جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-14@15:46:08 GMT

الحارات القديمة في مطرح

تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT

الحارات القديمة في مطرح

 

 

أنور الخنجري

 

تُعد الحارات والبيوت والأسوار القديمة في مدينة مطرح إرثًا تاريخيًا يحكي ماضي الآباء والأجداد الذين كافحوا من أجل بنائها حجرًا على حجر، إنها إرث تاريخي ومعنوي له مكانة خاصة في قلوب من سكنها أو زارها أو ارتبط بها بطريقة ما، خاصة تلك الأجيال التي تشدها العاطفة والحنين إلى مرتع الصبا وموضع النشأة والولادة، لهم فيها ذكريات لا تُمحى مهما تقلب الزمن وابتعدت المسافات.

تراهم يقودهم الشوق دون عناء إلى تلك البيوت والأزقة التي صغرت مساحة عندما كانوا يرونها وهم صغارا، لكنها بقيت كبيرة في وجدانهم وستبقى مترسخة في ذاكرتهم إلى ما لا نهاية. وهذا ليس هو بيت القصيد، وإنما السؤال هو إلى متى ستبقى هذه الحارات والبيوت القديمة تئن من جور الزمن وتكافح عوامل التعرية في ظل الإهمال الحاصل لها من قبل أصحابها؟ وكذلك من قبل الجهات المعنية في الحكومة التي لم تعمل بجد لانتشالها من براثن الوضع المزري الذي تعيشه الآن؟

ألم يحن الوقت للتفكير فيما إذا استمر الوضع على هذا الحال! هل سيظل هذا الإرث صامدا في وجه الحداثة والتغييرات المتسارعة لمحو كل ما هو قيّم وقديم؟ حتمًا سنصل إلى فقدان ذلك إذا ما بقيت الأفواه مكممة والعقول جامدة وجاحدة والقرار صائما عن كل ما هو جميل ومثرٍ يخدم البلاد والعباد. دول كثيرة استغلت مثل هذه الحارات والبيوت القديمة وأقامت فيها مناشط تجارية وسياحية نموذجية حققت من خلالها صيتا عالميا وموارد مالية لا يستهان بها، كما قامت بعض الدول بمحاكاة الحارات والبيوت القديمة والأسواق التقليدية وخلقت منها منتجعات ونزل ومقاه ومطاعم وغيرها من المناشط التجارية والاقتصادية بنفس الشكل والتصميم الذي تمتاز به أحيائنا ومدننا العمانية، بينما نحن لدينا هذه الكنوز ولا تحتاج إلا لبعض لمسات التأهيل والترميم فقط وبعض الإضافات لتكون مصدر جذب سياحي واقتصادي كبير، خاصة ونحن نتكلم عن مدينة مطرح القديمة، أبرز مقصد للسياحة الداخلية والخارجية في السلطنة.

وإذا ما تضافرت الجهود الحكومية والأهلية في هذا الشأن فيمكن أن نستلهم عدة طرق ووسائل نعمل من خلالها على تحقيق هذا الحلم على أرض الواقع وننقل هذه الحارات والبيوت من حالة الركود التي هي عليها إلى مواقع جذب سياحية تستوعب أعدادا لا يستهان بها من الأيدي العاملة الوطنية.

فلنتخيل لو تحولت هذه البيوت القديمة في مدينة مطرح، ومثلها تلك الواقعة في مدينة مسقط القديمة، إلى نزل ومطاعم ومقاه ومسارح ومحلات أو نصبت في ساحاتها عربات موحدة الشكل والتصميم لبيع التذكارات البسيطة والمأكولات العمانية الخفيفة التي يحب السياح اقتناءها أو تجربتها أو أن تكون الأزقة نظيفة مرتبة وملونة جدرانها برسومات مبتكرة تبدع فيها أنامل الفنانين العمانيين، لأخرجنا من هذه الحارات تحفاً فنية ومتاحف مفتوحة في الهواء الطلق يستمتع بزيارتها كل من يزور بلادنا الحبيبة.

ومن أجل تحقيق غاية الاستفادة من هذه الحارات والبيوت القديمة فيجب أولا أن تكون هناك جدية لدى الجهات المعنية في الدولة بمنح التصاريح اللازمة دون تلكؤ أو تعقيد، ولتسهيل ذلك يمكن الاستعانة بالمخططات التي وضعت لتطوير مدينة مطرح أو تلك التي قامت بها إحدى الشركات الاستشارية لتطوير حارة الشمال مثلاً بحيث تمنح تصاريح البناء والصيانة وفقاً للتصميمات والأشكال التي حددتها هذه المخططات، وبحيث لا تكون هناك تجاوزات تؤثر على النمط التقليدي العام المرسوم للحارة والبيوت التي تحتويها، مع إجراء بعض التحسينات في البنية الأساسية. إن القرار الحكومي هنا يعد من الأولويات الضرورية إذا ما أردنا فعلا المضي قدما نحو تحقيق هذه الغاية.

وبما يتعلق بالأهالي ملاك هذه البيوت وأغلبهم من الطبقة المتوسطة فإنه من الصعوبة بمكان أن يقوموا فرادا بتأهيل بيوتهم واغلبها أصبحت إرثا من تركات الوالدين أو الأجداد، وللتغلب على هذه الإشكالية فأننا نرى أن يتفق أصحاب هذه الأملاك على تأسيس شركات أهلية يدخلون فيها كشركاء مقابل أسهم معينة تقدر بقيمة ما يملكونه من عقار ومع بعض الدعم من هيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة و بنك التنمية العماني أو البنوك التجارية في شكل قروض ميسرة فيمكن التغلب على هذه الإشكالية.

هناك أيضا إمكانية دخول القطاع الخاص كمستثمر في مثل هذه المشاريع المربحة من خلال نظام حق الانتفاع أو الشراكة مع أصحاب هذه العقارات أو حتى من خلال الشراء المباشر شريطة أن يكون الغرض من الشراء للغاية نفسها وليس من أجل بناء العمارات وتأجيرها للعمالة الوافدة كما هو حاصل الآن؛ الأمر الذي أدى إلى تشويه الصورة التقليدية لمدينتنا العريقة مطرح الخير.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مسير لقوات التعبئة في مديرية صنعاء القديمة اسناداً ونصرةً لغزة

يمانيون/ صنعاء نظمّت قوات التعبئة بمديرية صنعاء القديمة في أمانة العاصمة اليوم، مسيراً مسلحاً إسناداً ونصرة لغزة والشعب الفلسطيني، وتأكيد الجهوزية لمواجهة قوى العدوان والاستكبار.

وجاب المشاركون، عدداً من شوارع وأحياء المديرية وصولا إلى ساحة باب اليمن، رافعين العلمين الفلسطيني واليمني، ومرددين البراءة من أعداء الله ومن كل الخونة والعملاء، وشعارات منددة بجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة وفلسطين.

وجددّوا تفويضهم الكامل والمطلق لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في كل الخيارات لردع العدو الصهيوني الأمريكي، ومساندة ونصرة غزة والشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة حتى إيقاف العدوان ورفع الحصار عن أبناء غزة.

وبارك المشاركون، الضربات الصاروخية النوعية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية في مطار “بن غوريون” ومواقع حيوية في عمق العدو الصهيوني، وقرار فرض الحظر الجوي الشامل على الكيان الغاصب.

ورددوا هتافات النصر والنفير والجهاد والتحدي للعدو الصهيوني.. مؤكدين على الجهوزية والاستعداد لمواجهة الأعداء، والتصدي للمؤامرات والمخططات الإجرامية التي تستهدف اليمن ومقدراته.

مقالات مشابهة

  • الوزراء يوافق على إقامة معرض مصر القديمة تكشف عن نفسها
  • الوفد يقدم رؤية كاملة لقانون الإيجارات القديمة .. الأحد
  • الفنان محمد غنيم أمام نيابة مصر القديمة بسبب حكم غيابي
  • المناصير : مشروع لتحويل المركبات الصغيرة والشاحنات القديمة للعمل بالغاز الطبيعي
  • «حولها لقطع نادرة».. شاب يبدع بتجديد السيارات القديمة
  • حاكم الشارقة يفتتح حارة الزبارة القديمة وشيص التراثية في مدينة خورفكان
  • مسير لقوات التعبئة في مديرية صنعاء القديمة اسناداً ونصرةً لغزة
  • سلطان يفتتح حارة الزبارة القديمة وشيص التراثية في مدينة خورفكان
  • دورا مدينة التلال الكنعانية التي لا تنحني.. حكاية الأرض والمقاومة والتجذر الفلسطيني
  • بماذا طالب مُلام العقارات القديمة خلال جلسة الاستماع بمجلس النواب؟