وكان الله بالسر عليمًا
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
د. سليمان بن خليفة المعمري
يُعدُ المال عصب الحياة وقوامها وحبه جبلة بشرية ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾، ونظرا لأهميته في قضاء احتياجات الإنسان ومساهمته في تنمية ورفاهية الحياة كان حفظه مقصدا إسلاميا وأحد الضروريات الخمس الكبرى، ولطالما كان المال محل تقدير واهتمام العلماء والمفكرين، يقول المستشار المالي ديف رامزي" يجب أن تتحكم في أموالك وإلا فسوف تتحكم بك قلة الأموال للأبد"، وينصحنا رجل الأعمال وارن بافيت بقوله "القاعدة رقم (1): لا تخسر المال أبدًا، القاعدة رقم (2): لا تنس القاعدة رقم (1) أبدًا؛ فالمال ضيف عليك أن تُقابله بالترحاب وعدم تبديده وتبذيره".
إنَّ الإسراف في المال وتبذيره فيما لا طائل منه كفيل بنقل الإنسان من حالة الغنى والكفاية إلى حالة الفقر والعوز والحرمان يقول بنجامين فرانكلين" احذر من النفقات الصغيرة، فالتسرب الصغير يُمكنه أن يغرق سفينة كبيرة"، لذا نجد أن القرآن الكريم يذم سلوك الإسراف في أكثر من(23) موضعًا ويمتدح سلوك الوسطية والاعتدال "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا"، فعلى الإنسان العاقل أن يُحافظ على ماله ويدخره وينفقه بطريقة راشدة واعية لينعم بحياة كريمة هانئة، وليعلم أنَّ الله سائله عن ماله "ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ"، ولله در الشاعر حين قال:
وَما المالُ وَالأَهلونَ إِلّا وَديعَةٌ
وَلا بُدَّ يَومًا أَن تُرَدَّ الوَدائِعُ
إلّا أنه ورغم كل ما سبق ونظرا لأننا في عصر "الرغبات اللانهائية" فإنَّ أحد أهم التحديات الاجتماعية التي تُواجه الكثير من مجتمعات العصر الراهن هو تفشي النزعة الاستهلاكية والشره والإفراط في اقتناء ما هو ضروري وغير ضروري بطريقة تفوق إمكانات وقدرات الفرد المادية، حتى لقب إنسان هذا العصر بـ" الإنسان المستهلك"، إذ صار ينقاد بكل سهولة ويسر لكل موضة وصيحة من صيحات الموضات والإعلانات التي زادت من سعار الاستهلاك المحموم وأشعلت أواره وجعلت الكثيرين يندفعون للشراء العشوائي، بل ربطت هذه الإعلانات سعادة الإنسان ورفاهيته بمدى اقتنائه لهذا أو ذاك النوع من الكماليات، وأصبح هناك من يمارس الاستهلاك والشراء والتسوق كسلوك قهري يستفز لديه مسارات اللذة ويشعر بعده بتغيير الحالة النفسية والمزاجية، وهناك من يتلهى بالتسوق والاستهلاك لملء فراغ يومه ويشتري ما يحتاجه وما لا يحتاجه مطبقًا مقولة "أنا أشتري.. إذا أنا موجود".
وفي تجربة مُثيرة حول أثر الإعلانات في سلوك الاستهلاك لدى الأفراد، تم تقسيم مجموعة من الأطفال إلى مجموعتين، وتم عرض إعلانين تجاريين عن إحدى الألعاب للمجموعة الأولى، ولم يشاهد أفراد المجموعة الثانية أي إعلانات، ومن ثم تمَّ الطلب من المجموعتين اختيار أحد الخيارين التاليين: اللعب مع طفل لطيف هادئ، ولكن ليست لديه اللعبة التي تم عرضها في الإعلانين أو اللعب مع طفل مشاغبٍ مؤذٍ معه اللعبة، فاختار الأطفال الذين رأوا الإعلانين اللعب مع الطفل المشاغب لأنَّ معه اللعبة، مما يدلل على أننا ننساق وراء المغريات الإعلانية حتى وإن كانت ليست في مصلحتنا، فالواقع أن لهذه الإعلانات مفعول السحر في خداع الفرد وخلق عادة الاستهلاك لديه وجعله لا يكف عن اللهاث باحثاً عن اللذة والسعادة على عتبات المحال التجارية وصفحات التسوق على الإنترنت وهيهات له ذلك.
هذه المقالة ليست دعوة للشُح والبخل والتقتير على النفس ولكنها نداء لكل ذي لب للتعامل بحكمة ورشد مع الإمكانات المادية والسيولة المالية التي لديه لعله يصل إلى أجمل عاقبة وأحمد مآل، والحذر من الانجراف وراء سيل الإعلانات وعبثها العاري من كل حكمة، وعدم متابعة مروجي الإعلانات الذين ملأوا الأرجاء بدعايات خادعة براقة كفيلة بأن تجرف معها كل النعم والأموال التي جمعها المرء كحصاد العمر وتعب السنين.
إنها دعوة لأن تمر عليك المناسبات والأعياد فتستقبلها بفرح وسرور حينما تتحكم بمصاريفك ولا تتكلف من الإنفاق والاستهلاك فوق السعة والطاقة، بل تكتفي بما هو ضروري ومُهم فقط و"كان الله بالسر عليمًا".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الأطباء مصدومون من عدم اكتشافه مبكرا لديه.. تعرف على سرطان البروستات الذي أصاب بايدن
أكد مكتب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن يوم الأحد تشخيص إصابته بنوع عدواني من سرطان البروستاتا. في وقت عبر فيه أطباء عن استغرابهم من تأخر تشخيصه. فما هو سرطان البروستاتا؟ وما أعراضه؟
وذكر بيان مكتب بايدن: "في الأسبوع الماضي، خضع الرئيس جو بايدن لفحص طبي للكشف عن وجود عقدة في البروستاتا بعد معاناته من أعراض بولية متزايدة. يوم الجمعة، شخصت إصابته بسرطان البروستاتا، الذي يتميز بدرجة 9 على مقياس غليسون (المجموعة الخامسة) مع انتشار ورم خبيث في العظام".
ويقول الأطباء إنهم مصدومون من عدم اكتشاف السرطان مبكرا، خاصة وأن بايدن كان قد أبلغ مؤخرا عن مشاكل في المسالك البولية، وهي علامة تحذيرية معروفة.
تم اكتشاف عقدة صغيرة أثناء الفحص البدني، وتم لاحقا منح السرطان درجة غليسون 9، وهي إشارة إلى شكل حاد وسريع النمو من المرض.
قال الدكتور مارك سيجل، كبير المحللين الطبيين في قناة فوكس نيوز: "هذا هو السرطان الوحيد لدى الرجال الذي يتم تدريب الجميع في المجتمع الطبي على الانتباه له".
وأضاف أنه على الرغم من أن بايدن لا يبدو أن لديه العديد من عوامل الخطر، إلا أن عمره وحده جعله أكثر عرضة لخطر الإصابة بشكل كبير.
إعلانأشار بعض المعلقين إلى أن السرطان ربما يكون قد تطور لبعض الوقت، نظرا لحالته المتقدمة.
البروستاتا، غدة جنسية للذكور تنتج سائلا أبيض يختلط به السائل المنوي في الخصيتين، تقع بين القضيب والمثانة. يحدث سرطان البروستاتا عندما تنمو خلايا هذه المنطقة بشكل خارج عن السيطرة.
وسرطان البروستاتا هو سرطان بطيء التطور عادة، وفقا لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية. الأسباب الدقيقة لهذا السرطان غير معروفة، ولكن الرجال الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاما هم أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة، ويعتقد أن هناك بعض المخاطر الوراثية.
كيف يجري الأطباء اختبار سرطان البروستاتا؟يمكن للأطباء تشخيص السرطان من خلال فحص دم مستضد البروستاتا النوعي (PSA)، والذي يمكن أن يساعد في تشخيص السرطان في مراحله المبكرة.
إذا كان مستوى PSA أعلى من 10، فإن احتمال الإصابة بسرطان البروستاتا يزيد عن 50%، وفقا للجمعية الأمريكية للسرطان.
ومع ذلك، يمكن أن يشير ارتفاع مستوى PSA إلى عدد من الحالات غير السرطانية، ولا تستخدم هذه الاختبارات بشكل روتيني في العديد من البلدان.
وقد يجري الأطباء أيضا تصويرا بالرنين المغناطيسي للبروستاتا أو خزعة لتأكيد التشخيص.
علامات سرطان البروستاتا التي لا ينبغي على أي رجل تجاهلهانظرا لأن سرطان البروستاتا، كغيره من أنواع السرطان، يعالج بشكل أفضل في مراحله المبكرة، ينصح الخبراء جميع الرجال البالغين بالانتباه إلى التغيرات التي قد تكون علامة على المرض.
بسبب موقع البروستاتا ، يقع أسفل المثانة، ويلتف حول مجرى البول، وهو يسبب عادة أعراضا بولية.
من أكثر العلامات شيوعا لوجود خلل في البروستاتا هو تغير وتيرة التبول.
في حين أن كمية التبول قد تختلف اختلافا كبيرا – أي ما بين أربع وعشر مرات تقريبا يمكن اعتباره أمرا طبيعيا – إلا أن هذه الزيادة الملحوظة تشير إلى ضرورة إدراك الرجال لها.
قد تكون الرغبة المفاجئة في التبول – كالحاجة إلى التسرع في الذهاب إلى الحمام – علامة على وجود مشكلة.
إعلانقد يصاحب ذلك صعوبة في بدء التبول.
من الأعراض أيضا الإجهاد أو استغراق وقت طويل لإفراغ المثانة، وضعف تدفق البول عن المعدل الطبيعي، والشعور بعدم إفراغ المثانة بالكامل.
يجب أيضا مراجعة الطبيب فورا عند وجود دم في البول أو السائل المنوي.
لا تعني هذه الأعراض عادة إصابة الرجل بسرطان البروستاتا – ففي أغلب الأحيان، قد تكون مجرد علامة على وجود مشاكل حميدة في البروستاتا تصيب أكثر من نصف الرجال.
مع ذلك، يجب فحصها من قبل طبيب عام، وإذا لم يتم تحديد سبب، فيجب إحالتها إلى طبيب مسالك بولية خبير.
تشمل علامات السرطان المتقدم الذي قد يكون انتشر: ألما في العظام والظهر، وفقدانا في الشهية وفقدانا غير متوقع للوزن، وإرهاقا، وألما في الخصيتين.
علاج سرطان البروستاتافي بعض الحالات، قد يوصي الأطباء بإزالة البروستاتا أو الخضوع للعلاج الإشعاعي، وكلاهما يسبب عددا من الآثار الجانبية، والتي قد تشمل ضعف الانتصاب ومشاكل كثرة التبول.
في حالة بايدن، نظرا لطبيعة السرطان العدوانية، في مرحلته الخامسة، وانتشاره بالفعل إلى العظام، فإن خيارات علاجه محدودة. على الرغم من توفر علاجات طبية، مثل العلاج الكيميائي والعلاج الهرموني، إلا أن أيا منها لا يشفي تماما، وفقا للأطباء.
إذا تم اكتشاف السرطان مبكرا، ولم يسبب أعراضا، فقد يقترح الأطباء اتباع نهج المراقبة النشطة.
يمكن علاج بعض حالات سرطان البروستاتا في المراحل المبكرة، ويشمل العلاج إزالة البروستاتا جراحيا، والعلاج الإشعاعي.
إذا انتشر السرطان إلى أجزاء أخرى من الجسم ولم يشف، يركز العلاج على إطالة العمر وتخفيف الأعراض.
يمكن للمراحل المتقدمة من سرطان البروستاتا، مثل سرطان بايدن، أن تحد بشكل كبير من متوسط العمر المتوقع للشخص، وتؤدي إلى أعراض تؤثر على حياته اليومية.