ستارمر يثير أفراحا بريطانية.. وتأملات سودانية
تاريخ النشر: 6th, July 2024 GMT
بقلم محمد المكي أحمد
حقق حزب العمال البريطاني انتصارا تاريخيا ، وباهرا، على حزب المحافظين، في الانتخابات البرلمانية، التي أعلنت نتائجها اليوم ( 4 يوليو 2024) ، إذ حصل على 412 مقعدا برلمانيا مقابل 121 لحزب المحافظين.
أنهى الشعب حكم" المحافظين" الذي إستمر ١٤ عاما .
مشهد دخول السير/كير ستارمر إلى 10 داوننغ ستريت (مقر الحكومة وبيته) وسط احتضان شعبي شكٌل حدثا كبيرا ، لكنه لم يفاجأني.
في 4 أبريل 2020 كتبت مقالا في يوم عن دلالات انتخابه زعيما للحزب.
قبل أشهر ، توقعت أن يترأس الحكومة، في تعليقين على رسالتين تلقيتهما من ستارمر عبر البريد الالكتروني ردا على رسالة أرسلته اليه داعيا إلى العمل لوقف الحرب في غزة ، وكنت توقعت انتصاره أيضا في مقال بالانكليزية بتاريخ ٢٧ يونيو ٢٠٢٤.
بدا لي واضحا في تاريخ قديم أن ستارمر نقل حزب" العمال" الى مرحلة حيوية ، أعاد بناءه، ثم جاءت مضامين خطابه الانتخابي الناجح لتوضح رؤاه بشأن هموم الناس وأولوياتهم .
طرح التغيير ( Change ) شعارا فنجح في تشكيل الرأي العام، وسلط الأضواء ببراعة على سلبيات حكم " المحافظين".
من المشاهد الرائعة أن زعيم المحافظين ورئيس الحكومة(السابق) ريشي سوناك أعلن أنه يتحمل مسؤولية فشل " المحافظين"، وهنأ ستارمر مشيدا بصفاته، أما ستارمر فقد نوه بأدوار قام بها " المحافظون" في خدمة البلد، وأشاد بسوناك .
رسائل النضج السياسي والتحضر لا تصدر إلا في مناخ ديمقراطي، ومن شخصيات تعرف معنى التفويض ، تحترم دولة المؤسسات، لا تتعامل بالأحقاد, الكراهية، سموم " الأنا" والعنصرية كما هو الحال في السودان حاليا ودول أخرى.
دعمت ستارمر بصوتي، في دائرة انتخابية في منطقة سكني بلندن( هولبورن وسانت بانكراس) وقد حملته هذه الدائرة وبدعم ملايين البريطانيين إلى البرلمان مجددا ورئاسة الحكومة .
أهنيء ستارمر بالفوز الكاسح والشعب ، وأحيي نهج التداول السلمي للسلطة العريق، والمنسجم مع روح العصر.
خلال إدلائي بصوتي في الانتخابات سجل السودان حضورا في عقلي وقلبي...
لا يمكن المقارنة بين الأوضاع في المملكة المتحدة والسودان ...
دولة المؤسسات راسخة في بريطانيا، الشعب صاحب الصوت الأعلى ، يعاقب أي حزب ، وأي زعيم يفشل في تلبية التطلعات تسقطه صناديق الانتخابات .
الفرق كبير وشاسع بين بشر يحتكمون الى التداول السلمي للسلطة عبر عملية إنتخابية تنقلهم الى كراسي الحكم أو تسقطهم سلميا، وبين من يجيدون فقط استخدام العنف و البندقية والتآمر والأكاذيب والدس الرخيص والانقلابات للسيطرة على الحكم في السودان .
التجارب الحيوية تتيح أوسع فرص التأمل لأجواء مُناخ يفتح آفاق المستقبل بنهج حضاري ديمقراطي عصري، وبين عواصف انقلابيين ، دمويين، مستبدين وفاشلين أحالوا حياة السودانيين إلى جحيم.
" قادة الأحزاب" السودانية من دون استثناء محتاجون أيضا للتعلم من الدرس البريطاني، بالاقتراب من نبض الشعب وبناء أحزاب عصرية مؤسسية تتيح فرص اطاحتهم ومحاسبتهم.
لندن أرسلت رسالة جديدة وساخنة إلى من يُمسك بالكرسي الساخن، ويجلس فوق جماجم الأبرياء و شلالات الدم بالسودان، مضمونها إحترموا إرادة الشعب.
العالم بات أصغر من قرية..
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
طبيبة بريطانية عائدة من غزة: شهدت موت 60 طفلا جوعا
قالت الطبيبة البريطانية فيكتوريا روز، التي عملت متطوعة لفترة في مستشفيات قطاع غزة، إنها شهدت وفاة 60 طفلا فلسطينيا في القطاع خلال 23 يوما فقط جراء سوء التغذية الناجم عن سياسة التجويع الإسرائيلية.
وروز جرّاحة تجميل، شاركت في بعثة طبية تابعة لمنظمتي "الإغاثة الإسلامية" و"أيديالز" البريطانيتين، للعمل في المستشفيات الميدانية داخل غزة.
وقالت روز، لوكالة الأناضول، إن الأوضاع الإنسانية والصحية بغزة "تسوء كل دقيقة مع القتل اليومي للأطفال جراء الجوع".
وأردفت: "عندما كنت أنا وزميلي الطبيب غراهام في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس جنوبا، توفي 60 طفلا بسبب سوء التغذية خلال 23 يوما فقط، وهذا العدد في تزايد مستمر".
وأوضحت أن إيصال الغذاء إلى غزة بات أمرا "شبه مستحيل"، وأن "المصدر الوحيد المتبقي للطعام هو ما يسمى بمؤسسة غزة للمساعدات الإنسانية، المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، ويعلم جميع الفلسطينيين أن الذهاب إلى نقاط توزيع هذه المؤسسة تتساوى فيه فرص الحصول على الطعام مع فرص الإصابة بالرصاص".
ووفق أحدث معطيات وزارة الصحة بغزة، بلغ عدد وفيات المجاعة وسوء التغذية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى الأربعاء نحو 154 فلسطينيا، بينهم 89 طفلا.
الطبيبة البريطانية، التي سبق أن أدت مهمات طبية في غزة خلال العام الماضي أيضا، شددت على أن "الجوع في غزة يتسبب بأضرار لا يمكن إصلاحها. وبات من شبه المستحيل على الأطباء علاج أي مريض، فسوء التغذية يضرب جهاز المناعة ويمنع التئام الجروح، ونحن نحاول علاج ضحايا انفجارات بأجساد منهكة تماما".
وأضافت: "لدينا نقص حاد في الأدوية، وخاصة المضادات الحيوية، ما يجعل الشفاء من الإصابات أمرا مستحيلا تقريبا".
وذكرت أن الإصابات تقع ضمن 3 فئات رئيسية، الأولى هي إصابات ناتجة عن موجات الصدمة تؤدي إلى تمزق طبلة الأذن أو الأمعاء. وأشارت إلى أن الفئة الثانية عبارة عن حروق شديدة ناجمة عن حرارة الانفجارات أو الحرائق اللاحقة.
إعلانأما الفئة الثالثة فهي إصابات قاتلة نتيجة الشظايا التي تعمل كالرصاص وتتسبب في تمزق الجلد وكسور العظام وقد تخترق الصدر أو الدماغ أو الأمعاء وغالبا ما تكون مميتة، بحسب روز.
وكشفت الطبيبة البريطانية أن العاملين الأجانب في المجال الصحي أيضا يعانون من الجوع، وقالت "اضطررنا لإحضار طعامنا معنا، وكان يُسمح لنا بحمل حقيبة لا تزيد عن 23 كيلوغراما فقط".
وأوضحت أن مستشفى ناصر كان يقدم للكوادر الطبية وجبتين يوميا، لكن هذا الدعم توقف تماما لاحقا. وقالت "لم يكن زملائي يحصلون على أي طعام. كانوا يشترون ما يجدونه بأسعار باهظة، أو يخاطرون بالذهاب إلى نقاط توزيع المساعدات".
ودعت روز قادة العالم إلى التحرك العاجل لمواجهة الكارثة الإنسانية في غزة، مؤكدة ضرورة إيقاف الدور الحالي لما يسمى "مؤسسة غزة الإنسانية". وقالت "يجب السماح بدخول المساعدات إلى غزة عبر عدد كبير من النقاط وبكميات كبيرة".
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، وسط تفاقم أزمة المجاعة مؤخرا، وهي الأزمة التي تسببت بها سياسات إسرائيلية ممنهجة في إطار الحرب.