي في يوليو/تموز 1975 لمقاومتهم سياسات الزعيم الصيني السابق ماو تسي تونغ المعادية للرموز الدينية خلال الثورة الثقافية. في ذلك الوقت، لم تكن المراقبة الصريحة للأطفال قد نُفّذت بعد، ولكن مراقبة الإسلام في المدارس تحت مسمى "الفصل بين الدين والتعليم" كانت جارية بالفعل. فمثلا، مُنعت الموظفات في القطاع المدني من الإدارة المحلية من ارتداء الحجاب. وكان على المعلمات المحجبات تقديم صور شخصية جديدة من دون حجاب، وأزيلت صور التخرج السابقة التي ظهرت فيها معلمات وطالبات محجبات من جدران ممرات المدارس.
فُرضت هذه الإجراءات بعد هجوم بالسكاكين في آذار/مارس 2014 وقع في العاصمة الإقليمية لمقاطعة يونان، كونمينغ. وزعمت الحكومة الوطنية أن المهاجمين كانوا انفصاليين أويغور وصنّفت الحادثة عملًا إرهابيًا. عندما أصبح معروفًا أن المهاجمين أعدوا هجومهم في شاديان، تعهّدت حكومة المقاطعة "بإعادة الدين إلى المسار القانوني". اشتكى كل من المعلمين وأولياء الأمور من أن القيود المفروضة على الحجاب تفتقر إلى أي مرجعية قانونية وبالتالي كانت بشكل أساسي معادية للإسلام، حسب المقال.
وذكر الكاتب أن شي دمج في عام 2018 إدارة الدولة للشؤون الدينية في إدارة عمل الجبهة المتحدة، وهي هيئة أنشأها ماو للتعامل بشكل خاص مع الكيانات والمجتمعات خارج الدائرة الرسمية للحزب الشيوعي الصيني. وعلى هذا النحو، تحوّل الدين من كونه مسألة إدارية إلى قضية أيديولوجية، مما تسبب في تدهور العلاقات المتبادلة التوافقية بين الكوادر المحلية والجماعات الدينية. وبعد ذلك بوقت قصير، أعلنت الجمعية الإسلامية الصينية، وهي الهيئة الإشرافية للحزب على الشؤون الإسلامية في البلاد، عن خطة سياسية خماسية بعنوان "التمسك بتصيّن الإسلام". صدرت خطط مماثلة عن الهيئات الإشرافية على المجتمعات البروتستانتية والكاثوليكية في الصين. كانت جميعها تؤكد ضرورة التعليم الوطني، في حين أن الخطة التي وضعتها الجمعية الإسلامية فقط كانت تشير إلى فرض الفصل بين الدين والتعليم كشرط مسبق للوطنية.
ووفقا للكاتب، فإنه بموجب هذه الخطة، التي شملت أيضا فرض حظر ارتداء الحجاب على الأطفال في المدارس، بات يترتب عن أي ذكر للإسلام في المدارس عواقب وظيفية. وقالت معلمة لغة صينية محلية من الهوي: "كان من المعتاد أن يكتب الطلاب مقالات عن مسقط رأسهم، يصفون فيه مسجد حيّهم الجميل، والصوت العذب للأذان، والأجواء الاحتفالية لرمضان. لكن هذه الأوصاف باتت مشكلة الآن. فكلمة 'مسجد' وحدها حساسة جدًا. بدلاً من ذلك، نطلب منهم الآن الكتابة عن كيفية تنظيم الحكومة للعديد من الأنشطة المثيرة، وكيف تصبح الحياة أفضل، وكيف تتسع الشوارع. باختصار، يجب أن تعبّر المقالات عن روح الوطنية الآن".
وذكر الكاتب أن مراقبة الإسلام في شاديان أصبحت اليوم منتشرة بين الأطفال، إذ يُمنعون من المشاركة في الأنشطة والأعياد الدينية، ولم يعد يُسمح للمدارس القرآنية بتنظيمها. ويتم جلب معلمين من الهان إلى المدارس القرآنية كوسيلة لجعل المناهج التعليمية الإسلامية علمانية، لتصبح المدارس القرآنية حسب ما أخبرني به الطلاب والمعلمون تحت مراقبة دقيقة. هذا الشكل من "التصيّن" من خلال المراقبة يعكس تركيز شي جين بينغ الخاص على تلقين قيم الحزب في أفكاره وسياساته. في سنة 2018، ترأّس شي المؤتمر الوطني للتعليم، حيث حثّ المعلمين على إعطاء الأولوية لترسيخ الانتماء إلى الحزب بين صفوف الشباب الوطني.
آنذاك، قال شي: "إذا تم تثبيت الزر الأول بشكل خاطئ، ستكون كل الأزرار المتبقية خاطئة. يجب تثبيت قيم الحياة بشكل صحيح منذ البداية". بدأ شي استخدام هذه الاستعارة في أيلول/ سبتمبر 2014 خلال زيارته لجامعة بكين العادية، حيث التقى بالطلاب الذين يتدربون ليكونوا معلمين. وبعد أسبوع، برّر رئيس الحزب في شينجيانغ آنذاك، تشانغ تشونشيان، حملة "نزع التطرف" وإعادة التأهيل غير المسبوقة بين الأويغور بأنها "تثبيت الزر الأول".
وبعد عقد من تنفيذها، شملت الحملة استخدام تقنية التعرف على الوجه المصنّعة من قبل شركة هيكفيجن الأمنية المملوكة للدولة. وتشير التقارير الأخيرة إلى بدء استخدام هذه التكنولوجيا الآن في المدارس في بقية أنحاء الصين. فعلى سبيل المثال، في تموز/يوليو 2022، فازت هيكفيجن بعطاء بملايين الدولارات لمشروع الحرم الجامعي الذكي في جامعة مينجيانغ، الواقعة في مقاطعة فوجيان الساحلية. وتضمّن العطاء تطوير نظام يسمى "التحليل المساعد لطلاب الأقليات العرقية" الذي يسمح بتتبع "سجلات الطعام" وإرسال تنبيهات إلى إدارة الجامعة عندما يُشتبه في أن الطلاب يصومون خلال شهر رمضان، وفقا لما أروده المقال.
ونبّه الكاتب إلى أن مجرّد طلب تثبيت هذا النوع من التقنيات في جامعة حكومية هو علامة تنذر بالخطر لما ينتظر الشباب من عرقيات مسلمة في الصين في حال هروبهم من المراقبة في مدارسهم ومدنهم. مثل الأويغور في شينجيانغ، يمكنهم قطع صلتهم بدينهم، لكنهم قد لا يتمكنون أبدًا من الاندماج الكامل مع أغلبية المجتمع الصيني. سيظل ولاؤهم للحزب مشكوكًا فيه، وسيظل تراثهم مبررًا لاستمرار تهميشهم واستعبادهم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بكين الصين الصين المسلمون بكين شي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشیوعی الصینی فی شینجیانغ فی المدارس الکاتب أن فی الصین إلى أن
إقرأ أيضاً:
إعلاميات وناشطات في حديث خاص لـ (الأسرة): فاطمة الزهراء.. قدوة المرأة المسلمة في العطاء والتضحية
يجب العودة الصادقة إلى سيرة سيدة نساء العالمين لأنها النموذج الأرقى والأسمى في الكمال الإيماني من الآثار السلبية للتقصير في مسؤولية الأبناء والأسرة أنهم يصبحون ضحية في مصيدة الحرب الناعمة
إننا في إحياء مناسبة عظيمة لسيدة نساء العالمين بنت خير خلق الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم فاطمة الزهراء -عليها السلام-، من تربت ونمت في بيت النبوة ومعدن الرسالة في بيئة عظيمة لا مثيل لها، والذي جعلها الله النموذج الإيماني لتكون قدوة لكل مؤمنة في حشمتها وعفتها وطهارتها وأخلاقها وقيمها وأصالتها.
وفي اليوم العالمي للمرأة المسلمة، عبرت إعلاميات وناشطات لـ “الأسرة” عن هذه المناسبة بان الزهراء هي اعظم نموذج إيماني تربطنا بالانتماء لهذا الدين في قيمه وأخلاقية وتعليماته وتشريعاته وتوجيهاته الحكيمة، ومن خلال الدين جعل الله للمرأة مكانة ورفعة عالية إذا تحركت وطبقت توجيهات وتشريعات الله تعالى.. إليكم الحصيلة :
الأسرة / رجاء عاطف
في البداية تحدثت الناشطة الثقافية هناء المحاقري قائلة : إن الإسلام رفع من قدر المرأة التي لها دور كبير وأساسي في اهتمامها بأسرتها وتربية أبنائها التربية الصالحة والتي جعلها الله بين يديها أمانة ومسؤولية، حيث أن لها دوراً مؤثراً في صلاح الأبناء وتربيتهم التربية الإيمانية الجهادية التي من خلالها نصنع رجالاً يواجهون بكل عزة وثبات قوى الشر والطغيان ويكون الأثر في التربية أن يكون الولد الصالح ثمرته صالحة .
الحرب الناعمة
وقالت المحاقري : قد نلاحظ البعض يُقصر في مسؤوليته تجاه أولاده وتجاه أسرته، حيث يتركهم لقمة سائغة للانحراف والانحطاط والتيه والضياع وبذلك يكون ضياع الأبناء وأخلاقياتهم وإيمانهم ويكونون أداة يتحكم بها العدو كيفما شاء ويريد، وهذا له آثار سلبية في أن يكونوا مصيدة للحرب الناعمة.
وأضافت: علينا أن نعي أن المرأة هي المدرسة الأولى في الصلاح إن صلحت صلح المجتمع بكله وإن فسدت فسد المجتمع بكله، والعدو أراد أن يضرب دور المرأة وإبعادها عن النماذج القرآنية لكي يفكك الأسرة، ولهذا دور المرأة مهم في الواقع لمواجهة كل التحديات والأخطار وبناء جيل واعٍ، جيل متحصن بالثقافة القرآنية، جيل لا يخاف في الله لومة لائم .
وأكدت المحاقري أن دور المرأة لا يقتصر في الإطار العام وإطار المسؤولية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لدفع الفساد ولاستقرار الحياة، فالأمة اليوم في أمس الحاجة إلى أن تعود العودة الصادقة إلى فاطمة الزهراء -عليها السلام- هذه المرأة التي جسدت كل القيم والإيمان ومن حافظت على أسرتها وأبنائها وبيتها وحملت مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من جاهدت وصبرت وبنت وربت رجالاً مجاهدين واجهوا كل قوى الشر، فهي النموذج الإيماني في كل شيء والله تحدث عنها في القرآن وبين مكانتها ووجه الله توجيه يجب أن نلتزم به.
النموذج الأرقى
وتابعت بالقول: علينا أن نعود العودة الصادقة إلى سيرة بنت خير خلق الله وأن نقتدي بها، فهي النموذج الأرقى والأسمى في الكمال الإيماني، وأن نسير بسيرتها وأن نربي أبناءنا على البذل والعطاء لنواجه قوى الشر والطغيان أمريكا وإسرائيل ومن معهم وأن نحافظ على هويتنا الإيمانية وأن ننصر المستضعفين ونكون سندا ودعما لإخواننا المجاهدين في فلسطين ولبنان وسوريا وفي كل مكان وأن نكون ثابتين واعين بما يجري وبما يخطط له الأعداء من طمس هويتنا الإيمانية ومن أنهم دائما يسعون بكل جهد لإبعادنا عن النماذج القرآنية لكي نكون منحطين لا قرار لنا ولا سيادة لنا، فالارتباط بالزهراء -عليها السلام- هو الارتباط بالعزة والكرامة والصمود والقوة والتحرك الجاد لمواجهة وإفشال كل مؤامرات الأعداء، فلنعد العدة لنكون بمستوى المواجهة .
الاقتداء والاهتداء
فيما تقول الإعلامية أمة الرحمن الحاكم: تزامنا مع مولد سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء والذي يعتبر يوماً لكل النساء المؤمنات وسمي باليوم العالمي للمرأة المسلمة، يقول الله سبحانه وتعالى (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3))، حاكيا عن هذه القدوة والنموذج الراقي والذي يجب على كل نساء المؤمنين الإقتداء والاهتداء والسير على نهجها والاقتفاء لأثرها الطيب والمبارك لتسمو المرأة وتزكو وتعلو في درجات الإيمان وصفاء القلوب الذي به ترتقي إلى أعلى سلالم العلو في وجدانها وسلوكها ورونقها الوضاء الدائم الأثر حتى اليوم وإلى أن يحشرنا الله معها في دار الخلود.
محاربة الثقافات
وأشارت الحاكم إلى أنه رغم محاولات الأعداء في طمس ذكرها، بل ومحوه وتشويهه بطريقة أو بأخرى لحرف هذه الأمة عما سبق ذكره في هذا السياق، بل والأدهى والأمر هو وضع رموز وقادة للمرأة المسلمة وهن أولئك اللاتي شوهن الإسلام وأسأن له وللمرأة المؤمنة، ولكم التخيل كيف ستتم صناعة شخصية مسيئة للإسلام من عدو غشوم لا يملك من الإنسانية والأخلاق شيئاً، وهو في الحقيقة حيوان متوحش في صورة إنسان، جمعت في قلبه كل الخصال الموحشة والمتوحشة والسيئة والمنحطة ولو كتبنا مجلدات لمساوئه وقبحه، لم نكن لنكمل الوصف الذي يليق به.
وخلاصة حديثها أكدت القول: لنا قدوات ولنا رموز ولنا أعلام خصهم الله بالذكر في كتابه الذي هو دستورنا كمسلمين وما علينا إلا الرجوع إليه وفوق هذا محاربة كل ما يصدر إلينا من ثقافات تشويهية أتتنا من خارج إسلامنا وثقافتنا وديننا الحنيف.
الحرب الناعمة
ومن جهتها ترى الناشطة الثقافية / أمة الإله حجر أننا نعيش هذه الأيام في ذكرى عظيمة ومناسبة مهمة ولها وقع كبير على نفوس كل المؤمنات وميزة خاصة تنتظرها كل من لها محبة وثقة لله تعالى ولها صلة بالمؤمنات اللاتي ذكرهن الله تعالى في كتابه العزيز مريم -عليها السلام- وأم موسى وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد وفاطمة الزهراء -عليها السلام- التي وصفها الله تعالى في كتابه الكريم بالكوثر، فهذه المناسبة اليوم العالمي للمرأة المسلمة التي تحتفي بها النساء المؤمنات للتأسي والإقتداء وهي خير قدوة لهن ولأننا في هذا الزمان بأمس الحاجة لهذه المرأة العظيمة المؤمنة الطاهرة الزكية النقية العفيفة الشريفة التي تمثل الخير كله والنقاء والصفاء، سواء مع أبيها سيد المرسلين صلوات الله عليه وآله، حيث وصفها بأم أبيها، فهي من دافعت عنه وهي مازالت في طفولتها، أو في بيتها مع زوجها سيد الوصيين – عليه السلام – أو في تربيتها لابنيها سيدي شباب أهل الجنة وزينب جبل الصبر التي واجهت طاغوت العصر هشام بن عبدالملك، فهذا الزمن زمن التحديات والأخطار المحدقة بالمرأة المسلمة بوجه عام والمؤمنة بوجه خاص وأعظم وأكبر هذه الأخطار هي الحرب الناعمة الشيطانية التي تفتك بالمرأة وتجعل منها ألعوبة بيد العدو، فحينما تفسد المرأة يفسد المجتمع بأكمله وكما قال الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- أن المرأة هي كل المجتمع، وإذا صلحت المرأة صلح المجتمع بكله، فلن يكون الخلاص من هذه الحرب الفتاكة الإجرامية إلا بالرجوع إلى سيدة نساء العالمين وسيدة نساء الأولين والآخرين وسيدة نساء أهل الجنة رجوعا عمليا في حياة المرأة مع أبيها ومع أهلها ومع زوجها ومع أولادها ولكي تتحصن وتكون درعا قويا لمواجهة هذه الحرب الناعمة .
القرآن الكريم
وأشارت حجر إلى أن المرأة المسلمة والمرأة اليمنية المؤمنة لن تستطيع أن تقف شامخة وعزيزة في حياتها العلمية والعملية بقوة وثبات إلا بالرجوع الصادق، الرجوع الحميد للزهراء القدوة والأسوة متمثلة لها حتى في تعاملها مع جيرانها وأهلها بالصدق والإيمان والصبر والجهاد ووعيها، فكم قد سمعنا عن نساء أفسدتهن الحرب الناعمة عن طريق المنظمات التي تدخل باسم المساعدات الإنسانية وهي في الحقيقة شيطانية هدامة، وبالتالي المطلوب من المرأة المؤمنة أن تنطلق من منظور القرآن الكريم ومن معايير أهل البيت عليهم السلام حتى ترافق الزهراء -عليها السلام- في جنة الرضوان.