كيف تستعدّ إسرائيل للحرب الشاملة مع حزب الله؟
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
ذكر موقع "عربي 21" أنّ صحيفة "وول ستريت جورنال" نشرت تقريرًا، تناولت فيه استعدادات إسرائيل لحرب محتملة مع حزب الله؛ حيث تتوقع تل أبيب يوميًا وابلًا من 4000 صاروخ وآلاف الإصابات في حال اندلاع هذه الحرب، ما قد يتجاوز تأثير حرب غزة.
وقالت الصحيفة، إن مجمع رمبام للرعاية الصحية يعالج جرحى القتال في غزة فوق الأرض، بينما يستعدّ المستشفى الرائد في شمال إسرائيل، تحت الأرض، لما يمكن أن يكون الحرب القادمة في البلاد؛ أي الصراع الشامل مع حزب الله.
وذكرت الصحيفة أن أربع غرف عمليات، وجناح للولادة ومركز لغسيل الكلى، هي من بين المرافق التي أقامها المستشفى في ثلاثة طوابق تحت الأرض في مرآب السيارات، كجزء من خطته لمواصلة العمل إذا تصاعد تبادل إطلاق النار اليومي بين إسرائيل و"الحزب" عبر الحدود مع لبنان.
وأضافت الصحيفة أن أسرّة المستشفى وضعت بجانب خطوط الأكسجين والشفط المدمجة داخل جدران موقف السيارات، وتكدست الأدوية على رفوف قابلة للدحرجة، وتم تعليق قنوات التهوية من السقف. ويتدرب الأطباء على إخلاء عنابرهم إلى مرآب السيارات، استعدادًا لنقل العمليات تحت الأرض في غضون ثماني ساعات، والاستعداد لاستقبال مرضى جدد.
ونقلت الصحيفة عن الدكتور مايكل هالبرثال، مدير المستشفى، قوله: "نتوقع أن يكون لدينا آلاف المصابين هنا. وهذا ما نحن نستعد له".
وأوضحت الصحيفة أن مراكز الرعاية الصحية وخدمات الطوارئ والسكان في كافة أنحاء إسرائيل يستعدون لحرب قد تفوق بكثير أضرار الصراع مع حماس. فحزب الله أفضل تدريبًا وأكثر تسليحًا، ولديه مخزون صاروخي يقدره الخبراء بـ150 ألف قذيفة قادرة على حصار البلد بأكمله.
وأفادت الصحيفة بأن "حزب الله" بدأ في مهاجمة إسرائيل في اليوم التالي لهجمات 7 تشرين الأول التي قادتها حماس، ويقول إنه لن يتوقف حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. وقد أدى القتال إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين من كلا الجانبين. وتهدد إسرائيل بحرب شاملة إذا لزم الأمر لتأمين حدودها الشمالية وإعادة الناس إلى منازلهم.
وفي حال حدوث ذلك، تتوقع سلطات الطوارئ والبلدية الإسرائيلية أن تنهمر 4000 قذيفة وصاروخ كل يوم، ما قد يشبع الدفاعات الجوية على الأرجح. وقد يصل عدد الإصابات اليومية إلى الآلاف. ومن المحتمل أن تندلع مئات الحرائق والدمار الواسع النطاق للبنية التحتية العامة والمنازل الخاصة، وكل ذلك يستنزف موارد فرق الاستجابة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه يمكن أن يكون الدمار في لبنان واسع النطاق. فقد أدى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى تدمير أكثر من نصف مباني القطاع، وفقًا لتقديرات حديثة تستند إلى بيانات الأقمار الصناعية، كما خلّف أكثر من 38,000 قتيل، بحسب السلطات الصحية في غزة. وقالت الصحيفة إن جمعيات أصحاب المنازل في كافة أنحاء إسرائيل تقوم بإخلاء الملاجئ المتربة في المباني السكنية، وإصلاح السباكة، وتخزين المياه، والإمدادات للاستعداد للإقامة الطويلة تحت الأرض. ويحتفظ البعض في تل أبيب بأكياس من المستلزمات الأساسية معبأة عند الباب. ويتم تعزيز طواقم الطوارئ، ويتم تأمين الإمدادات من الضروريات مثل الدم.
وذكرت الصحيفة أن هالبرثال قاد عملية الفرز في رمبام خلال حرب إسرائيل الأخيرة مع حزب الله، وهي حرب استمرت 34 يومًا في سنة 2006، عندما اهتز المستشفى مع سقوط حوالي 70 صاروخًا في مكان قريب. ودفعت تلك التجربة المستشفى إلى بناء المنشأة تحت الأرض، التي تدعي أنها أكثر المنشآت الطبية تحصينًا في العالم. (عربي 21)
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: مع حزب الله الصحیفة أن تحت الأرض
إقرأ أيضاً:
السرديات المضللة في حرب السودان
السرديات المضللة في حرب السودان
فيصل محمد صالح
ليستْ هناك سردية واحدة لأسباب وبدايات ومجريات حرب السودان، ليس فقط لاختلاف التفسيرات، ولكن للاختلاف حول الوقائع نفسها، بدايةً من قصة بداية الحرب حتى الآن. هذه السرديات تتعامل بانتقائية شديدة مع الأحداث والوقائع، تأخذ ما تريده وتركز عليه وتتجاهل بقية المعطيات، وترفض ربط الأحداث ببعضها البعض، كما أنها تتعامل بتبسيط مخل… «إما أن تأخذ بضاعتنا كما هي، أو أنك عدونا».
سردية بداية الحرب تتعرض كل يوم لامتحان قاسٍ، عبر الفيديوهات التي تحمل إشارات وأقوالاً مباشرةً وعبر الأسرار التي تتكشف كل يوم عمن خطط لهذه الحرب وأعد لها من قبل شهوراً طويلة. هناك ثروة من التسجيلات واللقاءات والتصريحات وبعضها بها اعتراف صحيح بالمسؤولية عن الحرب، إلا أنه ومن باب الأمانة، ليس ثمة طرف من هذه الأطراف كان يظن أن الحرب ستطول أكثر من ثلاثة أو أربعة أسابيع، وهذه جريمة أخرى. وكثير من التصريحات الحالية لقيادات عسكرية نظامية وأخرى ميليشياوية توضح أن «الدعم السريع» عدو ثانٍ، لكن عدوهم الأكبر هو كل من انتمى لثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، ودونك الحديث الأخير لقائد «كتائب الحركة الإسلامية» المصباح أبو زيد.
الحشد السياسي للحرب كان في قمته، لكن الاستعداد العسكري ثبت أنه كان في أدنى مستوياته، بدليل نتائج الحرب في أول أسابيع. خلال أيام انزوت كتائب الجيش في ثكناتها، المهندسين ووادي سيدنا في أم درمان، سلاح الإشارة ومعسكر حطاب في بحري، والمدرعات وجزء من القيادة في الخرطوم. وما فعلت كتائب الجيش ذلك عن جبن ولا عن استسلام، لكنها كانت بلا تسليح ولا إعداد كافٍ وبلا حتى مجموعات مشاة قتالية كافية.
في الوقت نفسه ثبت أن «الدعم السريع» استعدت للحرب وأعدت قواتها وخططها، تدفعها قبل كل ذلك الطموحات السياسية لقائدها، وكان منطقه البسيط يقول إن معارفه الفطرية من دون تعليم نظامي أو تأهيل عسكري قادته ليكون الرجل الثاني في الدولة، فما الذي يمنع أن يكون الرجل الأول…؟
انظر، من ناحية أخرى، إلى حوادث مهاجمة مدينة بورتسودان بمسيّرات «قوات الدعم السريع»، وما يمثله من تصعيد خطير للحرب ونقلها لمرحلة ثانية. المؤكد أن هذه المسيّرات استهدفت مواقع عسكرية في اليومين الأوائل، لكنها عادت بعد ذلك لتهاجم مواقع للخدمات، مثل خزانات النفط وميناءي بورتسودان وعثمان دقنة وأحد أكبر فنادق المدينة. هذا الهجوم يستحق الإدانة لأن فيه مخالفات واضحة للقانون الدولي الإنساني ولكل المواثيق وتقاليد الحروب في العصر الحديث، ونتائجه المباشرة ستتسبب في زيادة معاناة المواطنين المدنيين ومضاعفة المخاطر التي يتعرضون لها.
هل يجب أن يكون المبدأ أن استهداف المواقع والمنشآت المدنية مدان ومرفوض، وهو من جرائم الحرب، أينما كانت هذه المنشآت وأياً من كان يستهدفها، أم أن الأمر يمكن أن يخضع للانتقائية…؟
الحقيقة أننا شاهدنا الانتقائية وعدم الموضوعية من على منصات ومواقع وصفحات أفراد كثيرين. فقد سبق للطيران الحربي الحكومي أن هاجم منشآت مدنية وأسواقاً ممتلئة بالمدنيين وراح ضحية ذلك المئات بينهم نساء وأطفال. وكان من المقزز أن تقرأ للبعض وهو يصفق ويهلل ويسمي سلاح الطيران بـ«صانع الكباب» في الإشارة لجثث الضحايا المتراكمة فوق بعضها البعض. وكانت الكتابات التي تشجع وتدعو لتدمير المنشآت المدنية والبنيات الأساسية من جسور ومنشآت اقتصادية كبرى، مثل مصفاة البترول تتوالى كل يوم. بل إن أحد أهم أبطال السوشيال ميديا المؤيدة للحرب دعا في تسجيل شائع وموجود قيادة الجيش لمهاجمة أماكن اعتقال أسرى الجيش وقصفها وتصفيتهم «حتى لا يصبحوا ورقة ضغط في يد (الدعم السريع)».
من المؤكد أن سردية «قوات الدعم السريع» بأنها جاءت لمحاربة فلول النظام السابق ونصرة الديمقراطية وعودة الحكم المدني أضعف بكثير من أن يتعامل معها المرء بجدية ليعمل على تفنيدها، فقد ذاق المواطنون المدنيون ثمار ديمقراطيتهم هذه في الخرطوم والجزيرة وسنار ومناطق أخرى كثيرة، قتلاً ونهباً واغتصاباً. الحقيقة أنها ظلت طوال هذه الفترة عبارة عن بندقية تبحث عن قتيل، لا يسندها منطق ولا رؤية سياسية أو وطنية عامة. ولعل هذا ما دفع قيادة «الدعم السريع» للتحالف مع كيانات وأحزاب وحركات مسلحة لديها مشاريع سياسية، لعل وعسى. لكن ستظل الصور الدموية في ود النورة والتكينة والهلالية وقرى البطانة في الذاكرة دائماً، حتى يوم قريب يأخذ فيه كل مجرم ومنتهك، أياً كان موقعه أو منصبه، نصيبه من العقاب.
* نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط
الوسومالجيش الحركة الإسلامية الدعم السريع السودان الشرق الأوسط المسيرات المصباح أبوزيد بورتسودان فيصل محمد صالح