القوى الوطنية.. وفترة ما بعد السيسي
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
لا أدري إن كانت الشواهد والمؤشرات هي لما يسمى فترة ما بعد السيسي، وهل السيسي سيرحل، أم هي سلسلة متصلة الحلقات نظمها الفاعل الإقليميّ والدوليّ لقطع الطريق على القوى الوطنية بمختلف تياراتها السياسية غير التابعة للغرب، لمنع إحياء ربيع الثورات حماية للعروش العربية والمصالح الغربية.
الوقائع وحجم الانتهاكات التي ما زالت سارية المفعول حتى اللحظة تؤكد عدم إمكانية ومصداقية هذا النظام القبول بفتح صفحة جديدة مع أي تيار، أقول: أي تيار لأسباب عدة منها:
أولا؛ السيسي نموذج تجريبي على غرار تجريب أسلحة الدمار الشامل المحرمة والمجرّمة دوليا، والتي تجريها الأنظمة والأجهزة الغربية في الصراعات العسكرية في مناطق العرب والمسلمين دون غيرها؛ لأنها مناطق مستباحة يحكمها أتباع وأذرع الغرب -أذناب الاستعمار- وهم في الغالب أنظمة حكم عسكرية أو بخلفيات عسكرية أو بدعم عسكري.
الوقائع وحجم الانتهاكات التي ما زالت سارية المفعول حتى اللحظة تؤكد عدم إمكانية ومصداقية هذا النظام القبول بفتح صفحة جديدة مع أي تيار
ثانيا؛ حسم الغرب والشرق موقفه من حركات وجماعات الإسلام السياسي السني دون غيره خاصة جماعة الإخوان، وخرجت التقارير تحسم الجدل القديم في التعاطي مع الإسلام السياسي الذي ينهج النضال السلمي ضد أنظمة الاستبداد والفساد، وكانت النتيجة؛ التحول من وجهة النظر كونها جدارا عازلا بين الحركات المتشددة المسلحة وأنظمة الحكم إلى اعتبارها جماعة إرهابية، وأن الجميع في سلة واحدة، وهي عقيدة أسسها الغرب والشرق بالتعاون مع الأجهزة الأمنية العربية الموجودة في مصر والخليج والتي غيّرت موقفها من الإخوان من تسعينيات القرن الماضي بالتزامن مع الغزو العراقي للكويت ثم بالتزامن مع ثورات الربيع العربي.
ثالثا؛ النموذج التجريبي للسيسي حقق نتائج مبهرة للمشروع الصهيوني الغربي في إزاحة كل مكونات المشهد الوطني -إسلامي وليبرالي- وفُرض بالمال والبندقية، وتمت إزاحة صندوق الانتخاب وفُرض صندوق الذخيرة بتكلفة بسيطة للغاية على الأنظمة والأجهزة، وإن كانت التكلفة باهظة وفادحة على الدول والشعوب في الحاضر والمستقبل.
رابعا؛ النموذج التجريبي للسيسي لم يكلف الخليج إلا عدة مليارات وهو أهون وأرخص الموجود لديها، ولم يكلف الغرب سوى الصمت والإقرار وأحيانا القلق والاستنكار، لكن النتائج مبهرة للغرب والشرق في إسكات وإخماد وتكميم كل الأصوات الحرة إلا النادرة.
النموذج التجريبي للسيسي قائم وسيبقى خاصة في غياب القوى الحية للمجتمع والدولة، من أشخاص وكيانات ومؤسسات، ولا رهان على الغرب والشرق، بل لا رهان على بقايا المعارضة إذا استمرت مشغولة بصراعاتها البينية والداخلية، ولم تستجب لطى صفحة الماضي واستئناف روح النضال التشاركية
خامسا؛ النموذج التجريبي للسيسي حقق لصهاينة اليهود ما لم يتحقق بالحروب والنزاعات، وحقق لأنظمة الخليج تأمين عروشهم من عواصف الربيع العربي، وأتاح الفرصة للمؤسسات العسكرية من السيطرة الميدانية على الشعوب والدول ومؤسساتها السيادية في الجيش والشرطة والقضاء والإعلام بصفة خاصة.
سادسا؛ النموذج التجريبي للسيسي قائم وسيبقى خاصة في غياب القوى الحية للمجتمع والدولة، من أشخاص وكيانات ومؤسسات، ولا رهان على الغرب والشرق، بل لا رهان على بقايا المعارضة إذا استمرت مشغولة بصراعاتها البينية والداخلية، ولم تستجب لطى صفحة الماضي واستئناف روح النضال التشاركية، ووضع آليه لإعداد منصات قيادة جديدة، تناسب حجم التحديات ومستوى الطموحات، منصات جديدة بعيدة عن رواسب الماضي المؤلمة والمعطلة، منصات قيادة وطنية متنوعة الأفكار والألوان، يحتفظ فيها كل فصيل بمرجعيته العقدية فهذا حقه، وتبقى المرجعية الأساسية: وطن واحد يسعنا جميعا، نعيش فيه بحرية وكرامة إنسانية.
لذا فإن المنتدى المصري "برلمانيون لأجل الحرية" يدعو كل القوى الوطنية بمختلف تياراتها السياسية والنخب الفكرية والثقافية وكافة المهتمين بالشأن العام أن يلتفوا حول إطار عريض ينطلق من المقومات الأساسية لهذا المجتمع، وأن يتعاونوا في المتفق عليه -وهو كثير- وأن يتحاوروا حول المختلف فيه -وهو قليل- من أجل إنقاذ مصر من سيطرة حكم العسكر وتداعياته على مستقبل مصر شعبا وهوية وأرضا، فهذا ما يقتضيه الواجب الوطني، والفترة الحرجة التي تمر بها البلاد.
(رئيس منتدى البرلمانيين المصريين في الخارج- 77 نائبا حول العالم)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السيسي مصر القوى الوطنية مصر السيسي التغيير القوى الوطنية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الغرب والشرق رهان على
إقرأ أيضاً:
كيف ينتج الذكاء الاصطناعي معلومات خاطئة؟
#سواليف
تخيّل أنك تخوض امتحان تاريخ دون استعداد كافٍ، وتعتمد فقط على الحدس في الإجابة، فتربط “1776” بالثورة الأمريكية و”هبوط القمر” بعام 1969. هذا تقريباً ما تفعله نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) مثل ChatGPT: إنها لا تفهم أو تفكر، بل “تخمّن” الكلمة التالية بناءً على أنماط شاهدتها في كميات هائلة من النصوص.
هذه الحقيقة تؤكد قوة #نماذج #اللغة_الكبيرة وحدودها، وهذا يقودنا إلى السؤال الأهم: إذا كانت النماذج بهذه الذكاء، فلماذا لا تزال ترتكب الأخطاء، أو تهلوس الحقائق، أو تظهر تحيزاً؟ لفهم ذلك، علينا التعمق في كيفية تعلمها، وفق “إنتريستينغ إنجينيرنغ”.
كيف تعمل هذه النماذج؟
تُقسّم اللغة إلى وحدات صغيرة (رموز) مثل “wash” و”ing”، وتخصص لكل منها وزناً في شبكة عصبية ضخمة، ثم تعدّل هذه الأوزان باستمرار خلال التدريب لتقليل الأخطاء. بمرور الوقت، تتقن هذه النماذج التعرف على الأنماط، لكنها لا “تعرف” الحقائق، فهي فقط تتوقع ما يبدو صحيحاً.
مقالات ذات صلةلماذا تخطئ أو تهلوس؟
لأنها تخمّن. هذا التخمين يؤدي أحياناً إلى “هلوسة” معلومات خاطئة أو مفبركة بثقة، كاختراع مصادر أو استشهادات.
هذه ليست أكاذيب متعمّدة، بل نتيجة لعدم تمييز النموذج بين الصحيح والمزيف.
وفي التطبيقات العملية، يمكن للهلوسة أن تؤدي إلى عواقب وخيمة، وفي البيئات القانونية والأكاديمية والطبية، يمكن للذكاء الاصطناعي اختلاق قوانين ومصادر أو تشخيص الحالات بثقة تامة دون معرفة تاريخ صحة المريض، وهذا يوضح ضرورة مراجعة البشر لأي محتوى ينتجه الذكاء الاصطناعي والتحقق منه، خاصةً في المجالات التي تعدّ فيها الدقة أمراً بالغ الأهمية.
التحيّز والمعرفة القديمة
نظراً لأن النماذج تتعلم من بيانات الإنترنت، فهي معرضة لاكتساب التحيزات الثقافية والجندرية والسياسية المتأصلة في تلك البيانات.
كما أن “معرفتها” مجمّدة زمنياً، فإذا تغير العالم بعد آخر تدريب لها، تصبح استنتاجاتها قديمة.
لماذا يصعب إصلاح هذه الأخطاء؟
يعمل مدربو الذكاء الاصطناعي مع مليارات الاحتمالات، وتدريبهم مرة أخرى من الصفر مكلف من حيث المال والقدرة الحاسوبية، والأسباب متشعبة، منها:
تكلفة تحديث البيانات: تدريب نموذج جديد يتطلب موارد هائلة.
غموض “الصندوق الأسود”: لا يمكن دائماً تفسير لماذا أعطى النموذج استجابة معينة.
محدودية الرقابة البشرية: لا يمكن فحص كل إجابة يخرج بها النموذج.
الحلول المطروحة
وللتغلب على هذه المشكلات، يلجأ المطورون إلى:
التعلّم المعزز بالتغذية الراجعة البشرية (RLHF)، حيث يقيّم البشر مخرجات النموذج لتحسينه.
الذكاء الاصطناعي الدستوري، كما لدى Anthropic، لتدريب النماذج على الالتزام بمبادئ أخلاقية.
مبادرة Superalignment من OpenAI، لتطوير ذكاء اصطناعي يتماشى مع القيم الإنسانية دون إشراف دائم.
قانون الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي، الذي يضع قواعد صارمة للأنظمة عالية المخاطر.
ما دور المستخدمين؟
#الذكاء_الاصطناعي أداة قوية، لكنه ليس معصوماً. لذا، تظل المراجعة البشرية ضرورية، خاصة في المجالات الحساسة كالقانون والطب والتعليم، فالخطأ الذي يصدر عن الذكاء الاصطناعي، تقع مسؤوليته على البشر، لا على الخوارزميات.