أعلنت الرئاسة الفرنسية، اليوم الثلاثاء، أن الرئيس إيمانويل ماكرون قبل استقالة الحكومة لتتولى "تصريف الأعمال". فبعد حوالي 10 أيام على إعلان نتائج الانتخابات التشريعية الفرنسية، لا تزال البلاد دون حكومة جديدة، وهو ما خلق وضعا وصفعه مراقبون بـ"غير المسبوق".

وقد يستمر هذا الوضع لأسابيع أخرى. فاليسار لم يتوفق في اختيار اسم لرئيس وزرائه.

وبالتالي، لا يزال غابرييل أتال في ماتينيون، رغم قبول الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون استقالته يوم الثلاثاء 16 تموز، لتتولى حكومته تصريف الأعمال.

وفي رسالة نشرتها الصحافة المحلية الخميس الماضي، قال ماكرون إنه يريد "منح القوى السياسية القليل من الوقت للتوصل إلى حلول وسط".

ويطالب اليسار، الذي حصل على أكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية (البرلمان)، بتعيين رئيس وزراء من الجبهة الشعبية الجديدة.

وقد زاد الوضع تعقيدا بعد أن أعلن وبشكل مفاجئ، حزب "فرنسا الأبية" مساء الاثنين 15 تموز توقف المفاوضات حول اسم مرشح التكتل اليساري الجديد في ماتينيون.

وشدد على أنه "في الوقت الحالي، لن يشارك في أي مناقشات إضافية حول تشكيل الحكومة حتى يتم الحصول على الترشيح الوحيد للجمعية العامة، كما "لن يعود إلى هذا الأمر حتى يتخلى الحزب الاشتراكي عن حق النقض ضد أي مرشح غير مرشحه".

وبحسب رئيس الجمعية الفرنسية للقانون الدستوري، جوليان بونيه، فإنه "لا يوجد ما يلزم رئيس الجمهورية دستوريا بتسمية مرشح من الجبهة الشعبية الجديدة رئيسا للوزراء. لكنه مقيد بشدة بواقع نتيجة الانتخابات. وسيكون من الغريب ديمقراطيا ألا يأتي رئيس الوزراء من مجموعة الأغلبية".

المصدر: السومرية العراقية

إقرأ أيضاً:

الحكومة السورية الجديدة بين التحدي والأمل: دعوة للصبر والبناء

حكومة ناشئة والتحديات:

وُلدت حكومتنا السورية الجديدة في ظروف استثنائية، بعد عقود من القهر والفساد والدمار، ورثت بلدا متعبا وممزقا، وثقلا عمره نحو ستين عاما من الاستبداد. إنّها حكومة وليدة، تحاول أن تثبّت أقدامها على أرض مليئة بالعوائق والمطبّات، في زمن تتشابك فيه الملفّات وتتصارع فيه القوى. لا بد أن نعي أن البناء لا يكون سريعا، ولا النتائج فورية. فكما لا تُبنى البيوت وسط العواصف في يوم وليلة، كذلك لا تُبنى الدول فجأة، ولا تتحقق الإنجازات العميقة بلا وقت وصبر وتدرّج. إنّ التأسيس الحقيقي لأيّ دولة جديدة يحتاج إلى عقليّة متزنة ووعي عميق بأنّ ما أُفسد في ستين سنة لن يُصلَح في ستة أشهر، فمن استعجل الشيء قبل أوانه عُوقب بحرمانه..

أزمة وعي مجتمعي في النقد الهدام:

لسنا ضد النقد، بل نحتاج إليه، لكن بشرط أن يكون نقدا بنّاء لا هدّاما مغلّفا بالاتهامات والسوداوية والتشاؤم. النقد مسؤولية، ومن واجب كل منتقد أن يقدم بدائل واقعية، لا أن يكتفي بالسخرية والتشكيك، فالحكومة لا تملك عصا موسى عليه السلام. وكما قيل: "النجاح الوطني لا يُصنع بالعجلة، بل بالتعليم الصارم والانضباط والتخطيط طويل الأمد".

لا يجوز لمن لم يشارك في البناء أن يكون أول من يهاجم، ولا لمن لم يقدّم حلا أن يكون أسرع الناس نقما وتثبيطا. علينا أن نكون عقلاء في حكمنا، منصفين في تقييمنا، واقعيين في توقّعاتنا
نرى حكومتنا تعمل وتجتهد رغم الحصار، ورغم الحرب، ورغم الضربات المتتالية من أعداء الداخل والخارج، منهم جماعة حكمت الهجري في السويداء التي توالي إسرائيل، وفلول وبقايا النظام الأسدي المجرم من الساحل، وقوات قسد في الشمال الشرقي، بل وحتى من بعض أبناء الوطن الذين يهاجمون بلا وعي، أو يحبّطون بلا بديل، ناهيك عن الانتهاكات الإسرائيلية لبلادنا، وقصفها الإجرامي الممنهج قلب دمشق وتوغلها في الجنوب السوري.

وهنا نؤكد: لا يجوز لمن لم يشارك في البناء أن يكون أول من يهاجم، ولا لمن لم يقدّم حلا أن يكون أسرع الناس نقما وتثبيطا. علينا أن نكون عقلاء في حكمنا، منصفين في تقييمنا، واقعيين في توقّعاتنا.

موارد عظيمة وشعب قادر على البناء

بلدنا غني بالموارد والخامات الطبيعية، وفيه طاقات بشرية هائلة، من عقول نابغة وأيادٍ ماهرة وشباب متحمّس ينتظر النداء. فلماذا لا نستخدم هذه القدرات بدل أن نستهلكها في الشكوى؟ لماذا لا نمدّ يدا للبناء بدلا من لسان اللوم، وسخط الانتظار؟

إن الحل يبدأ حين نحسن توظيف هذه الطاقات، ونفتح الباب أمام المبادرات، ونتوقف عن تهميش العقول وقتل الإبداع بالإهمال أو الحسد أو الخوف. علينا أن نُشجّع التفكير الحرّ المسؤول، ونزرع الثقة في كل من لديه فكرة أو مشروع أو طاقة تحتاج فرصة. نحتاج إلى وضع أهداف دقيقة، وتقييم المسارات بصدق، وتصحيح ما يمكن تصحيحه، وتغيير ما يجب تغييره، لا أن نهدم لمجرد الهدم، بل أن ننسف الفاسد لنقيم مكانه ما هو أصلح وأصلب وأمتن.

بين الأمس واليوم
الحلول تبدأ منّا، من اكتشاف العقول الفتية، وتشجيع التفكير، وتنمية المبادرات، وتهيئة الفرص العادلة. لا يكفي أن ننتقد، بل علينا أن نُقدّم، وأن نكون إيجابيين
لنعد قليلا إلى الوراء ونتأمل: أين كنا؟ وأين صرنا؟ لا أحد ينكر أن الطريق طويل، لكن لا أحد ينكر أيضا أن هناك خطوات واضحة تمّت على الأرض. هناك خدمات بدأت تعود، ومؤسسات بدأت تتحرك، ومحاولات جادة لتحسين الأمن والمعيشة، رغم كل الظروف القاسية، لا سيما بعد رفع العقوبات الدولية عن بلدنا..

لقد شهد حتى الخصوم وبعض الزعماء الدوليين ومنهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنّ هذه الحكومة تعمل وتتحرك بسرعة وجدية تفوق المتوقع. والفضل ما شهدت به الأعداء. أليس هذا دليلا على أننا نسير، نحو الأفضل؟

دعونا نكون جزءا من الحل

حب الوطن لا يكون بالصراخ والندب، بل بالعمل والمشاركة والمبادرة. فإضاءتك شمعة خير لك من أن تلعن الظلام. إنّ الحلول تبدأ منّا، من اكتشاف العقول الفتية، وتشجيع التفكير، وتنمية المبادرات، وتهيئة الفرص العادلة. لا يكفي أن ننتقد، بل علينا أن نُقدّم، وأن نكون إيجابيين.

لنمدّ يد العون لحكومتنا، فيد الله مع الجماعة، نرشدها إذا أخطأت، نساندها إذا وُجهت، ونعمل معها بوعي وصبر. فالمعركة اليوم ليست بين فئات، بل بين من يريد البناء ومن يريد الهدم، بين من يصبر ويزرع، ومن يريد قطف الثمر قبل أوانه. لنكن من الزرّاع، لا من القاطعين. ومن البنّائين، لا من المثبّطين. فهكذا تُبنى الأوطان.

مقالات مشابهة

  • رئيس الـ فيفا يقبل دعوة وزير الرياضة لحضور افتتاح معسكر المنتخبات الوطنية بمصر
  • رئيس الفيفا يقبل دعوة وزير الرياضة لحضور افتتاح معسكر المنتخبات الوطنية
  • فلوس يوميا بدون مخاطر.. شهادات الادخار الجديدة في البنوك
  • "الشعبية": الإدارة الأمريكية شريكة تمامًا في تجويع وقتل شعبنا
  • رئيس أركان جيش الاحتلال يعتقد أن حكومة نتنياهو ستعد ملفا ضده لتحميله مسؤولية فشل الأهداف في غزة
  • بعد ثلاثين عامًا في السجون الفرنسية: مصير بوعلام بن سعيد معلّق بانتظار موافقة الجزائر
  • الحكومة السورية الجديدة بين التحدي والأمل: دعوة للصبر والبناء
  • استقالة رئيس وزراء ليتوانيا في إطار تحقيق بشأن مخالفات مالية
  • اعتراف فرنسا بفلسطين.. دعم من ماكرون للقضية أم استعراض رخيص؟
  • مرشح الجبهة الوطنية بالمنوفية يكثف لقاءاته الجماهيرية بشأن المشاركة في انتخابات الشيوخ