موقع النيلين:
2025-05-25@11:23:34 GMT

مزاج الجماهير وحرب السودان

تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT

الشق الأول من عنوان المقال (مزاج الجماهير) مستعار من مقالة قديمة تعود إلى عام 2003، كتبها الأستاذ الراحل كمال الجزولي، سنستعرض ملخصاً لها في ثنايا هذا المقال.

إن مزاج الجماهير هو الحالة العاطفية والاجتماعية العامة التي تسود بين أفراد المجتمع في فترة زمنية معينة. يتأثر هذا المزاج بمجموعة من العوامل الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية، والثقافية،ويمكن أن يكون له تأثير كبير على سلوك الجماهير وقراراتهم.

و يشير مفهوم مزاج الجماهير إلى المواقف والآراء المشتركة التي تتبناها فئة كبيرة من الناس تجاه قضية أو موضوع معين.

لمزاج الجماهير تأثير سياسي كبير، حيث يمكن أن يوجه سياسات الحكومات ويؤثر على القرارات التي يتخذها السياسيون. لذلك يجب على متخذي القرار السياسي أن يكونوا واعين لمزاج الجماهير وأن يأخذوه بعين الاعتبار عند صياغة سياساتهم. تجاهل هذا المزاج قد يؤدي إلى فقدان الدعم والسند الشعبي.

الأستاذ العلامة الراحل كمال الجزولي تناول في مقاله تأثير المزاج الشعبي على الوعي الاجتماعي والسياسي في السودان، واستعرض تاريخ البلاد ليظهر الفجوة بين المزاج الشعبي ومواقف الأحزاب السياسية. ودعا الأحزاب إلى فهم المزاج الشعبي وأخذه بعين الاعتبار في قراراتها واستراتيجياتها محذراً من أن تجاهله قد يؤدي إلى تباين يؤثر سلباً على الاستقرار والتقدم.

في السياق السوداني الحالي، يعبر مزاج الجماهير بوضوح عن رفض واسع للتقارب أو التعامل مع مليشيا الدعم السريع المتمردة الإرهابية. هذا المزاج نابع من الأعمال الوحشية والانتهاكات التي ارتكبتها هذه المليشيا بحق الشعب السوداني، مما أدى إلى فقدان الثقة بها ورغبة جماهيرية عامة في عدم وجودها في المستقبل. و لايزال المواطنون يغادرون قراهم ومدنهم فور دخول مليشيا الدعم السريع إليها، متجهين إلى أماكن تواجد الجيش السوداني. هذه الظاهرة تجسد مدى الرعب وعدم الثقة الذي يشعر به المواطنون تجاه مليشيا الدعم السريع، وتعكس في الوقت نفسه ثقتهم بالجيش السوداني كحامٍ ومؤتمن على أمنهم.

إن فهم هذا المزاج الجماهيري هو أمر بالغ الأهمية للقوى السياسية في السودان، إذ يتعين عليها أن تعكس في سياساتها وقراراتها تطلعات ورغبات الشعب السوداني، والعمل على تلبية تطلعاته لضمان استقرار واستمرارية النظام السياسي في البلاد. و مخالفة القوى السياسية لمزاج الجماهير يمكن أن تؤدي إلى عدة أضرار جسيمة، تشمل فقدان الدعم الشعبي، وإنخفاض الشعبية بالتالي عندما تتجاهل القوى السياسية مشاعر وتوجهات الجماهير، فإنها تخاطر بفقدان دعمهم. الجماهير التي تشعر بأن آراءها ومشاعرها غير محترمة قد تتخلى عن دعم هذه القوى. وفي حالة السودان، تجاهل القوى السياسية لمزاج الجماهير الذي يرفض التعامل مع مليشيا الدعم السريع يمكن أن يؤدي إلى كل هذه الأضرار. لذا على القوى السياسية أن تتعامل بحذر وذكاء مع تطلعات ومشاعر الجماهير لضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.

الآن هناك مؤشرات وشواهد عديدة تشير إلى أننا نقترب من مفاوضات قد تكون حاسمة. هذه رسالة نوجهها إلى قيادة الدولة والمجتمع الدولي والقوى السياسية من الضروري أن تأخذوا بعين الاعتبار مزاج الجماهير وأن تسعوا إلى التوصل إلى اتفاق يكون مرضياً ومقبولاً لديهم.

عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٢٣ يوليو ٢٠٢٤م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع القوى السیاسیة هذا المزاج

إقرأ أيضاً:

هل تُمهّد استعادة الخرطوم الطريق لنهاية الحرب في السودان؟

في تطوّر عسكري لافت، أعلن الجيش السوداني يوم الثلاثاء استكمال ما وصفه بـ"تطهير كامل لولاية الخرطوم" من قوات الدعم السريع، بعد أسابيع من معارك ضارية شهدتها العاصمة ومحيطها. اعلان

قالت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية في بيان إن الولاية، التي تضم الخرطوم وأم درمان ومدينة بحري، باتت "خالية تمامًا من المتمردين"، في إشارة إلى القوات التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".

وجاء هذا الإعلان في إطار عملية عسكرية واسعة بدأت قبل أسابيع لاستعادة السيطرة على آخر معاقل الدعم السريع في جنوب وغرب أم درمان، ولا سيما منطقة صالحة. وأوضح المتحدث باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبد الله، أن العمليات شملت مناطق متعددة من العاصمة ومحيطها، وتواصلت حتى إحكام السيطرة الكاملة عليها.

تقدّم ميداني... ولكن

يمثل استرجاع الجيش للخرطوم ومحيطها، بما في ذلك القصر الجمهوري ومطار الخرطوم، نقطة تحوّل رمزية وعسكرية في الحرب التي تدخل عامها الثالث. ففي آذار/ مارس الماضي، أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أن "الخرطوم حرة"، بعد ساعات من استعادة المطار الرئيسي في العاصمة، رغم تواصل الاشتباكات المحدودة مع عناصر من قوات الدعم السريع.

وفي المناطق التي أجبرت فيها هذه القوات على التراجع، لجأت إلى تكتيكات التخريب، مستخدمة طائرات مسيّرة لاستهداف بنى تحتية حيوية، من بينها منشآت للطاقة في الخرطوم وبورتسودان.

طائرة متضررة في مطار الخرطوم الدولي بعد استعادته من قوات الدعم السريع، 17 نيسان/ أبريل 2025. AP

كما تستمر المعارك في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، إضافة إلى اشتباكات على محور كردفان.

ورغم الانتصارات الأخيرة للجيش، لا تزال قوات الدعم السريع تحتفظ بنفوذ واسع في إقليم دارفور وأجزاء من جنوب البلاد.

تعيين رئيس وزراء: خطوة نحو الاستقرار؟

بالتوازي مع التقدّم العسكري، شهدت الساحة السياسية خطوة جديدة، مع إصدار البرهان مرسومًا دستوريًا يقضي بتعيين الدبلوماسي السابق كامل الطيب إدريس رئيسًا للوزراء في أيار/ مايو 2025، خلفًا لدفع الله الحاج الذي شغل المنصب لفترة قصيرة.

ويمثل ذلك أول خطوة رسمية نحو تشكيل سلطة تنفيذية منذ اندلاع الحرب، ويأتي تنفيذًا لتعهد سابق من البرهان بتشكيل حكومة انتقالية تقودها شخصية تكنوقراطية غير حزبية.

ويعكس هذا التعيين رغبة واضحة من المؤسسة العسكرية في تقديم إشارات إلى المجتمع الدولي والداخلي حول إمكانية استعادة العمل المؤسسي وبناء مسار سياسي، رغم استمرار القتال في أجزاء من البلاد.

هل نحن أمام نهاية وشيكة للحرب؟

استعادة الخرطوم وتعيين رئيس وزراء جديد يرسلان رسائل أولية نحو احتمال تهدئة الصراع وتدشين مرحلة انتقال سياسي.

لكن الواقع الميداني والأمني لا يدعم بالضرورة سيناريو نهاية قريبة للحرب. فالمواجهات لا تزال مشتعلة في دارفور، والطائرات المسيّرة التي تستخدمها قوات الدعم السريع في بورتسودان توحي بقدرتها على نقل المعركة إلى جبهات غير متوقعة.

كما أن الدعم الخارجي الذي تتلقاه هذه القوات، فضلًا عن غياب توافق دولي حاسم، يعقّدان فرص التهدئة. وحتى الآن، لم تتبلور مبادرة سلام فعّالة قادرة على وقف إطلاق النار بشكل شامل، في ظل انقسام دولي حيال الملف السوداني وتراجع مستويات الضغط الدولي.

Relatedالبرهان يعيّن كامل إدريس رئيسًا للحكومة وسط استمرار الحرب في السودانتصعيد دامٍ في دارفور وكردفان: الجيش السوداني يكثّف غاراته الجوية والدعم السريع يردّ بمسيّراتتصاعد التوتر بين السودان والإمارات بعد إبعاد دبلوماسيين من دبي

ورغم آمال البعض بأن تُبدي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اهتمامًا أكبر بإنهاء النزاع خلال العام الجاري، إلا أن غياب الإرادة الجماعية والتعقيدات الميدانية والإنسانية قد تجعل من هذا الطموح رهانًا غير مضمون.

اعلان

من هنا، فإنّ نهاية الحرب التي اندلعت بالسودان في نيسان/ أبريل 2023 تبقى رهينة بتوازنات داخلية شديدة التعقيد، وتدخلات إقليمية ودولية متشابكة، وأزمة إنسانية متفاقمة، رغم المكاسب العسكرية والسياسية.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • عودة لـ «الاتفاق الإطاري»
  • اسلحة كيميائية ضد الدعم السريع
  • نهاية القتال في السودان… تجميد الحرب
  • نحو تصحيح المسار: حينما تنكشف الأقنعة
  • البيوضي: استمرار التظاهر الشعبي ضد الدبيبة سيعجل بالعملية السياسية
  • وزارة الخارجية السودانية: ننفي المزاعم غير المؤسسة التي تضمنها بيان وزارة الخارجية الأمريكية
  • اقتصاد الظل في السودان: تحالفات الخفاء التي تموّل الحرب وتقمع ثورة التحول المدني
  • السودان على بعد خطوة من العودة إلى البيت الأفريقي
  • هكذا تعقّد خارطة القوى السياسية المتنافرة المشهد في ليبيا
  • هل تُمهّد استعادة الخرطوم الطريق لنهاية الحرب في السودان؟