رئيس الوزراء الهولندي يضمن منصب الأمين العام للـ ناتو بعد انسحاب منافسه الوحيد
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
سرايا - ضمن رئيس الوزراء الهولندي المنتهية ولايته مارك روته الخميس الفوز بمنصب الأمين العام المقبل لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في مرحلة بالغة الأهمية بالنسبة للحلف، بعد انسحاب منافسه الوحيد الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس.
ويُتوقع أن يقوم أعضاء الحلف وعددهم 32، بتسمية السياسي المخضرم البالغ 57 عاما رسميا في الأيام المقبلة.
وتأتي ولايته في فترة محفوفة بالمخاطر لدول الحلف الغربي مع استمرار حرب روسيا في أوكرانيا ومساعي دونالد ترامب للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وبعد إعلانه ترشحه للمنصب العام الماضي عقب انهيار ائتلافه الحكومي، سرعان ما حصل روته الداعم القوي لأوكرانيا على تأييد الدول ذات الثقل مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
لكن كان عليه أن يستخدم كافة المهارات الدبلوماسية التي اكتسبها خلال قرابة 14 عاما على رأس الحكومة في هولندا للتغلب على المعارضين بقيادة تركيا وهنغاريا.
وتخطى روته التحفظ التركي بزيارة إلى اسطنبول في نيسان/أبريل، قبل أن يتوصل لاتفاق أخيرا مع رئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان في قمة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع.
وبقيت النقطة الشائكة الأخيرة مع يوهانيس بعد أن أثار ترشحه المفاجئ استياء أعضاء الحلف الذين كانوا يأملون في تعيين سلس لروته قبل قمة الناتو في واشنطن الشهر المقبل.
وأعلن مجلس الأمن الروماني الخميس انسحاب يوهانيس رسميا ودعم بوخارست لروته.
وقال دبلوماسيون ومسؤولون في الناتو إن اجتماعا لسفراء دول الحلف سيعقد على الأرجح الأسبوع المقبل للمصادقة على تعيين روته.
شبح ترامب
سيكون لدى روته الكثير من العمل عندما يتولى مهام منصبه خلفا لرئيس الوزراء النروجي السابق ستولتنبرغ، الذي قاد التحالف خلال العقود الأكثر أهمية منذ نهاية الحرب الباردة.
بعد أسابيع قليلة من بدء ولايته البالغة 4 سنوات، سيدلي الناخبون في الولايات المتحدة بأصواتهم في انتخابات حاسمة للاختيار بين الرئيس الحالي جو بايدن وترامب.
وأثار احتمال عودة الرئيس السابق المتقلب إلى المكتب البيضوي قلق دول الحلف التي تخشى أنه قد يضعف دور واشنطن القوة العظمى باعتبارها ضامن الأمن المطلق لأوروبا.
وأجج ترامب هذه المخاوف خلال حملته الانتخابية عندما قال إنه سيشجع روسيا على مهاجمة دول الناتو التي لا تنفق ما يكفي على الدفاع عن نفسها.
وعلى غرار ستولتنبرغ أُشيد بتعامل روته الحذر مع ترامب خلال فترة رئاسته، عندما تردد أن نجم تلفزيون الواقع السابق فكر في سحب الولايات المتحدة من الناتو.
وقال ستولتنبرغ خلال زيارة لواشنطن الثلاثاء "أعتقد أن مارك روته مرشح قوي جدا" مضيفا "لديه خبرة كبيرة كرئيس للوزراء. إنه صديق وزميل مقرب".
وبينما قد تمثل عودة ترامب تحديا كبيرا، فإن روته سيواجه على الضفة الشرقية للناتو التهديد الأكثر إلحاحا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقوات الكرملين حاليا تحرز تقدما في أوكرانيا بعد أكثر من عامين من النزاع العنيف، وسيكون للأمين العام للناتو دور رئيسي في حشد المساعدات من داعمي كييف المنهكين.
في الوقت نفسه، سيتعين على روته التأكد من أن الحلف مستعد للدفاع في حال أي هجوم مستقبلي محتمل من موسكو، عندما، يتمكن بوتين من إعادة بناء قواته.
وسيتضمن جزء من ذلك حشد الحلفاء الأوروبيين لإنفاق المزيد على الدفاع، وهو مطلب رئيسي من ترامب وغيره من القادة الأميركيين.
وأعلن الناتو هذا الأسبوع أن 23 من أصل 32 دولة أعضاء حققت هدف الحلف المتمثل في إنفاق 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع.
مارك تيفلون
سيصبح روته الذي يطلق عليه اسم "مارك تيفلون" بالإشارة إلى أواني الطهي المضادة للالتصاق لتمكنه من البقاء في السلطة لفترة طويلة في هولندا، رابع هولندي يقود حلف شمال الأطلسي منذ خروجه من الحرب العالمية الثانية.
ألقى المحافظ الذي يتنقل على الدراجات الهوائية بثقل بلاده الاقتصادي خلف أوكرانيا في أعقاب الغزو الروسي في 2022، وقاد الجهود المبذولة لتسليم كييف طائرات مقاتلة من طراز إف-16.
وبينما دفعت دول الناتو الواقعة على الضفة الشرقية للحلف كي يتولى مرشح من دولها منصب الأمين العام للناتو، يؤكد أنصار روته أنه يدرك تماما التهديد الذي تشكله روسيا.
من بين أهم الأحداث التي طبعت رئاسته الحكومة في هولندا، إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية إم إتش-17 فوق أوكرانيا عام 2014، ما أدى إلى مقتل 298 شخصا بينهم 196 هولنديا، في كارثة حملت فيها المحكمة المسؤولية لمقاتلين مدعومين من موسكو.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الأمین العام
إقرأ أيضاً:
هل ينقذ الإنفاق الدفاعي وحدة صف الحلفاء في الناتو؟
لندن- يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيعود بعد غياب 7 سنوات للمشاركة في قمة توصف بالتاريخية لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، التي تنطلق اليوم الثلاثاء وتستمر يومين في لاهاي بهولندا، وقد استطاع أن يدفع شركاءه في الحلف لضخ المزيد من الأموال في ميزانيته التي يتذمر -منذ عودته للبيت الأبيض- من تحمل أعبائها.
وقد أثمرت الضغوط الأميركية موافقة دول الحلف على رفع إنفاقها العسكري بنسبة 5% بحلول عام 2035، على أن تشمل الخطة المرتقبة إنفاق 3.5% من ناتجها المحلي الخام على تأهيل ترسانتها الدفاعية من الأسلحة وعدد الجنود. فيما ستخصص 1.5% إضافية لاستثمارات دفاعية أخرى ترتبط بالأمن السيبراني والاستخباراتي والتنقل العسكري.
وعبر قبولهم سقف الإنفاق الذي حدده ترامب، يتطلع الأوروبيون لإقناعه بالحفاظ على التوازنات داخل الحلف، وتجنب أي تخل أميركي مفاجئ وغير محسوب عن الدفاع عن أمن القارة الأوروبية.
فرصة للوحدةويصر الأمين العام للحلف مارك روته على أن القمة فرصة لإعادة بناء الثقة بين الحلفاء وعدم تفاقم الانقسام بينها، ودعا الأوروبيين للكف عن القلق بشأن العلاقة مع الأميركيين والتركيز على تطوير الخطط الدفاعية للحلف وإعادة تأهيل قدراته.
ورغم تعالي أصوات داخل الحلف لم توار تحفظها على رفع ميزانية الدفاع، أصرت إسبانيا على منحها خيار الخروج عن الإجماع الأوروبي، حيث قال رئيس وزرائها بيدرو سانشيز إن بلاده لن تقدم إلا نسبة 2.1% من ناتجها الداخلي الخام للإنفاق العسكري.
لكن دولا أوروبية أخرى يبدو أنها كانت تستعد منذ أشهر لاتخاذ هذا القرار، في ظل محاولة الأوروبيين إعادة رص صفوفهم وإنقاذ الحلف عبر الاستعداد لأي فك ارتباط عسكري جزئي مع الولايات المتحدة. وكشفت صحيفة فايننشال تايمز أن رفع الإنفاق الدفاعي يندرج أيضا ضمن خطة انتقالية تهدف لجعل الترسانة الدفاعية الأوروبية أقل اعتمادا على واشنطن.
إعلانيرى أناند سوندار المختص في السياسات الدفاعية عبر الأطلسي في المركز الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن الرئيس الأميركي ليس مهتما بتعزيز الوحدة عبر الأطلسي أو إعداد التحالف لمواجهة التهديدات المستقبلية، ولكنه راغب في أن يظهر بمظهر الفائز والمنتصر الذي استطاع إخضاع الأوروبيين لشروطه ودفعهم للموافقة على زيادة الإنفاق.
ويضيف للجزيرة نت أن حضور ترامب للقمة بالقدر الذي يمكن أن يشكل قوة دفع تعيد للحلفاء الثقة بأهمية العلاقات عبر الأطلسي، بالقدر الذي يهدد سلوكه السياسي غير المتوقع بتعميق الانقسامات في صفوف أعضائها، خاصة إذا قرر مغادرتها مبكرا على المنوال الذي تصرف به في قمة مجموعة الدول السبع بكندا مؤخرا.
لا يبدو الأمين العام للناتو مشغولا فقط بطبيعة الملفات والتوافقات التي سيستطيع انتزاعها من الدول الأعضاء خلال القمة، ولكن منغمسا أيضا بتدبير حضور ترامب، الذي يحذر حلفاؤه وخصومه معا من تصرفاته ويحاولون التقليل من المفاجآت التي قد تحملها مواقفه المعلنة خلال القمة.
فبعد مغادرة ترامب قمة مجموعة السبع، وجفائه الظاهر في تعاطيه مع الشركاء الأوروبيين وتبادله الاتهامات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن أسباب مغادرته، تقول صحيفة بوليتيكو إن قيادة حلف الناتو حاولت تجنب أي ارتباك محتمل عبر تقليص أجندة القمة وتجنب المؤتمرات الصحفية المطولة.
وقبل توجهه للمشاركة في القمة، عرض المستشار الألماني فريدريش ميرتس -أمام البرلمان- خطط حكومته لزيادة الإنفاق الدفاعي، في حين يُعِد لإطلاق أكبر عملية إعادة تسليح للجيش في تاريخه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، متعهدا بجعله "الجيش الأقوى في القارة".
وكانت بريطانيا قد قدمت الشهر الماضي مراجعة لخططها الحربية، تعد الأهم منذ سنوات، حيث قال رئيس وزرائها كير ستارمر إن بلاده ستنفتح على شراكات دفاعية أخرى عبر التوقيع على حلف دفاعي مع الاتحاد الأوروبي لتطوير الصناعات الدفاعية بشكل مشترك.
ويرى بول غيبسون، المسؤول السابق في وزارة الدفاع البريطانية، أن الأوروبيين -ومعهم البريطانيون- قد تأخروا في إعادة هيكلة وتأهيل منظومتهم الدفاعية لسنوات، وأن اللحظة الجيوسياسية الحالية تدفعهم الآن مرغمين وهم أكثر توترا لاتخاذ هذه الخطوة.
ويضيف للجزيرة نت أن الضغط الذي مارسه الرئيس الأميركي على الحلفاء الأوروبيين سرّع في اتخاذهم قرارات ترددوا في تبنيها رغم إدراكهم الضعف الواضح لترسانتهم العسكرية على أكثر من صعيد.
لكن نايك ويتني الباحث الأول في شؤون السياسات العسكرية في المركز الأوروبي للسياسات الخارجية، يحذر في حديث للجزيرة نت، من خطط رفع الإنفاق الدفاعي بشكل متسارع وبمعدل أكبر من اللازم، معتبرا أنه يمكن أن يعيق الجهود الأوروبية لإنقاذ الناتو، ويعقّد عمليات إعادة الهيكلة أكثر مما يخدمها.
في لحظة اختار فيها ترامب قرارا أحاديا دون تنسيق مسبق مع الحلفاء الأوروبيين دعم الحرب الإسرائيلية على إيران، ثم وجّه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، بدا هؤلاء الحلفاء أيضا عاجزين على التأثير في مسار تلك الأحداث.
إعلانوعلى الرغم من عدم إدراجه على جدول أعمال القمة، لكن المواجهة بين طهران وتل أبيب والولايات المتحدة تحتل صدارة النقاشات بين الحلفاء.
ترى صحيفة فايننشال تايمز أن الطريقة التي دبر بها ترامب المواجهة "المستعرة" في الشرق الأوسط تؤكد للأوروبيين أنه أكثر مرونة من المتوقع، وأنه لا يتبنى حصرا أجندة انعزالية، ومعني بأمن الحلفاء في لحظات التوتر الصعبة.
لكن المسؤولين الأميركيين لم يواروا انشغال واشنطن بتعزيز حضورها العسكري في مجالات جغرافية أخرى بعيدا عن أوروبا، حيث أعاد وزير الدفاع بيت هيغسيث تذكير الحلفاء الأوروبيين بضرورة تولي مسؤولية الدفاع عن أمنهم القومي، قائلا إن أولويات بلاده الدفاعية تكمن في "مكان آخر".
وفي وقت يعمل فيه هؤلاء الحلفاء على ضمان دعم أكبر لكييف، ينضم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لقادة الحلف خلال اجتماعاتهم في لاهاي دون إدراج لقاء مع الرئيس الأميركي لتجنب أي صدام جديد بينهما.
وطالب زيلينسكي بزيادة الدعم لبلاده باعتبارها خط الدفاع الأول عن أمن الحلف، محذرا من أن أي تباطؤ في الإنفاق والاستعداد العسكري قد ينتهي بدخول مواجهة مع روسيا دون امتلاك القدرة على حسمها. وأعاد في تصريحات صحفية تذكير ترامب بأن موسكو تمثل "العدو الإستراتيجي الأول" للولايات المتحدة، مقللا من أهمية العلاقات الخاصة التي تربط ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين.
Voir cette publication sur InstagramUne publication partagée par الجزيرة نت (@aljazeera.net)
ويرى أناند سوندار الباحث في الشؤون الدفاعية أن ترامب لا يُتوقع أن يوافق على أي بيان يدين روسيا أو يضر بالعلاقات الدافئة مع بوتين الذي يبدو أن ترامب غير قادر على اتخاذ موقف حازم من سلوكه في أوكرانيا.
وقال للجزيرة نت إن روسيا تُعد الشاغل الأمني الأكثر إلحاحا بالنسبة للأوروبيين، في حين طلبت واشنطن بشكل علني منهم التركيز على أمن قارتهم، وقد لا يمنع ذلك من بحث تفاصيل الشراكة القوية بين الحلفاء بخصوص مواجهة المخاطر في منطقة المحيطين الهادي والهندي، دون أن تكون في مقدمة أولويات الحلف.
في المقابل، يشدد الخبير ويثني على الالتزام الظاهري لترامب تجاه الناتو رغم لهجته العدوانية، وأنه على الأوروبيين ألا ينسوا تخليه الواضح عن الحرب الأوكرانية وشكوكهم تجاه دعمه للطموح الروسي. وهي أسباب كافية -برأيه- ليحسم الأوروبيون قرارهم بشأن الدفع بالاستقلالية الإستراتيجية وفك الارتباط عن الولايات المتحدة.