أعلن المتحدث باسم لجنة الانتخابات التابعة لوزارة الداخلية الإيرانية، محسن إسلامي، صباح يوم السبت 29 يونيو 2024، النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية الإيرانية التي أقيمت في 28 يونيو، مشيراً إلى حصول المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان على المركز الأول بإجمالي أصوات يُقدر بنحو 10 ملايين و415 ألفاً و991 صوتاً، مقابل حصول المرشح الأصولي سعيد جليلي على أصوات تُقدر بنحو 9 ملايين و473 ألفاً و298 صوتاً، والذي حلّ في المركز الثاني.

بينما جاء في المركز الثالث المرشح الأصولي رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان الإيراني) محمد باقر قاليباف، بإجمالي أصوات تُقدر بـ3 ملايين و383 ألفاً و340 صوتاً. وحصل المرشح الرابع رجل الدين مصطفى بور محمدي على أصوات تُقدر بـ206 آلاف و397 صوتاً. وبلغ العدد الإجمالي للأصوات التي تم فرزها 24 مليوناً و535 ألفاً و185 صوتاً.

دلالات انتخابية:

في ضوء النتائج الرسمية للجولة الأولى للانتخابات الرئاسية المُبكرة التي أُجريت في إيران، يمكن الوقوف على بعض الدلالات على النحو التالي:

1- الذهاب إلى جولة انتخابية ثانية: لم يحصد أي من المرشحين الأربعة للانتخابات الرئاسية الإيرانية الأغلبية المطلقة (50%+1)، التي تمكنه من حسم الفوز بمنصب الرئاسة من الجولة الأولى؛ ومن ثم فإن المرشحيْن اللذيْن حصلا على أعلى نسبة تصويت وهما على الترتيب مسعود بزشكيان الذي حصل على نسبة تصويت تُقدر بنحو 42% مقابل 38% لمنافسه سعيد جليلي، سيذهبان إلى جولة ثانية من الانتخابات، تقرر إجراؤها يوم الجمعة الموافق 5 يوليو 2024، بحسب لجنة الانتخابات الإيرانية.

وتُعد هذه المرة، الثانية في تاريخ الجمهورية الإسلامية التي تذهب فيها الانتخابات الرئاسية إلى جولة إعادة؛ إذ سبقتها انتخابات الرئاسة التي أُجريت عام 2005 عندما تقدم هاشمي رفسنجاني في الدور الأول دون أن يحسم النتيجة بنحو 6.2 مليون صوت، وحلّ حينها محمود أحمدي نجاد ثانياً بـ5.7 مليون صوت، لتنتقل إلى جولة إعادة، إذ فاز نجاد بحوالي 17.2 مليون صوت، وبنسبة 62% تقريباً.

ويؤشر الذهاب لجولة ثانية من الانتخابات الإيرانية الحالية إلى حجم الاستقطاب السياسي داخل البلاد، إذ إن الفارق ضئيل بين المرشحيْن اللذيْن سيخوضان جولة الإعادة، بزشكيان وجليلي، وهو ما يحمل في جانب منه حالة من الانقسام والخلاف حول المرشح الذي سيفوز بمنصب الرئيس.

 

2- انخفاض نسبة المُشاركة: سجّل حجم المشاركة في الانتخابات الرئاسية الجارية، النسبة الأقل على الإطلاق في تاريخ الانتخابات في إيران، سواء البرلمانية أم الرئاسية؛ إذ بلغت تلك النسبة في الانتخابات الحالية، نحو 40%؛ إذ صوّت نحو 24 مليوناً، كما ذُكر آنفاً، من إجمالي نحو 61 مليون إيراني ممن لهم حق التصويت. وكانت آخر انتخابات رئاسية أُجريت في البلاد قبل الانتخابات الحالية، في عام 2021، شهدت نسبة مشاركة بلغت نحو 49%. وفاز فيها الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، كما أن انتخابات مجلسي الشورى الإسلامي (البرلمان) وخبراء القيادة التي أُجريت في أول مارس 2024، والتي وُصفت حينها بأنها شهدت أقل نسبة مُشاركة في تاريخ الانتخابات في الجمهورية الإسلامية، كانت قد سجلت 41%.

ويأتي انخفاض نسبة المشاركة الحالية بالرغم من محاولات النظام الإيراني تشجيع المواطنين على المشاركة والتصويت، على أساس أن المشاركة تصب في النهاية لصالح شرعيته، والتي أُصيبت بشروخ خلال السنوات الأخيرة لأسباب تتعلق بتأزم الوضع الاقتصادي والسياسي، وقد تجلى ذلك في عدد من المؤشرات أبرزها تكرار الموجات الاحتجاجية. وقد دعا المرشد الأعلى، علي خامئني، إلى “مشاركة قصوى في الانتخابات”، داعياً “حتى أولئك الذين ينتقدونه إلى أن يصوّتوا في الانتخابات للمرشح الذي يفضلونه”.

ويُعزى انخفاض نسبة المشاركة إلى عدّة عوامل، أبرزها؛ أن قطاعاً واسعاً من الشعب الإيراني يدرك أن السلطات والصلاحيات الحقيقية هي بيد خامنئي، وأن الرئيس مجرد مُنفذ للتوجهات والخطوط التي يرسمها المرشد والأجهزة والمؤسسات الخاضعة له، حتى لو كان لدى الرئيس مساحة حركة سياسية. هذا إلى جانب أن هذه الانتخابات، ونظراً للظرف الطارئ المتعلق بالوفاة المُفاجئة لرئيسي على إثر تحطم مروحيته أثناء رحلة في محافظة أذربيجان الشرقية في 19 مايو الماضي، فقد أُجريت بمعزل عن الانتخابات البلدية، والتي كان من المُقرر إجراؤها بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية في 2025؛ وهو ما كان سيضمن نسبة مشاركة شعبية واسعة، لم تتحقق هذه المرة. فضلاً عن أنه لم يمض أكثر من ثلاثة أشهر على الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ما أسهم في إحجام بعض القطاعات الشعبية عن المشاركة.

3- توحّد التيار الإصلاحي لدعم بزشكيان: شهدت الأيام الأخيرة قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الحالية، توحّداً في صفوف التيار الإصلاحي، بشكل ربما لم يحدث منذ انتخابات الرئيس الأسبق محمد خاتمي عام 1997، خلف المرشد الإصلاحي الوحيد مسعود بزشكيان، والذي سمح له مجلس صيانة الدستور بالترشح. إذ أبدى وزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف، دعمه الكبير لبزشكيان، وقد عيّنه الأخير مُستشاراً له في السياسة الخارجية، وخاض معه معركته الانتخابية ودافع عن مواقفه في برامج تلفزيونية. وكان هذا الانضمام “نقطة تحوّل” قوية لصالح بزشكيان، في مواجهة المرشحين الأصوليين الخمسة، قبل أن ينسحب اثنان منهما قبيل موعد الانتخابات.

هذا إلى جانب إعلان زعيم التيار الإصلاحي الرئيس الأسبق محمد خاتمي دعمه لبزشكيان، وكذلك جبهة الإصلاح (التي تمثل التيار الإصلاحي)، والرئيس الأسبق حسن روحاني الذي يمثل تيار المعتدلين، ورئيس البرلمان الأسبق والرمز الإصلاحي الكبير مهدي كروبي؛ ما عزز فرص بزشكيان قبل موعد الانتخابات، بشكل جعل البعض يتكهن بفوزه من الجولة الأولى. وقد أدت رئيسة جبهة الإصلاح، آذر منصوري، دوراً مهماً في تنسيق جهود الإصلاحيين والمعتدلين وتوحيد جبهتهم لدعم بزشكيان.

جدر بالذكر أن خاتمي كان قد حّذر، قبل الانتخابات، مجلس صيانة الدستور من استبعاد مرشحي التيار الإصلاحي، وأن ذلك سيكون شرط مشاركتهم في التصويت بالانتخابات. وعلى الرغم من أن مجلس صيانة الدستور قد استبعد أغلب رموز التيار الإصلاحي والمعتدل وغير المحسوبين على النظام ومنهم الرئيس الأسبق، نجاد، ورئيس البرلمان السابق، علي لاريجاني، ونائب الرئيس الأسبق، إسحاق جهانغيري، ومحافظ البنك المركزي الأسبق، عبدالناصر همتي، وغيرهم؛ فإن المجلس أبقى على مسعود بزشكيان، والذي أتى من الصفوف الخلفية للإصلاحيين؛ إذ شغل سابقاً منصب وزير الصحة في عهد خاتمي، كما كان نائباً سابقاً لمدينة تبريز مركز محافظة أذبيجان الشرقية.

4- تفتت أصوات الأصوليين: في مقابل توحّد الإصلاحيين خلف بزشكيان، فإن التيار الأصولي فشل في الوقوف خلف مرشح واحد. وبالرغم من محاولات الحرس الثوري توحيد جبهة المحافظين في الانتخابات الرئاسية، بُغية التقدم بمرشح واحد، فإن المحافظين لم يشهدوا إلا انسحاب شخصيتيْن غير وازنتين هما: المرشح علي رضا زاكاني (عمدة طهران)، والمرشح أمير حسين قاضي زاده هاشمي (النائب البرلماني السابق وكان يشغل رئيس منظمة المحاربين القدامي). وتمسك القطبان الأصوليان سعيد جليلي (العضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام والمفاوض النووي السابق)، ومحمد باقر قاليباف (رئيس مجلس الشورى الإسلامي الحالي)، بخوض غمار الترشح في الانتخابات الرئاسية، ولم ينسحب أي منهما لصالح الآخر؛ ما أدى إلى تفتيت أصوات المحافظين.

وطالبت أوساط محافظة بضرورة الحد من التشرذم والانقسام، والالتفاف حول مرشح واحد؛ ومن ذلك ما طالب به رئيس تحرير صحيفة “كيهان” المحافظة، والتابعة للمرشد الأعلى، حسين شريعتمداري، بأن “على المرشحين الأصوليين الانسحاب لصالح مرشح واحد أفضل، وعليهم ألا يضحوا بأمن البلد وقوته من أجل أهدافهم وطموحاتهم الشخصية”.

ويمكن إرجاع تشتت أصوات المحافظين إلى الانقسامات التي باتت واضحة داخل البيت الأصولي، وعكس هذا الانقسام الخلاف الذي جرى حول اختيار رئيس البرلمان الإيراني عقب انتخابات مارس 2024؛ فهناك جناح الأصوليين التقليديين وهم أكثر مرونة من الجناح اليميني المُتشدد داخل التيار الأصولي، والذي تمثله ما تُسمى بـ”جبهة بايداري” أو “جبهة الصمود”. وقاليباف ينتمي لتيار المحافظين التقليديين، في حين ينتمي جليلي للتيار الأكثر تشدداً، حتى وإن كان لا ينتمي تنظيمياً لـ”جبهة الصمود”.

سيناريوهات الإعادة:

في ضوء المعطيات الحالية في المشهد السياسي الإيراني، يمكن استعراض أبرز السيناريوهات المُحتملة للجولة الثانية للانتخابات الرئاسية المُقرر إجراؤها يوم 5 يوليو الجاري، كالتالي:

1- تحريك “الكتلة الرمادية”: وفقاً لما أشارت إليه النتائج الرسمية للجولة الأولى للانتخابات الرئاسية الإيرانية، فإن 60% ممن لهم حق التصويت في الانتخابات لم يشاركوا، وهو ما يُقدر بنحو 36 مليون مواطن، ممن يُطلق عليهم “الكتلة الرمادية”، وتمثل هذه الكتلة “حصان طروادة” في الجولة الثانية من الانتخابات. فالطرف الذي يستطيع أن يميل إليه تلك الكتلة، أو جزءاً قليلاً منها، سيفوز بالانتخابات. ويُشير الواقع الانتخابي في إيران إلى أن المحافظين ملتزمون ولائياً وتنظيمياً بالتصويت لمرشحيهم؛ أي أنهم بالفعل قد شاركوا في الانتخابات سواء بالتصويت لصالح جليلي أم قاليباف؛ ومن ثم فالأنظار تتجه الآن إلى الإصلاحيين من أجل تحريك “الكتلة الرمادية” وجذبها لصفهم؛ لتعزيز فرصهم في الجولة الثانية من الانتخابات، وإلا فإن الفائز سيكون مرشح المحافظين، جليلي.

2- فوز بزشكيان بالرئاسة: في ضوء النتائج التي تحققت في الجولة الأولى من الانتخابات بحصول بزشكيان على المركز الأول، فإن ذلك من شأنه أن “يفتح شهية” الإصلاحيين والمعتدلين لاستكمال مسار دعمه والدفع به حتى الوصول لقصر سعد آباد (المقر الرئاسي)، على أساس أن ذلك يمثل عودة للتيار الإصلاحي، الذي كان قد انزوى عن المشهد السياسي في السنوات الأخيرة.

هذا إلى جانب تشجيع أعداد إضافية من الإيرانيين للتصويت لصالح بزشكيان على اعتبار أنه يمثل التغيير المنشود، والذي قد يؤدي إلى تحسين الاقتصاد والظروف المعيشية والانفتاح على الخارج، بعد ثلاث سنوات من حكم الرئيس الراحل رئيسي، تأزمت فيها الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وبلغت مستويات غير مسبوقة.

ويظل ذلك مرتبطاً بالقدرة على جذب أصوات جديدة إلى جانب الكتلة التي صوّتت بالفعل لبزشكيان في الجولة الأولى، سواء من الذي لم يشاركوا أم ممن شاركوا بالتصويت لصالح قاليباف، على اعتبار أن الأخير ينتمي لتيار الوسط في المحافظين. هذا إلى جانب استقطاب أصوات الأقليات القومية في إيران، والتي قد ترى في بزشكيان -الذي ينتمي للقومية الأذرية ويُقال إن والدته كردية سنيّة ويتحدث الأذرية والكردية- استعادة لحقوقها السياسية والاقتصادية.

بيد أن أبرز العوائق التي تقف أمام فوز بزشكيان تتمثل في توحّد المحافظين خلف جليلي، إلى جانب مخالفته لتوجهات بعض المبادئ المتشددة للنظام؛ ومنها مسألة إلزامية الحجاب، وانتقاده الضمني لسيطرة الحرس الثوري على ما يُسمى “اقتصاد العقوبات” والتي تتمثل في عمليات تهريب النفط وغيرها، بالإضافة إلى دعوته للانفتاح على الغرب. وهي أمور لا تلاقي استحسان مؤسسات صُنع القرار المحافظة.

3- تنظيم المحافظين صفوفهم خلف جليلي: من المُحتمل أن تشهد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية فوز المرشح الأصولي، جليلي. ويتوقف هذا الأمر على عدد من العوامل، يأتي على رأسها؛ توحّد جبهة المحافظين لدعم جليلي، وأن يحصل الأخير على إجمالي الأصوات التي ذهبت لقاليباف في الجولة الأولى. وقد أكد قاليباف، بعد الإعلان عن نتائج الجولة الأولى، دعمه لجليلي في جولة الإعادة. وعلى افتراض ثبات الأصوات التي تم منحها لبزشكيان في الجولة الأولى وهي حوالي 10 ملايين صوت، فإن إجمالي الأصوات التي حصل عليها جليلي بالإضافة إلى الأصوات التي حصل عليها قاليباف تُقدر بنحو 13 مليوناً، أي ما يصل لنسبة 53%؛ وهو ما يضمن حينها الفوز لجليلي.

ويُعزز ذلك أيضاً، شعور المحافظين بالخطر من فقدان منصب الرئيس، خاصةً في ظل احتدام التنافس مع الإصلاحيين من ناحية، والظرف الدقيق الذي تمر به إيران في الداخل والخارج من ناحية أخرى؛ وهو ما يدفعهم نحو مزيد من التوحّد لدعم المرشح الأصولي جليلي.

كما يُعد جليلي المرشح الذي تتماهى توجهاته مع التوجهات المتشددة للنظام. كذلك ترى بعض الأوساط المحافظة أنه قد يمثل “بديلاً” للرئيس الراحل رئيسي، والذي كان رئيساً مثالياً بالنسبة للنظام. وقد دعا المرشد خامنئي، في أكثر من مرة قبل عقد الجولة الأولى من الانتخابات، إلى اختيار “رئيس مؤمن بمبادئ الثورة والجمهورية الإسلامية”؛ في إشارة ربما إلى جليلي. وبدت مواقف وتصريحات جليلي خلال المناظرات الرئاسية التي أُجريت قبل الانتخابات، متوافقة مع الخط العام المتشدد للنظام، من حيث موقفه من قضايا الحريات الاجتماعية وخاصةً مسألة الحجاب، وموقفه من الاتفاق النووي والذي يرى أن طهران لم تستفد منه شيئاً.

 

انعكاسات قادمة:

يمكن القول إن فوز المرشح المحافظ، جليلي، يرتهن بتنظيم صفوف الأصوليين لدعمه، بالإضافة إلى عدم توسيع المشاركة الشعبية، والإبقاء على نفس القاعدة التي صوّتت خلال الجولة الأولى. أما فوز المرشح الإصلاحي، بزشكيان، فيرتهن باتساع المشاركة الشعبية خلال جولة الإعادة، من خلال استقطاب “الكتلة الرمادية” أو جزء منها لدعمه.

وعلى الرغم من أن السلطات الحقيقية في يد المرشد الأعلى في إيران، فإن ذلك لا ينفي أن للرئيس ووزير خارجيته مساحة حركة سياسية، يمكنهما من خلالها تنفيذ التوجهات العليا للنظام، لكن بمرونة أكبر. فقد شهدت إيران في عهد الرئيس الأسبق، خاتمي، انفتاحاً غير مسبوق على دول المنطقة والغرب، كما شهدت في عهد روحاني توقيع الاتفاق النووي مع الغرب. صحيح أن تلك القرارات لم تحدث إلا بموافقة القيادة العليا في إيران، إلا إنه لا يمكن نفي أن للرئيس وتوجهاته دوراً واضحاً فيها. والدليل أنه عند مقارنة تلك الفترات مع فترات أخرى لرؤساء من التيار الأصولي أمثال نجاد ورئيسي، سيكون الوضع مُختلفاً.

وبغض النظر عن النتيجة التي سوف تسفر عنها جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، فإن ثمة انعكاسات بعيدة المدى قد تنعكس على المشهد السياسي في البلاد، أبرزها أن الإصلاحيين أثبتوا، مرة أخرى، أنهم قادرون على الحشد ومواجهة الأصوليين، وأنهم رقم صعب داخل المعادلة السياسية، خاصةً بعد الخسارة الكبيرة التي تعرضوا لها بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018، وهو ما تُرجم في تراجع شعبيتهم الواضح في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 2020 و2024. إلى جانب إعادة الأمل لقطاع من الشعب الإيراني في إمكانية التغيير والتي قد تصل إلى بنية النظام السياسي نفسه.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

القضاء الروماني يعتمد نتائج الانتخابات الرئاسية رافضا طعن المرشح اليميني المهزوم

صدّقت المحكمة الدستورية الرومانية اليوم الخميس على نتائج إعادة الانتخابات الرئاسية في البلاد بعد وقت قصير من رفضها طلب إلغاء النتائج الذي قدمه المرشح اليميني المتطرف الخاسر جورج سيميون.

وبعد مداولات أجريت اليوم رفضت المحكمة بالإجماع طلب الإلغاء الذي قدمه أول أمس الثلاثاء المرشح اليميني جورج سيميون الذي خسر السباق أمام منافسه نيكوسور دان المؤيد للاتحاد الأوروبي، بدعوى أن التدخل الأجنبي والتلاعب المنسق أثرا على التصويت.

واعتبرت المحكمة أن طلب الإلغاء "لا أساس له من الصحة"، مشددة على أن قرارها الصادر اليوم "نهائي".

وكان الرئيس المنتخب نيكوسور دان عمدة بوخارست فاز في جولة الإعادة على سيميون بنسبة 53.6% من الأصوات، بهامش يزيد على 829 ألف صوت، ومن المتوقع أن يؤدي دان اليمين الدستورية رئيسا للبلاد يوم الاثنين المقبل.

أما سيميون فقال في منشور له على فيسبوك بعد أن رفضت المحكمة طلبه بالإلغاء إن المحكمة "واصلت الانقلاب، وليس أمامنا خيار سوى القتال، أدعوكم إلى الوقوف معي اليوم وفي الأسابيع المقبلة".

الرئيس الروماني المنتخب نيكوسور دان سيؤدي اليمين الدستورية الاثنين المقبل (الأوروبية) فصل جديد

وقال الرئيس الفائز نيكوسور دان (55 عاما) -وهو عالم في الرياضيات وناشط مدني سابق- خلال مراسم التنصيب "أود أن أشكر الشعب الروماني الذي شارك بأعداد كبيرة في انتخابات مايو، ومن خلال ذلك منح الرئيس الجديد شرعية".

إعلان

واعتبر دان فوزه "فصلا جديد يبدأ في تاريخ رومانيا الحديث والمعاصر"، مؤكدا لمواطنيه أنه يتفهم "مسؤولية التفويض الذي أوكلوه إليه"، مضيفا أنه "ستكون هناك تحديات عديدة، وآمل أن نتغلب عليها جميعا بنجاح".

وبشأن المشهد السائد في البلاد، قال دان اليوم "لقد أظهر المجتمع الروماني حكمة، وأنا مقتنع بأنه سيواصل خلال الفترة المقبلة السعي لتحقيق التغيير الإيجابي الذي تحتاجه رومانيا".

وأضاف "سأناضل من أجل تعزيز مؤسسات الدولة ومن أجل الازدهار الاقتصادي للبلاد، وسأكون شريكا في بيئة الأعمال، وسأكون ضامنا للحريات المدنية".

المنافس اليميني الخاسر جورج سيميون يعتبر قرار المحكمة انقلابا ويتعهد بمواصلة القتال (رويترز) ادعاءات الخاسر

وأقر جورج سيميون سيميون زعيم حزب "تحالف وحدة الرومانيين" اليميني المتشدد والبالغ من العمر 38 عاما بالهزيمة بعد خسارته في جولة الإعادة أمام دان، لكنه طعن في النتائج لاحقا.

وفي طلبه إلغاء الانتخابات ادعى سيميون أن لديه "أدلة دامغة" على تدخل فرنسا ومولدوفا و"جهات فاعلة أخرى" -لم يحددها- في الاقتراع، لكنه لم يقدم أي دليل على زعمه.

وفي زيارة أخيرة لباريس اتهم سيميون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتدخل، كما زعم أن رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي طلب منه حظر الحسابات الرومانية المؤيدة للمحافظين من المنصة قبل الانتخابات، ورفضت فرنسا هذه الادعاءات.

كما زعم أن "أشخاصا متوفين" شاركوا في التصويت، وأنه طلب إلغاءه بناء على الأسباب نفسها التي استند إليها قرار المحكمة العام الماضي.

وعلى عكس دان المؤيد للاتحاد الأوروبي انتقد سيميون ما وصفها بـ"سياسات الاتحاد الأوروبي السخيفة"، وتعهد بوقف المساعدات لأوكرانيا المجاورة التي مزقتها الحرب.

وبعد ساعات من فتح باب التصويت للرومانيين في الخارج يوم الجمعة الماضي اتهم سيميون حكومة مولدوفا المجاورة بتزوير الانتخابات، وهو ما نفته كل من السلطات المولدوفية والرومانية.

إعلان

وحظيت جولة الإعادة في رومانيا -التي أصبحت ركيزة أساسية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) منذ الغزو الروسي لأوكرانيا- بمتابعة دولية دقيقة، بما في ذلك بروكسل وواشنطن.

وفي تعليق لوكالة أسوشيتد برس يوم الأحد الماضي كرر سيميون مزاعم نقل أشخاص بشكل غير قانوني إلى مراكز الاقتراع في مولدوفا، مما يُزعم أنه أثر على 80 ألف صوت.

يذكر أن أكثر من نصف مليون مولدوفي يحملون الجنسية الرومانية، وقد صوّت نحو 158 ألف شخص في الجولة الثانية بمراكز الاقتراع التي أقيمت في مولدوفا.

وكان من المقرر أن يدلي عدد أكبر من المواطنين مزدوجي الجنسية بأصواتهم في دول أخرى.

وباعتبارها عضوة في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو تلعب رومانيا دورا محوريا في البنية التحتية الأمنية الغربية، خاصة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا المجاورة في فبراير/شباط 2022.

أنصار الرئيس الجديد يحتفلون بفوزه في بوخارست (الفرنسية) وضع مأزوم

وأجريت جولة الإعادة في جو متوتر الأحد الماضي بعد أشهر من إلغاء المحكمة نفسها الانتخابات السابقة -التي تصدّر فيها اليميني المتطرف كالين جورجيسكو الجولة الأولى- إثر مزاعم بانتهاكات انتخابية وتدخّل روسي، وهو ما نفته موسكو.

وأدى قرار المحكمة غير المسبوق العام الماضي بإلغاء الانتخابات إلى انزلاق رومانيا إلى أسوأ أزمة سياسية لها منذ عقود.

وتفاقمت الأزمة بسبب سلسلة أخرى من الأزمات، مثل الحرب في أوكرانيا المجاورة وعجز كبير بالميزانية.

وأدت الاضطرابات الانتخابية إلى تفاقم حالة عدم اليقين الاقتصادي في أكثر دول الاتحاد الأوروبي مديونية، وهي دولة يبلغ عدد سكانها 19 مليون نسمة وتعاني من ارتفاع التضخم.

ومن المتوقع أن يؤدي دان اليمين الدستورية رسميا الأسبوع المقبل، وبعد ذلك سيواجه انقسامات مجتمعية عميقة أظهرتها الانتخابات، كاشفة عن بلد أدى فيه الفساد المستشري وعدم المساواة وتآكل الثقة في المؤسسات والأحزاب التقليدية إلى رفض واسع النطاق للمؤسسة السياسية.

إعلان

ومن بين صلاحيات الرئيس الروماني تعيين المناصب الرئيسية، مثل رئيس الوزراء، وله نفوذ كبير في السياسة الخارجية، بما في ذلك تمثيل البلاد بقمتي الناتو والاتحاد الأوروبي.

وسيواجه دان تحدي ترشيح رئيس وزراء قادر على حشد الدعم اللازم لتشكيل حكومة، وهي مهمة شاقة في بلد أدت فيه المشاعر القوية المناهضة للمؤسسة إلى ظهور شخصيات مثل سيميون.  

مقالات مشابهة

  • انتهاء الجولة الخامسة من المفاوضات النووية الإيرانية بتفاؤل حذر
  • تقدم غير حاسم .. اختتام الجولة الخامسة من المفاوضات الإيرانية الأميركية
  • ???? الصورة التي قال ترامب إنها “لمزارعين بيض قتلوا في جنوب إفريقيا”.. هي في الحقيقة لحادثة في الكونغو!
  • القضاء الروماني يعتمد نتائج الانتخابات الرئاسية رافضا طعن المرشح اليميني المهزوم
  • جولة خامسة من المحادثات الإيرانية الأمريكية.. ما فرص النجاح؟
  • “أكسيوس”: الجيش الإسرائيلي يستعد لضرب المنشآت النووية الإيرانية
  • الرئاسة تثري تجرية ضيوف الرحمن وتطلق برنامج “بلغاتهم” بأجهزة الترجمة الابتكارية الذكية
  • الانتخابات الرئاسية في رومانيا.. المحكمة الدستورية ترفض الطعن المقدم من المرشح القومي
  • “مولي براون التي لا تغرق”.. قصة بطلة تيتانيك الحقيقية المنسية
  • “أكسيوس”: الجيش الإسرائيلي يستعد لضرب المنشآت النووية الإيرانية في حال فشلت مفاوضات طهران مع واشنطن