حسن إبراهيم حسن الأفندي
أيا وطني لقيتك في خيالي
عظيما عاش في صدر الرجال
ويا وطني غرامك ظل حبي
وإيماني وسري وانتقالي
ويا وطني حضنتك رغم بعد
بشوق طالما يحيا حيالي
فلا الأوزان تسعفني بشعر
ولا الأحلام تجلو للمحال
كأني حينما ألقاك فيها
لقيت السحر في حلل الجمال
فديتك من حبيب عاد يحنو
على أحبابه بين الظلال
نمد يد الرجاء فتحتويها
بعطر الود والخمر الحلال
وما ساومت في حبي لعمري
ولا قصرت يداك عن الكمال
ويا وطني أحبك رغم أني
أعيش الفقر أرفض للسؤال
ولم أملك لشبر فيك حتى
أورّثه بموتي للعيال
ولكني حفظت لماء وجهي
فما أهدرته خوف ابتذال
أحبك إن غدوت لنا جحيما
وسرت على ترابك دون مال
ففيك وجدت أمي والأماني
وفيك ولدت أحرار اللآلي
وفيك دفنت حين دفنت قلبي
أبا برا تقيا ذا جلال
وفيك حسوت ماء النيل حسبي
بماء النيل من نبع زلال
إذا بعدت سماؤك عن عيوني
فلم تبعد حروفك عن مقالي
يُعذب في غرامك كل صب
يقبل فيك رابية التلال
وأشرق حين ذكرك عند سطري
وبجري الدمع من سحب ثقال
تعاودني إليك ظلال شوق
وما أفتك أطلب للمحال
أسافر كي أعود ببعض مال
وإن أوْدعت قلبي للرمال
يعز علي أنك لا تراني
ولا أحظى بقربك والوصال
أهون على بلادي أن مثلي
تحط به المرامي في جبال
وقد غنيت نيلك كل يوم
وما أكديت في وصف الجمال
إذا ذكرت ربوعك نفس حر
يفيض الدمع كالمزن الهطال
وألثم في ذراك لكل شبر
غذى روحي بسمحات الخصال
أينزح عن سمائك ذو غرام
برى جسدا نحيلا ذا هزال
إذا ما لاح برق صوب نجد
تعاودني ليالي الخوالي
وقال العاذلون أشوق فقرا
فقلت بأرض عز لا أبالي
وما للصبر بعدك من وجود
ولا للعز بعدك من منال
أرحب أن أعود عرين قوم
هم الأحباب في شيم الرجال
يقيم الموسرون بأرض أم
ويرمى الفقر فينا بالرحال
ذكرتك في جحيم النأي حتى
أيا وطني شقيت من الليالي
فكيف يبيع حبك ذو جنون
وكيف يمس قدرك ذو خبال
أبا المهدي واسمك من قديم
تدين له المكارم والعوالي
غذوت الأزهري لبان خير
فكان كما أردت أبا نضال
لعلى أستميحك بعض وقت
أوفي المدح أسدك في القتال
وثبنا إذ تراءت شمس عز
وذاك السيف يبتر للضلال
نذرنا للنفوس فليس فينا
أخو جبن تباطأ في خذال
نذود عن البلاد فليس نرضى
بغير الجد والصدق المثالي
على الدرب الطويل سما صحاب
لهم عزم عظيم لا يبالي
أعادوا للكرامة في ربوع
أبت إلا مصاهرة المعالي
يؤديها فيديو كليب المنشد العماني الأستاذ داؤود العنبري
1979 نشرت في عدة صحف سودانية
thepoet1943@gmail.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
بمناسبة الذكرى الـ 80 لميلاده| جمال الغيطاني في عيون المثقفين: مشروع وطني وإرث لا يُنسى.. وثائق نادرة ومقالات تنشر لأول مرة
بمناسبة الذكرى الثمانين لميلاد الأديب الكبير الراحل جمال الغيطاني، نظم مساء أمس السبت متحف ومركز إبداع نجيب محفوظ بتكية محمد أبو الدهب، التابع لقطاع صندوق التنمية الثقافية برئاسة المعماري حمدي السطوحي، معرضًا وندوة وثائقية، بحضور د. عبد الواحد النبوي وزير الثقافة الأسبق، والكاتب الصحفي د. أسامة السعيد رئيس تحرير الأخبار، والكاتب الصحفي يحيى قلاش نقيب الصحفيين الأسبق.
كشف المعرض، الذي أعدّه الكاتب الصحفي طارق الطاهر، المشرف على متحف نجيب محفوظ، عن عدد من الوثائق غير المنشورة من قبل، تتعلق بمسيرة المحتفى به الصحفية، مثل قرار عمله بمؤسسة أخبار اليوم عام 1969، بتوقيع الكاتب الكبير الراحل محمود أمين العالم، رئيس مجلس الإدارة آنذاك، وكذلك قرار تعيينه رئيسًا لتحرير "أخبار الأدب" بتوقيع د. مصطفى كمال حلمي، رئيس مجلس الشورى آنذاك.
كما ضم المعرض حوارًا يعود إلى أكثر من 56 عامًا، نُشر في مجلة "الطليعة" في 9 سبتمبر 1969، في إطار تحقيق صحفي مع الأدباء الشبان، فضلًا عن مقتطفات صحفية تبرز علامات من إنتاجه المتنوع.
وأفرد المعرض مساحة لعدد من كتابات الغيطاني عن الأديب العالمي نجيب محفوظ، لا سيما مقاله بعنوان "انتصار للأدب الرفيع"، الذي كتبه بعد ساعات من فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل، ونُشر في الطبعة الثالثة من جريدة "الأخبار" في 14 أكتوبر 1988.
واستعاد المعرض –أيضًا– مجموعة من كتاباته المتعلقة برؤيته للصحافة الأدبية، بعد صدور جريدة "أخبار الأدب" في يوليو 1993، والمهام التي يجب أن تضطلع بها، فعلى حدّ تعبيره: "تصدر أخبار الأدب كتجربة جديدة لا تخاطب النخبة الضيقة فقط"، كما ضم مقاله الخاص برؤيته لحرب أكتوبر، وضرورة الاحتفال سنويًا بهذا الانتصار الكبير والمهم، حفاظًا على الذاكرة الوطنية.
كذلك ضم المعرض عدد "أخبار الأدب" الذي خُصص للاحتفال بسبعينية جمال الغيطاني، وصدر في 10 مايو 2015، متضمنًا حوارًا مطولًا معه، كشف فيه عن ملامح رحلته الإبداعية والصحفية.
وقدّم المعرض –كذلك– عددًا من الصور الفوتوغرافية للغيطاني مع رموز الحياة الثقافية مصريًا وعربيًا ودوليًا، واختُتم بنشر نعي القوات المسلحة، الذي نُشر في جريدة "الأخبار" بتاريخ 19 أكتوبر 2015، ووصَف الراحل الكبير بأنه "أديب الوطن، الروائي والكاتب المبدع"، إلى جانب غلاف مجلة "الثقافة الجديدة" في عددها الصادر هذا الشهر (مايو 2025)، بعنوان: "جمال الغيطاني.. راوِي الحاضر بعين الماضي".
من ناحية أخرى، أجمع الحضور في الندوة على قيمة ومكانة الغيطاني الصحفية والثقافية والإبداعية، ودوره المحوري في الحفاظ على الهوية المصرية والذاكرة الوطنية، واحتضانه للمواهب، فضلًا عن مشروعه الإبداعي المتكامل، وإسهامه في تطوير مسيرة الرواية العربية. كما أكد المتحدثون ضرورة حفظ سيرة الغيطاني، بجمع مقالاته وكتاباته الصحفية وإصدارها في كتب، وكذلك إخضاع إبداعاته للنقد الأدبي، احترامًا وتقديرًا لهذه المسيرة الوطنية المتفردة.
شارك في الأمسية الكاتب الصحفي رفعت رشاد، مدير عام مؤسسة أخبار اليوم، ود. فتحي عبد الوهاب، رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية الأسبق، والكاتب الصحفي جمال حسين، رئيس تحرير "الأخبار المسائي" الأسبق، والكاتب الصحفي علاء عبد الهادي، رئيس تحرير "أخبار الأدب" الأسبق، والكاتب الصحفي إيهاب الحضري، مدير تحرير "الأخبار"، وعزة عبد الحفيظ، وكيل وزارة الثقافة الأسبق، ولفيف من أساتذة الجامعات، ومبدعين، ورجال الإعلام من أجيال مختلفة.