أكبر جمعية إسلاميَّة في العالم تنظِّم حفل استقبال لشيخ الأزهر بحضور قادة الأديان
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
نظَّمت جمعية نهضة العلماء الإندونيسية، أكبر جمعية إسلامية في العالم حيث يتجاوز عدد أتباعها 120 مليون شخص، حفل استقبال حاشد لفضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، وذلك بحضور قادة الأديان ورموزها المختلفة في إندونيسا من الكاثوليك والبروتستانت والبوذية و الهندوسية والكونفوشيوسية، بالإضافة إلى الآلاف من قيادات الجمعيَّة ورموزها وشبابها وفتياتها الذين حضروا حفل الاستقبال، ومئات الآلاف الذين تابعوا فعاليات الحفل من خلال البث المباشر.
دفع العدوان عن النَّفس والأرض والوطن .
وفي كلمته خلال الحفل الذي انعقد تحت عنوان " الحوار و الوئام بين الأديان والحضارات" ، قال شيخ الأزهر إنَّ الأديان هي رسالة سلام إلى البشر، بل وإلى الحيوان والنَّبات والطبيعة بأسرها، وعلينا أن نعلم أن الإسلام لا يبيح للمسلمين القتال إلا في حالة واحدة؛ هي دفع العدوان عن النَّفس والأرض والوطن .
مؤكدًا أنه لم يحدث قط أن قاتل المسلمون غيرهم لإجبارهم على الدخول في دين الإسلام؛ لأنَّ الإسلام لا ينظر لغير المسلمين من منظور العداء والتوجس والصراع، بل من منظور المودَّة والأخوَّة الإنسانيَّة، وهناك آيات صريحة في القرآن تنصُّ على أن علاقة المسلمين بغيرهم من المسالمين لهم -أيًّا كانت أديانهم أو مذاهبهم- هي علاقة المودَّة والبر والإنصاف.
وأضاف فضيلته، أنَّ الإسلام ليس هو الدين الذي عليه أن يثبت أنه دين حوار، وأنه دين تكامل الحضارات، وتلاقح الثقافات واحترام الآخرين، فهذه الحقائق يعرفها لهذا الدين مَن يؤمن به ومَن لا يؤمن به على سواءٍ، موضحًا أن التاريخ قد شَهِدَ لحضارة هذا الدين أنها كانت ولا زالت حضارة الأخوة الإنسانية، والزمالة الدينية العالميَّة، وأنها لم تكن أبدًا مصدر شقاء للإنسانية، فلم تضق ذرعًا بأخوَّة الأديان الأخرى، ولم يعرف عنها أنها وقفت منها يومًا موقف عداء معلن أو خفي، أو تجاوزت في نزاعاتها المسلحة مع غير المسلمين شريعة الحق، أو شريعة الدِّفاع عن النفس والوطن.
وأكَّد شيخ الأزهر أنَّه من الواجب على الشرقيين أن يشعروا بروابط أكثر تقاربًا وتآلفًا، يتواصلون بها مع الغرب، وأن يتوقفوا عن اعتبار الحضارة الغربيَّة حضارة كلها شر وخروج على قيم الأديان والفضائل، وأن نستبدل بهذه النظرة نظرة أخرى أكثر تفاؤلًا، تبدو فيها الحضارة الغربية حضارة إنسانية، إن كان فيها بعض المثالب والنقائص فهي لا شكَّ حضارة أنقذت الإنسانية، ونقلتها إلى آفاق علمية وتقنية لم تكن لتصل إليها طوال تاريخها السحيق، لولا عكوف علماء الغرب على مصادر المعرفة الأدبية والتجريبيَّة والفنيَّة، على أن الشرق لديه ما يسد به الغرب ثقوبه الروحيَّة والدينيَّة، ويدفع به عن حضارته عوامل التحلل والاندثار، والغرب لديه الكثير مما يقدِّمُه للشرق لانتشاله من التخلف العلمي والتقني والصناعي وغير ذلك.
واختتم فضيلته: "لعل الخطوة التي خطوناها سويًّا أنا وأخي البابا فرنسيس، وربما لأول مرة في تاريخ العلاقات الإسلامية المسيحيَّة، وأثمرت: وثيقة الأخوة الإنسانية التي يعرفها العالم اليوم من أقصاه إلى أقصاه، واعتمدت الأمم المتحدة يوم إعلانها في الرابع من فبراير يومًا دوليًّا للأخوة الإنسانية؛ لعل هذه الخطوة تُسهِمُ قليلًا أو كثيرًا في إذابة الجليد المتراكم من سوء الفهم والتوتر والتباعد بين أتباع المذاهب والأديان في الشرق كما في الغرب، وبخاصة في أوقات الحروب والأزمات .
من جانبهم أعرب قادة الأديان ورموزها عن ترحيبهم الكبير بفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، مؤكِّدين أن فضيلته يعد رمزًا للسلام والتسامح، وأنهم دائما ما يستلهمون من جهود فضيلته الداعية دائمًا إلى نشر قيم الحق والخير والعدل والأخوة الإنسانية، في نشر روح السلام والتعايش وقيم المواطنة.
فيما أعرب الحضور من جمعية نهضة العلماء عن حبِّهم وتقديرهم لفضيلة الإمام الأكبر والأزهر الشريف؛ حيث أشاروا إلى أنهم يحرصون دائمًا على الاقتباس من نور الأزهر الشريف وعلمائه المخلصين الذين ينشرون الفكر المستنير حول العالم.
ورحَّب السيد ياقوت خليل قوماس، وزير الشؤون الدينية الإندونيسي، بالزيارة الثالثة لشيخ الأزهر في إندونيسيا، استجابةً لدعوة الرئيس الإندونيسي، مؤكدًا أن هذه الزيارة تمثل أهمية كبرى لما يحظى به فضيلة الإمام الأكبر من حبٍّ وتقديرٍ كبيرين في قلوب الإندونيسيين، التي تربى علماؤها على يد علماء الأزهر، ومشوا بنور علمه، وبركة أساتذته المخلصين.
فيما أعرب الرئيس التنفيذي لجمعية نهضة العلماء الإندونيسية عن بالغ سعادته بتلبية شيخ الأزهر الدعوة لحضور الاحتفالية التي أقامتها الجمعية بمناسبة زيارة فضيلته لإندونيسيا، مشيرًا إلى حرص أكثر من ٣٠٠ من رؤساء الجامعات التابعة للجمعية، بالإضافة إلى آلاف الأعضاء، على الحضور لرؤية شيخ الأزهر، ومتابعة مئات الآلاف لفضيلته من خلال المنصات الرقمية للجمعيَّة، وأنَّ هذا يدل على محبَّتهم لشخصية الإمام الأكبر والأزهر الشريف.
وفي نهاية الاحتفالية، سلَّم الرئيس التنفيذي لجمعية نهضة العلماء الإندونيسية درع "نهضة العلماء" لشيخ الأزهر تعبيرًا عن حب الشعب الإندونيسي لفضيلته وسعادتهم بهذه الزيارة الكريمة.
شارك في الاحتفالية فضيلة العلَّامة الشيخ مفتاح الأخيار عبد الغني ط الرئيس العام للهيئة الشورية (هيئة كبار المشايخ) لجمعية نهضة العلماء، وفضيلة الشيخ الدكتور يحيى خليل ثقوف – الرئيس العام للهيئة التنفيذية لجمعية نهضة العلماء، ومعالي وزير الشؤون الدينية الإندونيسية؛ السيد ياقوت خليل قوماش، وقداسة القس الأب غومار غولثوم ، قس الكنيسة البروتستانتية الإندونيسية، وممثل عن قداسة الأسقف الأب إيغناثيوس سوهارْيو، كاردينال الكنيسة الكاثوليكية الإندونيسية ، وسماحة الرهيب الدكتور مادي مانغكو فاستيكا ، زعيم الأمة الهندوكية الإندونيسية، وسماحة البانتي فانافارو، القائد الديني الأعلى للأمة البوذية الإندونيسية، وسماحة السيد بودي سانتوسو تانو ويبوو ، زعيم الأمة الكنفوسية الإندونيسية، وعدد كبير من الشخصيات الدينية والفكرية والثقافية في إندونيسيا .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر شيخ الأزهر نهضة العلماء الإندونيسية الإمام الأكبر حفل إستقبال جمعیة نهضة العلماء الإمام الأکبر الأزهر الشریف شیخ الأزهر ة الأدیان
إقرأ أيضاً:
إسلامي مغربي: الرد الإيراني وضع الكيان في ورطة وغيّر معادلات الصراع
قال محمد الحمداوي، القيادي في جماعة العدل والإحسان المغربية، إن الرد العسكري الإيراني الأخير على الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق "أعاد رسم معادلات الردع في المنطقة"، ووضع الكيان الإسرائيلي في "ورطة متعددة الأبعاد"، سياسيًا وأمنيًا واستراتيجيًا.
وفي تحليل مطوّل خص به وسائل إعلام، أشار الحمداوي إلى أن الهجوم الإيراني الذي نُفذ بأكثر من 200 صاروخ وعشرات المسيّرات "تجاوز كل الأعراف التقليدية"، موضحًا أن "الرد لم يأتِ عبر الحلفاء الإقليميين كما جرت العادة، بل مباشرة من داخل إيران، وهو ما أربك الكيان الصهيوني وكسر قواعد الاشتباك القديمة".
تحول استراتيجي في ميزان الردع
وأضاف الحمداوي أن "الرد الإيراني شكل نقلة نوعية في توازن الرعب"، مشيرًا إلى أن "القبة الحديدية، رغم تطورها، لم تتمكن من التصدي الكامل لهذا الهجوم، مما كشف هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية".
وقال: "الكيان وجد نفسه عاجزًا عن التحكم في المبادرة، وأُجبر على التراجع إلى موقع دفاعي لم يعهده منذ سنوات".
تداعيات على المشهد الإقليمي
وفيما اعتبره "أحد أكبر الإحراجات السياسية لحلفاء إسرائيل"، أشار الحمداوي إلى أن "الرد الإيراني السريع والمباشر أحبط المخططات التي كانت تراهن على تفوق إسرائيل الاستراتيجي، ووضع الإدارة الأمريكية في وضع صعب، حيث لم تعد قادرة على تأييد مطلق للكيان دون تعريض المنطقة لانفجار شامل".
وأضاف أن "رد إيران كان بمثابة إعلان عن تحولها إلى قوة عسكرية إقليمية ذات قدرة على فرض توازن ردع حقيقي"، مشددًا على أن "رسالة طهران كانت واضحة: أي اعتداء على الأراضي الإيرانية سيُقابل برد مباشر، مؤلم، ومكلف".
سيناريوهات قادمة مفتوحة على كل الاحتمالات
وتحدث الحمداوي عن ثلاثة سيناريوهات محتملة للأيام القادمة: تهدئة مؤقتة عبر وساطات دولية، تصعيد تدريجي بضربات متبادلة، أو انزلاق نحو مواجهة شاملة، مشيرًا إلى أن السيناريو الثالث، رغم ضعفه، "يظل واردًا في حال أخطأ أحد الطرفين التقدير أو قام بتحرك غير محسوب".
وأكد أن "المواجهة المباشرة بين إيران والكيان الصهيوني عززت الثقة في قدرة محور المقاومة على الرد والتأثير، وأظهرت أن معركة غزة ليست معزولة، بل تحظى بدعم استراتيجي إقليمي مباشر أو غير مباشر".
رسالة للحكام المطبعين
وختم الحمداوي تصريحه برسالة إلى الأنظمة العربية المطبعة، قائلاً: "من سارعوا إلى التحالف مع الكيان الصهيوني تحت وهم القوة والتفوق، باتوا اليوم أمام كيان مهزوز، مأزوم داخليًا، ومحصور في زاوية رد الفعل. هذه اللحظة فرصة للأمة لإعادة البوصلة نحو الوحدة، والكرامة، وخيار المقاومة الحقيقي".
وبدأت إسرائيل فجر الجمعة، بدعم ضمني من الولايات المتحدة، هجوما واسعا على إيران بعشرات المقاتلات، أسمته "الأسد الصاعد"، وقصفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ بمناطق مختلفة واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الهجوم "استباقي" وجاء بتوجيهات من المستوى السياسي، فيما أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن العملية "غير المسبوقة" تهدف إلى "ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية، ومصانع الصواريخ الباليستية، والعديد من القدرات العسكرية الأخرى".
وفي مساء اليوم نفسه، بدأت إيران الرد على الهجوم بسلسلة من الضربات الصاروخية الباليستية والطائرات المسيّرة، بلغ عدد موجاتها حتى الآن ستة، ما أدى – بحسب وسائل إعلام عبرية – إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة 172 آخرين بجروح متفاوتة، فضلا عن أضرار مادية كبيرة طالت مباني ومركبات.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن "حدث خطير جدا" في تل أبيب، عقب قصف إيراني استهدف موقعا استراتيجيا، دون الكشف عن تفاصيل إضافية بسبب الرقابة العسكرية الصارمة وتعليمات التعتيم المفروضة من قبل الجيش.
والهجوم الإسرائيلي الحالي على إيران يعد الأوسع من نوعه، ويمثل انتقالا واضحا من "حرب الظل" التي كانت تديرها تل أبيب ضد طهران عبر التفجيرات والاغتيالات، إلى صراع عسكري مفتوح يتجاوز ما شهده الشرق الأوسط منذ سنوات.