مقال في هآرتس: على اليهود الأميركيين محاربة نظام نتنياهو البغيض
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
"نحن اليهود الأميركيين الليبراليين نملك من القدرة والنفوذ والالتزام ما يمكننا من التحريض وممارسة الضغط وتنظيم الجهود لتكريس الليبرالية في إسرائيل، والسعي لإقامة دولة فلسطينية بنفس القدر من الحنكة والدهاء اللذين يعمل بهما ضدها خصومها اليمينيون".
وكانت هذه فاتحة مقال للكاتبة اليهودية الأميركية، سيليست ماركوس، نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية اليسارية على موقعها الإلكتروني.
وشددت الكاتبة على أن ما تسميها "الديمقراطية اليهودية الحقيقية كما وعد بها إعلان تأسيس دولة إسرائيل" لا يمكنها تقويض حقوق مواطنيها، ولا يمكنها معاملة "شعب محتل" بوحشية.
التعجيل بالدولة الفلسطينيةوأكدت ماركوس أن السبيل الأخلاقي الوحيد والمستدام الذي يتيح للإسرائيليين المضي قدما هو التعجيل بإقامة دولة فلسطينية.
وشددت على ضرورة أن يحارب اليهود الأميركيون النظام "البغيض" لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمسار الخطير الذي تسلكه إسرائيل حاليا.
غير أن ماركوس ترى، مستدركة، أن الحديث عن الليبرالية والديمقراطية يبدو في غير محله حيث إن إسرائيل على شفا حرب محتملة مع حزب الله اللبناني، في وقت تخوض فيه غمار حرب محتدمة في قطاع غزة.
تعريف الصهيونيةوألقت الكاتبة باللوم على الصهاينة الليبراليين الأميركيين -وهي واحدة منهم باعترافها- لأنهم طالما سمحوا بتعريف الصهيونية على أنها دفاع أعمى عن تصرفات نتنياهو، بما في ذلك حربه في غزة التي قالت إنها أسفرت عن أعداد مذهلة من القتلى المدنيين الفلسطينيين وخطط مستحيلة لتحقيق "النصر التام".
وزعمت أن كل يهودي أميركي "من الأكثر نفوذا سياسيا واجتماعيا إلى الأقل بينهم" لديه القدرة والمسؤولية على جعل التعاطف مع الفلسطينيين طبيعيا، ودعم حل الدولتين.
ودعت اليهود الأميركيين إلى استخدام نفوذهم لمنع نتنياهو وحلفائه "المتطرفين" من الهيمنة على "الهوية الإسرائيلية".
واختتمت الكاتبة مقالها بأن الإدارات الأميركية المتعاقبة ظلت تؤكد على القيم المشتركة التي تربطها مع إسرائيل واليهود، إلا أن تلك القيم انحسرت وتعرضت للخيانة بشكل غير مسبوق في ظل نظام نتنياهو "البغيض".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
مقال في فورين أفيرز: دمار غزة وصل مرحلة الجريمة المطلقة
نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية مقالا للباحث وأستاذ العلوم السياسية روبرت بيب، حذر فيه من أن المذبحة الجارية في قطاع غزة ليست من صنع "مستبدين أو ديماغوجيين"، بل تحمل على نحو صادم طابع "الديمقراطية"، ما يجعل لحملة الاحتلال الإسرائيلي تداعيات عميقة على أمنه على المدى البعيد، وعلى صورة وقيمة الديمقراطية حول العالم.
وبين بيب أنه بعد نحو 700 يوم من الحرب، ارتفعت حصيلة الشهداء في غزة إلى مستويات غير مسبوقة، وسط قصف مكثف دمر معظم القطاع، وحصار خانق تسبب في جوع جماعي وموت آلاف المدنيين جوعًا.
وأشار إلى أن الأرقام الرسمية التي تتحدث عن أكثر من 61 ألف شهيد و145 ألف جريح لا تعكس الحجم الحقيقي للخسائر، إذ لا تشمل آلاف الجثامين العالقة تحت الأنقاض، أو الوفيات الناتجة عن انهيار البنية التحتية ونقص الرعاية الصحية والمياه والغذاء.
واستشهد الكاتب بتحليل موسع نشرته مجلة لانسيت الطبية، قدر أن الحصيلة الرسمية تقلل من أعداد القتلى بنسبة تصل إلى 107%، موضحا أن الحملة الإسرائيلية ربما تسببت فعليا في مقتل ما بين 186 ألفا أو أكثر من سكان غزة، أي ما يعادل ما بين 5% و10% من سكان القطاع قبل الحرب، وهو ما وصفه بـ"المذبحة غير المسبوقة" التي تُعد أشد مثال على استخدام دولة ديمقراطية غربية لمعاقبة المدنيين كتكتيك حربي.
وأكد بيب أن الوقائع على الأرض من قنص الأطفال، إلى القصف المتعمد للبنية التحتية المدنية، والحصار والتجويع يدل على أن الحرب الإسرائيلية تستهدف عموم سكان غزة، لا حركة حماس فقط، وهو ما توصلت إليه أيضا منظمات حقوقية ومؤسسات دولية عديدة. ونقل عن يوروم كوهين، الرئيس السابق لجهاز "الشاباك"، قوله إن فكرة القضاء على حماس عسكريًا هي "وهم".
واستعرض الكاتب دراسته السابقة في كتابه القصف للفوز (1996)، التي تناولت 40 حملة عسكرية في القرن العشرين استهدفت المدنيين، مشيرا إلى أن القليل منها تخطّى حاجز قتل 1% من السكان المدنيين، وأن حرب غزة من حيث نسبة الضحايا تفوق حتى أكثر حملات العقاب الجماعي دموية التي شنتها دول ديمقراطية، بما في ذلك القصف الأمريكي لألمانيا واليابان في الحرب العالمية الثانية.
وأضاف بيب أن دمار غزة المادي مروع أيضا؛ إذ أظهرت تحليلات بالأقمار الصناعية أن 60% من المباني و90% من المنازل دمرت أو تضررت بشدة، فيما سويت جميع جامعات القطاع الـ12 بالأرض، إضافة إلى 80% من المدارس والمساجد، والعديد من الكنائس والمكتبات والمتاحف، ولم يعد أي مستشفى يعمل بكامل طاقته.
ورغم هذه الحملة التدميرية، يرى بيب أن الاحتلال الإسرائيلي لم يقترب من تحقيق هدفه المعلن بالقضاء على حماس، التي لا تزال تحافظ على جاذبيتها السياسية، بل نجحت بحسب تقديرات أمريكية في تجنيد 15 ألف مقاتل جديد منذ بدء الحرب، أي أكثر من خسائرها البشرية.
وأوضح أن استطلاعات الرأي تظهر أن حماس اليوم أكثر شعبية بين الفلسطينيين مما كانت عليه قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، متقدمة على حركة فتح، مع تضاعف الدعم لها في الضفة الغربية، واستمرار تفوقها في غزة رغم المعاناة الإنسانية الهائلة.
وأشار الكاتب إلى أن خطط الاحتلال للسيطرة على 75% من مساحة غزة وحصر السكان في رقعة صغيرة لن تفصلهم عن حماس، بل ستدفع الحركة إلى التحرك معهم، تماما كما فشلت عمليات التهجير السابقة في القضاء عليها.
ولفت بيب إلى أن الدعم الدولي للاحتلال الإسرائيلي، منذ إعلان قيامها عام 1948، استند جزئيا إلى التعاطف مع اليهود باعتبارهم ضحايا المحرقة، لكن حرب غزة الحالية أحدثت تحولا عالميا في النظرة إليها، مع اتهامها بارتكاب جرائم حرب و"إبادة جماعية".
وذكر أن دولا غربية بدأت بالفعل اتخاذ خطوات لمعاقبتها، بينها الاعتراف بدولة فلسطينية، وطرح إمكانية التدخل الإنساني وفرض عقوبات اقتصادية.
وختم الكاتب بالإشارة إلى أن هذه الإدانات لم تعد حكرا على اليسار السياسي، بل وصلت إلى شخصيات بارزة في اليمين الأمريكي، مثل النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين، التي وصفت علنا ما يحدث في غزة بأنه "إبادة جماعية"، في مؤشر على احتمال بروز تحالف تكتيكي بين أطراف متباعدة أيديولوجيا داخل الولايات المتحدة لتقليص الدعم المقدم للاحتلال الإسرائيلي.