وسط "زخم" الانتخابات الذي يشهده العالم، من الولايات المتحدة التي أصبح السباق نحو البيت الأبيض فيها شغل الناس الشاغل أينما كان، إلى إيران التي استعاد فيها الإصلاحيّون سدّة الحكم، مرورًا بفرنسا وبريطانيا التي لم تخلُ انتخاباتهما من مفاجآت تكاد تكون غير مسبوقة، يقف لبنان "متفرّجًا"، وهو الذي يعجز مجلسه النيابي عن إنجاز الاستحقاق الرئاسي منذ تشرين الأول 2022، من دون حسيب أو رقيب.


 
وفي وقتٍ لا تلوح في الأفق أيّ "بشائر" بإمكانية انتخاب الرئيس قريبًا، على الرغم من كلّ الوساطات والمبادرات، تستمرّ الانتقادات للنواب على تقصيرهم، وآخرها صدرت عن البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي اعتبر أنّ "الوطن يتلاشى أمام أعيننا بمؤسساته الدستورية"، متحدّثًا عمّا وصفه بـ"أزمة حقيقة"، قال إنّه "لا بدّ من العودة إليها لكي ينتخب المجلس النيابي رئيسًا للجمهورية وفقًا للدستور الواضح والصريح".
 
أما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، فذهب أبعد من ذلك، بدعوته النواب، إذا كانوا عاجزين عن القيام بدورهم، إلى مصارحة من أوصلوهم وأوكلوا إليهم مسؤولية تمثيلهم، أنّ هذا المجلس النيابي، بتركيبته الحالية، غير قادر على انتخاب رئيس، وبالتالي عليه "إفساح المجال لغيره، بالطرق الديمقراطية التي يمليها الدستور؟"، في دعوة مبطنة إلى انتخابات مبكرة، فهل هذا الخيار وارد عمليًا؟!
 
الانتخابات المبكرة
 
في المبدأ، واستنادًا إلى المنطق أيضًا، قد تكون فكرة الانتخابات المبكرة هي الفكرة "البديهية والتلقائية" التي ينبغي تطبيقها في مواجهة عجز مجلس النواب عن القيام بما يتوجّب عليه من أدوار، وعلى رأس ذلك فشله في انتخاب رئيس للجمهورية، وتركه البلاد كلّ هذه الفترة "بلا رأس يقودها"، بحيث تفضي الانتخابات إلى مجلس جديد، قد ينجح حيث فشل "السلف"، فينجح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، إذا ما تغيّرت تركيبته بصورة أو بأخرى.
 
وفي المبدأ أيضًا، اعتُمِد هذا الخيار في العديد من الدول، آخرها فرنسا التي شهدت انتخابات مبكرة بعد قرار الرئيس بحلّ الجمعية الوطنية، على أثر "زلزال" الانتخابات الأوروبية، حتى إنّ العدو الإسرائيلي اعتمده أيضًا مرارًا وتكرارًا في مواجهة أزماته السياسية الداخلية، على الرغم من أنه لم يكن دائمًا حلاً مثاليًا، بدليل "كمّ" الانتخابات التي خاضها في فترات وجيزة، وربما قياسية، في محاولة لتغيير الواقع العام.
 
لكلّ هذه الأسباب، يقول كثيرون إنّ الانتخابات المبكرة يفترض أن تكون "تحصيلاً حاصلاً" في هذه الظروف، ففشل مجلس النواب في انتخاب رئيس لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام، ولا يجوز أن يتعامل النواب مع استحقاق بهذا الحجم، بهذا النوع من الخفّة، عبر رفض كل الوساطات والمبادرات، بل الإصرار على "حقّ" مقاطعة جلسات الانتخاب، وكأنّ إطالة أمد الفراغ لا يُعَدّ "خطيئة سياسية"، لكن ما يُعَدّ "بديهيًا" أينما كان ليس كذلك في لبنان.
 
التمديد مطروح؟!
 
بالعودة إلى الواقعية السياسيّة، بمعزل عن المنطق، فإنّ المعطيات تشير إلى أنّ خيار الانتخابات المبكرة قد لا يكون واردًا، للعديد من الأسباب والاعتبارات، من بينها الاعتقاد أنّ ما يسري على سائر الدول لا يسري على لبنان، وأنّ الذهاب إلى انتخابات مبكرة لن يحلّ الإشكال الحاصل، باعتبار أنّ أيّ تركيبة للمجلس النيابي المقبلة لن تشكّل "انقلابًا" على التركيبة الحالية، في ظلّ قانون انتخابي لا يسمح أصلاً بمنطق "الغلبة المطلقة" لفريق على آخر.
 
على العكس من ذلك، بدأ البعض يروّج لطرحٍ "مضاد" إن جاز التعبير، وهو طرح التمديد للمجلس النيابي الحالي، أسوة بالمجالس البلدية والاختيارية، وأسوة ربما بسائر الاستحقاقات التي يتمّ التعاطي معها على الطريقة "الأسهل"، أي التمديد بكلّ بساطة، انطلاقًا من وجود أولويات يفترض أن يصبّ الاهتمام عليها، من الواقع الأمني في ضوء الحرب في الجنوب واحتمالات تمدّدها، إلى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الآخذة في التصاعد.
 
ويبرّر المروّجون لفكرة التمديد لمجلس النواب الطرح باعتبار أنّه لا يشكّل "مكافأة" لنواب تقاعسوا عن أداء واجباتهم، وإنما على العكس، يؤكد على حقيقة عدم إمكانية الذهاب إلى انتخابات نيابية من دون وجود رئيس للجمهورية في قصر بعبدا، لاعتبارات قانونية ودستورية أيضًا، خصوصًا لما يعقب الانتخابات من استشاراتٍ وغير ذلك لتسمية رئيس جديد للحكومة، ولو أنّ مثل هذه الأمور قد تبدو "شكلية"، ولا سيما أنّ الدستور لم ينصّ على الفراغ.
 
هو "سباق" إذاً، كما يراه البعض، بين فكرتي الانتخابات المبكرة والتمديد لمجلس النواب، علمًا أنّ كلاً من الطرحين يواجه الكثير من التحديات، والتحفّظات في أكثر من جانب، ما يفترض أن يحفّز الأطراف إلى تلقّف "العبرة" نفسها مرّة أخرى، وهي أنّ الحلّ الفعليّ لأزمة الرئاسة ليس بابتداع المَخارِج من هنا أو هناك، بل بالحدّ الأدنى من التفاهم الوطني، الذي يسمح بانتخاب رئيس، تستقيم معه كل المؤسسات الدستورية! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

مجلس النواب يعقد الاثنين المقبل جلسة مسائلة رئيس الحكومة حول الصحة

يعقد مجلس النواب، الاثنين المقبل، جلسة عمومية تخصص للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة.

واوضح بلاغ للمجلس، أن هذه الجلسة، التي تعقد تطبيقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 100 من الدستور ومقتضيات النظام الداخلي، ستنطلق على الساعة الثالثة بعد الزوال، وستتناول « المقاربة الحكومية لتعزيز الحق في الصحة وترسيخ مبادئ الكرامة والعدالة الاجتماعية ».

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمات دلالية الأسئلة الشفوية رئيس الحكومة عزيز أخنوش مجلس النواب

مقالات مشابهة

  • برج الميزان .. حظك اليوم الأحد 6 يوليو 2025: ابتكار أفكار جديدة
  • بنعبد الله ينتقد استمرار ظاهرة العزوف السياسي والأحزاب التي لا يمكنها كسب مقاعد دون مال أو قفف
  • رئيس مجلس النواب يهنئ نظيره بجمهورية القمر الاتحادية بذكرى العيد الوطني
  • ‏رئيس الوزراء اللبناني: الاستعراضات المسلحة التي شهدتها بيروت غير مقبولة بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر كان
  • رئيس اللجنة بأسيوط: بدء تلقى طلبات الترشح لمجلس الشيوخ من اليوم وحتى الخميس
  • الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس النواب الليبي
  • «رئيس جامعة الأزهر»: واذكروه كما هداكم دعوة لدوام الشكر على نعمة الهداية التي لا تُقدّر بثمن
  • مجلس النواب يعقد الاثنين المقبل جلسة مسائلة رئيس الحكومة حول الصحة
  • عبد النباوي يُنتخب رئيسًا لجمعية المحاكم العليا التي تتقاسم ‏استعمال اللغة الفرنسية
  • بري وقّع على القوانين التي أقرها مجلس النواب