الوطن:
2025-05-28@12:48:54 GMT

أيمن عقيل يكتب: ثورة 30 يونيو.. ما الذي تغير؟

تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT

أيمن عقيل يكتب: ثورة 30 يونيو.. ما الذي تغير؟

قد ينسى البعض، أو يتناسون عمداً، فى ظل الأزمات والتحديات التى تحيط بالدولة المصرية من حروب ونزاعات على حدودها الشرقية والجنوبية، الأهمية التى تمثلها ثورة 30 يونيو خلال ذكراها الحادية عشرة، لكن كل شخص يمتلك ذاكرة قوية، وعقلاً ناقداً ورؤية تحليلية قائمة على الأدلة، لا يمكن أن ينسى أهمية 30 يونيو وآثارها، فكانت هذه الثورة بمثابة ضوء فى نهاية نفق مظلم كادت تورط فيه جماعة الإخوان الدولة المصرية فى مشكلات لا حصر لها تعصف بكيان الدولة، وكان الإعلان الدستورى الذى أصدره محمد مرسى والذى حصّن فيه قراراته ومنح نفسه بموجبه سلطات مطلقة بمثابة النقطة المفصلية التى قرر عندها المصريون أن يضعوا حداً لهذا التصرفات غير المسئولة لأنهم استشعروا الخطر الذى يمكن أن يمثله استمرار الجماعة فى الحكم.

كان ذلك دافعاً أمام 33 مليون مصرى للخروج فى الشوارع والساحات العامة من أجل المطالبة بإنهاء حكم الجماعة، لذلك يمكن الجزم بأن 30 يونيو أعادت توحيد المصريين حول قيم كاد مشروع الإخوان أن يفقدهم إياها، وهى قيم المواطنة والتسامح والتعايش السلمى.

هذه مقدمة كان لا بد منها قبل أن أنتقل إلى آثار وتبعات هذه الثورة فى ذكراها الحادية عشرة، فقد نظرت إلى هذه الآثار أو التغيرات التى طرأت على الدولة المصرية بعد 30 يونيو من بُعد حقوقى واجتماعى وتنموى، فعلى الصعيد الحقوقى تم تعزيز عمل المجتمع المدنى فى إطار القانون 149 لسنة 2019 الخاص بممارسة العمل الأهلى وهو القانون الذى يعد نقلة نوعية فى تعزيز العمل الأهلى. وفى سياق مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف تراجعت معدلات العمليات الإرهابية لمستوى لم يعد يذكر، وكان ذلك نتيجة طبيعية لخطوات قامت بها الدولة المصرية وقواتها المسلحة اعتماداً على ثنائية مكافحة الإرهاب والتنمية كمسارين متوازيين، ففى إطار مكافحة الإرهاب أقر التقرير السابع عشر للأمين العام للأمم المتحدة الخاص بالتهديد الذى يشكّله تنظيم داعش على السلم والأمن الدوليين بأن مصر لجمت مخاطر إنشاء فرع محلى لتنظيم داعش، كما انحسر نشاط جماعة بيت المقدس كنتيجة للجهود التى قامت بها السلطات المصرية، أما فيما يتعلق بمسار التنمية فقد أعادت مصر افتتاح مطار العريش الدولى، وأنفقت خلال العقد الأخير 750 مليار جنيه على مشاريع التنمية فى سيناء، كما شمل المشروع القومى لتنمية سيناء إنشاء ما يقترب من 77 ألف وحدة سكنية وشبكة طرق بجانب مناطق صناعية فى شبه جزيرة سيناء.

كما شهد التوسع العمرانى وبناء المدن الجديدة مساراً لم يكن موجوداً قبل 30 يونيو، وقامت ببناء 48 مدينة سكنية جديدة وفقاً لبيانات وزارة الإسكان فى ضوء استراتيجية لزيادة المساحة المأهولة بالسكان ولضمان تطبيق معايير السكن اللائق كحق من حقوق الإنسان الواردة فى العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذى صادقت عليه مصر، كما اتخذت تحدياً للقضاء على المناطق العشوائية بعد 30 يونيو وهو ما تحقق بالفعل بإعلان رئيس مجلس الوزراء بالقضاء على المناطق العشوائية الخطرة.

لم تتوقف الآثار على ما سبق، لكن توازى مع هذه الخطوات رغبة فى الإصلاح السياسى تمثلت فى صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 570 لسنة 2013 بتشكيل لجنة الخمسين لتعديل الدستور وهى اللجنة التى أفضت جهودها إلى صدور دستور 2014 والذى جرى تعديله فى عام 2019 وهو الوثيقة التى احتوت على ضمانات لتعزيز حقوق الإنسان، حيث اعتبر الدستور المصرى فى المادة 92 أن الحقوق والحريات المرتبطة بالمواطن لا يمكن أن تتعرض للتعطيل أو النقصان كما لا يجوز لأى قانون أن يفرض قيوداً عليها، كما اعتبر الدستور فى المادة 92 أن استقلال القضاء هو الضمانة الأساسية لحماية الحقوق والحريات. وجاء هذا الدستور ليكون بديلاً للدستور المعيب الذى صاغته جماعة الإخوان والذى قيد سلطات القضاء وميز ضد المرأة وعصف بالحريات المدنية والدينية. ودولياً وإقليمياً عززت مصر علاقاتها بالمؤسسات الدولية والإقليمية عقب 30 يونيو، وانتخبت مصر عضواً غير دائم بمجلس الأمن فى عامى 2016- 2017، كما أنها اختيرت فى 24 أغسطس 2023 للانضمام إلى مجموعة بريكس وهى تكتل اقتصادى يستحوذ على 25% من الاقتصاد العالمى، أما إقليمياً فنجحت الدولة المصرية فى استعادة عضويتها فى الاتحاد الأفريقى بعد أن جُمدت هذه العضوية فى أعقاب 30 يونيو 2013 وانطلقت من حينها لتعزز علاقاتها بالدول الأفريقية. أخيراً يمكن الجزم أن «30 يونيو» مثلت لحظة فارقة فى التاريخ الحديث للدولة المصرية، اللحظة التى قرر فيها المصريون والقادة الوطنيون التصدى للمكائد التى دبرها الإخوان والعزم على معالجة الأزمات التى فرضتها الجماعة من خلال محاولة الاستئثار بالحكم وحدهاً خروجاً على الإجماع الشعبى

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: 30 يونيو الإخوان الإرهاب الدولة المصریة

إقرأ أيضاً:

عثمان جلال يكتب: الدكتور كامل إدريس ومطلوبات المرحلة الانتقالية

(1) قيل لسيدنا يوسف وهو في السجن (إنا نراك من المحسنين) وقيل له وهو الوزير الأول في مصر (إنا نراك من المحسنين) هكذا المعدن النفيس لا تغيره منحنيات وتقلبات الحياة ويوسف تقدم للوزارة بعد ان تعينت الحاجة ودفع برؤيته ورسالته وخطته الاستراتيجية وأهدافه Smart لإدارة الدولة في أعوام الرخاء والسنوات العجاف، ويوسف مزج بين خشونة البداوة ورقة المدنية وشخصية رجل الدولة المستقل الذي يقف على مسافة واحدة من تناقضات المجتمع المصري وتضارب المصالح وسط الاوليغارشية المتنفذة في قصر عزيز مصر .
(2)
بالتالي فان هناك ثمة مقاربة وتشابه بين سيدنا يوسف والدكتور كامل ادريس الذي طرح رؤية متكاملة شخص فيها مسببات الأزمة الوطنية المتراكمة وآفاق الحلول وتلازم بناء الدولة والأمة وصناعة مشروع النهضة الوطنية على هوادي الديمقراطية المستدامة

ثم أتبع ذلك بخطة تشغيلية للتنفيذ والقياس سماها خطة مارشال السودانية لإعادة الاعمار والتوازن للاقتصاد السوداني في مرحلة ما بعد الحرب . ايضا وجه التماثل بين رجل الدولة يوسف وكامل ادريس الاستقلالية والحيادية والمهنية والاخلاقية والجمع بين القدرة والرغبة في العمل من اجل المصالح الوطنية العليا، وهناك من يهرف بما لا يعرف بأن الدكتور كامل شخصية صفوية تتقن السياسة المتعالية عن المجتمع وهذا خطأ فالرجل طرح ذاته مرشحا لرئاسة الجمهورية عام 2010 والتصق بالجماهير في كل بوادي وحواضر السودان طارحا برنامجه الإنتخابي ، وله في خدمة الشعب فكر وعرق ويجود من كلتا يديه ويقتدي بالطيبين وبه البلاد تفاخر ولكن ما كل ما يعرف يقال وقلوب الرجال الأسرار .
(3)
فما هي المطلوبات من رئيس الوزراء القادم؟؟ إختيار كفاءات وطنية مستقلة ولا أعني شخصيات أكاديمية بحتة بل كوادر تجمع بين الأكاديمية والمهنية والعملية والوعي السياسي والثقافي الوطني والدولي. العمل بنظام القيادة الميدانية الملتصقة بهموم وقضايا المجتمع (وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد) وأيضا القيادة التحويلية التي تركز على الإبداع والابتكار والتفويض والتفكير خارج الصندوق (أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين) (اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم)

أيضا على الدكتور كامل ادريس النأي عن تشكيل مجالس استشارية متخصصة بل عليه تحويل الوزارات والمؤسسات إلى منظمات استشارية تخطيطية وتنفيذية تعمل بنظام إدارة المعرفة والمؤسسات المتعلمة وتطبق وظائف الإدارة من حيث التخطيط الاستراتيجي والتشغيلي والتنسيق والتنظيم والرقابة. والتنفيذ في بنيتها الداخلية ، مع ضرورة تطبيق نموذج بيتر دراكر في الإدارة بالأهداف، اي تحديد أهداف واضحة ومحددة وزمنية وقابلة للتنفيذ والقياس.
(4)
أما على مستوى القضايا الاستراتيجية فالمطلوب من رئيس الوزراء توظيف علاقاته الدبلوماسية واقناع الفاعلين الاقليميين والدوليين في حرب 15 ابريل 2023م بضرورة فك الارتباط مع مليشيا آل دقلو باعتبارها مهدد للأمن والسلم الوطني والاقليمي والدولي وتصنيفها منظمة إرهابية وتمكين الجيش السوداني من التقنيات والسلاح للقضاء الناجز عليها ، وهذه إرادة الشعب والجيش السوداني ولا تنازل عنها مهما كانت التضحيات.

ايضا المطلوب رئيس الوزراء توظيف علاقاته لفك طوق العزلة الاقليمية والدولية عن السودان وحفز الدول والمؤسسات الاقتصادية وصناديق الاستثمار للمشاركة في إعادة إعمار السودان. وايضا المطلوب من الدكتور كامل التواصل مع كل القوى السياسية الوطنية واستكناه تصوراتها حول قضايا البناء الوطني والديمقراطي ، وتبيئة المناخ السياسي لانعقاد مؤتمراتها وتجديد قياداتها وانتظام انشطتها السياسية لاستشراف الانتخابات القادمة وايضا المطلوب منه ادارة حوار سلام مع حركتي عبد الواحد نور ، وعبد العزيز الحلو واقناعهما بنبذ العنف والتحول إلى قوى سياسية مدنية.

وآخيرا وليس آخرا فان الغاية الاستراتيجية المطلوبة من رئيس الوزراء استنهاض وتعبئة طاقات المجتمع السوداني لحسم معركة الكرامة وانجاز السلام والوفاق واعادة الأعمار والتحول الديمقراطي المستدام، وبناء علاقات خارجية متوازنة تعظم المصالح المشتركة ، وتعبر عن كرامة وعزة الشعب السوداني

فالمجتمع السوداني هو ركيزتك ومصدر قوتك لصناعة مشروع النهضة الوطنية الشاملة.

عثمان جلال
الأحد : 2025/5/25

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إبراهيم شقلاوي يكتب: عودة مهندس ازاحة البشير
  • تعرف على السلطان الأحمر الذي أسس الدولة البوليسية في سوريا
  • في ذكرى ميلاده.. جورج سيدهم "المبتسم رغم الوجع" الذي غيّر ملامح الكوميديا المصرية
  • محمد محمود يكتب: التصدعات بين الفيفا واليويفا.. تحركات إينفانتينو الـدبلوماسية وأولويات مثيرة للجدل
  • نواب يعلنون الموافقة على قانون العلاوة الدورية الجديد
  • معركة هارفارد وضرب غزة بالنووي
  • د.حماد عبدالله يكتب: قانون هام فى (غياهب النسيان!!)
  • عثمان جلال يكتب: الدكتور كامل إدريس ومطلوبات المرحلة الانتقالية
  • د. ثروت إمبابي يكتب: مصر الجديدة.. طريق التحول الذكي نحو المستقبل
  • الميراث.. "قصة حزينة"